الصفحات

السبت، 18 مارس 2023

الطعن 62 لسنة 27 ق جلسة 24 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 133 ص 857

جلسة 24 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

--------------

(133)
الطعن رقم 62 لسنة 27 القضائية

عقد. "عقد إداري". "أخذ رأي مجلس الدولة". صلح. تحكيم. بطلان. مجلس الدولة.
استفتاء مجلس الدولة في العقود والمشارطات التي تجريها الجهة الإدارية. عدم التزام الإدارة بإتباعه. إغفاله. لا بطلان.

----------------
يبين من عبارة المادة 32 من القانون رقم 9 لسنة 1949 بإنشاء مجلس الدولة وما نصت عليه من أنه "لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الرأي المختصة" ومن المناقشات البرلمانية التي دارت بشأن النص المقابل له في القانون رقم 112 لسنة 1946 أن الشارع إنما أراد به مجرد طلب الرأي فيما تجريه الجهة الإدارية من العقود والمشارطات المذكورة دون أن تكون ملزمة بإتباعه، وأنه لم يقرن هذا الإجراء بجزاء ما ولم يرتب البطلان على مخالفته وبالتالي لم يجعل منه ركناً أو شرطاً لانعقادها أو صحتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة قدمت إقراراتها بأرباحها في السنوات من سنة 1939 إلى سنة 1946 بالمبالغ الآتية على التوالي 869 ج و748 م، 567 ج و391 م، 643 ج و856 م، 559 ج و129 م، 602 ج و100 م، و755 ج و766 م، 1093 ج و988 م، 1520 ج و840 م، إلا أن مأمورية ضرائب الأزبكية لم تعتمد دفاتر الشركات وقدرت أرباحها في السنوات المذكورة بالمبالغ الآتية 11385 ج، 14225 ج، 10352ج، 17035 ج، 13116 ج، 39578 ج، 82671 ج، 55233 ج، ولم توافق الشركة على هذه التقديرات بالنسبة للسنوات من سنة 1940 - 1946 وأحيل الخلاف على لجنة التقدير التي أصدرت قراراً في 15 ديسمبر سنة 1948 يقضي بتأييد تقديرات المأمورية فطعنت الشركة في هذا القرار بالدعوى رقم 17 سنة 1949 تجاري كلي مصر، ولما كان سداد الضريبة واجباً رغم هذا الطعن فقد اتفقت الشركة مع المصلحة على أن يحصل الوفاء بالتقسيط وضماناً لسداد الضريبة أوقعت المصلحة حجزاً إدارياً على بعض عقارات الشركة بتاريخ 6 إبريل سنة 1949 وفي هذا الأثناء تظلمت الشركة للمصلحة من المغالاة في تقدير أرباحها وطلبت فحص حساباتها وتسوية النزاع ودياً فشكلت المصلحة لجنة لفحص هذه الشكوى ثم انتهى الأمر بين الشركة والمصلحة باتفاق مؤرخ في أول أغسطس سنة 1949 قبلت فيه الشركة تعديل أرقام إقراراتها إلى المبالغ التي حددت في هذا الاتفاق وقررت أنها تتحمل بمصروفات القضية - وتنازلت الشركة عن دعواها فقضت محكمة القاهرة بجلسة 3 سبتمبر سنة 1949 بإثبات هذا التنازل إلا أن المصلحة لم تنفذ هذا الاتفاق وعادت إلى مطالبة الشركة بالسداد على أساس الربط الذي تم طبقاً لقرار لجنة التقدير فتمسكت الشركة بالاتفاق المؤرخ أول أغسطس سنة 1949 ولكن المصلحة بادرت إلى اتخاذ الإجراءات لبيع العقارات التي سبق حجزها في 6 من إبريل سنة 1949 وحددت ميعاداً للبيع فرفعت الشركة الدعوى المستعجلة رقم 1429 سنة 1950 مصر بطلب وقف إجراءات البيع فقضى لها بذلك بتاريخ 31 مايو سنة 1950 وتأيد الحكم استئنافياً بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1950 بالاستئناف رقم 34 سنة 1950 س القاهرة ثم رفعت الشركة الدعوى رقم 2315 سنة 1950 كلي مصر ضد المصلحة ومديرية الجيزة طالبة الحكم ببراءة ذمتها من كافة ما هو مستحق عليها من ضرائب عادية واستثنائية عن المدة من سنة 1940 إلى سنة 1946 وبإلغاء الحجز الإداري المتوقع على عقاراتها في 6 إبريل سنة 1946 وبإلزام المصلحة بأن تدفع لها تعويضاً قدره 5000 ج فقضت المحكمة الابتدائية في 15 مارس سنة 1953 ببراءة ذمة الشركة وبإلغاء لحجز وذلك مقابل قيام الشركة بأداء الضريبة المستحقة على أساس اتفاق أول أغسطس سنة 1949 ورفضت طلب التعويض فطعنت المصلحة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 286 سنة 71 ق وقضت محكمة الاستئناف في 17 يناير سنة 1957 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشركة وأعلن الحكم للشركة في 26 فبراير سنة 1957 فطعنت فيه بطريق النقض في 5 مارس سنة 1957 طالبة الحكم بنقضه للأسباب الواردة بتقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 23 أكتوبر سنة 1960 إحالته على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفضه وصممت النيابة العامة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة في السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون بمخالفة حكم المادة 32 من قانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949 ذلك أنه بعد أن انتهى إلى تكييف اتفاق أول أغسطس سنة 1949 بأنه عقد صلح قرر أنه كان يجب أن تستفتى فيه إدارة الرأي بمجلس الدولة تطبيقاً للمادة 32 المشار إليها ورتب على عدم حصول هذا الاستفتاء بطلان الاتفاق المذكور في حين أنه على فرض اعتبار هذا الاتفاق صلحاً فإن عدم استفتاء إدارة الرأي فيه لا يترتب عليه بطلانه لعدم النص على هذا البطلان ولأنه من المسلم أن الفتوى لا تكون ملزمة للجهة الإدارية ولا يترتب على مخالفتها بطلان التصرف ولا يتصور أن يكون الجزاء على عدم الاستفتاء أشد من الجزاء على مخالفة الفتوى بعد صدورها، وأن الجزاء على مخالفة حكم المادة المذكورة لا يعدو أن يكون مساءلة للموظف المخالف تأديبياً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 33 من القانون رقم 9 لسنة 1949 بإنشاء مجلس الدولة تنص على أنه "لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه بغير استفتاء إدارة الرأي المختصة" ويبين من عبارة هذا النص ومن المناقشات البرلمانية التي دارت بشأن النص المقابل له في القانون رقم 112 لسنة 1946 أن الشارع إنما أراد به مجرد طلب الرأي فيما تجريه الجهة الإدارية من العقود والمشارطات المذكورة دون أن تكون ملزمة بإتباعه، ولم يقرن هذا الإجراء بجزاء ما ولم يترتب البطلان على مخالفته وبالتالي لم يجعل منه ركناً أو شرطاً لانعقادها أو صحتها، ومن جهة أخرى فإن الثابت في واقعة الدعوى أن جوهر الخلاف بين الطرفين كان منحصراً في تحديد وعاء الضريبة بشأن الاحتياط السري ولم يكن خلافاً في مسائل قانونية تتصل به وهو ما تدل المناقشات البرلمانية على أن الشارع أراد استطلاع الرأي فيه، يضاف إلى ذلك أن استطلاع الرأي في الصلح إنما تستقل به الجهة الإدارية وحدها دون باقي أطرافه وكان يسع المصلحة أن تتخذ هذا الإجراء ولكنها لم تفعل واستمرت على ذلك إلى أن تنازلت الطاعنة عن دعواها أمام المحكمة الابتدائية بناء على هذا الصلح ولم تعترض المصلحة على هذا التنازل، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه "على أن الاتفاق المؤرخ أول أغسطس سنة 1949 الذي تم بين الشركة الطاعنة ومصلحة الضرائب المطعون عليها قد وقع باطلاً لعدم استكمال الشروط اللازمة لصحته" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان في الإسناد وفساد في الاستدلال إذ أنه بعد أن قضى بإبطال الاتفاق لعدم استفتاء إدارة الرأي بمجلس الدولة فيه عاد وأبطله في موضوعه لسبب آخر وهو الغش وبني قضاءه في هذا الصدد على عدم تقديم الاتفاق للمحكمة وأن هذا الاتفاق أسس على أن مشتريات الشركة ومسحوبات الشركاء مؤيدة بالمستندات بينما الثابت من تقرير المأمورية الأول عدم وجود مستندات للمشتريات والمسحوبات وأن الشركة قد رفضت اطلاع اللجنة التي ألفتها المصلحة برئاسة الأستاذ عزيز بحيري على المستندات، في حين أن هذه الأسباب لا تسوغ القول بالغش ذلك أن عدم تقديم الاتفاق للمحكمة لم يكن سببه محاولة إخفائه عنها ولكن لتفادي تحمل الطاعنة برسوم جديدة - وقد بني الاتفاق على أساس استبعاد المأمورية لحسابات الممول وأوراقه وتحديد أرباحه على وجه جزافي فلا محل إذن للقول بأن التكلفة غير مؤيدة بالمستندات وأما لجنة الأستاذ عزيز بحيري فقد انتدبت بعد إبرام الاتفاق للبحث عن أسباب لإلغائه وقد امتنعت الشركة عن تقديم أوراقها لهذه اللجنة لأنها لم تسلم بحق المصلحة في إعادة مناقشة الأرباح موضوع الاتفاق وفضلاً عن ذلك فإن المصلحة لم تأخذ بهذه المستندات فيستوي تقديمها أو عدم تقديمها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أبطل اتفاق أول أغسطس سنة 1949 لعدم استطلاع رأي مجلس الدولة فيه عاد وأبطله في موضوعه للغش وأورد في الاستدلال على توافره أنه "من الصعب الإغضاء عن تجنب عرض هذا العقد على الهيئة التي كانت تنظر الطعن المرفوع ضد قرار لجنة التقدير رغم اتفاق عاقديه على وجوب المصادقة عليه من الهيئة المذكورة والإحجام عن عرضه عليها تصرف من جانب الشركة ينم عن الرغبة في إخفائه عن نظر محامي الحكومة خشية أن يواجه بالتخفيض الجسيم في الأرباح فيثير اعتراضاً على طلب التنازل عن الطعن ولو أن عقد الصلح موضوع النزاع كان قد تم على الصورة البريئة الخالية من الشبهات لما كان هناك موجب لعدم إظهاره للمحكمة المعروض عليها الطعن ثم إنه لا يغرب عن البال أن محضر الصلح حسب الأرقام الموجودة فيه يرتكز إلى حد كبير على النتائج التي انتهى إليها الأستاذ عبد الله القديم في مذكرته التي رفعها إلى مدير مصلحة الضرائب بتاريخ 24 يوليو سنة 1949 وقد جاء فيها أن مشتريات الشركة مؤيدة بالمستندات وكذلك التكاليف وأن المسحوبات الشخصية صرفت في أعمال الشركة كما تدل على ذلك المستندات الخاصة بها مناقضاً في ذلك كله ما سبق أن ذكرته المأمورية من أن مشتريات بلغت 173124 ج لم تكن مؤيدة بالمستندات وأن المسحوبات الشخصية وهي تتمثل في مبلغ 9363 ج صرف في سنة 1945 ومبلغ 10541 ج صرف في سنة 1946 لم توجد لها مستندات وأن التكاليف أيضاً غير مؤيدة بالمستندات وأنه عندما حامت الشبهات حول محضر الصلح كلف مدير المصلحة لجنة برياسة الأستاذ عزيز بحيري بالاطلاع على مستندات الشركة فرفضت الأخيرة تقديمها وبما أن هذا التصرف من جانب الشركة يصعب تفسيره خارج نطاق الفرضين الآتيين الأول أن المستندات لم يكن لها وجود كما ذكرت المأمورية والثاني أنها إذا كانت موجودة فلا يرجى أن توصل إلى النتائج التي وردت في مذكرة الأستاذ عبد الله القديم وفي كلتا الحالتين يكون مدير مصلحة الضرائب قد أخفيت عنه الحقائق خدمة للشركة فوقع على هذا المحضر اعتقاداً منه بصحة الوقائع وبسلامة الأسس التي بني عليها فإن هذا من شأنه أن يعيب هذا المحضر من الوجهة الموضوعية طبقاً لحكم المادة 535 من القانون المدني القديم الذي صدر في ظله وأن يدفعه بالبطلان" وهذا الذي أورده الحكم وبني قضاءه عليه لا يسوغ القول بوجود الغش المبطل للاتفاق المذكور ذلك أن عدم تقديم الاتفاق للمحكمة للتصديق عليه لا يدل على الرغبة في إخفائه عنها، وامتناع الشركة عن تمكين لجنة الأستاذ عزيز بحيري من الاطلاع على مستنداتها يبرره تمسك الشركة بالقوة الملزمة للاتفاق وأنها تنازلت عن الدعوى تنفيذاً له، والقول بعدم وجود مستندات للمشتريات والمسحوبات لا جدوى فيه لأنه يبين من عقد الصلح أنه لم يؤسس على وجود هذه المستندات، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون متعيناً نقضه لهذا السبب أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق