الصفحات

الثلاثاء، 28 مارس 2023

الطعن 409 لسنة 30 ق جلسة 24 / 6 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 128 ص 808

جلسة 24 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(128)
الطعن رقم 409 لسنة 30 القضائية

(أ) وارث. "حجية إقرارات المورث". إثبات. "أحوال الإثبات بالبينة" وصية.
حجية إقرارات المورث قبل الوارث. للوارث المضار بها إثبات أنها في حقيقتها وصية قصد بها الاحتيال على أحكام الإرث بكافة طرق الإثبات.
(ب) وصية. "القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني". إثبات. "القرائن القانونية".
شرطا قيام القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 مدني: احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها - واحتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين وذلك مدى حياته. لا يكفي انتفاع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون ذلك مستنداً إلى مركز قانوني يخوله حق الانتفاع.
(ج) وصية "ماهيتها".
الوصية تبرع أضيف التمليك فيه إلى ما بعد الموت. استناد الحكم في اعتبار العقد ساتراً لوصية على ما لا ينفي التنجيز عن العقد. قصور. مثال.

-----------------
1 - الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات وإذا كان القانون قد أعفى من يضار من الورثة بهذه الإقرارات من الدليل الكتابي في حالة ما إذا طعنوا فيها بأنها في حقيقتها وصية وأنه قصد بها الاحتيال على أحكام الإرث فليس معنى هذا أن مجرد طعنهم فيها يكفي لإهدار حجية هذه الإقرارات بل يجب لذلك أن يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات فإن هم عجزوا بقيت لهذه الإقرارات حجيتها عليهم.
2 - مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين الأول هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها والثاني احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته. ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً في هذا الانتفاع.
3 - يشترط لاعتبار العقد ساتراً لوصية أن يثبت اتجاه قصد المتصرف إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موته وإذ كان استناد الحكم في اعتبار العقد ساتراً لوصية على أن المشتري ابن البائع وأنه كان يقوم بمعاونة والده في زراعة الأرض حتى وفاته ولم يثبت اتخاذه أية إجراءات لشهر عقد البيع وليس من شأن ذلك أن يؤدي عقلاً إلى ما انتهى إليه من نفي التنجيز عن العقد واعتباره ساتراً لوصية فإن الحكم يكون قد شابه قصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون عليهم الدعوى رقم 240 سنة 1956 كلي الجيزة. وقال في صحيفتها إنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ في أول فبراير سنة 1954 اشترى من والده المرحوم "علي علي أبو طالب" مورث الطرفين 23 ط و5 س أطياناً زراعية مبينة بالعقد وبصحيفة تلك الدعوى لقاء ثمن مقبوض قدره 300 ج وأنه شرع في شهر هذا العقد أثناء حياة والده إذ تقدم إلى مصلحة الشهر العقاري بتاريخ 12/ 2/ 1955 بطلب موقع عليه منهما لاستخراج كشف تحديد عن الأطيان محل النزاع إلا أن البائع له قد عاجلته منيته قبل إتمام إجراءات الشهر - وإذ امتنع ورثته من بعده عن التوقيع على العقد النهائي فقد أقام الطاعن دعواه بطلب الحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد مع تسليم الأطيان المبيعة إليه - دفع المطعون عليهم الدعوى بأنهم لا يعلمون أن الختم الموقع به على العقد هو لمورثهم فوجهت إليهم المحكمة اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني فحلفوها ثم قضت بتاريخ 26/ 5/ 1957 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الإثبات القانونية أن مورث المطعون عليهم قد وقع بختمه على عقد البيع ولينفي المطعون عليهم ذلك بذات الطرق - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين دفع المطعون عليهم بصورية عقد البيع وأنه يخفي وصية وبجلسة 19/ 1/ 1958 أصدرت المحكمة حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أن العقد محل النزاع صوري صورية مطلقة (كذا) لم يدفع فيه ثمن وأنه يخفي وصية على أن يكون للطاعن النفي بذات الطرق - وقد سمعت المحكمة شهود المطعون عليهم ولم يحضر الطاعن شهوداً وقال إنه يكتفي بشهوده الذين سمعتهم المحكمة في تحقيق الدفع بالجهالة - وبتاريخ 25/ 5/ 1958 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى وأسست قضاءها على أن العقد صوري وأنه يخفي وصية ولم يدفع فيه ثمن - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1197 سنة 75 ق وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته - وبتاريخ 28/ 6/ 1960 حكمت المحكمة المذكورة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21/ 1/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن نقض الحكم نقضاً جزئياً لخطئه في تطبيق أحكام الوصية. وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة الابتدائية قضت برفض الدعوى تأسيساً على ما قالته في حكمها من أن العقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه صوري وأنه يستر وصية ولم يدفع فيه ثمن وكان سندها في ذلك أمرين الأول ما استخلصته من أقوال شهود المطعون عليهم من أن العقد يخفي وصية - والأمر الثاني أن الطاعن عجز عن إثبات قيامه بأداء الثمن وعن إثبات عدم صورية عقده وأضاف الحكم الابتدائي إلى ذلك أن الطاعن ابن للبائع وأنه كان يعاونه في زراعة الأرض حتى وفاته ولم يثبت أن المشتري اتخذ إجراءات شهر العقد حال حياة مورثه - وقد أخذت محكمة الاستئناف بأسباب الحكم الابتدائي المتقدمة الذكر وأضافت إليها أن العقد يعتبر ساتراً لوصية إعمالاً لحكم المادة 917 من التقنين المدني لأن أطيان النزاع لم تكن في حيازة الطاعن بل كانت في حيازة باقي إخوته بدليل أنه ضمن طلباته أمام المحكمة الابتدائية الحكم بتسليمها إليه - ويرى الطاعن أن أقوال شهود المطعون عليهم ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى ما استخلصه الحكم منها لأنها شهادة سلبية محضة اقتصرت على عدم العلم بصدور العقد من المورث دون نفي صدوره منه أو إثبات أنه يخفي وصية هذا إلى أنهم شهدوا بأن الطاعن هو الذي كان يقوم بزراعة أطيان النزاع كذلك فإن ما قرره الحكم من أن الطاعن ابن للبائع وأنه لم يتخذ إجراءات شهر عقده ليس من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من اعتبار هذا العقد مخفياً لوصية فضلاً عن أن الثابت في أوراق الدعوى أن الطاعن - خلافاً لما قرره الحكم - شرع في شهر عقده حال حياة مورثه أما استدلال الحكم على إخفاء العقد لوصية يعجز الطاعن عن إثبات أدائه الثمن وبعجزه عن إثبات عدم صورية العقد فإنه ينطوي على قلب لأوضاع الإثبات وبالتالي على مخالفة للقانون ذلك أنه وقد صدر التصرف المطعون عليه من مورث المطعون عليهم إلى الطاعن منجزاً كما يدل على ذلك ما ورد في العقد من نصوص خاصة بدفع الثمن ووضع يد المشتري على الأطيان المبيعة فإن الطاعن غير مكلف بعد ذلك بإثبات قيامه بدفع الثمن أو إثبات عدم صورية التصرف الصادر إليه بل إن المطعون عليهم يقع عليهم عبء إثبات ما ادعوه من أن العقد صوري وأنه يخفي وصية ويضيف الطاعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تطبيق القانون باتخاذها من طلب الطاعن بصحيفة دعواه الابتدائية الحكم له بتسلم أطيان النزاع قرينة على أن العقد يخفي وصية تطبيقاً لحكم المادة 917 مدني ذلك لأن هذه المادة لا تنطبق إلا باجتماع شرطين أولهما هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وثانيهما احتفاظه بحقه في الانتفاع بها ولم يتوافر أحد هذين الأمرين في التصرف الصادر إلى الطاعن.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطرفين وأورد مؤدى أقوال شهودهما انتهى إلى القول "ومن حيث إن المحكمة ترى أنه ثبت مما أجرته من تحقيقات أن العقد محل هذه الدعوى هو عقد صوري ويخفي وصية صادرة من المرحوم علي علي أبو طالب مورث طرفي الدعوى إلى المدعي "الطاعن" ولم يدفع فيه الثمن وذلك للأسباب الآتية (1) المدعي "الطاعن" ابن المورث وكان يقوم بمعاونة والده في زراعة الأرض حتى وفاته ولم يثبت اتخاذ المدعي أية إجراءات لشهر عقد البيع (2) لم يثبت المدعي "الطاعن" واقعة دفعه الثمن إلى البائع واستند إلى أقوال شهود شهدوا بأنهم علموا فقط بدفعه الثمن (3) تطمئن المحكمة إلى أقوال شهود المدعى عليهم بينما عجز المدعي عن تقديم شهود على عدم صورية العقد - ولما استأنف الطاعن هذا الحكم وتمسك في أسباب استئنافه بأن عقده عقد بيع منجز أقرت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي على ما انتهى إليه من اعتبار العقد ساتراً لوصية وقالت في حكمها المطعون فيه "وحيث إن الحكم المستأنف أصاب فيما قضى به من رفض الدعوى للأسباب التي أسس قضاءه عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة - ومن حيث إن المادة 917 من القانون المدني تنص على أنه إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك والمستأنف طلب في صحيفة دعواه الابتدائية الحكم له بتسليم الأرض موضوع النزاع مما يقطع بأنها لم تكن في حيازته بل في حيازة باقي إخوته وإلا لما طلب الحكم بإلزامهم بالتسليم مما يؤيد صحة ما قضى به الحكم المستأنف".
وحيث إن ما استند إليه الحكم في اعتبار العقد يستر وصية من أن الطاعن ابن للبائع وكان يقوم بمعاونة والده في زراعة الأرض حتى وفاته ولم يثبت اتخاذه أية إجراءات لشهر عقد البيع ذلك ليس من شأنه أن يؤدي عقلاً إلى ما انتهى إليه الحكم من نفي التنجيز عن العقد واعتباره ساتراً لوصية هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن الطاعن لم يتخذ أية إجراءات لشهر عقده يخالف ما كان ثابتاً أمام محكمة الموضوع من أنه تقدم للشهر العقاري بطلب موقع عليه منه ومن والده بتاريخ 12 من فبراير سنة 1955 أما عن أقوال شهود المطعون عليهم التي استند إليها الحكم وقال إنه يطمئن إليها فإنه لما كان يبين من مراجعة هذه الأقوال في محضر التحقيق المقدمة صورته بملف الطعن أنها جاءت سلبية محضة واقتصرت على عدم علمهم بصدور العقد من المورث مع أن صدوره منه أصبح أمراً غير منقوض من المطعون عليهم بعد أن تنازلوا عن الطعن في العقد بالجهالة وقصروا طعنهم فيه على أنه يخفي وصية وكان يشترط لاعتبار العقد المطعون فيه ساتراً لوصية أن يثبت اتجاه قصد المتصرف إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موته وهو ما لم تتناوله مطلقاً شهادة شهود المطعون عليهم فإن استنتاج الحكم من أقوال هؤلاء الشهود أن العقد المطعون فيه يستر وصية هو نوع من الاستحالة العقلية كذلك فإن استدلال الحكم على أن العقد يستر وصية بعجز الطاعن عن إثبات واقعة دفعه الثمن إلى البائع وإثبات عدم صورية العقد الصادر إليه - هذا الاستدلال ينطوي على مخالفة لقواعد الإثبات وذلك بنقل عبئه على عاتق المتصرف إليه مع أن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها وإذا كان القانون قد أعفى من يضار من الورثة بهذه الإقرارات من الدليل الكتابي في حالة ما إذا طعنوا فيها بأنها في حقيقتها وصية وأنه قصد بها الاحتيال على أحكام الإرث فليس معنى هذا أن مجرد طعنهم فيها يكفي لإهدار حجية هذه الإقرارات بل يجب لذلك أن يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات فإذا ما عجزوا بقيت لهذه الإقرارات حجيتها عليهم - وإذ كان المطعون عليهم لم يثبتوا أن العقد يخفي وصية على خلاف ما ورد فيه من نصوص خاصة بدفع الثمن ووضع يد المشتري على الأطيان المبيعة فإن هذا العقد يبقى حجة عليهم بما تضمنه من نصوص دالة على التنجيز ولا يتطلب من الطاعن أن يثبت دفعه الثمن أو عدم صورية هذا العقد إذ هو غير مكلف إلا بنفي ما يثبته خصومه - كذلك فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه أخطأ في تطبيق المادة 917 من التقنين المدني على واقعة النزاع - فإنه نعي صحيح ذلك أن المادة المذكورة تنص على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك". ومفاد هذا النص أن القرينة القانونية المنصوص عليها في هذه المادة لا تقوم إلا باجتماع شرطين الأول هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها والثاني احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى حياته - ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً في هذا الانتفاع - ولما كان كل ما سجله الحكم المطعون فيه في أسبابه وهو بصدد التحدث عن هذه القرينة - أن الأطيان المتصرف فيها ظلت في حيازة المطعون عليهم بعد وفاة والدهم المتصرف دون أن يثبت الحكم أن المورث احتفظ بحيازة العين المتصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته فإن الحكم يكون مخطئاً في استناده إلى هذه المادة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بمخالفة القانون والقصور بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق