الصفحات

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 457 لسنة 35 ق جلسة 22 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 29 ص 174

جلسة 22 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

--------------

(29)
الطعن رقم 457 لسنة 35 القضائية

تزوير. "التوقيع على بياض". إثبات. "الإثبات بالبينة".
تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها. خيانة أمانة يخضع إثباته للقواعد العامة. وقوع التغيير من غير من سلمت له الورقة اختياراً. تزوير يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات.

---------------
تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض وإن كان يعتبر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) (2) - خيانة أمانة يخضع للقواعد العامة، إلا أنه إذا وقع هذا التغيير من آخر غير من سلمت له الورقة اختياراً، فإنه يعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن سعد عبد الموجود يس استصدر بتاريخ 11/ 11/ 1962 من محكمة سوهاج الابتدائية أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 بإلزام المرحوم علي عبد الكريم عاشور، بأن يؤدي له مبلغ 700 ج والمصاريف بناء على السند الإذني المؤرخ 26/ 7/ 1961، وتظلم الصادر ضده الأمر أمام محكمة سوهاج الابتدائية، وقيد التظلم برقم 194 سنة 1962 مدني واستند في تظلمه إلى أنه لم يكن مديناً للمتظلم ضده سعد عبد الموجود يس بأي مبلغ بل على العكس أنه كان ضامناً له لدى بنك الإسكندرية في سداد 150 ج بموجب كمبيالة مؤرخة 13/ 7/ 1961 تستحق في 30/ 11/ 1961، وقد قام فعلاً بسداد المبلغ وتسلم الكمبيالة مؤشراً عليها بذلك، وأنه من غير المعقول أن يضمن المتظلم ضده بتاريخ 13/ 7/ 1961 في سداد مبلغ 150 ج للبنك ثم يستدين منه مبلغ 700 ج في 26/ 7/ 1961، إذ لو كان لديه هذا المبلغ ما استدان من بنك الإسكندرية 150 ج قبل ذلك بثلاثة عشر يوماً وأضاف المتظلم أنه ينكر صدور السند موضوع أمر الأداء منه وينكر توقيعه عليه، ويستدل على ذلك بأن كتابة الأرقام في صلبه حديثة وأن الخط الذي كتبت به الإمضاء لا يتناسب مع الخط الذي حرر به صلب السند مما ينبئ أن الإمضاء كتب في تاريخ وأن الصلب كتب في تاريخ آخر وطلب قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برد وبطلان السند المؤرخ 26/ 7/ 1961 واعتباره كأن لم يكن وإلغاء أمر الأداء المتظلم منه وإلزام المتظلم ضده بالمصروفات. وبتاريخ 22/ 12/ 1962 قرر المتظلم في قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية بالطعن بالتزوير في السند المذكور ثم أعلن شواهده للمتظلم ضده وطلب الحكم برد وبطلان السند. وبجلسة 30/ 12/ 1962 قضت محكمة أول درجة قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المتظلم بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود، أنه وقع على السند المطعون فيه على بياض لصالح محمود علي حسن كشك وأخيه جابر ضماناً لمعاملة تجارية عن سنة 1959 الزراعية، وأن المتظلم ضده تحصل على السند وملأ البياض بالبيانات المطعون فيها على خلاف الحقيقة. ولينفي المتظلم ضده ذلك بالطرق ذاتها ويثبت أن السند المطعون فيه سند صحيح صادر من الطاعن. وبجلسة 24/ 3/ 1963 ناقشت المحكمة المتظلم في ظروف تحرير السند فأدلى بأقوال حاصلها أن محمود علي كشك يشتغل في تجارة القطن والبصل وأن عادة المزارعين جرت على أن يحرروا لصالحه سندات على بياض وبعد أن يوردوا له القطن والبصل تتم المحاسبة ويسترد كل منهم سنده. وقد حدث أن وقع السند موضوع النزاع على بياض وسلم إلى محمود علي كشك على ذمة توريد بصل وقد ورد له منه ما قيمته 200 ج وتمت المحاسبة وقبض باقي حسابه دون أن يسترد السند لأن محمود كشك كان مريضاً ثم توفى بعد ذلك، وأن المعاملة استمرت بعد ذلك مع أخيه جابر كشك ثم حدث نزاع بينهما وامتنع عن معاملته، وأضاف أنه وقع على السند وسلمه إلى محمود كشك أمام محمود أحمد نصر وعبد الرحيم شيخون وأنه طالب جابر كشك برد السند فرفض، ولما حدث النزاع بينهما سلم السند للمتظلم ضده وملأ البياض بقيمة الدين المطالب به في حين أنه لا توجد بينه وبين المتظلم ضده أية معاملات تجارية. وبعد أن سمعت المحكمة لشهود الطرفين طلب المتظلم ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص السند وبيان ما إذا كان الصلب والتوقيع والتاريخ قد حررت بقلم واحد في وقت واحد أم بأقلام مختلفة وفي أوقات متفاوتة، فأجابته المحكمة لطلبه وقضت قبل الفصل في الموضوع بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأسيوط والاطلاع على السند وبيان ما إذا كان صلب السند والتوقيع المثبت عليه وتاريخه قد حررت جميعاً بقلم واحد أم بأقلام مختلفة وفي أوقات متفاوتة، وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن بيانات صلب السند وكذلك تاريخه قد حررت جميعها بقلم كوبياً واحد غير القلم المحرر به التوقيع، وأنه يتعذر تحديد الوقت الذي كتب فيه كل من الصلب والتوقيع. عادت بتاريخ 26/ 1/ 1964 فحكمت حضورياً في موضوع التظلم (أولاً) برد وبطلان السند الإذني المؤرخ 26/ 12/ 1961 (ثانياً) بإلغاء أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن (ثالثاً) رفض دعوى المتظلم ضده وإلزامه بالمصروفات ومبلغ 5 ج مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المتظلم ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم برفض الادعاء بالتزوير وبتأييد أمر الأداء رقم 108 سنة 1962 كلي سوهاج وإلزام المستأنف عليها بصفتيها بأن تدفع من تركة مورثها المرحوم علي عبد الكريم عاشور (المتظلم المتوفى) المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 61 سنة 39 قضائية ودفعت المستأنف عليها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وبتاريخ 4 مايو سنة 1965 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 30/ 12/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وفي الحكم القطعي الصادر بعد ذلك من محكمة أول درجة بتاريخ 26/ 1/ 1964، وفي الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 4 مايو سنة 1965 بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن قرر وكيل الطاعن أنه يقصر طعنه بالنقض على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف، وصمم على طلب نقضه للأسباب الواردة بالتقرير ولم تحضر المطعون عليها وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن في خصوص ما قصر عليه وهو الحكم الصادر من محكمة الاستئناف قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم وإن أورد القاعدة السليمة الواجبة الاتباع عند الادعاء بتغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض وهي أن الأصل اعتبار التغيير خيانة أمانة يرجع في إثباته إلى القواعد العامة في الإثبات، وأنه لا يجوز الخروج على هذا الأصل إلا في حالة الحصول على الورقة الموقعة على بياض خلسة أو تدليساً فيعتبر تغيير الحقيقة عندئذ تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات، إلا أن الحكم تناقض مع نفسه عند تطبيق قواعد الإثبات فاعتبر تغيير الحقيقة المدعى به في السند موضوع الدعوى الموقع على بياض تزويراً يجوز إثباته بالبينة، في حين أن مورث المطعون عليها نفسه معترف في تقرير الطعن بالتزوير وفي إعلان شواهده أنه قد سلم السند موقعاً منه على بياض ولم يتسلمه منه أحد خلسة أو غشاً، الأمر الذي تمسك من أجله الطاعن بأن الواقعة على هذا النحو لا تعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق وإنما هي خيانة أمانة ولا يجوز إثبات عكس ما ملئ به السند إلا بالكتابة، والنتيجة الحتمية لذلك هي عدم قبول الادعاء بالتزوير وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الواقعة تزويراً وليست خيانة أمانة وأجاز إثباتها بكافة الطرق بما فيها البينة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كان تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض يعتبر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة خيانة أمانة يخضع في إثباته للقواعد العامة، إلا أنه إذا وقع هذا التغيير من آخر غير من سلمت له الورقة اختياراً فإنه يعتبر تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة. وإذ كان الثابت من الرجوع إلى الأوراق أن مورث المطعون عليها قد تمسك بأنه لم يوقع على السند على بياض لصالح الطاعن الذي لا تربطه به أية معاملة، وإنما دفعه وسلمه إلى محمود كشك وأخيه جابر ضماناً لمعاملة تجارية بينهم في سنة 1959 وقد تمت تصفية هذه المعاملة ولكنهما لم يردا له السند، بل سلماه للطاعن الذي ملأه على خلاف الحقيقة بما يفيد مديونيته له بمبلغ 700 جنيه وكانت محكمة أول درجة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة، وأيدها في ذلك الحكم المطعون فيه استناداً إلى ما قرره من أنه إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة لغش أو بأية طريقة خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعتبر تغييراً لحقيقة فيها تزوير ويجوز إثباته بالبينة. فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان، وفي بيان ذلك يقول إنه اعتمد على شهادة الشهود الذين سمعوا بناء على الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 30/ 12/ 1962 م بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقرر أنه استبان منها أن الواقعة تزوير يجوز إثباتها بالبينة وليست واقعة تسليم اختياري لسند موقع على بياض، ومفاد ذلك أن المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق دون أن يكون لديها السند القانوني الذي يبيح الإثبات بالبينة وأنها استقت الدليل على أن الواقعة تزوير من التحقيق في حين أن هذا الدليل يجب أن يكون قائماً قبل صدور حكم التحقيق حتى يباح قانوناً الإثبات بالبينة والقرائن، وإذ خالف الحكم التمهيدي هذا النظر فإنه يكون باطلاً، وينسحب هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه الذي أقره واعتمد على التحقيق الذي تم بمقتضاه، وبالإضافة إلى ذلك فإن الحكم الصادر بالإحالة إلى التحقيق حدد لمورث المطعون عليها واقعة معينة ليثبتها وهي أن التوقيع المثبت على السند المطعون فيه هو توقيعه، وأنه وقع به على بياض لصالح محمود علي حسن كشك وأخيه جابر في معاملة تجارية معهما عن سنة 1959 الزراعية وحرر لهما السند المطعون فيه على بياض ضماناً لهذه المعاملة التجارية، وأن الطاعن تحصل على هذا السند وكتب في البياض الذي فوق الإمضاء سند المديونية المطعون فيه على خلاف الحقيقة وأجاز للطاعن النفي، ومفاد ذلك أن الواقعة التي حددها الحكم للإثبات والنفي إنما تنصب على أن السند المطعون عليه بالتزوير هو نفس السند الذي كان قد حرره مورث المطعون عليها إلى محمود كشك وأخيه جابر في سنة 1959، ولا يجوز إطلاقاً الالتفات عن هذه الواقعة إلى واقعة بعيدة عنها. وقد تمسك الطاعن في مرحلتي التقاضي بأن مورث المطعون عليها عجز عن إثبات هذه الواقعة على ما يبين من أقوال شاهديه بمحضر التحقيق، إذ لم يقل أيهما بأن السند موضوع هذا الطعن هو نفس السند الذي وقع عليه مورث المطعون عليها وسلم لمحمود كشك وأخيه. ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، في حين أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، هذا إلى أن الحكم استخلص من أقوال الشهود أن السند المطعون فيه قد وقعه مورث المطعون عليها على بياض لصالح محمود كشك وسلمه إليه وأن الأخير سلمه بدوره للطاعن الذي ملأ البياض ببيانات مزورة، ثم انتهى إلى اعتبار أن الطاعن قد حصل على هذا السند بالتواطؤ مع من أؤتمن عليه ودون بياناته على غير الحقيقة، في حين أن أحداً من الشهود لم يقل بذلك، كما أن جابر كشك المقول بأنه تسلم السند على بياض كذب هذه الواقعة، بل أن نفس مورث المطعون عليها ناقض نفسه بشأنها إذ قرر في طعنه بالتزوير أنها حصلت في موسم سنة 1959 الزراعية ثم عاد وقرر في محضر التحقيق المؤرخ 24/ 3/ 1963 أنها حصلت في سنة 1956، وفي هذا وذاك ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور فضلاً عن مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه، بأنه يبين من الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 20/ 12/ 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق أنه استظهر الجد في الادعاء بالتزوير من الشاهد الأول، ومبناه أن مدعي التزوير قد سلم السند موقعاً منه على بياض إلى آخر لذمة معاملة تجارية، وأن هذا الآخر سلمه إلى الطاعن الذي ملأه ببيانات تخالف الحقيقة المتفق عليها مع من تسلم السند ومن أن هذه الواقعة تعد تزويراً مما لا يجوز إثباته بالبينة تطبيقاً للمبدأ المقرر قانوناً، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد المبدأ القانوني الصحيح في الحالة التي يعتبر فيها تغيير الحقيقة في المحرر الموقع على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق لا خيانة أمانة، استخلص من أقوال الشهود ثبوت واقعة التزوير ذاتها، إذ كان ذلك فإن النعي عليه بأنه أقر جواز إثبات للواقعة المتنازع عليها بالبينة قبل أن تقوم الشواهد على أنها تزوير يكون على غير أساس، والنعي مردود في الشق الثالث منه بأن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أقام قضاءه على قوله "أما شاهدي الإثبات فقد شهدا بأن مورث المستأنف عليها وقع على بياض على سند لصالح محمود علي حسن كشك لذمة توريد بصل وكان ذلك في حضورهما وأنهما أيضاً وقعا على سندات مماثلة لنفس الغرض، وأنهما لا يعلمان شيئاً عن مصير السند الذي وقعه مورث المستأنف عليها وأضاف أحدهما وهو عبد الرحيم شيخون بأنه يعلم بحدوث سوء تفاهم بين مورث المستأنف عليها وبين محمود علي كشك الذي تسلم السند، وبعد وفاته حدث سوء تفاهم بين الأول وبين جابر علي كشك وهذه الشهادة تطمئن لها المحكمة وترى الأخذ بها، وتخلص منها إلى أن السند المطعون عليه وقعه مورث المطعون عليها على بياض لصالح محمود كشك وسلم إليه وقد سلمه هذا الأخير بدوره للمستأنف، الذي حرر بيانات على صلب السند وتاريخه على غير الحقيقة أي أن المستأنف حصل على السند المطعون عليه الموقع على بياض متواطئاً في ذلك مع من أؤتمن عليه، ودون بيانات الصلب على غير الحقيقة وأنه يؤيد ذلك ما ثبت من أقوال شاهدي الإثبات من أن المستأنف رجل فقير لا مال له يمكنه من إقراض مورث المستأنف عليها مبلغ 700 ج لأنه يشتغل بالعمولة لحساب أحد أقاربه بالإسكندرية وأنه لا توجد معاملة بينه وبين مورث المستأنف عليها، وقد أيد ذلك شاهد النفي جابر علي كشك الذي شهد بأنه لا يعلم بوجود معاملة بين الطرفين" ومن ذلك يبين، أن التحقيق جرى حول الواقعة الصادر الحكم بتحقيقها وأن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود الذين اطمأنت إليهم، أن مورث المطعون ضدها وقع السند على بياض لصالح محمود كشك وأخيه وأن الطاعن تسلمه فملأ بياناته على خلاف الحقيقة مما يعد تزويراً منه، وإذ كان هذا الاستخلاص منها سائغاً ويتفق مع الثابت بأوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي في شقه الثالث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم الواقع في الدعوى كما أخطأ في الإسناد. وفي بيان ذلك، يقول الطاعن إن الحكم استدل على عدم إقراضه مورث المطعون عليها في 26/ 7/ 1961 مبلغ 700 ج بموجب السند المطعون عليه بالتزوير من أن الأخير سبق أن ضمنه في 13/ 7/ 1961 لدى بنك الإسكندرية في اقتراض مبلغ 150 ج بسند حرر للبنك وبأن الطاعن عجز في 30/ 11/ 1961 عن الوفاء بدين البنك فقام مورث المطعون عليها بسداده وحصل على سند المديونية من البنك، وأن هذا وذاك لا يسوغ معه القول بمقدرة الطاعن على إقراض المورث المذكور700 ج في 26/ 7/ 1961 في حين أن ضمانة مورث المطعون عليها للطاعن لا تعدو أن تكون إجراء شكلياً، لأن البنك على ما جرت به العادة لا يقرض مدينه إلا بإشراك ضامن معه كما أن تسلم مورث المطعون عليها سند الدين، لا يؤدي إلى القول بأنه هو الذي سدد قيمته بل أن الطاعن قد سدد الدين بنفسه، وبعد أن استرد السند سلمه لمورث المطعون عليها ليطمئن على السداد وعلى انتزاع توقيعه عليه، وقد جاءت تأشيرة البنك على ظهر السند بأن القيمة خصمت من الحساب الجاري مؤيدة لذلك. كما حصل على شهادة من بنك الإسكندرية، بهذا المعنى بعد صدور الحكم المطعون فيه، ويبين من ذلك كله أن الحكم قام على فهم وإسناد خاطئين واستخلاص غير سليم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد في هذا الخصوص أنه ليس من السائغ عقلاً ومنطقاً أن يضمن مورث المستأنف عليها المستأنف لدى بنك الإسكندرية في الوفاء بسند قيمته 150 ج في 13/ 7/ 1961، ثم يقرضه المستأنف مبلغ 700 ج في 26/ 7/ 1961 خصوصاً إذا لوحظ أن المستأنف قد عجز عن الوفاء بدين البنك في 3/ 11/ 1961 وقام مورث المستأنف عليها بسداد الدين وحصل على سند المديونية من البنك وقدمه بالحافظة رقم 8 دوسيه ابتدائي، أما قول المستأنف بأنه هو الذي سدد الدين لأنه خصم من حسابه، فمردود بأنه وإن كان يبين من تأشيرة البنك على قرار السند أن القيمة سددت من الحساب الجاري دون بيان اسم صاحب ذلك الحساب، إلا أنه لا جدال في أن وجود سند المديونية تحت يد الضامن، قاطع الدلالة على أن الوفاء بالدين تم من حسابه هو دون المدين، وهو استخلاص سائغ من الحكم، من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه والجدل فيه لا يعدو أن يكون جدلاً في أمور واقعية مما تستقل به محكمة الموضوع. أما المستند الذي قدمه الطاعن لأول مرة أمام هذه المحكمة للدلالة على أنه هو الذي أوفى الـ 150 ج للبنك كمدين خصماً من حسابه الجاري والمقول منه بأنه قد حصل عليه من البنك بعد صدور الحكم، فإن هذا المستند لا يعدو أن يكون دليلاً جديداً لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع ولا يجوز بالتالي التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في القول بعدم إقراض الطاعن مورث المطعون عليها مبلغ 700 ج إلى ما قرره أحد شهود الإثبات من أن الطاعن رجل فقير لا مال له، وأنه يشتغل بالعمولة لحساب أحد أقاربه بالإسكندرية وأنه لا توجد معاملة بينه وبين مورث المطعون عليها، وما كان للحكم أن يستخلص عدم مقدرة الطاعن مادياً من أقوال شاهد رغم ثبوت أن الطاعن يعمل في تجارة القطن ويعامل بنك الإسكندرية. وما كان للحكم أن يعتد بما قرره الشاهد المذكور من أنه لا توجد معاملة بين الطاعن ومورث المطعون عليها، في الوقت الذي أثبت فيه الحكم أن الأخير كان ضامناً للطاعن لدى بنك الإسكندرية في سند قيمته 150 ج وأنه سدد القيمة كضامن. هذا إلى أن الثابت من التحقيقات أن جميع عناصر الواقعة التي اخترعها مورث المطعون عليها، ليصورها على أنها تزوير مستنداً في ذلك إلى أنه كان قد وقع السند على بياض لحساب شخصين فسلماه لآخر هو الطاعن فملأه على خلاف الحقيقة، هذه الواقعة عجز مورث المطعون عليها عن إثبات عناصرها، مما كان يقتضي رفض الادعاء بالتزوير لأن المكلف بالإثبات عجز عنه قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز الجدل فيه أمام هذه المحكمة.


(1) الطعن رقم 150 لسنة 33 ق - جلسة 16/ 6/ 1966 - مجموعة المكتب الفني س 17 - ع 3 ص 1399.
(2) الطعن رقم 227 لسنة 33 ق - جلسة 16/ 3/ 1967 - مجموعة المكتب الفني س 18 - ع 2 ص 665.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق