الصفحات

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 42 لسنة 31 ق جلسة 11 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 163 ص 1048

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

--------------

(163)
الطعن رقم 42 لسنة 31 القضائية

عقد. "عقود إدارية". "معيار التمييز بين العقد الإداري والعقد المدني".
الفيصل في التمييز بين العقد الإداري والعقد المدني ليس بتسميته أو عدم تسميته في القانون المدني. في العقد الإداري يجب توافر شروط ثلاثة: أن يكون أحد أطرافه من أشخاص القانون العام - وأن يكون العقد متصلاً بمرفق عام - وأن يتضمن شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص: من ذلك تخويل الشخص العام سلطة توقيع غرامة على تأخير الطرف الآخر في تنفيذ التزامه، وسلطة التنفيذ المباشر دون أي إجراء، وحق الشخص العام في استيفاء ما يستحقه من غرامة أو زيادة في التكاليف الناتجة من القيام بالتنفيذ المباشر ومن مصاريف إدارية عن طريق خصمه مباشرة مما يكون مستحقاً للطرف الآخر. مثال.

--------------
متى كان العقد المبرم بين جامعة عين شمس وبين المطعون ضده بشأن إقامة خيام للجان الامتحان وتوريد مقاعد لها - قد تضمن تخويل الجامعة سلطة توقيع الغرامة على المطعون ضده عند تأخيره في تنفيذ التزامه وسلطة التنفيذ المباشر وذلك بغير حاجة إلى تكليف رسمي أو اتخاذ أي إجراء آخر وتخويلها أيضاً الحق في استيفاء ما يستحق لها من غرامة ومن زيادة في التكاليف الناتجة عن قيامها بالتنفيذ المباشر ومن مصاريف إدارية عن طريق خصمه مباشرة من أي مبلغ مستحق للمطعون ضده لديها أو لدى أية مصلحة أخرى ثم حرمان الأخير من الحق في الاعتراض على تقدير الجامعة لما تستحقه من ذلك كله - فإن هذه الامتيازات التي يمنحها العقد للجامعة امتيازات غريبة على القانون الخاص وتخرج عن المألوف فيه وتكشف عن نية المتعاقدين في اختيار وسائل القانون العام، وإذ كانت الجامعة وهي من أشخاص القانون العام طرفاً في العقد، وكان العقد متصلاً بمرفق عام ويحقق غرضاً من أغراضه فإن هذا العقد يعتبر لذلك عقداً إدارياً. ولا يقدح في ذلك ما استند إليه الحكم المطعون فيه في اعتبار العقد مدنياً من أنه عقد إجارة مسمى في القانون المدني وله أحكامه الخاصة في هذا القانون ذلك أن الفيصل في التمييز بين العقد الإداري والعقد المدني ليس بتسميته أو عدم تسميته في القانون المدني بل باستيفائه أو عدم استيفائه للشروط الثلاثة المتقدمة الذكر. وهي أن يكون أحد أطراف العقد من أشخاص القانون العام وأن يكون العقد متصلاً بمرفق عام وأن يتضمن شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار نائب رئيس المحكمة المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 1327 سنة 1959 كلي القاهرة طلب فيها إلزامها بأن تدفع له مبلغ 385 ج - وقال في بيان دعواه إن جامعة عين شمس (الطاعنة) أعلنت بمناسبة عقد امتحان الفصل الدراسي الثاني بكلياتها لعام 1958 عن ممارسة لإقامة الخيام وتوريد المقاعد اللازمة للجان هذا الامتحان في المدة من 24 حتى 30 مايو سنة 1958 وأنه في 10 من الشهر المذكور أخطرته الجامعة بقبول عطائه وفقاً للشروط والمواصفات الموقع عليها منه فقام بدفع التأمين المطلوب وقدره خمسة وثلاثون جنيهاً بواقع عشرة في المائة من قيمة العطاء وأقام الخيمة المطلوبة وقام بتسليمها إلى اللجنة المختصة بمحضر تسليم في 22 من مايو سنة 1958 - وفي 27 من هذا الشهر شب حريق نتيجة إهمال وقع من موظفي وعمال كلية الآداب امتد إلى أخشاب الخيمة وقماشها والتهمها بأكملها ومضى المطعون ضده قائلاً إنه لما كان يستحق طبقاً للعقد المبرم بينه وبين الجامعة أجرة هذه الخيمة وقدرها 350 جنيهاً واسترداد التأمين المدفوع منه ومقداره 35 جنيهاً فقد رفع هذه الدعوى مطالباً بمجموع هذين المبلغين - دفعت الجامعة الطاعنة بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى تأسيساً على أن العقد المبرم بينها وبين المطعون ضده هو عقد إداري ومن ثم يختص القضاء الإداري دون غيره بنظر النزاع القائم في شأنه وذلك عملاً بالمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 - وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1960 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض هذا الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 385 جنيهاً والمصاريف. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1077 سنة 77 ق وتمسكت بالدفع السابق ناعية على الحكم الابتدائي خطأه في اعتبار العقد مدنياً - وبتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاص المحاكم بنظر الدعوى وبخروجها عن ولاية القضاء الإداري (ثانياً) بإلزام المستأنف بصفته (الطاعنة) بأن يدفع للمستأنف عليه (المطعون ضده) مبلغ 180 ج و480 م قيمة أجرة الخيمة عن الأيام 24 و25 و26 من مايو سنة 1958 السابقة على الحريق مع التأمين المدفوع من المستأنف ضده. (ثالثاً) بوقف الدعوى عن أجرة الخيمة في الأيام من 27 حتى 30 من مايو سنة 1958 حتى يفصل نهائياً في موضوع الدعوى رقم 3725 سنة 1958 مدني كلي القاهرة - المرفوعة من المطعون ضده بطلب تعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب الحريق والدعوى رقم 958 سنة 18 ق قضاء إداري - المرفوعة من الجامعة بطلب تعويضها عما حرق من منقولاتها التي كانت بداخل الخيمة - طعنت الجامعة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن ولما عرض على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 6 يونيه سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى من رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى ذلك أنه أسس قضاءه برفض هذا الدفع على ما قاله من أن العقد المبرم بين الطرفين لا يتضمن شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص وإنما الشروط التي يحتويها من جنس الشروط التي توجد عادة في عقود ذلك القانون ومن ثم يعتبر عقداً مدنياً خاصة وأنه عقد إجارة مسمى في القانون المدني - وله نظام معروف وترى الطاعنة أن هذا الذي ذهب إليه الحكم وأقام عليه قضاءه برفض الدفع خطأ في القانون ذلك أن العقد المبرم بينها وبين المطعون ضده يحوي عديداً من الشروط الاستثنائية غير المألوفة في عقود القانون الخاص ففي بنوده ما يخولها الحق في مصادرة التأمين المؤقت المدفوع إذا لم يدفع التأمين النهائي في ميعاده والحق في تعديل الكميات التي يوردها المتعهد بالزيادة أو النقص دون جواز الرجوع عليها بالتعويض كما يخولها العقد الحق في توقيع غرامة على المطعون ضده وفي التنفيذ المباشر إذا أخل بالتزامه وفي خصم ما تقدره من غرامة وتكاليف تنشأ عن التنفيذ المباشر من أي مبلغ يستحقه لدى الجامعة أو أية مصلحة أخرى دون أن يكون له الحق في الاعتراض على المبالغ التي تطالبه بها وإلى جانب ذلك كله فقد أحال البند الرابع عشر من العقد إلى كافة الشروط الواردة في لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء وهذه اللائحة زاخرة بالشروط الاستثنائية التي تنم عن مظاهر السلطة العامة وأنه إذ كان العقد محل النزاع قد تضمن هذه الشروط غير المألوفة في القانون الخاص وكانت الجامعة وهي أحد أشخاص القانون العام طرفاً فيه وأبرم العقد في شأن يتصل بتسيير مرفق عام لأن أداء الامتحان لطلبة الجامعة جزء رئيسي من رسالتها التعليمية فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا العقد مدنياً وقضى على هذا الأساس باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى يكون قد أخطأ في القانون وخالف المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن الإجارة عقد مسمى في القانون المدني ذلك أن العقد لا يعتبر مدنياً أو إدارياً بحسب تسميته بل تبعاً لما يحتويه من شروط تدل على طبيعته المدنية أو الإدارية وتعلقه أو عدم تعلقه بمرفق عام.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحاكم فإن محكمة الدرجة الأولى قد أصابت وجه الحق في رفضه ذلك أن العقد المبرم بين طرفي الخصومة هو عقد إجارة يخضع لأحكام القانون الخاص وفقاً لقضاء مجلس الدولة الفرنسي والفقه في القانون الإداري في مصر، فالأصل في هذه العقود إذا كانت الإدارة هي المستأجرة - حتى ولو تعلقت بتسيير مرفق عام، أنها تعتبر من عقود القانون الخاص ما لم تتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة، والعقد موضوع الدعوى لا يتضمن شروطاً غير مألوف في القانون الخاص وإنما الشروط التي يحتوي عليها من جنس الشروط التي توجد عادة في عقود القانون الخاص ومن ثم يعتبر ذلك العقد مدنياً وخاصة أنه عقد إجارة مسمى في القانون الخاص وله نظام معروف" ولما كان يبين من مطالعة العقد المبرم بين الطرفين والذي سبق عرضه على محكمة الموضوع أنه نص في البند العاشر منه على ما يأتي "إذا تأخر المتعهد عن إقامة الخيام كلها أو بعضها أو عن إتمامها حسب الشروط والمواصفات في الميعاد المحدد فللجامعة الحق في إقامة أو تكملة ما تأخر فيه المتعهد بأي قيمة كانت على نفقته بالطريقة التي تراها بغير حاجة إلى تكليف رسمي أو اتخاذ إجراءات قانونية، كما توقع عليه غرامة نظير التأخير بواقع عشرة جنيهات يومياً وما ينتج من زيادة في الإيجار والتكاليف مضافاً إليه 10% مصاريف إدارية وما يستحق من غرامة يصير خصمه من التأمين المودع منه عن هذا العقد أو من أي مبلغ آخر مستحق له لدى الجامعة أو أي مصلحة أخرى ولا يكون للمتعهد الحق في الاعتراض على المبلغ الذي تطالبه به الجامعة". ونص في البند الرابع عشر من العقد على ما يأتي "تراعى كافة الشروط والبنود الواردة في لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء" وكان ما تضمنه البند العاشر المشار إليه من تخويل الجامعة سلطة توقيع الغرامة عند التأخير في تنفيذ الالتزام وسلطة التنفيذ المباشر بالطريقة التي تراها وذلك بغير حاجة إلى تكليف رسمي أو اتخاذ أي إجراء آخر وتخويلها أيضاً الحق في استيفاء ما يستحق لها من غرامة ومن زيادة في التكاليف الناتجة عن قيامها بالتنفيذ المباشر ومن مصاريف إدارية عن طريق خصمه مباشرة من أي مبلغ مستحق للمطعون ضده لديها أو لدى أية مصلحة أخرى ثم حرمان الأخير من الحق في الاعتراض على تقدير الجامعة لما تستحقه من ذلك كله - ما تضمنه هذا البند من منح هذه الامتيازات للجامعة وهي امتيازات غريبة على القانون الخاص - وما تضمنه من حرمان الأخير من بعض الحقوق التي يخولها له ذلك القانون - كل ذلك يخرج هذا الشرط عن المألوف في القانون الخاص ويكشف عن نية المتعاقدين في اختيار وسائل القانون العام لما كان ذلك، وكانت الجامعة وهي من أشخاص القانون العام طرفاً في العقد وكان هذا العقد متصلاً بمرفق عام ويحقق غرضاً من أغراضه فإنه يكون عقداً إدارياً - وإذ كانت المادة العاشرة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة تقضي باختصاص القضاء الإداري دون غيره في المنازعات الخاصة بأي عقد إداري فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر هذه الدعوى واعتبر تلك المحاكم مختصة قد خالف القانون بما يستوجب نقضه ولا يقدح في ذلك ما استند إليه هذا الحكم في اعتبار العقد مدنياً من أنه عقد إجارة مسمى في القانون المدني وله أحكامه الخاصة في هذا القانون ذلك أن الفيصل في التمييز بين العقود الإدارية والعقود المدنية ليس بتسمية العقد وعدم تسميته في القانون المدني بل باستيفائه أو عدم استيفائه للشروط الثلاثة المتقدمة الذكر.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق