الصفحات

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 38 لسنة 31 ق جلسة 16 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 أحوال شخصية ق 168 ص 1157

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمود عباس الغمراوي، وأمين أحمد فتح الله.

-------------

(168)
الطعن رقم 38 لسنة 31 "أحوال شخصية"

دعوى. "عدم سماع الدعوى". أحوال شخصية.
النص في المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على منع سماع الدعوى بمضي خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها. مناط العذر الشرعي كونه مشروعاً ومانعاً للمدعي من رفع الدعوى. ترك أمر تقدير قوته وكونه مانعاً أو غير مانع لفطنة القاضي. مثال.

-----------------
بالرجوع إلى أقوال الفقهاء في خصوص الدفع بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها مع التمكن وعدم العذر - وهو ما نصت عليه المادة 375 من اللائحة الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 - يبين أنهم لم يوردوا الأعذار الشرعية على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال وجعلوا المدار فيها أن تكون مشروعة ومانعة للمدعي من رفع الدعوى وتركوا الأمر في تقدير قوتها وكونها مانعة أو غير مانعة لفطنة القاضي. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعنة على أن ما تدعيه من جهل باستحقاقها في الوقف ومرضها وفقرها لا يعد عذراً شرعياً فإنه لا يكون قد خالف القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة نعيمة محمد شلبي أقامت الدعوى رقم 642 سنة 1957 كلي أحوال شخصية القاهرة ضد وزارة الأوقاف والسيدة نفيسة عبد الله مظهر طلبت فيها الحكم باستحقاقها لحصة قدرها جزء من اثنين وثلاثين جزء في وقف شيخ الحرمين الأمير بشير أغا دار السعادة الصادر به الإشهاد المؤرخ في 8 من رمضان سنة 1142 هـ وقالت شرحاً لدعواها أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ومن بعده على أتباعه وعتقائه ذكوراً وإناثاً بيضاً وسوداً بالتسوية بينهم ينتفعون به مدة حياتهم ثم من بعد كل منهم على أولاده وأولاد أولاده وذريته ونسله طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل، الطبقة العليا تحجب السفلى بحيث يحجب كل أصل فرعه دون غيره...، وقد انحصر الاستحقاق أخيراً في ذرية بعض العتقاء وفي ذرية أحد الاتباع وهو الأمير حسن أغا الذي توفى عن ابنه عبد الرحمن الذي توفى عن ابنه سليمان وقد نوفى هذا الأخير عن أولاده الستة محجوب وأسيا ونفيسة وأمين وشوقي ويوسف وصفية ثم توفيت أسيا ويوسف عقيمين فآل استحقاق التابع وهو نصف ريع الوقف لأولاده الأربعة الباقين ومنهم نفيسة ويخصها فيه الثمن وقد توفيت هذه الأخيرة عن ولديها محمد شلبي وأحمد شلبي وخص كل منهما النصف في نصيبها ثم توفى محمد شلبي عن المدعية وأختها إحسان فخص كل منهما 1/ 22 من ريع الوقف، وإذ طالبت المدعية وزارة الأوقاف بوصفها حارسة على الوقف تنفيذاً لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952 بأداء استحقاقها وامتنعت فقد انتهت إلى طلب الحكم لها به. وردت وزارة الأوقاف بأنها لا تعرف ما إذا كانت المدعية مستحقة في الوقف أم غير مستحقة فيه، أما السيدة نفيسة عبد الله مظهر فقد دفعت بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها ولانحصار الاستحقاق في غير المدعية، وبعد أن تدخل في الدعوى وأدخل فيها باقي المستحقين قضت المحكمة في 29/ 5/ 1957 حضورياً برفض الدفعين وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بسائر وجوه الإثبات وفاة الواقف واستحقاق تابعه الأمير حسن أغا عبد الله لنصف ريع الوقف واستحقاق المدعية لما مقداره 1/ 32 من هذا الريع. واستأنف المدعى عليهم عدا وزارة الأوقاف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم سماع الدعوى وقيد استئنافهم برقم 129 سنة 77 قضائية....... وبتاريخ 27/ 4/ 1961 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم سماع دعوى المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الثانية) مع إلزامها المصروفات عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب التي ضمنتها تقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها الثانية رفض الطعن، ولم تحضر المطعون عليها الأولى ولم تبد دفاعاً وصممت النيابة على ما أبدته في مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل: أولهما - في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ استبعد الجهالة والفقر والمرض أن تكون أعذار شرعية تمنع من عدم سماع الدعوى - وذلك لما قرره دون مناقشة وتمحيص من أن ادعاء الجهالة أمر ميسور لمن أراد أن يطلقه بغير دليل فلا ينهض عذراً شرعياً في عدم رفع الدعوى وهو مخالفة للراجح من مذهب أبي حنيفة ومؤداه أن شرط الواقف مما يخفى، ولما ذهب إليه من أن الفقر ليس بعذر لأنه كان في مقدور الطاعنة أن تتقدم بدعواها عن طريق المساعدة القضائية قبل انقضاء المدة المانعة من سماعها، وفاته أن مصاريف التقاضي الرسمية ليست وحدها هي كل مصروفات التداعي بل إن هناك مصروفات أخرى لاستخراج الإعلامات الشرعية وحجج الوقف وغيرها، وأن سلوك سبيل الإعفاء من الرسوم أمر اختياري لا محل لإجبار الطاعنة على اتخاذه، وبالنسبة لمرض الطاعنة فقد حجب نفسه عن بحثه وكان يتعين عليه أن يبحثه لأن الأعذار الشرعية المانعة من رفع الدعوى لم ترد في المادة 375 من اللائحة الشرعية على سبيل الحصر وإنما جاءت على سبيل المثال. ويتحصل: ثانيهما - في أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من دفاع مؤداه أن الأعذار الشرعية المانعة من اتجاه الدفع بعدم السماع قائمة لديها وما رد به الحكم من أسباب في هذا الخصوص جاء قاصراً ومتخاذلاً يضاف إلى ذلك أنه لم يناقش ما عول عليه الحكم الابتدائي من أسانيد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى أقوال الفقهاء في خصوص الدفع بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها من التمكن وعدم العذر وهو ما نصت عليه المادة 375 من اللائحة الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 بقولها "القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي مضي عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها وهذا كله مع إنكار الحق في تلك المدة" - يبين أنهم لم يوردوا الأعذار الشرعية على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال وجعلوا المدار فيها أن تكون مشروعة ومانعة للمدعي من رفع الدعوى وتركوا الأمر في تقدير قوتها وكونها مانعة لفطنة القاضي - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعنة على "... أن ما تدعيه المستأنف عليها من جهلها بأمر استحقاقها في هذا الوقف مردود بأن إبداء الجهل قول ميسور لكل من يريد أن يطلقه مرسلاً بغير دليل قلا ينهض عذراً شرعياً للتواني عن رفع الدعوى وإلا فإنه كاف لتعطيل حكم المادة 375 من اللائحة الشرعية - أما مرض المستأنف عليها فإنه كذلك غير دافع لها في القعود عن رفع الدعوى طيلة المدة المنعة من سماعها شأنه في ذلك شأن الفقر الذي تقول بأنه حال دون استطاعتها أن ترفع الدعوى ذلك لأنه كان في مقدورها شأن أي فقير أن تتقدم بدعواها عن طريق لجنة المساعدة القضائية في كل محكمة فهي التي تقرر الإعفاء من الرسوم...." وهي تقريرات سائغة وفيها الرد الكافي على دفاع الطاعنة، إذ كان ذلك، فإنه لا يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه أو انطوى على قصور يعيبه، ويتعين لما تقدم رفض الطعن.


(1) راجع نقض 2/ 5/ 1962 الطعن رقم 32 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 559.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق