الصفحات

الاثنين، 6 مارس 2023

الطعن 508 لسنة 22 ق جلسة 10/ 3/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 223 ص 607

جلسة 10 من مارس سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وحضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن وحسن داود أعضاء.

--------------

(223)
القضية رقم 508 سنة 22 القضائية

استئناف. 

رفعه في ظل قانون تحقيق الجنايات الملغي التحدي في صدد قبوله بما جاء في قانون الإجراءات الجنائية من قيود لا يقبل.

--------------
إذا كانت النيابة العامة قد استأنفت حكم محكمة أول درجة قبل العمل بقانون الإجراءات الجنائية في ظل قانون تحقيق الجنايات الملغي الذي كان يطلق حق النيابة في استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح, فلا يجوز التحدي في صدد قبوله بقانون الإجراءات الجنائية الذي عمل به من بعد, إذ القاعدة أن كل إجراء تم صحيحا في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل محمد كامل عيسى وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة دون أن يستعمل جهاز التنبيه ودون أن يتبين خلو الطريق أمامه فصدم المجني عليه حيث كان يسير أمامه محاذيا الرصيف الأيمن فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعى والد المجني عليه كامل محمد عيسى وأمينه حسن عبد الرحيم بحق مدني قبل المتهم وطلبا القضاء لهما عليه بمبلغ ألف جنيه تعويضا. ومحكمة جنح العطارين الجزئية نظرت هذه الدعوى ثم قضت فيها حضوريا ببراءة المتهم وأعفته من المصاريف الجنائية ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعيين بالمصاريف ومبلغ ثلاثمائة قرش أتعاب محاماة. فاستأنف المدعيان بالحق المدني كما استأنفته النيابة ومحكمة الاسكندرية الابتدائية قضت فيها حضوريا - عملا بمادة الاتهام - بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم عشرة جنيهات وبإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدني مائتين وخمسين جنيها والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة, وذلك عن الدرجتين بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم أخطأ في القانون إذ قبل استئناف النيابة لحكم محكمة أول درجة القاضي ببراءة الطاعن مع أنه غير جائز لأن النيابة لم تكن قد طلبت منها الحكم بغير الغرامة والمصاريف أو بغرامة تزيد على خمسة جنيهات, وأنه يترتب على ذلك أن يكون الحكم للمدعيين بالحق المدني بالتعويض استئنافيا غير صحيح في القانون مادام الحكم الابتدائي صدر نهائيا بالبراءة؛ وأن الحكم المطعون فيه أخطأ كذلك في القانون لأنه - مع إسناده إلى والدي المجني عليه التقصير والإهمال بتركه على حداثة سنة يهيم في الطريق معرضا للخطر - قد قضى لهما بتعويض عن وفاة ولدهما, وأضاف الطاعن أنه تمسك لدى المحكمة بأن أقوال الشاهد وليم يسي ميخائيل في محضر البوليس الذي حرر بنقطة المستشفى محرفة ولم تنقل فيه بأمانة وأن ما رواه أمام النيابة وبالجلسة هو الحقيقة كما أن حكمدار نقطة بوليس المستشفى ليس مختصا بسؤال الشهود وهو ممنوع من ذلك بمقتضى أوامر من حكمدارية الاسكندرية فضلا عن أن محرر المحضر هو أومباشي بتلك النقطة مما يجعل محضره باطلا ولا يعتد بما أثبت فيه, وأضاف الطاعن أيضا أن الحكم المطعون فيه جاء قاصرا إذ دانه بأنه صدم المجني عليه بسيارته من الخلف ولم يصطدم هو بها استنادا إلى أقوال الطبيب الشرعي مع أن أقواله ترجيحية لا قطعية وهى تحتمل حدوث الإصابة من اصطدام السيارة بالمجني عليه من الخلف كما تحتمل حدوثها من اصطدام المجني عليه بجانب السيارة عند خروجه من الطريق الفرعي إلى الطريق الرئيسي الذي كانت تسير فيه. وأن فيما قرره الطبيب الشرعي من أن السيارة لم تمر على جسم المجني عليه ما يؤدي إلى استبعاد احتمال الإدانه وأن القول بعكس ذلك يكون خطأ في الاسناد - وأن المحكمة أخلت بدفاعه إذ رفضت طلبت الانتقال للمعاينة مع أنه كان كفيلا برفع الغموض الماثل في الأوراق واللبس الناشئ عما ذكرته المحكمة عن بعد السيارة عن مفرق الشارعين بثلاثة أمتار دون أن تذكر شيئا عن بعد مؤخرتها عن هذه المفارق, وأن الحكم قصر عن استعراض شهادة الضابط الذي أجرى المعاينة مع أن فيها ما يدل على أن الطاعن عندما شاهد المجني عليه خارجا مندفعا من المفارق بدأ في استعمال الفرملة لإيقاف السيارة وأوقفها وحدث اصطدام المجني عليه بها في ذلك الوقت, وأن الحكم لم يستعرض الرسم الكروكي الذي أشار إليه مع أنه لم يعزز أقوال الضابط الذي قام بالمعاينة كما أن ما ذكره الحكم من وجود دماء بالعجلة الأمامية للسيارة يؤكد دفاع الطاعن ولا ينال منه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهي إليها - ولما كان يبين من الحكم أن النيابة العامة استأنفت حكم محكمة أول درجة بتاريخ 12 يوليو سنة 1951 قبل العمل بقانون الإجراءات الجنائية وفي ظل قانون تحقيق الجنايات الملغي الذي كان يطلق حق النيابة في استئناف الأحكام الصادرة في الجنح, وكان كل إجراء تم صحيحا في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا مما يترتب عليه أن استئناف النيابة لحكم محكمة أول درجة في ذلك التاريخ يظل قائما لم يتأثر بما فرضه قانون الإجراءات الجنائية عند العمل به من قيود على حق النيابة في استئناف الأحكام - ولما كان الحكم المطعون فيه قد تعرض عند القضاء في الدعوى المدنية لما وقع من والدي المجني عليه من خطأ وأدخله في اعتباره عند تقدير التعويض بقوله: "إن المدعيين بالحق المدني قد ساهما في الخطأ إذ تركا طفلهما المجني عليه في الطريق وحده معرضا لأخطاره وهو لم يشب عوده ولم ينضج إدراكه وتمييزه, والمحكمة مراعية لهذه الظروف تقدر للمدعيين كتعويض عن الضرر الذي أصابهما مبلغ مائتين وخمسين جنيها". وكان مسلك الحكم في ذلك يتفق مع القانون - ولما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هى بالتحقيقات التي تجريها المحاكم في جلساتها وكان القانون لم يشترط لرفع الدعوى في الجنح أن يكون مسبوقا بتحقيق وكان للمحكمة مع ذلك أن تكون عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى بما في ذلك محاضر الاستدلال التي يحررها رجال البوليس من مأموري الضبطية القضائية ومنهم رؤساء نقط البوليس ومساعدوهم مادام أنها كانت مطروحة للبحث وأتيحت للمتهم فرصة مناقشتها والرد عليها ولم يطعن في صحة ما اشتملت عليه. كما لا تثريب عليها إذا هى اقتنعت بصحة ما قاله الطبيب الشرعي على سبيل الترجيح ما دامت قد رأت أن ما رجحه هو الذي يتفق مع وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة أمامها - ولما كان الحكم قد ذكر مؤدي شهادة الضابط الذي أجرى المعاينة بما تضمنته من بيان المسافة بين مؤخر السيارة ومفرق الطريقين بما يرفع اللبس الذي ادعاه الطاعن وأشار كذلك إلى ما تبين للمحكمة من الرسم التخطيطي لمكان الحادث - وكانت المحكمة قد تعرضت لطلب الانتقال لمعاينة مكان الحادث وردت عليه ردا كافيا "بأنه غير منتج وعديم الجدوى إذ أنه فضلا عن أن مكان الحادث قد وصفه المحقق وصفا دقيقا في محضره فإنه أرفق به رسما كروكيا لهذا المكان بين فيه جميع التفاصيل والمقاسات والأوضاع والاتجاهات والآثار المترتبة على الحادث وبداهة أن إعادة المعاينة لن تتم إلا على ضوء هذه البيانات والتفاصيل" ولما كانت المحكمة غير مكلفة يتقيع الدفاع في كل جزئية يثيرها من وجوه دفاعه الموضوعي ما دام لرد عليه مستفادا من قضائها بالإدانة للأدلة التي بينتها - لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق