الصفحات

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 8 لسنة 30 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 155 ص 1045

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(155)
الطعن رقم 8 لسنة 30 القضائية

(أ) إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن" "أسباب واقعية".
إقامة محكمة الموضوع قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها. كون هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة. تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الإقناع مسألة موضوعية لا دخل لمحكمة النقض فيها.
(ب) حكم. "تسبيب الأحكام". "كفاية التسبيب".
إقامة المحكمة الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها. لا يلزمها تتبع كل حجة للخصم والرد عليها استقلالاً.

--------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها، وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها المحكمة، فإن تقدير كفاية تلك الأدلة أو عدم كفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه (1).
2 - متى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين رفعوا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 118 سنة 1959 كلي أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للمائة وخمسين جوالاً من الأرز المحجوز عليها لصالح بنك التسليف المطعون ضده الأول وتسليمها إليه ورفع الحجز الموقع عليها واعتباره كأن لم يكن قائلين في تبيان دعواهم إنه بموجب عقد مؤرخ في 7 من يوليه سنة 1952 وثابت التاريخ في 13 منه أجر الطاعن الأول والمرحوم الأستاذ يوسف عبد اللطيف مورثه ومورث باقي الطاعنين إلى المطعون ضده الأخير وآخرين متضامنين أربعة وأربعين فداناً وعشرة قراريط واثني عشر سهماً مقابل التزامهم بإيجار عيني قدره ست وعشرون ضريبة من الأرز الياباني واثنان وعشرون قنطاراً وخمسة وعشرون رطلاً من القطن الكرنك على أن يكون تسليم هذا الإيجار في شهر سبتمبر من كل سنة. وأنه بموجب عقد آخر مبرم بين مورثهم المرحوم الأستاذ يوسف عبد اللطيف وبين المطعون ضده الأخير ومؤرخ في 12/ 3/ 1957 استأجر الأخير أثنين وستين فداناً وأحد عشر قيراطاً وثمانية عشر سهماً من أطيانها مقابل إيجار عيني قدره خمس وثلاثون ضريبة واثنا عشر قنطاراً واثنان وستون رطلاً من الأرز وثلاثون قنطاراً وسبعة وستون رطلاً من القطن الكرنك ومبلغ من النقود قدره أربعة وأربعون جنيهاً على أن يكون التسليم في سبتمبر من كل سنة - كما أنه بموجب عقد ثالث مؤرخ في 12/ 3/ 1957 ومحرر بين الطاعن الأول وبين المطعون ضده الأخير استأجر الأخر اثنين وستين فداناً وأحد عشر قيراطاً وثمانية عشر سهماً مقابل إيجار عيني قدره خمس وثلاثون ضريبة واثنا عشر قنطاراً وأربعة وستون رطلاً من الأرز وخمسة وثلاثون قنطاراً وسبعة وستون رطلاً من القطن الكرنك ومبلغ أربعة وأربعون جنيهاً على أن يكون التسليم في سبتمبر من كل عام وتنفيذاً لهذه العقود الثلاثة وفي أول نوفمبر سنة 1958 قام المطعون ضده الأخير بتسليم الطاعنين ثمان وستين ضريبة من الأرز معبأة في سبعمائة وخمسين جوالاً خصماً من مطلوبهم وعمل عنها علم وزن ووضعت جميعها في جرن المؤجرين وحرر بناء على ذلك ورقتا محاسبة الأولى بين المطعون ضده الأخير والأستاذ مصطفى عبد اللطيف والثانية بين المطعون ضده الأخير وبين ورثة المرحوم يوسف عبد اللطيف أقر فيها الملاك باستلام الأرز المنوه عنه مع احتفاظهم بحقهم قبل المستأجر فيما هو متأخر لديه من الإيجار إلا أنه بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1958 أوقع بنك التسليف الزراعي التعاوني حجزاً إدارياً على مائة وخمسين جوالاً من الأرز على زعم أنها مملوكة للمطعون عليه الأخير مع أنها ملك لهم مما حدا بهم إلى رفع هذه الدعوى طالبين الحكم لهم بالطلبات المذكورة وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1959 قضت محكمة المنصورة الابتدائية بثبوت ملكية الطاعنين للأرز المحجوز عليه ورفع الحجز الموقع عليه واعتباره كأن لم يكن. استأنف بنك التسليف هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 218 سنة 11 ق مدني - ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 7/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن ملكيتهم للأرز المحجوز عليه ثابتة من العقود الثلاثة المنوه عنها فيما تضمنته من إيجار عيني وبما نص عليه في هذه العقود من أنه محظور على المستأجر أخذ أو نقل أي شيء من المحصول الناتج من الأطيان قبل حصول المالك على جميع حقوقه وقد تأيد ذلك بتسليم المستأجر الطاعنين كمية من الأرز عمل عنها علم وزن وفاء لما التزم به بموجب هذه العقود وقد وضعت تلك الكمية في جرن الطاعنين وتحت حراسة خفرائهم وتمت المحاسبة بعد ذلك بينهم وبين المستأجر مشروطة باحتفاظهم قبله بما بقى من الإيجار ورغم تمسكهم بهذا الدفاع الجوهري المؤيد بالمستندات الحاسمة فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد عليه مما يعيبه بالقصور - كما أنه حين قضى برفض الدعوى قد أقام قضاءه على قرائن تتمثل فيما حصله من أن الأرز المحجوز عليه كان معبأ في جوالات قدمها المستأجر وهي جوالات تخالف باقي الجوالات وأن ابن المدين هو الذي أرشد عن الحجز وأن أحداً لم ينقض قول المرشد ويرى الطاعنون أن هذه القرائن غير منتجة في خصوص النزاع إذ ليست العبرة بتعبئة الأرز الموجود في حوزة الطاعنين والناتج من الأطيان المؤجرة في أجولة خاصة أو غير ذلك من القرائن التي انساق إليها الحكم بل العبرة بثبوت استيفاء الملاك حقهم المقرر بمقتضى عقود الإيجار المنوه عنها فإذا كانوا قد استوفوا المقدار المتفق عليه كانت الزيادة بعد ذلك للمستأجر وجاز الحجز عليها وفاء لدين مستحق عليه وإلا فلا - وبذلك يكون الحكم قد شابه فساد الاستدلال - كما أنه إذا استند في نفي ملكية الطاعنين للأرز المحجوز عليه إلى أن أحداً لم ينقض قول المرشد وأن حق الطاعنين ينصب على الستمائة جوال التي لم يحجز عليها وأن علم الوزن قد فصل بين الستمائة جوال هذه وبين المائة والخمسين جوالاً المحجوز عليها يكون قد خالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين دلل على ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه قرر ما يأتي "وبما أن الذي يثبت للمحكمة أن الأرز المحجوز عليه مملوك للمستأنف عليه الأخير (المطعون ضده الأخير) دون المستأنف عليهم الأربعة الأول (الطاعنين) للأسباب الآتية: أولاً - أنه لا جدال بين طرفي الخصومة في أن ذلك الأرز كان وقت الحجز معبأ في مائة وخمسين جوالاً ليست مملوكة للمؤجرين بينما الستمائة جوال الأخرى هي التي كانت معبأة في جوالات لهم. ثانياً - أن الصراف وشيخ الناحية عبد الفتاح شرف قد أجمعا على أن ابن المدين هو الذي دل على الأرز المحجوز عليه وأفصح عن ملكية أبيه إياه دون الأرز المعبأ في ستمائة جوال الأخرى وقد أبان الأولى أن أحداً من رجال الحفظ لم ينقض قول الرشد المذكور. ثالثاً - أن قول مسعد أحمد سيد أحمد بتسليمه المستأنف عليه الأخير "المطعون ضده الأخير" مائة وخمسين جوالاً لتعبئة الأرز توطئة لإبرام عقد البيع بينهما يظاهر ما قال به ابن المدين للصراف وشيخ البلد - كما يظاهر هذا وذاك ورقة الوزن المقدمة من المستأنف ضدهم الأربعة الأول أنفسهم (الطاعنين) فقد قسمت الأرز إلى قسمين أحدهما ستمائة بالة والأخرى مائة وخمسين ولو كان الأرز جميعاً لهم لما كان ثمة مبرر لهذا التقسيم الذي يطابق قول ابن المدين ويطابق ما شهد به لدى محكمة أول درجة شيخ البلد عبد الفتاح محمد طه من أن الأرز كان مقسماً إلى قسمين ووقع الحجز على أصغرهما" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها في ثبوت ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه وإذ كان من شأن هذه الأدلة أن تؤدى إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة فإن تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه - ومتى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال لا أساس له - وأما ما نعاه الطاعنون على الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق حين نقل عن المحضر الإداري أن أحداً من رجال الحفظ لم ينقض قول المرشد فإن الطاعنين لم يقدموا هذا المحضر للتدليل على أن ما نقله عنه الحكم يخالف الثابت في الأوراق ومن ثم يكون نعيهم في هذا الخصوص عارياً عن الدليل - أما ما يقول به الطاعنون من أنه يبين من الحكم أن حق الملاك يتمثل فقط في الستمائة جوال مخالفاً بذلك الثابت في علم الوزن حيث جاء به أن السبعمائة وخمسين جوالاً تعادل ثمان وستين ضريبة وهي أقل مما هو مستحق له فمردود بأنه يبين من علم الوزن أن السبعمائة وخمسين جوالاً وردت به مقسمة إلى قسمين أحدهما ستمائة جوال والآخر مائة وخمسون جوالاً وإذ اتخذ الحكم من هذا التقسيم قرينة على أن الأجولة كلها ليست ملكاً للطاعنين ومضيفاً هذه القرينة إلى القرائن الأخرى التي استند إليها في إثبات ملكية الأرز المحجوز عليه للمطعون ضده الأخير فإنه لا يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ولم يكن الحكم بعد أن دلل على ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه بحاجة إلى بحث ما إذا كان الطاعنون قد استوفوا كامل حقهم من الإيجار العيني أم لا إذ أن ذلك بحث لا يقتضيه المقام.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 2/ 1/ 1963 الطعن 23 س 30 ق، 10/ 4/ 1963 الطعن 4 س 32 ق السنة 14 ص 21، 515.
(2) راجع نقض 2/ 1/ 1963 الطعن رقم 23 س 30 ق السنة 14 ص 21.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق