الصفحات

الثلاثاء، 18 أبريل 2023

الطعن 125 لسنة 48 ق جلسة 15 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 96 ص 490

جلسة 15 من فبراير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.

---------------

(96)
الطعن رقم 125 لسنة 48 ق "أحوال شخصية"

(1) استئناف "الطلبات الجديدة". ملكية. دعوى "سبب الدعوى".
طلب المجلس الملي العام تثبيت ملكيته لأرض النزاع استناده إلى وضع اليد المدة الطويلة. طلبه أمام محكمة الاستئناف الحكم له بالملكية بصفته ناظراً على الأرض باعتبارها موقوفة. طلب جديد. عدم جواز إبداؤه لأول مرة في الاستئناف.
(2) إثبات "عبء الإثبات". ملكيته.
عبء الإثبات. وقوعه على عاتق المدعي. عجز المدعى عليهم عن إثبات ملكيتهم لأرض النزاع. لا يقتضي ثبوته للمدعية. وجوب بحث سند ملكيتها والقضاء بما يسفر عنه ذلك.

---------------
1 - إذا كان الثابت بالأوراق أن المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس رفع الدعوى بداءة بصفته ناظراً لأوقاف بطريركية الأقباط الأرثوذكس مؤسساً إياها على أن أرض النزاع تابعة لأعيان الوقف، فلما دفع المطعون عليهم أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لعدم تقديم إشهاد الوقف قررت الطاعنة أن أرض النزاع مملوكة لأحد الأديرة وليست وقفاً، وأنها تستند إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وسارت الدعوى على هذا الأساس طيلة ترددها أمام المحكمة الابتدائية، وأكدت الطاعنة في مذكرتها الختامية هذا المعنى من أن ملكية البطريركية ثابتة لها بوضع اليد باعتبارها ملكاً لا وقفاً مما مفاده أن المجلس الملي لم يعد يقيم مدعاه على سند من نظارته للوقف وإنما باعتباره ممثلاً للبطريركية التي وضعت اليد على أرض مملوكة لا موقوفة وهو الأساس الذي صدر عليه الحكم الابتدائي. لما كان ذلك وكان الطعن بطريق الاستئناف أقيم على أساس أن أرض النزاع وقف وليست ملكاً وأن الجهة التي أقامته تمثل جهة الوقف وكانت المادة 411 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 235 من قانون المرافعات الحالي لا تجيز إبداء طلبات جديدة في الاستئناف وكانت الطلبات تعتبر جديدة بهذا المعنى إذا اختلفت عن الطلبات التي أبديت أمام محكمة أول درجة من حيث موضوعها أو الخصوم الذين يتنازعونها أو صفة هؤلاء الخصوم. ولا يستثنى من ذلك سوى إبداء طلب يختلف مع الطلب المدعى به أمام محكمة أول درجة في السبب بشرط اتحاده معه في الموضوع والخصوم فلا يجوز من ثم للطاعنة التي طالبت بملكية العين بصفتها الشخصية أمام محكمة أول درجة على أساس من وضع اليد المملك...... أن تعمد في مرحلة الاستئناف إلى المطالبة بصفتها ممثلة للوقف الخيري للأقباط الأرثوذكس وعلى سند من أنه لا يجوز تملكه بالتقادم إذا أن ذلك لا يقتصر على تغير سبب الدعوى بل يتناول الصفة التي كانت تتصف بها الطاعنة أمام محكمة أول درجة مما يعتبر بدءاً بدعوى جديدة يتحتم على محكمة الاستئناف القضاء بعدم قبولها.
2 - إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة أسست دعواها على سند من ثبوت ملكيتها لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه، فإن الحكم إذ ناط بالطاعنة إثبات ما تدعيه من وضع اليد لا يكون قد نقل عبء الإثبات. لما كان ذلك وكان المطعون عليهم قد تمسكوا من جانبهم بأنهم ومورثهم من قبلهم قد اكتسبوا الملكية بالتقادم الطويل، وكانت محكمة الموضوع قد ألقت على عاتقهم إثبات ما يدعون، وكان مفاد ما سلف أن كلاً من طرفي التداعي يزعم أنه اكتسب الملكية بوضع اليد، فإن إهدار الحكم لأقوال شهود المطعون عليهم وتقريره عدم ثبوت حقهم باعتبارهم مدعى عليهم ليس من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يقضي بثبوتها للطاعنة ولا بأحقيتها فيما طلبته - ولا ينفي وجوب بحث سند ملكية هذه الأخيرة وتحقيق دفاعها والقضاء بما يسفر عنه رفضاً أو قبولاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس الذي حلت محله لجنة الأوقاف الخيرية لبطريركية الأقباط الأرثوذكس - الطاعنة - أقام الدعوى رقم...... مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مورث المطعون عليهم طالباً الحكم بتثبيت ملكيته - بصفته ممثلاً لوقف بطريركية الأقباط الأرثوذكس للأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف المنازعة فيها وتسليمها له مع تعيين خبير هندسي لتقدير قيمة ما أحدثه مورث المطعون عليهم من مبان بأرض البطريركية مستحقة الهدم، وقال بياناً لدعواه أن لوقف الأقباط الأرثوذكس قطعة أرض مساحتها 1300 متراً تقع على شارعي...... بناحية فم الخليج قسم السيدة زينب بالقاهرة، تضع اليد عليها وتستغلها بالتأجير لآخرين، وإذ تعرض مورث المطعون عليهم للبطريركية في وضع يدها، وتمكن بتاريخ 28/ 7/ 1947 من إقامة مبان عليها، مما يعد منه بناء بسوء نية في ملك الغير فقد أقام دعواه، دفع المطعون عليهم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأن المجلس الملي لم يقدم حجة الوقف الدالة على ملكية بطريركية الأقباط الأرثوذكس للعين موضوع الدعوى وأجاب الطاعن على الدفع بأن أرض النزاع ليست وقفاً لأنها مملوكة لأحد الأديرة التي يمثلها المدعي، وأن لفظ الوقف الوارد بصحيفة افتتاح الدعوى جاء تزيداً وأنه يستند في ملكيته إلى وضع اليد المدة الطويلة، وبتاريخ 26/ 1/ 1956 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى. (ثانياً): بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى عين النزاع وتطبيق المستندات على الطبيعة وبيان الأجزاء المقول أن مورث المطعون عليهم قد اغتصبها وبدء الاغتصاب وتحقيق وضع اليد ومعاينة المباني المقامة وتقدير قيمتها مستحقة البقاء ومستحقة الهدم. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 20/ 2/ 1967 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بصفته وضع يد المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس على عين النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية وليثبت المطعون عليهم أنهم المالكون لها بوضع يدهم ومورثهم من قبلهم المدة الطويلة المكسبة للملكية، وعقب سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 8/ 4/ 1968 برفض الدعوى. استأنفت لجنة الأوقاف الخيرية لبطريركية الأقباط الأرثوذكس باعتبارها حلت محل المجلس الملي - الطاعنة - هذا الحكم بالاستئناف رقم....... لسنة 85 ق القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء بالطلبات، وبتاريخ 13 ديسمبر 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم استند في قضائه إلى أن الدعوى أسست بداءة على أن الأرض المطالب بثبوت ملكيتها موقوفة، ثم عدل إلى أنها مملوكة لأحد الأديرة، فلا يتأتي من بعد تغيير سند الدعوى أمام محكمة الاستئناف إلى الوقف مرة أخرى، في حين أن الطاعنة تمسكت في صحيفة الاستئناف بأن أرض النزاع وقف، وأن تعديل الطلبات أمام المحكمة الابتدائية إنما جاء خطأ غير مقصود، ومن حق كل خصم أن يغير في الاستئناف طالما لم يتقدم بطلبات جديدة، والتغيير وارد على سبب الدعوى مع بقاء موضوعها وهي الملكية على حالة هذا إلا أن الحكم ذهب إلى أن الطاعنة لم تقدم الدليل على وجود الوقف ملتفتاً عن المستندات المقدمة وهي كلها مثبتة له، بالإضافة إلى أن القول بأن الأرض مملوكة لأحد الأديرة لا ينفي أنها من الأوقاف الخيرية تبعاً لأنها مخصصة لعمل عام هو تعليم الرهبان والصرف عليهم بدون مقابل، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس رفع الدعوى بداءة بصفته ناظر الأوقاف بطريركية الأقباط الأرثوذكس مؤسساً إياها على أن أرض النزاع تابعة لأعيان الوقف، فلما دفع المطعون عليهم بجلسة 17/ 10/ 1955 أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لعدم تقديم إشهاد الوقف، قررت الطاعنة بجلسة 26/ 1/ 1956 أن أرض النزاع مملوكة لأحد الأديرة وليست وقفاً، وإنها تستند إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وسارت الدعوى على هذا الأساس طيلة ترددها أمام المحكمة الابتدائية، وأكدت الطاعنة في مذكرتها الختامية المقدمة لجلسة 15/ 11/ 1962 هذا المعنى من أن ملكية البطريركية ثابتة لها بوضع اليد باعتبارها ملكاً لا وقفاً، مما مفاده أن المجلس الملي لم يعد يقيم مدعاه على سند من نظارته للوقف وإنما اعتباره ممثلاً للبطريركية التي وضعت اليد على أرض مملوكة لا موقوفة، وهو الأساس الذي صدر عليه الحكم الابتدائي. لما كان ذلك وكان الطعن بطريق الاستئناف أقيم على أساس أن أرض النزاع وقف وليست ملكاً وأن الجهة التي أقامته إنما تمثل جهة الوقف، وكانت المادة 411 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 235 من قانون المرافعات الحالي لا تجيز إبداء طلبات جديدة في الاستئناف، وكانت الطلبات تعتبر جديدة بهذا المعنى إذا اختلفت عن الطلبات التي أبديت أمام محكمة أول درجة من حيث موضوعها أو الخصوم الذين يتنازعونها أو صفة هؤلاء الخصوم، ولا يستثنى من ذلك سوى إبداء طلب يختلف مع الطلب المدعى به أمام محكمة أول درجة في السبب بشرط اتحاده معه في الموضوع والخصوم، فلا يجوز من ثم للطاعنة التي طالبت بملكية العين بصفتها الشخصية أمام محكمة أول درجة على أساس من وضع اليد المملك أن تعمد في مرحلة الاستئناف إلى المطالبة بصفتها ممثلة للوقف الخيري للأقباط الأرثوذكس وعلى سند من أنه لا يجوز تملكه بالتقادم، إذا أن ذلك لا يقتصر على تغيير سبب الدعوى بل يتناول الصفة التي كانت تتصف بها الطاعنة أمام محكمة أول درجة مما يعتبر بدءاً بدعوى جديدة يتحتم على محكمة الاستئناف القضاء بعدم قبولها. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة، فإنه لا ينال منه ما تزيد به من أسبابه من شأن إثبات الوقف أياً كان وجه الرأي فيها - طالما لم يكن بحاجة إليها في قضائه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أن قضاء محكمة أولى درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أطرح ما خلص إليه الخبير في تقريره بمقولة أن المستندات المقدمة خلو من بيان حدود أرض النزاع، في حين أن بعض تلك المستندات تضمن ذكر الحدود الأربعة المنطبقة على أرض النزاع، وهو يطابق ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى من أن مورث المطعون عليهم تعرض لوضع يد الطاعنة في سنة 1947 فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود - بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - من أن رأي الخبراء غير مقيد للمحكمة ذلك أنها لا تقضي في الدعوى إلا على أساس ما تطمئن إليه، ومن ثم فلا يعيب قضاءها إذا أطرحت النتيجة التي خلص إليها من أن أرض النزاع تدخل في مستندات الطاعن وذهبت بما لها من سلطة التقدير الموضوعية إلى النتيجة مخالفة متى كانت قد أوردت الأدلة المسوغة لها. ولما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض للمستندات المقدمة من الطاعن - والتي اتخذها الخبير أساساً للنتيجة التي خلص إليها - وناقش كلاً منها تفصيلاً وأوضح سبب عدم اطمئنانه لها وأنها لا تؤدي إلى النتيجة الواردة بالتقرير، فإن النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أسس قضاءه على أن المستندات وكشوف المكلفة المقدمة منه غير كافية لإثبات وضع يده على عين النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية، في حين أنه بفرض أن عين النزاع لم تكن في وضع يدها فإن ملكيتها لا تسقط بمضي المدة، وتكليف الطاعنة بإثبات وضع يدها يعد قلباً لعبء الإثبات إذ كان يتعين تكليف من يدعي اكتساب الملكية أن يثبت هو وضع يده. هذا إلى أن الحكم أطرح أقول شاهدي المطعون عليهم مقرراً أنها غير مؤدية لاكتسابهم الملكية بوضع اليد، ومع ذلك فقد قضى برفض الدعوى، حالة أن المنطق هو إبقاء الملكية للطاعنة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة أسست دعواها على سند من ثبوت ملكيتها لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان المدعي هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فإن الحكم إذ ناط بالطاعنة إثبات ما تدعيه من وضع اليد لا يكون قد نقل عبء الإثبات. لما كان ذلك وكان المطعون عليهم قد تمسكوا من جانبهم بأنهم ومورثهم من قبلهم قد اكتسبوا الملكية بالتقادم الطويل، وكانت محكمة الموضوع قد ألقت على عاتقهم إثبات ما يدعون، وكان مفاد ما سلف أن كلاً من طرفي التداعي يزعم أنه اكتسب الملكية بوضع اليد، فإن إهدار الحكم لأقوال شهوداً المطعون عليهم وتقريره عدم ثبوت حقهم باعتبارهم مدعى عليهم ليس من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يقضي بثبوتها للطاعنة ولا أحقيتها فيما طلبته، ولا ينفي وجوب بحث سند ملكية هذه الأخيرة، وتحقيق دفاعها والقضاء بما يسفر عنه رفضاً أو قبولاً، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق