الصفحات

الخميس، 16 مارس 2023

الطعن 370 لسنة 29 ق جلسة 14 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 109 ص 691

جلسة 14 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

--------------

(109)
الطعن رقم 370 لسنة 29 القضائية

(أ) استئناف. "رفع الاستئناف". "صحيفة الاستئناف". "بياناتها". بطلان.
البيان الخاص بتاريخ تقديم عريضة الاستئناف ورقم قيده بجدول المحكمة ليس من البيانات الواجب ذكرها في ورقة إعلان الاستئناف. إغفال هذا البيان والخطأ فيه لا يترتب عليه بطلان الاستئناف.
(ب) عقد. "فسخ العقد". "الإعذار". نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
الإعذار شرع لمصلحة المدين. عدم تمسكه بأن الدائن لم يعذره بفسخ العقد أمام محكمة الاستئناف. لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
(جـ) بنوك. اعتماد مصرفي. "خطاب الضمان". التزام. "الإعذار".
التزام البنك بخطاب الضمان بصفته أصيلاً قبل المستفيد لا بوصفه نائباً عن عميله. قيام البنك يصرف مبلغ الضمان للمستفيد، ليس للعميل أن يتحدى بوجوب إعذاره قبل صرف مبلغ التعويض المبين في خطاب الضمان.

---------------
1 - مفاد المادة 405 مرافعات أن البيان الخاص بتاريخ تقديم عريضة الاستئناف ورقم قيده بجدول المحكمة ليس من البيانات التي أوجب المشرع ذكرها في ورقة إعلان الاستئناف ومن ثم يترتب على إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه بطلان الاستئناف.
2 - الإعذار قد شرع لمصلحة المدين وله أن يتنازل عنه، فإذا لم يتمسك المدين أمام محكمة الاستئناف بأن الدائن لم يعذره قبل رفع الدعوى بفسخ العقد فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - البنك في التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قبل المستفيد لا بوصف كونه نائباً عن عمليه. فإذا قام البنك بصرف مبلغ الضمان للمستفيد فإنه ليس للعميل أن يتحدى بوجوب إعذاره هو قبل صرف مبلغ التعويض المبين في خطاب الضمان (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 22 إبريل سنة 1950 تقدم وكيل الطاعن ببلاغ إلى نيابة الشئون المالية والاقتصادية ذكر فيه أن الطاعن - وهو تاجر مصري يقيم ببلجيكا - قدم إلى القاهرة في شهر يناير سنة 1950 وأبرم عقد بيع مع المطعون ضده في صورة خطاب مؤرخ في 25 يناير سنة 1950 تعهد فيه هذا الأخير أن يصدر للطاعن ألف طن من الأرز إلى بلجيكا مقابل ثمن قدره 5250 فرنكاً بلجيكاً للطن الواحد، ووافق الطرفان فيما يتعلق بالجانب المصرفي للعملية أن يفتح الطاعن للمطعون ضده على البنك العربي الأهلي بالقاهرة اعتمادين بقيمة الصفقة وهو 5.250.000 فرنك بلجيكي: الاعتماد الأول بمبلغ 4.235.000 فرنك في نظير المستندات الجمركية وبوالص الشحن والتفريغ والاعتماد الثاني بمبلغ 1.015.000 فرنك يستحق الدفع للبائع بغير أن تكون مؤيدة أو مغطاة بمستندات جمركية، وأن يفتح هذان الاعتمادان في موعد لا يتجاوز 7 فبراير سنة1950 على أن يتم الشحن في خلال 90 يوماً من تاريخ فتح الاعتمادين وأن يحرر المشتري "الطاعن" خطاب ضمان بمبلغ ألفي جنيه على بنك مصر بالقاهرة على أن يبقى هذا الخطاب تحت يد البائع حتى 8/ 4/ 1950 ويرده بمجرد استعمال الحسابات الجارية وذلك ضماناً لتنفيذ الصفقة ثم رحل الطاعن إلى بلجيكا وقدم العقد إلى بنك ريجبونال وطلب إليه فتح الاعتمادين المذكورين إلا أن البنك رفض ذلك تأسيساً على أن الشرط المصرفي الذي ضمنه البائع ذلك العقد غير قانوني لأنه يرمي إلى تمكينه من التلاعب بالعملة الصعبة في السوق السوداء دون الخضوع لرقابة الحكومة المصرية فضلاً عن أنه لا يسوغ فتح اعتمادين مستقلين لمقابلة صفقة واحدة فيخصص أحدهما لتغطية المستندات الجمركية الخاصة بتصدير واستيراد الأرز ويخصص الاعتماد الثاني للبائع مباشرة يتصرف فيه كيفما شاء فأبرق للمطعون ضده في 3/ 2/ 1950 بما اعترضه من صعاب في سبيل فتح اعتمادين لعملية واحدة وأردف ذلك بخطاب في نفس اليوم بهذا المعنى ورغم ذلك فقد لجأ المطعون ضده دون إنذار أو إخطار إلى بنك مصر وتمكن من صرف مبلغ الضمان بغير وجه حق برغم أن تنفيذ الاتفاق بفتح الاعتمادين لم يتم قبل 7 فبراير سنة 1950 وانتهى الشاكي في بلاغه إلى أن هذه الوقائع تنطوي على مخالفة للقانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد. وقد تولت النيابة تحقيق هذا البلاغ واستجوبت المطعون ضده الذي أجمل دفاعه في أن الاتفاق على فتح اعتمادين عن صفقة واحدة لا مخالفة فيه للقانون فضلاً عن ذلك فإنه كان قد أرسل للطاعن برقية في 3 فبراير سنة 1950 بالموافقة على فتح اعتماد دائري واحد بجميع الثمن إلا أن الطاعن لجأ إلى التحلل من الصفقة إزاء ما تبينه من أن السعر المتفق عليه لا يتناسب مع الأسعار في السوق البلجيكية وبعد أن تم التحقيق اتهمت النيابة المطعون ضده بمخالفته أحكام القانون رقم 80 سنة 1950 بتنظيم الرقابة على النقد لأنه لم يقم بتنفيذ أوامر وزارة المالية الخاصة بتصدير بضائع للخارج ورفعت ضده الدعوى الجنائية رقم 4508 سنة 1950 أمام محكمة جنح عابدين وأقام الطاعن نفسه مدعياً بحقوق مدينة ضد المطعون ضده طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له تعويضاً قدره 8323 ج على التفضيل الآتي: 2000 ج قيمة الضمان المالي الذي صرفه من بنك مصر في 8 فبراير سنة 1950، 23 ج مصاريف صرف هذا الضمان، 4000 ج قيمة الخسارة التي أصابت الطاعن بسبب تفويت الصفقة عليه و300 ج مصاريف انتقال و2000 ج عن الأضرار الأدبية التي لحقته، وبتاريخ 2/ 12/ 1953 قضت محكمة جنح عابدين ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة القاهرة التجارية ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة وجه المطعون ضده بصفته الشخصية وبصفته مدير اتحاد المصدرين إلى الطاعن دعوى فرعية أورد في صحيفتها أن الطاعن حاول بشتى الطرق التنصل من الوفاء بالتزاماته التي نص عليها عقد 25/ 1/ 1950 فلما أعيته الحيل أتهمه ببلاغ كيدي كاذب نسب إليه فيه تهمة تهريب النقد إلى الخارج وترتب على ذلك أن قدم للمحاكمة الجنائية وقضى ببراءته، وقد لحقته من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية وطلب تعويضه عنها مبلغ 18000 ج على التفصيل الآتي: 8000 ج ما فات عليه من ربح في الصفقة التي نكل عنها الطاعن، 10000 ج تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية يستنزل منه مبلغ 2000 ج قبضها نفاذاً لخطاب الضمان فيكون الباقي 16000 ج وهو ما طلب الحكم به مع رفض الدعوى الأصلية وبتاريخ أول نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعويين الأصلية والفرعية فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 508 سنة 73 ق القاهرة وحدد لنظره جلسة 27 يونيه سنة 1957 وفيها دفع الطاعن ببطلان الاستئناف لعدم مطابقة صورة الصحيفة المعلنة إليه لأصلها وبتاريخ 10 ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة برفض هذا الدفع وحددت لنظر الموضوع جلسة 17 ديسمبر سنة 1957 وفيها رفع الطاعن استئنافاً مقابلاً قيد برقم 492 سنة 74 ق طلب فيه إلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته الأصلية، وبتاريخ 24 فبراير سنة 1959 حكمت المحكمة: أولاً - في استئناف المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 500 ج على سبيل التعويض، ثانياً - في استئناف الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم الصادر في 10 ديسمبر سنة 1957 بطريق النقض بتقرير في 25 مايو سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على طلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وحدد لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 12/ 3/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه الأول الصادر في 10 ديسمبر سنة 1957 بمخالفة القانون وفساد الاستدلال ذلك أن الطاعن دفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم مطابقة البيانات الواردة في أصل الإعلان للبيانات الواردة في الصورة المترجمة التي أعلنت إليه في محل إقامته ببلجيكا إذ أن الثابت في أصل الصحيفة أن الاستئناف المرفوع من المطعون ضده مقيد برقم 508 سنة 73 ق بينما ذكر في الصورة أن الاستئناف مقيد برقم 145 سنة 73 ق وهو استئناف سابق كان قد رفعه المطعون ضده الأول عن نفس الحكم وقضى ببطلانه كما شمل الاختلاف تاريخ تحرير صحيفة الاستئناف فقد ثبت في أصلها أنه 23 أكتوبر سنة 1956 بينما ذكر في الصورة أنه 14 يناير سنة 1956 وقد حكمت المحكمة برفض هذا الدفع تأسيساً على أن حضور الطاعن في جلسة المرافعة يزيل البطلان طبقاً للمادة 140 مرافعات في حين أن هذا البطلان مرده إلى عيب من العيوب الجوهرية التي لا يصححها الحضور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 405 مرافعات تنص على أن "يرفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره موقعة من محام مقبول للمرافعة أمامها وتشمل عدا البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المستأنف وتاريخه والأسباب التي بني عليها الاستئناف وطلبات المستأنف" وتنص الفقرة الأخيرة منها على أنه إذا لم يحصل الاستئناف على الوجه المتقدم كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، ومفاد ذلك أن البيان الخاص بتاريخ تقديم عريضة الاستئناف ورقم قيده بجدول المحكمة ليس من البيانات التي أوجب المشرع ذكرها في ورقة إعلان الاستئناف ومن ثم فلا يترتب على إغفال هذا البيان أو الخطأ فيه بطلان الاستئناف، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السببين الثاني والثالث يتحصلان في النعي على الحكم الثاني المطعون فيه الصادر بتاريخ 24 فبراير سنة 1959 بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال، ذلك أنه نص في عقد الاتفاق المؤرخ 25 يناير سنة 1950 على أن يفتح الطاعن اعتمادين مستقلين في بلجيكا بثمن الصفقة وقد قدم الطاعن لمحكمة الاستئناف شهادة من بنك الريجبونال وشهادة أخرى من إدارة النقد البلجيكية تقطعان في أنهما ترفضان فتح اعتمادين عن صفقة واحدة إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل بحث دلالة هذه الأوراق وقصر بحثه على مشروعية الاتفاق من ناحية القانون المصري، مستنداً في ذلك إلى الحكم الجنائي القاضي ببراءة المطعون ضده في حين أن مشروعية الاتفاق على فتح الاعتمادين منوط بقوانين النقد البلجيكية وإذ لا تجيز تلك القوانين تمويل الصفقة على هذا النحو فإن مقتضى ذلك أنه قد استحال على الطاعن تنفيذ التزامه بسبب لا دخل لإرادته فيه، هذا إلى أنه إذا كان المطعون ضده قد أنهى للطاعن بالبرقية المؤرخة 3 فبراير سنة 1950 بالاكتفاء بفتح اعتماد واحد بكل ثمن الصفقة إلا أن ذلك يعتبر إيجاباً جديداً لا ينعقد به عقد جديد لأنه لم يصادف قبولاً من الطاعن وحتى إذا جاز القول بأن هذه البرقية تتضمن قبولاً من المطعون ضده لإيجاب سابق من الطاعن، فلا يغير ذلك من الأمر شيئاً لأن المطعون ضده لإيجاب سابق من الطاعن، فلا يغير ذلك من الأمر شيئاً لأن المطعون ضده قيد قبوله بشرط وصول الاعتماد إليه في مصر قبل 7 فبراير سنة 1950 وقد استحال على الطاعن تنفيذ ذلك لأن يومي 4 و5 فبراير كانا يومي عطلة بالمصارف ولم يكن لدى الطاعن إلا يوم واحد لا يستطيع خلاله إتمام الإجراءات اللازمة لفتح الاعتماد المطلوب وعلى الرغم من علم المطعون ضده بهذه الاستحالة فقد بادر في 8 فبراير سنة 1950 إلى اعتبار العقد مفسوخاً ومصادرة مبلغ الضمان دون أن يعذر الطاعن وبذلك أوصد في وجهه كل سبيل لتنفيذ الشرط في الأجل المعقول.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه إنه قرر في هذا الخصوص ما يأتي: "إن الثابت من الأوراق أن الدكتور مصطفى سامي "المطعون ضده" قبل ببرقية أرسلها إلى خليل عبد النور "الطاعن" أن يفتح الأخير اعتماداً دائرياً واحداً بجميع المبلغ المتفق عليه في العقد وهذا القبول يغني في ذاته عن البحث أو الجدل فيما إذا كان فتح اعتمادين بمبلغين عن الصفقة الواحدة مشروعاً أو غير مشروع ولم يستجب خليل عبد النور "الطاعن" إلى هذا القبول ولم يسر في تنفيذ تعهداته بل تنكر لها لما رآه من أن تنفيذ الصفقة بالشروط المتفق عليها في غير صالحه ولا يمكن أن يقبل اعتذاره بأن قبول الدكتور مصطفى سامي "المطعون ضده" فتح اعتماد واحد حصل قبل نهاية المهلة الممنوحة لخليل عبد النور سوريال بوقت قصير وأنه كان على الدكتور مصطفى سامي أن يعطيه أجلاً جديداً لمدة أسبوعين جديدين ذلك لأن ضعف هذا العذر واضح من أن خليل عبد النور "الطاعن" لم يتقدم بطلب مهلة جديدة بعد وصول البرقية إليه وهذا يؤكد أنه كان مصمماً على النكول عن الصفقة والتعلل بأسباب واهية للعدول عنها" ومفاد ذلك أن محكمة الموضوع اعتبرت البرقية المؤرخة 3 فبراير سنة 1950 تتضمن قبولاً من المطعون ضده لإيجاب سابق صادر من الطاعن انصب على تعديل ما اتفق عليه في العقد خاصاً بكيفية الوفاء بالثمن وجعلها تتم بفتح اعتماد واحد بدلاً من اعتمادين مع بقاء شروط العقد أصلها، كما رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن الوفاء بالثمن على هذا النحو في المدة الباقية من الأجل المحدد له أصلاً لم يكن مستحيلاً وأن الطاعن لم يحاول من جانبه أن يطلب من المطعون ضده إمهاله، ولما كان هذا القبول من المطعون ضده لم يكن مقروناً بما يعدل في الإيجاب سالف الذكر فإنه لا يعتبر إيجابياً جديداً كما يدعي الطاعن - لما كان ذلك، وكان ما قررته المحكمة في هذا الخصوص هو استخلاص سائغ ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعي بعدم مشروعية الشرط الوارد بالعقد بفتح اعتمادين مستقلين بثمن الصفقة يكون غير منتج. أما ما أثاره الطاعن من أن المطعون ضده لم يعذره بفسخ العقد فمردود بأن الإعذار قد شرع لمصلحة المدين، وإذ لم يتمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فلا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض أما ما أثاره الطاعن من أن المطعون ضده قبض مبلغ التعويض المبين في خطاب الضمان من بنك مصر دون سبق إعذاره فإنه لما كان البنك في التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم بصفته أصيلاً قبل المستفيد، لا يوصف كونه نائباً عن عميله وقد قام البنك بصرف مبلغ الضمان للمطعون ضده وهو المستفيد فإنه ليس للطاعن وهو العميل أن يتحدى بوجوب إعذاره قبل صرف المبلغ المذكور ومن ثم يكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ذلك أنه قضى بإلزام الطاعن بالتعويض عن الضرر الأدبي الذي أصاب المطعون ضده بسبب ما نسبه إليه محامي الطاعن من أنه قضى بشهر إفلاسه وحكم عليه في قضية جنائية خاصة بتصدير أرز للخارج وأنه أبعد من مجالس إدارات الشركات والمؤسسات التي كان عضواً فيها في حين أن هذا الذي أسنده وكيل الطاعن إلى المطعون ضده كان حقيقة واقعة لها سندها من الأوراق، وأنه إذا كان المطعون ضده أودع ملف الدعوى الاستئنافية ما يفيد إلغاء الحكمين سالفي الذكر فقد كان ذلك لاحقاً لإيداع المذكرة المقدمة منه، ولم يكن الطاعن يعلم وقت تقديم هذه المذكرة بإلغاء الحكمين المذكورين، كما أن قضاء المحكمة بمؤاخذته على ما تضمنته مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف من أن المطعون ضده أبعد عن مجالس إدارات الشركات والمؤسسات وأنه حكم ضده في قضية جنائية يعتبر قضاء في أمر لم تقم عليه الدعوى لدى محكمة الدرجة الأولى، وأضاف الطاعن أنه غير مسئول عما نسبه محاميه للمطعون ضده في المذكرات التي قدمها لأن التكييف القانوني الصحيح للعلاقة بين المحامي وموكله هو أنه عقد إيجار أشخاص لا تتوافر فيه مسئولية الأصيل عما يجاوز به المحامي مقتضيات الدفاع وأنه بفرض اعتبار هذه العلاقة وكالة فإن الوكيل لا يمثل موكله إلا في الدفاع من حقوقه، فإذا تجاوز مقتضيات هذا الدفاع فإنه يخرج في حدود الوكالة ولا يمثل إلا شخصه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه يبين من تقريرات الحكم المطعون فيه آخذ الطاعن على إسناده إلى المطعون ضده أنه أشهر إفلاسه وحكم عليه في عقوبة جنائية في جريمة تموينية وأقام قضاءه في ذلك على ما رأته المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية من أن الطاعن كان أرعناً متسرعاً في هذا الإسناد وأنه كان يجب عليه أن يتأنى ولا يتسرع في إيراد أحكام قد ألغيت أو نقضت، ومفاد ذلك أن الحكم لم يؤسس قضاءه على أن الطاعن كان يعلم بإلغاء الحكمين، وإنما على أساس أنه تسرع في الاستناد إليهما قبل أن يتحقق مما انتهى إليه مصيرهما، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع في سبب الطعن أن إلغاء هذين الحكمين كان لاحقاً لإبداء دفاعه المتضمن إسناد الواقعتين المتقدم ذكرهما فإن النعي بذلك يكون غير سديد - والنعي مردود كذلك في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه قد آخذ الطاعن عن عبارات القذف التي تضمنتها المذكرتان المتقدمتان منه إلى المحكمة الابتدائية وإذ كان الحكم قد أشار في أسبابه إلى المذكرة المقدمة من الطاعن إلى محكمة الاستئناف فإنه وصف ما ورد في هذه المذكرة بأنه تكرار لما جاء في المذكرتين سالفتي الذكر وبذلك يكون الحكم المطعون فيه لم يؤاخذ الطاعن عن وقائع أبديت لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، أما ما يتحدى به الطاعن من عدم مسئوليته عما أسنده محاميه إلى المطعون ضده لعدم ثبوت اشتراكه معه في إعداد هذا الدفاع أو موافقته عليه بسبب إقامته في الخارج فإنه لما كان هذا الدفاع يخالطه واقع ولم يقدم الطاعن ما يفيد سبق عرضه على محكمة الموضوع فإنه لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 15/ 4/ 1954 الطعن 414 ص 21 ق مجموعة 25 سنة ص 220.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق