الصفحات

الأحد، 30 أبريل 2023

الطعنان 12 & 36 لسنة 13 ق جلسة 16 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 110 ص 281

جلسة 16 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك ومحمود فؤاد بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

-------------

(110)
القضيتان رقم 12 ورقم 36 سنة 13 القضائية

أ - مقايضة. 

استحقاق الغير لجزء من أحد العقارين. لا يكون لمن نزع منه هذا الجزء امتياز بالتضمينات على العقار الذي أعطاه. (المادة 359 مدني).
ب - توزيع ثمن المبيع. المنازعات غير المقيدة في محضر التوزيع المؤقت. عدم قبولها. الغرض منه عدم تعطيل الفصل في التوزيع. 

(المادة 639 مرافعات).

-------------
1 - إذا استحق الغير جزءاً من أحد العقارين المتبادلين في عقد المقايضة فلا يكون لمن نزع منه هذا الجزء إلا ما نصت عليه المادة 357 مدني من أحد أمرين: طلب فسخ عقد البدل واسترداد العقار الذي أعطاه، أو المطالبة بالتضمينات، وفي الحالة الثانية لا يكون له بدين التضمينات حق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأنه لا يمكن أن يقال إن التضمينات تمثل ثمن العقار فيكون في مركز البائع صاحب حق الامتياز، بل هي مقابل استحقاق الغير للعقار الذي أخذه، فهو في مركز مشتر انتزعت ملكية ما اشتراه، فيكون في مقام دائن عادي. ولا يمكن أن يغير من طبيعة هذا الدين أن يكون الحكم بصحة عقد البدل قد حفظ له حق الرجوع بثمن ما استحق أو أن يكون الحكم الذي قضى له بالتضمينات عن استحقاق جزء من العقار للغير قد قضى له أيضاً بحبس العقار الذي أعطاه تحت يده، لأنه مهما يكن من أمر الحكم بالحبس فإنه لا يمكن أن يمس حقوق الدائنين الذين سجلوا حقوقهم قبل وجود هذا الحق له.
2 - إن المادة 639 من قانون المرافعات تقرر أنه لا يجوز قبول منازعات خلاف المقيدة في محضر التوزيع المؤقت، والغرض من هذا النص هو وضع حد لأسباب المنازعة حتى لا يتعطل الفصل في التوزيع. وعلى ذلك لا يصح أن ينعى على الحكم المطعون فيه بطريق النقض أنه لم يفصل فيما أثاره الطاعن من المنازعات في ديون بعض الدائنين إذا هو لم يقدم لمحكمة النقض ما يدل على أنه تمسك بهذه المنازعات في مناقضته ولم يقدم محضر التوزيع المؤقت.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أنه بموجب عقد معاوضة مؤرخ 4 مايو سنة 1933 تبادل المعلم إبراهيم محمود وعباس عباس عبد النبي عقارين، فنقل إبراهيم محمود إلى عباس عباس عبد النبي ملكية 12 ط شيوعاً في المنزل رقم 2 بشارع بين الحارات بمصر، ونقل عباس عباس عبد النبي إلى إبراهيم محمود ملكية جميع المنزل رقم 32 بشارع ترب المناصرة، وقدر ثمن نصف المنزل بمبلغ 2400 جنيه وثمن منزل عباس عباس عبد النبي بمبلغ 3050 جنيهاً، وفرق البدل وقدره 650 جنيهاً دفع منه إبراهيم محمود 50 جنيهاً إلى عباس والباقي قدره 600 جنيه تعهد بدفعه لكليمان بردو الدائن المرتهن لمنزل عباس. وورد في البند الأول من هذا العقد أن عباس عباس عبد النبي يمتلك جميع المنزل الذي أعطاه، ثم ذكر في نهايته ما يأتي: "ملحوظة - يقر الطرف الأول عباس أفندي عباس عبد النبي بأن المنزل ملكه المتبادل عليه الآن لورثة ابنه القصر حصة فيه، ويتعهد بأن يستحضر الست فهيمة بنت ريحان زوجة ابنه المتوفى أحمد عباس عباس لإمضاء العقد النهائي وإعطائها حقها مع أولادها أولاد ابنه المتوفى حصة في النصف المأخوذ من حضرة الأسطى إبراهيم محمود إبراهيم". وفي 3 يونيو سنة 1933 رفع المعلم إبراهيم محمود الدعوى رقم 1270 سنة 1933 كلي مصر على عباس عباس عبد النبي بصفته الشخصية وبصفته ولياً على أولاد ابنه أحمد القصر وعلى الست فهيمة بنت ريحان عبد الله زوجة ابنه المذكور، وقد دخلت الست سكينة عباس في الدعوى بصفتها وصية على أولاد أخيها أحمد عباس القصر، طلب فيها المدعي: (أولاً) تعيين حارس على المنزل رقم 32 بشارع ترب المناصرة (ثانياً) صحة ونفاذ عقد البدل المحرر في 4 مايو سنة 1933 مع إلزام المدعى عليه الأول عباس عباس عبد النبي بتعويض قدره 400 جنيه والمصاريف والأتعاب. وبتاريخ 11 ديسمبر سنة 1933 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البدل المحرر بتاريخ 4 مايو سنة 1933 عن المنزلين الموضحين بصحيفة الدعوى، وأن يكون هذا البدل نافذاً فقط في 8 س و17 ط من 24 ط من المنزل رقم 32 الكائن بشارع ترب المناصرة مع حفظ حق المدعي في المطالبة بقيمة باقي المنزل المذكور وبرفض الدعوى بالنسبة إلى حصة كل من المدعى عليها الثانية فهيمة ريحان وسكينة عباس بصفتها وصية على قصر المرحوم أحمد عباس، وألزمت المدعى عليه الأول بالمصاريف، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 13 يناير سنة 1935 وقام المعلم إبراهيم محمود بتسجيل هذين الحكمين في 26 فبراير سنة 1935 كما سجل من قبل صحيفة الدعوى في 6 يونيه سنة 1933.
رفع بعد ذلك المعلم إبراهيم محمود دعوى على عباس عباس عبد النبي طلب فيها الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 952 جنيهاً و222 مليماً مع المصاريف والفوائد بواقع 9% من تاريخ عقد البدل حتى الوفاء وباستمرار حبس 12 ط شيوعاً في المنزل رقم 2 بشارع بين الحارات. وبتاريخ 2 مارس سنة 1936 حكمت محكمة مصر الابتدائية غيابياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي المبلغ المطلوب وفائدته بواقع 5% من تاريخ عقد البدل حتى تنفيذ الحكم وبحبس العين المتبادل عليها المبينة بصحيفة الدعوى حتى الوفاء وتنفيذاً لهذا الحكم نزع المعلم إبراهيم محمود ملكية مدينه من نصف المنزل الكائن بشارع بين الحارات الذي كان مملوكاً له أصلاً. وقد رسا المزاد على يوسف أحمد بدوي بمبلغ 900 جنيه الذي طلب توزيع هذا الثمن. وبتاريخ 23 أكتوبر سنة 1939 صدرت قائمة التوزيع المؤقت خصص بمقتضاها مبلغ 15 جنيهاً و520 مليماً للمصاريف القضائية و19 جنيهاً و350 مليماً لوزارة المالية عن عوائد متأخرة على نصف المنزل والباقي وقدره 865 جنيهاً و130 مليماً خصص ليوسف أحمد بدوي الدائن لعباس عباس عبد النبي بمقتضى ثلاثة أحكام أحيلت إليه أحدها صادر لمصلحة السيدة قوت القلوب الدمرداش بمبلغ 339 جنيهاً و80 مليماً وقد حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 29 ديسمبر سنة 1934 والثاني والثالث لمصلحة جبرائيل تماز - أحدهما بمبلغ 30 جنيهاً و780 مليماً حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 30 يناير سنة 1935 والآخر بمبلغ 683 جنيهاً و921 مليماً حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 17 فبراير سنة 1935 ناقض في هذه القائمة المعلم إبراهيم محمود بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1939 طالباً تخصيصه بجميع المبلغ استناداً إلى أن دينه الصادر به حكم 2 مارس سنة 1936 ممتاز وله أفضيلة على جميع الديون الأخرى. وناقضت فيها أيضاً الست فهيمة ريحان بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1939 استناداً إلى أنها دائنة لعباس عباس عبد النبي بمبلغ 1/ 3 833 جنيهاً وفوائده بواقع 5% بمقتضى حكم تاريخه أول سبتمبر سنة 1935 حصلت بموجبه على اختصاصين قيدا في 7 أكتوبر سنة 1935 بمحكمة مصر الأهلية وفي 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة وطلبت تخصيصها بمبلغ 50 مليماً و526 جنيهاً، وقيدت المناقضتان برقم 5 سنة 1939 توزيع محكمة مصر الابتدائية. وبجلسة 23 مارس سنة 1940 قررت المحكمة ضم المناقضتين إلى بعضهما. وبتاريخ 27 إبريل سنة 1940 حكمت المحكمة بقبول المناقضتين شكلاً وفي الموضوع: أولاً - برفض المناقضة المرفوعة من إبراهيم محمود وإلزامه بمصاريفها. ثانياً - بالنسبة للمناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان بتعديل قائمة التوزيع المؤقت المحررة في 23 أكتوبر سنة 1939 وتخصيص مبلغ 950 مليماً و419 جنيهاً ليوسف أحمد بدوي بخلاف المصاريف القضائية وقدرها 520 مليماً و15 جنيهاً وتخصيص المبلغ الباقي وقدره 530 مليماً و464 جنيهاً لفهيمة ريحان، وألزمت المناقض ضدهما يوسف أحمد بدوي وإبراهيم محمود بالمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف يوسف أحمد بدوي هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول المناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان وتخصيص مبلغ 464 جنيهاً و530 مليماً لها والحكم برفض المناقضة المرفوعة منها واعتماد قائمة التوزيع المؤقت وتخصيص المبلغ الباقي وقدره 464 جنيهاً و530 مليماً له واحتياطياً تخصيصه بالفوائد والمصاريف المقدرة في الأحكام المحولة له عدا المبلغ الذي خصص له بمقتضى الحكم المستأنف وقدره 950 مليماً و419 جنيهاً بخلاف المصاريف القضائية ومقدارها 520 مليماً و15 جنيهاً مع إلزام فهيمة ريحان عن نفسها وبصفتها وصية بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. واستأنفه أيضاً المعلم إبراهيم محمود وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قائمة التوزيع المؤقت وكذلك التوزيع الصادر بمقتضى الحكم المستأنف. كما طلب تخصيصه بجميع الثمن الذي رسا به المزاد مع رفض المناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان وإلزام من ترى المحكمة إلزامه بجميع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 20 أكتوبر سنة 1940 قررت المحكمة ضم الاستئنافين أحدهما للآخر وإثبات تنازل إبراهيم محمود عن مقاضاة وزارة المالية وعباس عباس عبد النبي. وبتاريخ 23 فبراير سنة 1941 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتخصيص 900 مليم و428 جنيهاً ليوسف أحمد بدوي مع المصاريف القضائية وقدرها 520 مليماً و15 جنيهاً وتخصيص مبلغ 665 مليماً و318 جنيهاً لإبراهيم محمود وتخصيص مبلغ 915 مليماً و136 جنيهاً لفهيمة ريحان بصفتيها وإلزام يوسف أحمد بدوي بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين لما حكم به استئنافياً لكل من إبراهيم محمود وفهيمة ريحان مع إلزام كل من الخصوم بباقي ما صرفه في الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
طعنت فهيمة ريحان بصفتيها في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 4 يناير سنة 1943 إلخ. إلخ وطعن فيه كذلك المعلم إبراهيم محمود إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن فهيمة ريحان تبني طعنها على الأسباب الآتية: أولاً - أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن للمعلم إبراهيم محمود ديناً ممتازاً يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأن دينه البالغ قدره 222 مليماً و952 جنيهاً المحكوم له به بتاريخ 2 مارس سنة 1936 هو تعويض بسبب استحقاق ورثة أحمد عباس عباس لستة قراريط وستة عشر سهماً في المنزل الذي أعطاه له عباس عباس عبد النبي المتبادل معه ولذلك لا يصح اعتبار هذا المبلغ أو بعضه بمثابة فرق بدل مضمون بحق امتياز، وما كان يجوز قانوناً للمحكمة أن تجزئ هذا التعويض وتعتبر أن منه 222 مليماً و197 جنيهاً ديناً ممتازاً، وهو قيمة الفرق بين ثمن نصف المنزل وثمن 8 س و17 ط من المنزل الآخر، وتعتبره فرق بدل وتعتبر ما زاد عليه ديناً عادياً باعتباره تعويضاً لا يجري عليه وصف الامتياز. (ثانياً) أن شرط امتياز الثمن أو فرق البدل هو أن يكون معيناً في العقد المسجل وأن يذكر فيه أنه ما زال مستحقاً حتى يمكن الاحتجاج به على الغير، أما هذه الدعوى فكل ما فيها أن إبراهيم محمود سجل صحيفة دعواه بصحة عقد البدل، وليس في هذه الصحيفة أية إشارة إلى مبلغ معين، ثم رفع دعوى أخرى بالتعويض لم يظهر للحكم الصادر فيها أثر ما في التسجيلات. (ثالثاً) أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بما جرى عليه من المفاضلة بين التسجيلات المتوقعة على العقار المنزوع ملكيته. فقد استصدرت فهيمة ريحان حكماً بدينها في أول سبتمبر سنة 1935 وحصلت بموجبه على اختصاص على العقار المذكور قيد بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1935 بقلم كتاب محكمة مصر الأهلية وبتاريخ 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة، ولذلك يكون لها من يوم قيد اختصاصها حق الأولوية على ما يرد بعد ذلك من تسجيلات لديون مضمونة برهن أو امتياز. وأما إبراهيم محمود فقد سجل صحيفة دعوى صحة البدل في 10 يونيو سنة 1933 ثم سجل الحكمين الصادرين فيها بتاريخ 26 فبراير سنة 1935. وتقول محكمة الاستئناف إن تسجيل اختصاص فهيمة ريحان كان بعد تسجيل هذين الحكمين فيكون لإبراهيم محمود حق الأولوية عليها. ووجه الخطأ في ذلك أن أحكام إبراهيم محمود ليس فيها بيان لدين مضمون برهن أو امتياز بل حفظت له المحكمة مجرد الحق في الرجوع على المدين بتعويض، وأن كل ما لها من آثار لا يتعدى انتقال الملكية.
وحيث إن إبراهيم محمود يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله في الأمور الآتية: (أولاً) أن نصف المنزل الذي رسا مزاده بمبلغ 900 جنيه المتنازع على توزيعه كان مملوكاً أصلاً وانتقلت ملكيته إلى عباس عباس عبد النبي بموجب الحكم المسجل الصادر في 11 ديسمبر سنة 1933 بصحة ونفاذ عقد البدل. ومذكور بهذا الحكم أن لإبراهيم محمود فرق بدل عين مقداره فيما بعد بمبلغ 222 مليم و952 جنيهاً بمقتضى حكم نهائي تاريخه 2 مارس سنة 1936 حاز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للمتعاقد معه وخلفائه من ورثة ودائنين، وفرق البدل هذا مضمون بحق الامتياز الذي تأيد بما قضى له به من حبس العين. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في تحديد فرق البدل على خلاف ما قضى به الحكم المتقدم ذكره. كما أخطأ أيضاً حين اعتبر لدين يوسف أحمد بدوي أولوية على دين فرق البدل الممتاز لتسجيل دينه قبل تسجيل حكم صحة البدل، وذلك لأن العقار لم يدخل في ملكية المدين إلا مثقلاً بدين فرق البدل، وعليه يكون تسجيل دين يوسف أحمد بدوي السابق لا قيمة له. ثانياً - لم يذكر الحكم المطعون فيه كيف انتقل حق الاختصاص من السيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز إلى يوسف أحمد بدوي الذي احتال بالأحكام الصادرة لهما مع ما تبين من الأوراق أن سند الحوالة غير مسجل كما يقضي بذلك قانون التسجيل. وعليه تكون الديون التي احتال بها يوسف أحمد بدوي لا يصح التمسك بها قبل إبراهيم محمود لأن دينه ممتاز. (ثالثاً) طعن إبراهيم محمود بالصورية في جميع الديون المدعى بأسبقيتها على دينه وبخاصة دين كل من فهيمة ريحان ويوسف أحمد بدوي، ولكن الحكم المطعون فيه لم يتناول إطلاقاً هذا الدفاع الجوهري، وفي هذا ما يعيبه ويبطله.
وحيث إن جميع أسباب الطعن المقدمة من فهيمة ريحان والسبب الأول من أسباب طعن إبراهيم محمود قائمة على مسألة قانونية واحدة يدور الخلاف عليها بينهما، وهي معرفة ما إذا كان دين إبراهيم محمود المحكوم له به في 2 مارس سنة 1936 هو فرق بدل فيكون ديناً ممتازاً أو هو تعويض عن الاستحقاق فيكون ديناً عادياً لا امتياز له.
وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه إذا نص في عقد المعاوضة على التزام أحد المتعاقدين بدفع بدل فإن للمتعاقد الآخر حق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأن فرق البدل إن هو إلا ثمن ما يزيد من قيمة عقاره على قيمة العقار الآخر الذي أخذه، فهو في هذه الحالة كالبائع سواء بسواء.
وأما في حالة استحقاق الغير لجزء من أحد العقارين فليس لمن نزع منه هذا الجزء امتياز على العقار الذي أعطاه، فإن المادة 359 مدني أجازت له أحد أمرين إما طلب فسخ عقد البدل واسترداد العقار الذي أعطاه، وإما طلب تضمينات. ففي الحالة الثانية لا يمكن الاعتراف له بحق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأنه لا يمكن أن يقال إن هذه التضمينات تمثل ثمن العقار فيكون في مركز البائع، بل هي مقابل استحقاق الغير للعقار الذي أخذه فهو في مركز مشتر انتزعت ملكية ما اشتراه.
وحيث إنه بالرجوع إلى عقد البدل الرقيم 4 مايو سنة 1933 يبين أنه ليس فيه ذكر لفرق بدل يدفعه عباس عباس عبد النبي، بل بالعكس فقد ذكر فيه فرق بدل قدره 650 جنيهاً يدفعه إبراهيم محمود، ولم ينشأ حق هذا الأخير في الدين الذي قضى له به إلا بسبب استحقاق ورثة أحمد عباس عباس لجزء من العقار الذي أخذه من عباس عباس عبد النبي. وعلى أساس ما تقدم إيراده فليس له حق امتياز على العقار الذي أخذه ونزع ملكيته فيما بعد وفاء للتضمينات التي قضي له بها، والتي تجعله في مقام دائن عادي. ولا يمكن أن يغير من طبيعة هذا الدين شيء مما يثيره إبراهيم محمود متعلقاً بما ورد في حكم صحة عقد البدل الذي حفظ له حق الرجوع بثمن ما استحق أو بما ورد في حكم 2 مارس سنة 1936 الذي قضى له بالدين وبحبس الاثنى عشر قيراطاً تحت يده، لأنه مهما يكن من أمر الحكم بالحبس فإنه لا يمكن أن يمس حقوق الدائنين الذين سجلوا حقوقهم قبل وجود هذا الحق له، أو بما استند إليه من أنه كان ظاهراً من عقد البدل أن عباس عباس عبد النبي ما كان يملك المنزل كله الذي أعطاه إذ أن التعاقد تناول العقار كله.
وحيث إنه بناءً على ما تقدم فلا محل للبحث فيما أثارته فهيمة ريحان في السببين الثاني والثالث من تقرير طعنها بعد أن تبين أنه ليس لإبراهيم محمود حق امتياز قط.
وحيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه إبراهيم محمود في السببين الثاني والثالث من أسباب طعنه من أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث كيفية انتقال الحقوق المحولة ليوسف أحمد بدوي من السيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز كما أنه لم يعرض لأثر عدم تسجيل الحوالة ولا لصورية دين فهيمة ريحان ويوسف أحمد بدوي، فإنه ليس في الأوراق ما يدل على أن إبراهيم محمود تمسك في مناقضته بصورية دين فهيمة ريحان وبعدم تسجيل حوالة الديون المحكوم بها للسيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز، فضلاً عن أنه لم يقدم محضر التوزيع المؤقت حتى يستطيع إقامة الدليل على غير ذلك. ومن ثم فلا حق له في أن ينعى على الحكم المطعون فيه هذا العيب. لأن المادة 639 مرافعات تقرر أنه لا يجوز قبول منازعات خلاف المقيدة في محضر التوزيع المؤقت، والغرض من هذا النص وضع حد لأسباب النزاع حتى لا يتعطل الفصل في التوزيع.
وحيث إنه فيما يتعلق بكيفية انتقال الدين إلى يوسف أحمد بدوي وبصورية دينه الذي احتال به فإن الحكمين الابتدائي والاستئنافي عرضا إلى بحث هذا الدين وإلى صورية دين جبرائيل تماز المحول إلى يوسف بدوي تفصيلاً. فقد ذكر الحكم الابتدائي في صدده ما يأتي: "وحيث إنه بالنسبة لمناقضة الست فهيمة ريحان فهي لا تناقض في دين الست قوت القلوب هانم الدمرداش وقدره 339 جنيهاً و80 مليماً والذي تحول إلى يوسف أفندي أحمد بدوي، وإنما تناقض في دين الخواجة جبريل تماز الخاص أولهما بمبلغ 30 جنيهاً و870 مليماً والثاني بمبلغ 683 جنيهاً و921 مليماً بحجة أن هذا الدين صوري ولم يمكنها إثبات هذه الصورية، وإنما قدمت بدوسيه المناقضة بالحافظة/ 10 دوسيه صورة فوتوغرافية من ورقة محاسبة بإمضاء أحمد أحمد بدوي الدائن الأصلي المحول لجبرائيل تماز والذي أعاد له الدين بعد ذلك وأحاله هو بعده لأخيه يوسف أحمد بدوي، وقد اعترف بها أحمد أحمد بدوي وقال بأنها صادرة منه ومؤدى هذه الورقة أن الستة سندات (بكمبيالات) وهي أساس الحكم ذي مبلغ الـ 683 جنيهاً و921 مليماً خالصة بأجمعها عدا مبلغ 50 جنيهاً، وعليه فيتعين الأخذ بهذه المخالصة بالنسبة لمبلغ 560 جنيهاً و950 مليماً مجموع هذه السندات مع ما يتبع ذلك من ملحقات أبلغته إلى 683 جنيهاً و921 مليماً واستبعاد مقدار ما زاد على خمسين جنيهاً فقط. ولا يمكن أن يقال بأن هذا لا يسري على المحال يوسف أحمد بدوي إذ أن هذه الورقة تتخذ حجة عليه ولا بد أن يكون عالماً بها لما بينه وبين المحيل من صلة". ثم أضاف الحكم الاستئنافي إلى ذلك ما يأتي: "حيث إنه فيما يتعلق باستئناف يوسف أحمد بدوي فإن حكم محكمة أول درجة في محله لأسبابه، يضاف إليها فيما يتعلق بالصورية أن الديون التي قضي بصورية أغلبها عدا جزءاً بسيطاً، كما هو ظاهر من الحكم الابتدائي، كانت أصلاً لأحمد أحمد بدوي وحولها لأجنبي، وبعد أن حصل هذا على حكمين بها واختصاصين (بالعين المنزوع ملكيتها) تنازل عن الحكمين والاختصاصين إلى أحمد أحمد بدوي نفسه. وهذا تنازل لأخيه يوسف أحمد بدوي الذي قرر أنه اشترى لحساب يوسف أحمد بدوي. أما قول يوسف أحمد بدوي هذا في مذكرته ص 8 إن الورقة التي اعتبرتها محكمة أول درجة دليلاً على الصورية وأقر فيها أحمد أحمد بدوي بأن (ست الكمبيالات) خالصة بأجمعها عدا مبلغ 50 جنيهاً لا تقدم ولا تؤخر، لأنها بغير تاريخ، ولأنها كتبت بعد الحكم بالدين وقبل عباس عباس عبد النبي هذا الحكم، وبقبوله هذا الحكم أصبحت (الكمبيالات) لا سبب لها حيث حل الحكم محلها فكتب أحمد بدوي تلك الورقة - هذا القول الذي قاله يوسف أحمد بدوي غير مقبول عقلاً، إذ لا محل لذكر التخالص بمجرد صدور الحكم وقبل الدفع أو التنفيذ وعدم ذكر تاريخ الورقة ليس مبطلاً لها". وفي هذا ما يدل على أن ما يثيره الطاعن المذكور خاصاً بهذا الموضوع غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم جميعاً يكون الطعن المقدم من إبراهيم محمود على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً ويكون الطعن المقدم من فهيمة ريحان على أساس ويتعين قبوله.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها.
وحيث إن مبلغ 900 جنيه المطلوب توزيعه يتسع أولاً لدين يوسف أحمد بدوي ومقداره 428 جنيهاً و900 مليم الثابت بمقتضى ثلاثة أحكام أحدها محول إليه من الست قوت القلوب الدمرداش بمبلغ 339 جنيهاً و80 مليماً وحصل بموجبه على اختصاص قيد في 29 ديسمبر سنة 1934 والثاني والثالث حولا إليه من جبرائيل تماز ومقدار المستحق له عنهما مع الفوائد 89 جنيهاً و820 مليماً وقد حصل بموجبها على اختصاصين قيدا في 30 يناير سنة 1935 و17 فبراير سنة 1935، وهذا الدين أسبق الديون تسجيلاً على العقار الذي نزعت ملكيته ورسا مزاده ويجب أن تضاف إليه المصاريف القضائية التي دفعها ومقدارها 15 جنيهاً و520 مليماً.
وحيث إنه يبقى بعد ذلك من المبلغ المطلوب توزيعه 455 جنيهاً و580 مليماً يجب تخصيص فهيمة ريحان به وفاء لبعض دينها الذي يزيد على هذا المقدار والذي حصلت بموجبه على اختصاص قيد في 7 أكتوبر سنة 1935 بقلم كتاب محكمة مصر الأهلية وفي 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة. وعلى ذلك فلا سيبل لتخصيص شيء لإبراهيم محمود صاحب الدين العادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق