الصفحات

السبت، 25 مارس 2023

الطعن 308 لسنة 30 ق جلسة 27 / 5 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 102 ص 633

جلسة 27 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(102)
الطعن رقم 308 لسنة 30 القضائية (1)

(أ) أهلية. حق التقاضي. حراسة "الحراسة على أموال الفرنسيين".
حظر الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على الرعايا الفرنسيين إبرام العقود والتصرفات وتنفيذ أي التزام مالي أو غير مالي مترتب على عقود سابقة ومنعهم من حق التقاضي. هذا الحظر والمنع ليس سلباً للأهلية وإنما هو منع من مباشرة هذه التصرفات.
(ب) حراسة. "حراسة إدارية". "سلطة الحارس". "إنهاء الحراسة" "نيابة قانونية". "أعمال الإدارة". حق التقاضي.
في الفترة بين إنهاء الحراسة الإدارية بالأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 وإنهائها فعلاً باستلام الرعايا الفرنسيين أموالهم يحتفظ الحراس بسلطة إدارة هذه الأموال. اعتبار ذلك نيابة قانونية غير مخصصة بنوع العمل القانوني. ليس للحارس بمقتضاها صفة إلا في أعمال الإدارة ومنها حق التقاضي بالنسبة لهذه الأعمال.
وفاء الديون من أعمال الإدارة. المادة 701 مدني.
وفاء الديون الثابتة في الذمة من سلطة الحارس. حقه في التقاضي - مدعياً أو مدعى عليه فيما ينشأ عن هذا الوفاء.
(جـ) حراسة. "سلطة الحارس". حق التقاضي. نيابة.
تخويل الحارس - كنائب - حق التقاضي فيما ينشأ عن أعمال الإدارة من منازعات لا يمنع الأصيل من ممارسة هذا الحق ما دام لم يمنع من ذلك.
(د) حق. "حق التقاضي". نيابة. "النيابة في الخصومة". وكالة.
حق التقاضي يغاير المرافعة أمام القضاء. حق التقاضي رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء. المرافعة أمام القضاء نيابة في الخصومة للدفاع أمام القضاء وتستلزم وكالة خاصة.
(هـ) اعتراض الخارج عن الخصومة. "مناطه".
شرط قبول اعتراض الخارج عن الخصومة أن يكون المعترض ممن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن ماثلاً في الخصومة الشخصية وأن يثبت المعترض غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم.

----------------
1 - يبين من نصوص المواد الثالثة والرابعة والخامسة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين والتدابير الخاصة بأموالهم أنها حظرت على الرعايا الفرنسيين إبرام العقود والتصرفات والعمليات التجارية وكذلك تنفيذ أي التزام مالي أو غير مالي ناشئ عن عقود أو تصرفات أو عمليات تجارية تمت في تاريخ سابق على تنفيذ هذا الأمر كما منعتهم من حق التقاضي أمام أية جهة قضائية في مصر. هذا الحظر وذلك المنع لا يتضمنان سلباً لأهلية الرعايا الفرنسيين وإنما هو منع لهم من مباشرة الأعمال المشار إليها ومنها حق التقاضي لأسباب اقتضتها مصلحة الدولة.
2 - إذا كان الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 الصادر في 18 من سبتمبر سنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة قد أنهى العمل بالأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 فقد كان مقتضى هذا الإنهاء أن يعود حق التقاضي إلى الرعايا الفرنسيين منذ تاريخ هذا الأمر إلا أن المشرع تصور أن هناك فترة قد تمضي بين إنهاء الحراسة حكماً بصدور الأمر العسكري المشار إليه وبين إنهائها فعلاً بتسلم هؤلاء الرعايا أموالهم فنص في المادة الثانية من الأمر رقم 36 لسنة 1958 على أنه "يحتفظ الحارس العام والحراس الخاصون بسلطة إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة في الحراسة إلى أن يتم تسليمها إلى أصحابها أو وكلائها" وبهذا النص أناب المشرع الحراس نيابة قانونية في إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة في حراستهم. وإذ كانت هذه النيابة واردة في ألفاظ عامة ولا تخصيص فيها لنوع العمل القانوني الحاصل فيه الإنابة فإنها حسبما تقضي الفقرة الأولى من المادة 701 من القانون المدني لا تخول الحارس صفة إلا في أعمال الإدارة وما يستتبع ذلك من حق التقاضي فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 701 من القانون المدني، نصت على أن وفاء الديون يعد من أعمال الإدارة فإن وفاء الديون متى كانت ثابتة في الذمة يدخل في سلطة الحارس ويدخل في سلطته تبعاً لذلك حق التقاضي فيما ينشأ عن هذا الوفاء من منازعات فيصح أن يكون مدعياً أو مدعى عليه فيها.
3 - تخويل الحارس الذي يقوم بالإدارة حق التقاضي فيما ينشأ عن تلك الأعمال من منازعات باعتباره نائباً قانونياً - لا يقتضي سلب هذا الحق من الأصيل الذي يبقى له الحق دائماً في ممارسة ما هو مخول للنائب ما دام لم يمنع من ذلك.
4 - حق التقاضي غير المرافعة أمام القضاء، وحق التقاضي رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء أما المرافعة أمام القضاء التي تستلزم وكالة خاصة - وفقاً للمادة 702/ 1 من القانون المدني - فهي النيابة في الخصومة للدفاع أمام القضاء وقد اختص بها المشرع أشخاصاً معينين حسبما تقضي المادة 25 من قانون المحاماة.
5 - يشترط لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها حسبما تقضي الفقرة الأولى من المادة 450 من قانون المرافعات شرطان أولهما، أن يكون المعترض ممن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن ماثلاً في الخصومة الشخصية وثانيهما أن يثبت المعترض غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاعتراض استناداً إلى مجرد ما قال به من أن الطاعنين المعترضين كانا ممثلين في الخصومة بواسطة الحارس وحجب نفسه بذلك عن تحقيق ما ادعاه الطاعنون من وقوع إهمال جسيم من ممثلهم هذا فإن الحكم يكون مخطئاً في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها أماً حاضنة للطفل روفائيل طورييل رفعت على السيد/ موسى عرفة بصفته حارساً عاماً على الطاعنين وشركة الأقطان المتحدة بالإسكندرية. وعلى السيد/ فريد مصطفى بصفته حارساً على شركة الأقطان المتحدة بالإسكندرية وعلى السيد/ على علوبه بصفته رئيس مجلس إدارة شركة أقطان القاهرة الدعوى رقم 1477 سنة 1957 طالبة الحكم بإلزامهم بصفتهم بدفع مبلغ مائة وخمسين جنيهاً قيمة النفقة الشهرية المستحقة لها ولابنها روفائيل ابتداء من أول سبتمبر سنة 1956 قائلة في تبيان دعواها إنها كانت زوجة للسيد/ رينيه طورييل ورزقت منه بالطفل روفائيل إلا أنها طلقت منه بموجب الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية في 31 من ديسمبر سنة 1951 وقبل صدور هذا الحكم أبرما اتفاقاً مؤرخاً في 15 من مايو سنة 1951 تضمن تنظيم العلاقات المالية بينهما بعد الطلاق وقد نفذ هذا الاتفاق منذ تاريخ سريانه في أول يونيه سنة 1951 حتى 2 من أبريل سنة 1952 حيث أرسل لها زوجها السابق خطاباً أظهر فيه عدم استطاعته دفع النفقة المتفق عليها ومبدياً رغبته في خفضها إلى مائة جنيه ابتداء من أول مايو سنة 1953 فلم تقبل ورفعت عليه عدة دعاوى وإذ ذاك تدخل أندريه وجان طورييل شقيقا الزوج السابق "الطاعنان" لحل النزاع ودياً وقد تم لها ذلك بإبرام عقد يحل محل الاتفاق المؤرخ في 15 من مايو سنة 1951 وهو العقد المؤرخ في 7 من يوليه سنة 1953 والذي أبرم بين المطعون ضدها الأولى وبين الطاعنين والزوج السابق وشركة الأقطان المتحدة والذي تضمن في بنده الثاني التزام الطاعنين وشركة القطان المتحدة متضامنين بأن يدفعوا إلى المطعون ضدها الأولى مائة جنيه شهرياً ابتداء من أول أغسطس سنة 1953 وإلى ابنها روفائيل طورييل مبلغ ستمائة جنيه سنوياً ويدفع المبلغان على أقساط كل ثلاثة أشهر بحيث يستحق القسط الأول في أول مايو سنة 1953 على أن ينتهي هذا الالتزام في 21 من يوليه سنة 1967 تاريخ بلوغ الطفل روفائيل سن الحادية والعشرين وأضافت المطعون ضدها الأولى أن العقد المؤرخ في 7 من يوليه سنة 1953 ظل منفذاً واستمر الطاعنان يدفعان النفقة إلى أن صدر الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين والتدابير الخاصة بأموالهم وعين المطعون ضده الثاني حارساً على الطاعنين باعتبارهما من الرعايا الفرنسيين وقد امتنع هذا الحارس عن دفع النفقة ابتداء من نفقة شهر سبتمبر سنة 1956 مما حدى بها إلى رفع الدعوى رقم 1477 سنة 1957 طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1958 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى فرفعت المطعون ضدها الأولى استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 383 سنة 14 قضائية ووجهت استئنافها إلى المطعون ضده الثاني بصفته حارساً عاماً على أموال الفرنسيين وممثلاً للطاعنين ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 9 من يناير سنة 1960 حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى السيدين أندريه طورييل وجان طورييل المشمولين بحراسة المستأنف عليه الحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين (المطعون ضده الثاني) وإلزامهما بأن يدفعا بالتضامن بينهما إلى المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) السيدة/ رينيه نجار مبلغ مائة وخمسين جنيها شهرياً ابتداء من أول سبتمبر سنة 1960 حتى بلوغ قاصرها "روفائيل طورييل" سن الرشد في 20 من يوليه سنة 1967 وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك طعن الطاعنان بشخصيهما في هذا الحكم بطريق المعارضة وقيدت معارضتهما برقم 383 سنة 14 قضائية وطلبا إلغاء الحكم المعارض فيه وبطلان الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الأولى وأسسوا معارضتهما على أنه وإن كان الحكم الصادر من محكمة الاستئناف قد وصف بأنه حكم حضوري إلا أنه في الحقيقة قد صدر في غيبتهما لأنه بصدور الأمر العسكري رقم 36 سنة 1958 في 18 من سبتمبر سنة 1958 بانتهاء الحراسة على أموالهما لم يعد للمطعون ضده الثاني حق تمثيلهما في التقاضي ومن ثم يكون تمثيله لهما في الاستئناف غير صحيح ويصبح الحكم في حقهما غيابياً مما يجيز لهما المعارضة فيه - كما طعن الطاعنان بشخصيهما أيضاً على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة وقيد الاعتراض برقم 73 سنة 16 قضائية وطلبا إلغاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف قائلين إنه إذا صح أن المطعون ضده الثاني يمثلهما في التقاضي أمام محكمة الاستئناف فإنه يجوز لهما الاعتراض على ذلك الحكم على أساس أن المطعون ضده المذكور قد أهمل إهمالاً جسيماً بعدم إبدائه دفاعاً ما عنهما في موضوع الاستئناف ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 14 من مايو سنة 1960 في المعارضة بعدم قبولها لرفعها عن حكم حضوري كما قضت في الاعتراض بعدم قبوله لرفعه من ممثلين في الخصومة، طعن الطاعنان في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر في المعارضة الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وفي بيان ذلك يقولان إنهما فرنسيان وأنه في أول نوفمبر سنة 1956 صدر الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم وقد نص هذا الأمر في مادته الخامسة على منع هؤلاء الرعايا من حق التقاضي كما نص في مادتيه الثامنة والتاسعة على تعيين حراس لإدارة أموالهم وجعل من مهمة هؤلاء الحراس النيابة عن هؤلاء الرعايا كما جعل لهم حق التقاضي باسم الأشخاص الذين ينوبون عنهم لكنه بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1958 وقعت اتفاقية زيوريخ بين الجمهورية العربية المتحدة وجمهورية فرنسا وتنفيذاً لهذه الاتفاقية صدر الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 وقد نص في مادته الأولى على إنهاء العمل بالأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 المشار إليه بالنسبة إلى الرعايا الفرنسيين كما نص في مادته الثانية على احتفاظ الحارس العام والحراس الخاصين بسلطة إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة تحت الحراسة إلى أن تسلم إلى أصحابها أو وكلائهم وكان من مقتضى ذلك أن يعود إلى الطاعنين حق التقاضي الذي كان قد سلبه منهما الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 المشار إليه وألا يبقى للحراس سوى حق الإدارة المؤقتة دون حق التقاضي ولازم ذلك قانوناً أنه كان يتعين على المطعون ضدها الأولى حينما رفعت في 9 من ديسمبر سنة 1958 الاستئناف رقم 383 سنة 14 قضائية عن الحكم الابتدائي الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1958 أن توجهه إلى الطاعنين شخصياً لكنها وجهته إلى الحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين باعتباره ممثلاً لهما مما ترتب عليه عدم حضورهما في أي جلسة من جلسات الاستئناف وبذلك يكون الحكم الاستئنافي قد صدر غيابياً بالنسبة لهما مما يجيز لهما الطعن فيه بطريق المعارضة - لكن الحكم المطعون فيه اعتبر أن رفع الاستئناف وتوجيهه إلى الحارس كان صحيحاً باعتباره ممثلاً للطاعن في خصوص المطالبة بالدين وأن الحكم بناء على ذلك يكون قد صدر حضورياً بالنسبة لهما وتكون المعارضة منهما غير مقبولة فجاء بذلك مخطئاً في تطبيق القانون وفي تأويله.
وحيث إن الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين والتدابير الخاصة بأموالهم قد نص في مادته الثالثة على أنه "يحظر أن تعقد بالذات أو بالواسطة مع الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين أو لمصلحتهم عقود أو تصرفات أو عمليات تجارية كانت أم مالية أم من نوع آخر" كما نص في مادته الرابعة على أنه "يحظر أن ينفذ أي التزام مالي أو غير مالي ناشئ عن عقد أو تصرف أو عملية تمت لمصلحة الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين في تاريخ سابق على تاريخ العمل بهذا الأمر أو لاحق له" ونص في مادته الخامسة على أنه "لا يجوز لأي شخص من الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين أن يرفع دعوى مدنية أو تجارية أمام أية هيئة قضائية في مصر ولا أن يتابع السير في دعوى منظورة أمام الهيئات المذكورة" وقد اقتضى هذا الحظر تعيين حراس لإدارة أموال هؤلاء الرعايا حسبما جاء بالمادة الثامنة من هذا الأمر كما جاءت المادة التاسعة منه مبينة مهمة الحراس فنصت على أن "تكون مهمة الحراس النيابة عن الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين ولا تسري عليهم النواهي المنصوص عليها في المواد 3 و4 و5 من هذا الأمر - ويتولون استلام وإدارة الأموال الموضوعة في الحراسة وجردها ولهم بوجه خاص أن يتخذوا الإجراءات اللازمة لتحصيل ما لأولئك الرعايا من الديون ولدفع ما عليهم منها وأن يقبضوا ما يدفع لهم وأن يعطوا المخالصات. وللحراس حق التقاضي باسم الأشخاص الذين ينوبون عنهم" وبتاريخ 22 من أغسطس سنة 1958 عقد اتفاق عام بين الجمهورية العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية لتسوية المشاكل التي قامت بينهما بسبب أحداث أكتوبر ونوفمبر سنة 1956 ولإعادة العلاقات الثقافية والاقتصادية والمالية بين البلدين وجاء في المادة الثالثة من هذا الاتفاق "تتعهد حكومة الجمهورية العربية المتحدة بأن ترفع ابتداء من تاريخ العمل بهذا الاتفاق التدابير الخاصة ضد الرعايا الفرنسيين أو بالنسبة لأموالهم وحقوقهم وذلك وفقاً لأحكام هذا الاتفاق وملحقاته" وقد جاء بالفقرة 3 من المادة الثانية من البروتوكول الثاني الملحق بالاتفاق المذكور أنه "للحصول على رفع الحراسة يقدم الملاك الفرنسيين للأموال أو الحقوق التي وضعتها السلطات المصرية تحت الحراسة أو خلفاؤهم طلباً إلى الحارس العام في ميعاد سنة من تاريخ العمل بالاتفاق العام وذلك إما بأنفسهم أو بواسطة وكيل" كما جاء بالفقرة د من هذه المادة أنه "في الفترة من تاريخ بدء العمل بالاتفاق العام إلى تاريخ رفع الحراسة فعلاً يواصل الحراس مباشرة سلطتهم في إدارة الأموال التي ظلت تحت إشرافهم" وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1958 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1390 لسنة 1958 بالموافقة على الاتفاقية التي عقدت في زيوريخ بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1958 بين الجمهورية العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية - وقد أصدر بعد ذلك وزير الخارجية قراراً بنشر الاتفاق العام والبروتوكولات والخطابات المتبادلة الملحقة في الجريدة الرسمية على أن يسري مفعولها من تاريخ التوقيع في 22 من أغسطس سنة 1958 وتم هذا النشر فعلاً. وبتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1958 صدر الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 ونص في مادته الأولى على "إنهاء العمل بالأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بالنسبة إلى الرعايا الفرنسيين" كما نص في مادته الثانية على أن "يحتفظ الحارس العام والحراس الخاصون بسلطة إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة تحت الحارسة إلى أن يتم تسليمها إلى أصحابها أو وكلائهم وفقاً للإجراءات التي يقررها وزير الاقتصاد والتجارة والحارس العام كل في حدود اختصاصه" ويبين من نصوص المواد الثالثة والرابعة والخامسة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بفرض الحراسة على النحو المشار إليه أنها حظرت على الرعايا الفرنسيين إبرام العقود والتصرفات والعمليات التجارية وكذلك تنفيذ أي التزام مالي أو غير مالي ناشئ عن عقود أو تصرفات أو عمليات تجارية تمت في تاريخ سابق على تنفيذ هذا الأمر كما منعتهم من حق التقاضي أمام أية هيئة قضائية في مصر وهذا الحظر وذلك المنع لا يتضمنان سلباً لأهلية الرعايا الفرنسيين وإنما هو منع لهم من مباشرة الأعمال المشار إليها ومنها حق التقاضي لأسباب اقتضتها مصلحة الدولة وإذ كان الأمر العسكري رقم 36 سنة 1958 الصادر في 18 من سبتمبر سنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة قد أنهى العمل بالأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 فإن مقتضى هذا الإنهاء أن يعود حق التقاضي إلى الرعايا الفرنسيين منذ تاريخ صدور هذا الأمر إلى أن المشرع تصور أن هناك فترة قد تمضي بين إنهاء الحراسة حكماً بصدور الأمر العسكري المشار إليه وبين إنهائها فعلاً بتسلم هؤلاء الرعايا أموالهم التي كانت موضوعة تحت الحراسة فخول الحراس في هذه الفترة الحق في إدارة أموال هؤلاء الرعايا وذلك بأن نص في المادة الثانية من الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 على أن "يحتفظ الحارس العام والحراس الخاصون بسلطة إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة في الحراسة إلى أن يتم تسليمها إلى أصحابها أو وكلائهم" وبهذا النص أناب المشرع الحراس نيابة قانونية في إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة في حراستهم وإذ كانت هذه النيابة واردة في ألفاظ عامة ولا تخصيص فيها لنوع العمل القانوني الحاصل فيه الإنابة فإنها حسبما تقضي الفقرة الأولى من المادة 701 من القانون المدني لا تخول الحارس صفة إلا في أعمال الإدارة وما يستتبع ذلك من حق التقاضي فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 701 من القانون المدني نصت على أن وفاء الديون يعد من أعمال الإدارة ومن ثم فوفاء الديون متى كانت ثابتة في الذمة يدخل في سلطة الحارس ويدخل في سلطته تبعاً لذلك حق التقاضي فيما ينشأ عن هذا الوفاء من منازعات فيصح أن يكون مدعياً أو مدعى عليه فيها ومن ثم وترتيباً على ما تقدم تكون المطعون ضدها حينما رفعت الاستئناف رقم 383 سنة 14 قضائية في 9 من ديسمبر سنة 1958 ووجهته إلى الحارس العام باعتباره نائباً عن الطاعنين تكون قد وجهت الاستئناف إلى ذي صفة ويكون تمثيل الحارس للطاعنين في الاستئناف تمثيلاً صحيحاً وبالتالي فإن الحكم الصادر في هذا الاستئناف يكون حضورياً بالنسبة للطاعنين فلا تقبل منهما المعارضة فيه ولا يقدح في هذا النظر تحدى الطاعنين بالفقرة الأولى من المادة 702 من القانون المدني من وجوب وكالة خاصة في المرافعة أمام القضاء ذلك أن حق التقاضي غير المرافعة أمام القضاء إذ أن حق التقاضي إنما هو رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء أما المرافعة أمام القضاء التي تستلزم وكالة خاصة فهي النيابة في الخصومة للدفاع أمام القضاء وقد اختص بها المشرع أشخاصاً معينة حسبما تقضي المادة 25 من قانون المحاماة وإذ كان الحكم المطعون فيه الصادر في المعارضة المرفوعة من الطاعنين قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة فإن النعي الوارد على قضائه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه مع منطوقه ذلك أن أسباب ذلك الحكم قررت حق الحارس في تمثيل الطاعنين أمام القضاء باعتباره نائباً قانونياً عنهما مما مقتضاه أن الطاعنين يعتبران ناقصي أهلية فإذا ما جاء الحكم بعد ذلك وقضى في منطوقه بعدم قبول المعارضة لرفعها عن حكم حضوري دون القضاء بعدم قبولها لرفعها من غير ذي أهلية بعد أن أتاحت لهما المحكمة فرصة إبداء دفاعهما فإن مقتضى ذلك التقرير بتمام أهليتهما مما يعتبر معه منطوق الحكم متناقضاً مع أسبابه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الرد على السبب الأول من أن منع الرعايا الفرنسيين من حق التقاضي حسبما جاء بالمادة الخامسة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 لا صلة له بالأهلية بل إنه منع اقتضته مصلحة عليا ومن ثم فإن النعي لا أساس له هذا علاوة على أنه غير منتج.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الصادر في الاعتراض المرفوع منهما الخطأ في تطبيق المادة 450 من قانون المرافعات وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما اعترضا على الحكم الاستئنافي اعتراض الخارج عن الخصومة تأسيساً على ما افترضاه جدلاً من أن الحارس كان يمثلهما في الاستئناف المرفوع عليهما من المطعون ضدها الأولى وأن ذلك الحارس أهمل الدفاع عنهما وذلك تطبيقاً لنص المادة 450 المشار إليها - لكن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الاعتراض استناداً على أن الطاعنين كانا ممثلين في الخصومة مع أن شرط قبول الاعتراض أن يكون المعترض ممثلاً في الخصومة وأن يصدر الحكم المعترض عليه بناء على إهمال من يمثله إهمالاً جسيماً وبذلك جاء الحكم مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه يشترط لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها حسبما تقضي الفقرة الأولى من المادة 450 من قانون المرافعات شرطان (أولهما) أن يكون المعترض ممن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن ماثلاً في الخصومة الشخصية (وثانيهما) أن يثبت المعترض غش من كان يمثله أو تواطؤه أو إهماله الجسيم - ولما كان الثابت في خصوصية هذه الدعوى وكما سبق القول أن الحارس كان يمثل الطاعنين في الاستئناف باعتباره نائباً قانونياً عنهما ومن ثم فإن الحكم المعترض عليه الصادر ضد هذا النائب يعتبر حجة على الطاعنين وإذ لم يكونا ماثلين في الخصومة بشخصيهما فإن الاعتراض منهما يكون مقبولاً إذا ما توافر الشرط الثاني سالف الذكر وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى بعدم قبول الاعتراض استناداً إلى مجرد ما قال به من أن الطاعنين المعترضين كانا ممثلين في الخصومة فإنه يكون مخطئاً في القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث الشرط الثاني - أما ما تثيره النيابة العامة من عدم قبول الاعتراض من الطاعنين تأسيساً على عدم أهليتهما للتقاضي فإنه غير سديد ذلك أنه كما سبق القول فإن منع الرعايا الفرنسيين من حق التقاضي طبقاً لما جاء بالمادة الخامسة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 لا يعتبر سلباً للأهلية بل إنه منع اقتضته مصلحة عليا كما سبق القول وإذ كان هذا المنع قد زال بصدور الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 فقد عاد إلى هؤلاء الرعايا حق التقاضي ولا يؤثر في ذلك أن يكون للحارس المخول له القيام بأعمال الإدارة حق التقاضي فيما ينشأ عن تلك الأعمال من منازعات إذ أن تخويل النائب هذا الحق لا يقتضي سلبه من الأصيل الذي يبقى له الحق دائما في ممارسة ما هو مخول للنائب ما دام لم يمنع منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاعتراض المرفوع من الطاعنين ورفض الطعن فيما عدا ذلك.


(1) تضمن الحكم الصادر بذات الجلسة في الطعن 309 لسنة 30 ق ذات المبادئ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق