الصفحات

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 460 لسنة 30 ق جلسة 11 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 160 ص 1031

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، عباس حلمي عبد الجواد، إبراهيم حسن علام، سليم راشد أبو زيد.

----------------

(160)
الطعن رقم 460 لسنة 30 القضائية

أهلية. "عوارض الأهلية". "تصرف المجنون والمعتوه". بطلان. حكم. "قصور. ما يعد كذلك".
شرط بطلان تصرفات المجنون والمعتوه الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر وفقاً للمادة 114 من القانون المدني الجديد أن تكون حالة الجنون أو العته شائعة أو يكون المتصرف إليه على بينة منها. حكم المادة 114 حكم مستحدث. لا يكفي في البطلان مجرد قيام حالة الجنون أو العته بالمتصرف وقت صدور التصرف كما كان الحال في القانون المدني القديم. اكتفاء الحكم بذلك دون التثبت من أن حالة العته شائعة أو أن المتصرف إليه كان على بينة منها. مخالفة للقانون وقصور في التسبيب.

-----------------
سنت المادة 114 من القانون المدني الجديد حكماً جديداً لم يكن مقرراً في القانون المدني القديم إذ استلزمت لبطلان تصرفات المجنون والمعتوه الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة الجنون أو العته شائعة أو يكون المتصرف إليه على بينة منها ولم تكتف لبطلان هذه التصرفات بمجرد قيام حالة الجنون أو العته بالمتصرف وقت صدورها كما كان الحال في القانون الملغي. فإذا كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن التصرفين اللذين قضي ببطلانهما قد صدرا قبل تسجيل قرار الحجر عليه فإن الحكم إذ اقتصر في تأسيس قضائه بذلك على مجرد ما قاله من ثبوت قيام حالة العته بالمورث وقت صدورهما منه ودون أن يثبت أن هذه الحالة كانت شائعة أو أن الطاعنة المتصرف إليها كانت على بينة منها فإنه يكون مخالفاً للقانون وقاصر التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع هذا الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم رفعوا على الطاعنة الدعوى رقم 279 سنة 1956 مدني كلي كفر الشيخ طلبوا فيها الحكم لهم (أولاً): تثبيت ملكيتهم إلى 18 ط من 24 ط مشاعاً في 17 ف و9 ط شائعة في القطعتين المبينتين بصحيفة الدعوى ومحو التسجيلات المتوقعة عليها وإبطال العقد الصادر من مورثهم المرحوم رزق بسطوروس عطية للمدعى عليها "الطاعنة" المشهر في 9/ 5/ 1955 (ثانياً) تثبيت ملكيتهم إلى 18 ط من 24 ط في المنزل المبين بصحيفة الدعوى والبالغ مساحته 126.55 متراً مربعاً وتسليمها إليهم... وقالوا شرحاً لدعواهم إن مورثهم المرحوم رزق بسطوروس عطية توفى بغير عقب بتاريخ 22/ 10/ 1956 عن تركة مقدارها 17 ف و9 س مبينة بصحيفة الدعوى كما ترك منزلاً بناحية دسوق وقد انحصر إرثه فيهم باعتبارهم أولاد شقيقيه وفي زوجته المدعى عليها "الطاعنة" وأنهم يستحقون في هذه التركة 18 ط من 24 ط إلا أن المدعى عليها كانت قد انتهزت فرصة مرض المورث وعتهه واستكتبته عقد بيع بخمسة عشر فداناً وواحد وعشرين قيراطاً دون مقابل وقد أشهر هذا العقد بتاريخ 9/ 5/ 1955 ولما علم المطعون ضده الثاني بذلك طلب توقيع الحجر على المورث للعته وقضي فعلاً بتاريخ 2/ 10/ 1956 بالحجر عليه لهذا السبب بالحكم رقم 510 سنة 1956 كلي أحوال شخصية كفر الشيخ وأقيم المطعون ضده الثاني قيماً عليه وكلفه هذا الحكم باتخاذ الإجراءات القانونية لإبطال العقد سالف الذكر ولذلك رفعوا الدعوى وضمنوها طلباتهم السابقة - وقد أقامت الطاعنة بدورها على المطعون ضدهم الدعوى رقم 188 سنة 1957 مدني كلي كفر الشيخ طلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 8/ 1945 المتضمن بيع المورث لها نصف المنزل المبين بصحيفة الدعوى - وهو نفس المنزل الذي طلب المطعون ضدهم بدعواهم السابقة الحكم لهم بملكيتهم لثلاثة أرباعه - وقالت إن زوجها المورث سبق أن باع لها نصف هذا المنزل بعقد أشهرته في 26/ 3/ 1945 ثم باع لها النصف الآخر بالعقد الذي رفعت به هذه الدعوى كما باع لها خمسة عشر فداناً وواحد وعشرين قيراطاً بعقد أشهرته في 9/ 5/ 1955، وقد طعن المطعون ضدهم في هذه العقود الثلاثة بالبطلان تأسيساً على أنها صدرت من المورث وهو في حالة عته - وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت بتاريخ 29/ 10/ 1958 بإحالتهما إلى التحقيق "ليثبت المدعون بطرق الإثبات كافة أن مورثهم المرحوم رزق بسطوروس كان مريضاً بالعته وكان شائعاً عنه ذلك قبل صدور العقود المطعون فيها وكانت المدعى عليها على بينة من ذلك وللمدعى عليها النفي بالطرق عينها" وبعد أن نفذ هذا الحكم حكمت المحكمة بتاريخ 29/ 4/ 1959 في الدعوى رقم 279 سنة 1956 المرفوعة من المطعون ضدهم برفضها وفي الدعوى رقم 188 لسنة 1957 المرفوعة من الطاعنة بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 18/ 8/ 1945 والصادر من المرحوم رزق بسطوروس مورث طرفي الخصومة والمتضمن بيعه إلى المدعية نصف منزل مبين الحدود والمعالم به وبعريضة الدعوى لقاء ثمن قدره 800 ج، استأنف المطعون ضدهم الحكم الصادر في الدعوى رقم 279 سنة 1956 أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 187 سنة 9 ق وطلبوا إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم فيها - كما استأنفوا أمام نفس المحكمة الحكم الصادر في الدعوى رقم 188 سنة 1957 بالاستئناف رقم 188 سنة 9 ق وطلبوا إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها "الطاعنة" وقد ضمت المحكمة الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 16 من نوفمبر سنة 1960 (أولاً) الاستئناف رقم 187 سنة 9 ق (1) بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 279 سنة 1956 مدني كلي كفر الشيخ الابتدائية وتثبيت ملكية المستأنفين أولاً إلى 11 ف و21 ط و21 س مشاعاً في 15 ف و21 ط و4 س المبينة الحدود والمعالم بعقد البيع المؤرخ 6/ 4/ 1955 والمسجل في 9/ 5/ 1955 تحت رقم 2288 وصحيفة الدعوى ومحو التسجيلات المترتبة عليها لصالح المستأنف عليها وتسليم هذا القدر للمستأنفين (2) تثبيت ملكية المستأنفين إلى حصة قدرها 18 ط من 24 ط مشاعاً في نصف المنزل البالغ مساحته 62.50 متراً الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليم هذه الحصة للمستأنفين (ثانياً) في الاستئناف رقم 188 سنة 9 ق بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 188 سنة 1957 مدني كلي كفر الشيخ وبرفض الدعوى... وأسست المحكمة قضاءها بذلك على ما ثبت لديها من أن العقد المتضمن بيع المورث الأطيان للطاعنة والمشهر في 9/ 5/ 1955 والعقد المتضمن بيعه لها النصف الثاني من المنزل والمطلوب الحكم بصحته ونفاذه في دعواها - هذان العقدان قد صدرا من المورث وهو في حالة عته مما يجعلهما باطلين. وبتاريخ 18/ 12/ 1960 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 28/ 10/ 1965 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون ذلك أنه اكتفى في تأسيس قضائه ببطلان تصرفات المورث التي قضى ببطلانها على أن حالة العته المعدم للإرادة كانت قائمة به في فترة صدور هذه التصرفات. وإذ كانت هذه التصرفات قد صدرت من المورث قبل الحجر عليه وكان لا يكفي بحسب المادة 114 من القانون المدني الجديد لإبطال تصرفات المجنون والمعتوه الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر مجرد ثبوت قيام حالة الجنون أو العته بالمتصرف وقت حصول التصرف بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا أن هذه الحالة كانت شائعة أو أن الطرف الآخر كان على بينة منها؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اكتفى بتأسيس قضائه ببطلان هذه التصرفات على مجرد ثبوت قيام حالة عته المورث المتصرف يكون مخالفاً للقانون وقاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان تصرف المورث في الأطيان على قوله. "وحيث إنه متى تقرر ذلك وتبين للمحكمة أن التصرف الحاصل من المورث ببيع 15 ف و21 ط و4 س بتاريخ 6/ 4/ 1955 إلى زوجته المستأنف عليها قد تم خلال فترة العته فيكون هذا التصرف باطلاً بطلاناً مطلقاً لصدوره من شخص معدوم الأهلية". ولما عرض الحكم لتصرف المورث في نصف المنزل الحاصل بالعقد الذي طلبت الطاعنة الحكم بصحته ونفاذه قرر "أن المحكمة ترى أن طعن المستأنفين "المطعون ضدهم" في محله وترى من ظروف الدعوى أن هذا العقد قد حرر خلال فترة عته المورث". وانتهى الحكم إلى قوله. "ولما كان الثابت لدى المحكمة على ما سبق بيانه أن حالة العته أصابت المورث خلال سنة 1954 وما بعدها فيكون العقد المطعون فيه قد صدر من المورث في هذه الفترة التي انعدمت فيها أهلية المورث انعداماً كلياً" - ولما كانت المادة 114 من القانون المدني الجديد حكماً جديداً لم يكن مقرراً في القانون المدني القديم فاستلزمت لإبطال تصرفات المجنون والمعتوه الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة الجنون أو العته شائعة أو يكون المتصرف إليه على بينة منها ولم تكتف لبطلان هذه التصرفات بمجرد قيام حالة الجنون أو العته بالمتصرف وقت صدورها كما كان الحال في القانون الملغي - لما كان ذلك، وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن التصرفين اللذين قضي ببطلانهما قد صدرا قبل تسجيل قرار الحجر عليه فإن هذا الحكم إذ اقتصر في تأسيس قضائه ببطلانه على مجرد ما قاله من ثبوت قيام حالة العته بالمورث وقت صدورهما منه ودون أن يثبت أن هذه الحالة كانت شائعة أو أن الطاعنة المتصرف إليها كانت على بينة منها فإنه يكون مخالفاً للقانون وقاصر التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق