الصفحات

الأحد، 2 أبريل 2023

الطعن 245 لسنة 36 ق جلسة 15 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 201 ص 1234

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(201)
الطعن رقم 245 لسنة 36 القضائية

(أ) أدوية. "الاستيلاء على الأدوية". استيلاء. تأميم.
الاستيلاء على المهمات الطبية لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية ومخازن الأدوية والمستودعات وفقاً للقانون 212 لسنة 1960. التزام كل من لديه أموال لتلك الجهات، وكل مدين لها بتقديم بيان بذلك إلى وزير التموين. الدائنون لا يلتزمون بتقديم هذا البيان وحقوقهم قائمة لم تنقض.
(ب) أدوية. "الاستيلاء على الأدوية". استيلاء. التزام. "أوصاف الالتزام". فوائد.
تأجيل الديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة بمقتضى القانونين 269 و272 لسنة 1960 مؤداه. نشوء الالتزام منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل قانوناً. الفوائد تظل سارية دون إيقاف طبقاً للاتفاق.
(ج) التزام. "انقضاء الالتزام". نقض. "سلطة محكمة النقض". أدوية. فوائد.
استحالة التنفيذ. قيامها على أسباب قانونية. خضوعها لرقابة محكمة النقض. القوانين 212 و269 و272 لسنة 1960 لا تعد قوة قاهرة يستحيل معها الوفاء بالالتزام.
(د) حوادث طارئة. "شرط الإرهاق". التزام. محكمة الموضوع.
الإرهاق في تنفيذ الالتزام الذي يهدد المدين بخسارة فادحة. شرط لتطبيق المادة 147/ 2 مدني. تقدير مدى الإرهاق. يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
(هـ) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
إلغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي. كفاية بيان أسباب الإلغاء وما قضت به. عدم التزامها بالرد على أسباب الحكم الأول.
(و) أدوية. "لجنة التعويض". استيلاء. قرار إداري. "حجيته" فوائد. اختصاص.
اللجنة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون 212 لسنة 1960. اختصاصها. تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه من الأدوية. تجاوزها ذلك بالتقرير لعدم التزام المستولى لديه بسداد الفوائد التأخيرية لديونه. تزيد. لا يكتسب حجية.

---------------
1 - إنه وإن نص القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء، وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها، أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم، وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين قائمة بدون انقضاء (1).
2 - القانونان 269 و272 لسنة 1960 يفصحان عن إرادة المشرع في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة، قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً قانوناً يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً، ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع، وقد أراد المشرع مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين، ذلك أن عبارة القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 صريحة في تأجيل الوفاء بالدين فحسب لمدة أقصاها ستة شهور دون أن تشير إلى وقف الفوائد التي تظل سارية بحكم الاتفاق الذي لم يمسسه القانون.
3 - الاستحالة في تنفيذ الالتزام التي تقوم على أسباب قانونية تعتبر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، وإذ كان تأجيل سداد ما على شركات الأدوية من ديون طبقاً للقانونين 269، 272 لسنة 1960 مرجعه أن تحديد مركزها يتطلب بعض الوقت بسبب الاستيلاء لديها على المواد التي تقوم بالاتجار فيها من المستحضرات الطبية، فإن أثر هذا التأجيل يقتصر - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الديون دون إيقاف سريان فوائدها، وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت، الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه، ومن ثم فإن التشريعات المشار إليها لا تعتبر قوة قاهرة يستحيل معها على الطاعن (المستولى لديه) القيام بالتزامه.
4 - تدخل القاضي لرد الالتزام إلى الحد المعقول - طبقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني - رخصة من القانون، يجب لاستعمالها، تحقق شروط معينة أهمها شرط الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وتقدير مدى الإرهاق الذي أصاب المدين من جراء الحادث الطارئ، هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ومناط هذا الإرهاق الاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها، لا الظروف المتعلقة بشخص المدين.
5 - بحسب محكمة الاستئناف أن تقرر في حكمها ما قضت به، وأسباب إلغائها للحكم الابتدائي دون أن تكون ملزمة بتتبع أسبابه والرد عليها، لأن في أسبابها الرد على حكم محكمة أول درجة.
6 - لما كانت لجنة التعويض قد تطرقت إلى القول بعدم التزام الطاعن (المستولى لديه) بسداد الفوائد التأخيرية لديونه عن الفترة من 17/ 7/ 1960 حتى تسلمه التعويضات، وكان هذا منها لا يعدو أن يكون استطراداً وتزيداً تجاوزت به اللجنة حدود اختصاصها الذي رسمته لها المادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 وهو تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه، فإن ما قررته اللجنة تزيداً في هذا الخصوص لا يكتسب حجية يصح التحدي بها في هذه الدعوى، ولا على محكمة الاستئناف إن هي لم تعرض له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على البنك المطعون ضده الدعوى رقم 15 سنة 1965 تجاري كلي القاهرة، وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1674 ج و136 م وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وقال في بيان دعواه إنه بتاريخ 15/ 7/ 1960 صدر القانون رقم 212 سنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، ونظراً لأن الطاعن كان يشتغل في تجارة الأدوية فقد قامت وزارة التموين - إعمالاً للمادة الرابعة من هذا القانون - بالاستيلاء على جميع الأدوية والكيماويات التي كانت في منشأته وفي مخازن البنوك وتلك الواردة لحسابه عن طريق اعتمادات مستندية وتم التحفظ على أمواله وتجميد حساباته لدى جميع البنوك، وإذ كان الطاعن مديناً للبنك المطعون ضده وقت صدور القانون المشار إليه في مبلغ 13447 ج و911 م بناء على عقد فتح اعتماد مبرم بينهما بتاريخ 19/ 8/ 1958 لاستيراد أدوية وكيماويات ومستلزمات طبية من الخارج، فقد استحال عليه سداد هذا المبلغ لسبب أجنبي خارج عن إرادته وهو صدور القانون سالف الذكر إلا أن البنك المطعون ضده لم يعترف بهذا السبب وأضاف في حسابه فوائد تأخيرية ابتداء من 17/ 7/ 1960 حتى السداد بلغت 1674 ج و136 م في حين أن الثابت أنه توقف عن السداد بسبب عدم استطاعته القيام به نتيجة تجميد أمواله الخاصة بتجارة الأدوية وهي حالة استحالة مؤقتة يترتب عليها وقف الالتزام حتى يصبح قابلاً للتنفيذ مما كان يتعين معه وقف احتساب الفوائد التأخيرية في الفترة بين صدور القانون في 17/ 7/ 1960 وبين تاريخ صدور قرار لجنة التعويضات بتقرير التعويض المستحق له وصرفه له، وإذ ضمنت هذه اللجنة قرارها الذي أصدرته وفقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 القول بعدم أحقية البنوك الدائنة في احتساب الفوائد التأخيرية عن المدة سالفة الذكر وقد اقتضى البنك المطعون ضده منه رغم ذلك مبلغ 1674 ج و136 م كفوائد تأخيرية عن أصل الدين، فقد أقام دعواه بطلب المبلغ المشار إليه. وفي 8/ 4/ 1965 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته. استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 347 سنة 82 ق. وبتاريخ 8/ 3/ 1966 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يعتبر القانون رقم 212 لسنة 1960 الصادر في 17/ 7/ 1960 والقانونين رقمي 269 و272 سنة 1960 بتأجيل السداد قوة قاهرة مصدرها أمر الشارع بمنع الطاعن من مباشرته لنشاطه في تجارة الأدوية والسلع الكيماوية، وإذ يعد من بين هذا النشاط سداد الديون في فترة الاستيلاء والتحفظ، فإن القانون رقم 212 سنة 1960 وما تلاه من قوانين لتأجيل السداد يعتبر قوة قاهرة لحين فوات فترة التأجيل، ويتعين من أجل ذلك وقف سريان الفوائد في هذه الفترة، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية البنك المطعون ضده في اقتضاء الفوائد عن المدة المشار إليها، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية وإن نص على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم، وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قائمة بدون انقضاء. وإذ يؤكد ذلك صدور القانون رقم 269 لسنة 1960 والنص في مادته الأولى على أن تؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 212 لسنة 1960 الديون التي يحل ميعاد استحقاقها خلال هذه المدة وذلك بالنسبة للمبالغ المدين بها المستوردون ووكلاء شركات الأدوية الأجنبية وأصحاب مخازن الأدوية التي تم الاستيلاء على ما لديهم من أشياء طبقاً لأحكام القانون رقم 212 لسنة 1960 المستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، وحظر هذا القانون اتخاذ أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب الديون المشار إليها قبل انقضاء هذه المهلة ثم صدر القانون رقم 272 لسنة 1960 بتأجيل الوفاء بتلك الديون لمدة ثلاثة أشهر أخرى تبدأ من 17 أكتوبر سنة 1960 وبتأجيل ما يستحق منها خلال ثلاثة أشهر تبدأ من 18/ 10/ 1960 لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الاستحقاق، وكان هذان القانونان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يفصحان عن إرادة المشرع في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً "قانوناً" يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع، وإذ أراد المشرع مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين ذلك أن عبارة القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 السابق ذكرهما صريحة في تأجيل الوفاء بالدين فحسب لمدة أقصاها ستة شهور دون أن تشير إلى وقف الفوائد التي تظل سارية بحكم الاتفاق الذي لم يمسسه القانون، وقد قرر القانون رقم 212 لسنة 1960 الاستيلاء على المستحضرات الطبية لدى شركات القطاع الخاص التي يتجر في الأدوية ونظم أحكام هذا الاستيلاء تمشياً مع سياسة الدولة الاشتراكية حتى لا تتضخم أرباح تلك الشركات على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب بالتحكم في السوق ورفع الأسعار، وكانت الاستحالة في تنفيذ الالتزام التي تقوم على أسباب قانونية تعتبر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان تأجيل سداد ما على هذه الشركات من ديون طبقاً للقانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 مرجعه أن تحديد مركزها يتطلب بعض الوقت بسبب الاستيلاء لديها على المواد التي تقوم بالاتجار فيها من المستحضرات الطبية مما مفاده أن يقتصر أثر هذا التأجيل - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الديون دون إيقاف سريان فوائدها، وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت، الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه، فإن التشريعات المشار إليها لا تعتبر قوة قاهرة يستحيل معها على الطاعن القيام بالتزامه، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على هذا النظر، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن القانون رقم 212 لسنة 1960 وما تلاه من قوانين بتأجيل السداد إن لم تكن قوة قاهرة فهي في القليل حادث فجائي مرهق للمدين يترتب على إعمال أثره وقف سريان الفوائد في الفترة بين صدور القانون وصرف التعويضات، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم انطباق نظرية الظروف الطارئة على قوله "إن التشريعات التي أصدرها المشرع والقوانين أرقام 212 و269 و272 سنة 1960 كان من نتائجها الاستيلاء على الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الموجودة لدى المستأنف ضده وتعويضه تعويضاً عادلاً عن هذا الاستيلاء على أساس التكاليف الحقيقية مع نسبة ربح في حدود 6% وتأجيل الديون المطلوبة منه والتي يحل ميعاد استحقاقها بعد ستة أشهر على النحو الوارد في القانونين 269 و272 لسنة 1960 ولم تمس هذه التشريعات أمواله الأخرى ولم يحرمه من حقه في سداد ديونه التي يحل ميعاد استحقاقها إذا شاء إذ أن القانونين رقمي 269 و272 سنة 1960 قد أجلا الديون المستحقة على المشتغلين بتجارة الأدوية ومنعا اتخاذ أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب هذه الديون ولم يمنعا سدادها كما أن هذين القانونين لم ينصا على وقف سريان الفوائد عن تلك الديون خلال فترة التأجيل. لما كان ذلك وكان المستأنف ضده قد حصل على تعويض عادل مضاف إليه نسبة ربح في حدود 6% عن الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية المستولى عليها، فمن ثم ترى المحكمة أن لا يتأتى القول بأن التزامه بسداد الفوائد المستحقة للبنك المستأنف بموجب عقد فتح الاعتماد قد صار مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة بعد صدور التشريعات سالفة البيان، إذ أنها لم تأت بنتائج تسبب له إرهاقاً أو خسارة فادحة بل حصل على تعويض عادل ونسبة ربح معقولة". ولما كان تدخل القاضي لرد الالتزام إلى الحد المعقول طبقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني رخصة من القانون يجب لاستعمالها تحقق شروط معينة أهمها شرط الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وكان تقدير مدى الإرهاق الذي أصاب المدين من جراء الحادث الطارئ هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ومناط هذا الإرهاق الاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها لا الظروف المتعلقة بشخص المدين، وإذ دلل الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف البيان - على انتفاء ذلك الشرط من ظروف الصفقة وملابساتها، وجعل المناط في تحديد الإرهاق بقيمة التكاليف والربح الذي قدرته اللجنة والفوائد التي يريد الطاعن إسقاطها، ولم يعتبر الاستيلاء على المهمات الطبية الموجودة لديه مقابل تعويض عادل ونسبة ربح محددة من شأنها أن تجعل تنفيذ التزامه بوفاء فوائد ديونه مرهقاً له إرهاقاً يهدده بخسارة فادحة، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن سائغاً ومما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ قرر أن القانون رقم 212 سنة 1960 وما تلاه من قوانين لتأجيل السداد لم يكن من شأنها أن تؤثر على الطاعن وتجعله في حالة استحالة تمنعه من السداد لحين صرف التعويضات له لم يستند في ذلك إلى وقائع لها أصل في الأوراق مما يعيبه بالخطأ في الإسناد.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه فيما قرره عن أن التزام الطاعن بسداد فوائد ديونه لم يصبح مستحيلاً قد استند إلى القانون رقم 212 سنة 1960 الذي قضى بالاستيلاء على المستحضرات الطبية ومستلزماتها لدى المشتغلين بتجارة الدواء مقابل تعويض ونسبة من الربح، وكان هذا القانون وما تلاه من تشريعات على النحو السالف بيانه في الرد على السبب الأول لا يعد قوة قاهرة فينقضي بها التزام الطاعن بدفع الفوائد خلال فترة التأجيل، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى القانون المشار إليه لا يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع والشق الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اتخذ من القرار الذي أصدرته لجنة التعويضات - بتقرير تعويض مجز له - سبباً لعدم استحالة تنفيذ التزامه بسداد الفوائد وعدم إرهاقه. ويرى الطاعن أن هذا القول من الحكم معناه أنه قبل تقرير التعويض وصرفه يكون وفاء الالتزام مستحيلاً أو بالأقل مرهقاً، وإذ قرر الحكم الابتدائي أن الفوائد لا تسري في الفترة بين الاستيلاء وسداد التعويض، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تناقضت أسبابه، ولم يواجه قضاء محكمة أول درجة بما يقتضيه مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بأحقية البنك المطعون ضده في اقتضاء الفوائد خلال فترة تأجيل الدين على أن القانون رقم 212 لسنة 1960 قد نص في مادته التاسعة على تعويض الطاعن عما استولى عليه منه على أساس التكاليف الحقيقية ونسبة من الربح في حدود 6%، وعلى أن لجنة التعويضات قدرت له تعويضاً عادلاً عن كافة البضائع المستولى عليها، وعلى أن هذا القانون وما تلاه من تشريعات لا يعتبر قوة قاهرة ينقضي بها التزام الطاعن بسداد الفوائد خلال فترة التأجيل وعلى أن الاستيلاء على المهمات الطبية الموجودة لديه طبقاً للقانون المشار إليه ليس من شأنه أن يجعل تنفيذ التزامه بالفوائد مستحيلاً أو مرهقاً، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثاني، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم ليس فيه ما يمكن حمله على الاتجاه إلى القول بأنه قبل تقدير التعويض وصرفه يكون تنفيذ الالتزام بالفوائد مستحيلاً أو بالأقل مرهقاً. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بحسب محكمة الاستئناف أن تقرر في حكمها ما قضت به وأسباب إلغائها للحكم الابتدائي دون أن تكون ملزمة بتتبع أسبابه والرد عليها لأن في أسبابها الرد على حكم محكمة أول درجة لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن لجنة التعويض وقد راعت أن من عناصر التعويض عدم التزام الطاعن بفوائد للبنك بسبب القوة القاهرة والحادث المفاجئ المرهق، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بعدم استحقاق الفوائد غير أنه لم يلتزم بقرار اللجنة على الرغم من أنه قرار نهائي وصادر من جهة مختصة وحائز لحجية القرار الإداري المنفذ لأحكام القانون رقم 212 سنة 1960 وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت لجنة التعويض قد تطرقت إلى القول بعدم التزام الطاعن بسداد الفوائد التأخيرية لديونه عن الفترة من 17/ 7/ 1960 حتى تسلمه التعويضات، وكان هذا منها لا يعدو أن يكون استطراداً وتزيداً تجاوزت به اللجنة حدود اختصاصها الذي رسمته لها المادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 وهو تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه على أساس التكاليف الحقيقية وبمراعاة مدى الصلاحية وإمكانيات التوزيع وعلى ألا يتجاوز التعويض مقدار التكاليف شاملة نسبة من الربح حدها الأقصى 6%، فإن ما قررته اللجنة تزيداً في هذا الخصوص لا يكتسب حجية يصح التحدي بها في هذه الدعوى، ولا على محكمة الاستئناف إن هي لم تعرض له. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 30 ديسمبر 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 1363.
نقض 22 يونيه 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1339.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق