الصفحات

الأحد، 2 أبريل 2023

الطعن 188 لسنة 31 ق جلسة 2 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 186 ص 1190

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(186)
الطعن رقم 188 لسنة 31 القضائية

(أ) إصلاح زراعي "نزع ملكية الأطيان المتصرف فيها لصغار الزراع". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "رسو المزاد".
نزع الدائن ملكية الأطيان المتصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن. وجوب إيقاع البيع في هذه الحالة على الحكومة دون غيرها. عدم جواز رسو المزاد على الدائن سواء كانت ملكيته تزيد بعد رسو المزاد على الحد الأقصى للملكية أو لا تزيد.
(ب) قانون. "تفسير القانون". "علة الحكم وحكمته".
دوران حكم القانون مع علته لا مع حكمته. لا محل للاستهداء بحكمة التشريع إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه. النص الواضح قطعي الدلالة في المراد منه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

-----------------
1 - مؤدى صريح نص الفقرة الثانية من البند "و" من المادة الثانية من قانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 245 لسنة 1955 أنه إذا قام الدائن بنزع ملكية الأطيان التي كان قد تصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن فإنه يجب إيقاع البيع على الحكومة دون غيرها بالثمن المحدد بتلك الفقرة. ولما كانت كلمة "الدائن" قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل من تزيد ملكيته بعد رسو المزاد عليه على الحد الأقصى للملكية ومن لا تزيد على ذلك فإن تخصيص هذا اللفظ بقصر حظر التملك على الدائن الذي تزيد ملكيته من الأرض بعد رسو المزاد عليه على النصاب القانوني يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص.
2 - متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول كان ممن انطبق عليهم قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - وعملاً بما يجيزه له هذا القانون احتفظ لنفسه ولأولاده بمقدار 300 فدان من هذه الأطيان وتصرف في القدر الزائد إلى صغار المزارعين وفقاً لحكم المادة الرابعة فقرة ب من القانون المشار إليه - وكان من بين من تصرف إليهم في هذا القدر المطعون ضده الثاني إذ باع له 4 ف و23 ط و1 س بموجب عقد تم التوقيع عليه بمكتب توثيق القاهرة بمصلحة الشهر العقاري في أول يناير سنة 1956 برقم 38 سنة 1956 - ولما عجز عن الوفاء بباقي الثمن وقدره 757 ج و525 م اتخذ المطعون عليه الأول ضده إجراءات التنفيذ العقاري على الأطيان المبيعة وفاءً لهذا المبلغ وذلك في دعوى البيوع رقم 95 سنة 1958 كلي المنصورة - وبجلسة 11 من مايو سنة 1960 تدخلت الطاعنة (وزارة الإصلاح الزراعي في الدعوى طالبة إيقاع البيع على الحكومة - في حالة رسو المزاد - وذلك بالثمن الذي يرسو به المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل طبقاً لما تقضي به المادة الثانية فقرة "و" من قانون الإصلاح الزراعي - وانضم إليها المطعون ضده الثاني في هذا الطلب إلا أن المطعون ضده الأول اعترض على ذلك استناداً إلى القول بأنه لم يعد يخضع لقانون الإصلاح الزراعي لأنه تصرف بعد صدور هذا القانون في جميع ما يملك فلا يمتنع إيقاع البيع عليه وبتاريخ 11 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة الابتدائية بإيقاع البيع على المطعون ضده الأول مباشر الإجراءات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 122 سنة 62 قضائية - وبجلسة 6 مارس سنة 1961 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بالمصروفات - وبتاريخ 5 إبريل سنة 1961 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى أنها ترى نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده الثاني دفع بعدم قبول الطعن تأسيساً على أن الطاعنة لم تعد لها مصلحة فيه إذ أن الراسي عليه المزاد "المطعون ضده الأول" قد تنازل له عن حكم مرسى المزاد المطعون فيه بعد صدوره وبذلك عادت إليه أرضه - وقد أقر الإصلاح الزراعي هذا التنازل واعتد به.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الطاعنة وقد كانت طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وقضى هذا الحكم ضدها بإيقاع البيع على المطعون ضده الأول وبإلزامها بالمصروفات فقد كانت لها مصلحة في الطعن في هذا الحكم ولا ينفي قيام هذه المصلحة حصول التنازل المدعى به - إذ علاوة على أن الحاضر عن الطاعنة أمام هذه المحكمة قد أنكر بجلسة المرافعة اعتداد الإصلاح الزراعي بهذا التنازل فإنه يكفي لتوافر المصلحة في الطعن قيامها وقت الطعن في الحكم ولا يحول دون قبول الطعن زوال هذه المصلحة بعد ذلك - بفرض زوالها - هذا إلى أنه حتى لو صح حصول هذا التنازل واعتداد الإصلاح الزراعي به فلا زالت للطاعنة مصلحة محققة في الطعن في الحكم لقضائه بإلزامها بمصروفات الدعوى.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب في تفسيره للفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة 2 من قانون الإصلاح الزراعي إلى أن حكمها قاصر على الدائن مباشر الإجراءات الذي يملك أكثر من مائتي فدان قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لما في هذا التخصيص من مخالفة لعموم النص وصراحته فضلاً عن مخالفته كذلك لحكم المادة الرابعة مكررة من قانون الإصلاح الزراعي التي تمنع المزارع الصغير من أن يتصرف في الأطيان التي آلت إليه بمقتضى الفقرة (ب) من المادة الرابعة المذكورة إلى المالك الأصلي أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة - وهذا الحظر يسري على التصرف بعقد أو عن طريق القضاء لأنه من المقرر قانوناً أن المدين المنزوعة ملكيته هو البائع للعقار المراد بيعه وأن صفة الدائن المباشر للإجراءات لا تتعدى صفة النائب عنه في البيع القضائي وأن الراسي عليه المزاد يتلقى الملكية من المدين لا من دائنه ويضيف الطاعن أن المشرع وقد أوجب رسو هذه الأطيان على الحكومة بالثمن الذي يرسو به المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل فإنه قصد من ذلك إلى عدم عودة الأرض إلى المالك الأصلي حتى تقوم الحكومة بتوزيعها بما يحقق أهداف التشريع من توزيع الثروة العقارية الزراعية على فئات معينة من الناس تتوافر فيهم شروط خاصة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض حكم المادتين الأولى والثانية من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 قال "وظاهر بجلاء أن الاستثناء الوارد في الفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة الثانية وارد على الأصل وهو حالة الدائن مباشر الإجراءات المنوه عنه في الفقرة الأولى من البند "و" وهو بطبيعة الحال الذي يجوز له أن يمتلك أكثر من مائتي فدان إن كان سبب الزيادة هو نزع ملكية مدينه ورسو المزاد عليه طبقاً للمادة 664 من قانون المرافعات فليس نص هذه الفقرة الأخيرة من البند "و" عاماً بالنسبة للدائن الذي سبق له التصرف في الأطيان المنفذ عليها وفقاً لحكم البند ب من المادة الرابعة من نفس القانون ولو لم يمتلك مائتي فدان لأن حكمة النص في هذه الحالة أن يحد الزائد على القدر المسموح بامتلاكه فإذا ما كان إيقاع البيع على الدائن الأخير المذكور لا يملكه أكثر من مائتي فدان انعدمت حكمة النص وانعدم تطبيق القانون المشار إليه برمته" وهذا الذي قرره الحكم و أقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن الفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة الثانية من قانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 245 لسنة 1955 إذ نصت على أنه "عند نزع الدائن لملكية الأطيان التي سبق له التصرف فيها وفقاً لحكم البند "ب" من المادة الرابعة من هذا القانون - فإن مزاد شرائها يرسو على الحكومة بثمن رسو المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل" فقد دلت بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا غموض على أنه إذا قام الدائن بنزع ملكية الأطيان التي كان قد تصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن فإنه يجب إيقاع البيع على الحكومة دون غيرها وذلك بالثمن المحدد في تلك الفقرة - ولما كانت كلمة "الدائن" قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل من تزيد ملكيته بعد رسو المزاد عليه على الحد الأقصى للملكية ومن لا تزيد على ذلك فإن تخصيص هذا اللفظ بقصر حظر التملك على الدائن الذي تزيد ملكيته من الأرض بعد رسو المزاد عليه على النصاب القانوني يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص ومتى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه إذ أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح وسليم لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى في الدعوى على أساس أن حظر إيقاع البيع على الدائن مقصور على من يصبح بعد رسو المزاد عليه مالكاً لأكثر من الحد الأقصى للملكية يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق