الصفحات

الأحد، 26 مارس 2023

الطعن 28 لسنة 37 ق جلسة 27 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 146 ص 914

جلسة 27 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

-------------------

(146)
الطعن رقم 28 لسنة 37 القضائية

أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "بطلان الزواج للعته".
العنة السابقة على الزواج من موانع انعقاده في شريعة الأقباط الأرثوذكس وتتصل بأمر واقع لا يرتفع برضا الشخص الآخر.

----------------
عنة الرجل السابقة على الزواج مانع من موانع انعقاده في شريعة الأقباط الأرثوذكس بحكم الحق الطبيعي نفسه، وهي مانع يتصل بأمر واقع لا يرتفع برضا الطرف الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/.... أقامت الدعوى رقم 594 سنة 1965 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية ضد زوجها...... تطلب الحكم ببطلان عقد زواجها الصادر في 22/ 11/ 1964 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب عليه من آثار مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وقالت شرحاً لدعواها إنهما قبطيان أرثوذكسيان وتزوجته في 22/ 11/ 1964 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وقد تبين لها أنه غير قادر على القيام بواجباته الزوجية لإصابته قبل الزواج بعنة وأنه أقر لها بذلك، ورغم احتباسه لها بمنزل الزوجية ستة أشهر لا تزال بكراً مما ترتب عنه إصابتها بآلام نفسية وصار المدعى عليه في حالة غير طبيعية يخشى معها على حياتها، وإذ كان هذا الزواج قد انعقد باطلاً تحت تأثير الغش والتدليس فقد طلبت الحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 25/ 12/1965 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بندب الطبيب الشرعي المختص بمصلحة الطب الشرعي بالقاهرة لتوقيع الكشف الطبي على المدعى عليه لبيان ما إذا كان مصاباً بداء العنة من عدمه، وفي الحالة الأولى عليه بيان نوع العنة وتاريخ إصابته بها ومدى قابليته للشفاء والمدة اللازمة لذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت بتاريخ 4/ 6/ 1966 فحكمت حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 71 سنة 83 قضائية. وبتاريخ 29/ 5/ 1967 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان الزواج الحاصل بين المستأنفة والمستأنف عليه في 22/ 11/ 1964 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب عليه من آثار، وألزمت المستأنف عليه بمصاريف الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان عقد زواج الطاعن من المطعون عليها مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن مصاب بعجز جنسي لا يرجى شفاؤه نتيجة عنة سابقة على العقد، وأنه رغم علاجه وقضاء المطعون عليها أكثر من خمسة أشهر بمنزل الزوجية لم يتمكن من الاتصال بها وظلت بكراً، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وقصور، ذلك أن النزاع أمام محكمة أول درجة كان يدور حول إصابة الطاعن بالعنة العضوية وهي وحدها التي يتصور توافرها قبل الزواج باعتبارها مرضاً عادياً وقد ثبت عدم إصابة الطاعن بها، وخلط الحكم بينها وبين العنة النفسية التي لا تعرف إلا بالمعاشرة إذ قد توجد في يوم أو فصل من فصول السنة وتختفي في يوم أو فصل آخر وتظهر بالنسبة لشخص وتنتفي بالنسبة لآخر، فقول الحكم إن الطاعن مصاب بالعنة قبل الزواج خطأ في فهم المعنى القانوني للعنة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أسس قضاءه ببطلان عقد الزواج على ما قرره من أنه "يشترط لكي ينعقد الزواج صحيحاً ألا يكون هناك مانع من الموانع المبطلة له، وإذ كان من بين هذه الموانع العجز الجنسي وهو استحالة القيام بالجماع على الوجه العادي، ومن أمثلته العنة وهي ارتخاء عضو التناسل لدى الرجل بحيث يعجز عن الوصول إلى الغشاء وهي على نوعين، عضوية وتسمى العنة الثانوية وهي ضعف في الأعضاء التناسلية نتيجة مرض أو تشويه أو اختلال في الغدد، ونفسية وتسمى العنة الابتدائية وفيها يكون عضو التناسل غير مصاب بعاهة ولكن يكون الرجل غير قادر على الجماع لأسباب نفسية مبعثها الخوف أو الرهبة أو الوساوس الداخلية وانعدام العاطفة أو الشعور بالكراهية وما إلى ذلك، ويشترط حتى يبطل الزواج بالعجز الجنسي أن يكون سابقاً على الزواج ولا يرجى شفاؤه وتلك مسألة يقدرها القاضي بعد أخذ رأي أهل الخبرة والاسترشاد بمختلف الظروف، وأن يكون حسبما يتحقق من جرائه ضرر للطرف الآخر لا يطيقه ويقدر القاضي مدى جسامته، وتثبت العنة العضوية بالفحص الطبي باعتبارها مرضاً عضوياً يمكن الجزم بوجوده، أما العنة النفسية فيستنتج وجودها أو عدم وجودها عن طريق القرائن وما يطمئن إليه من ظروف الحال كما إذا بقيت الزوجة بكراً" وأنه "وإن قطع الطبيب الشرعي أن المستأنف عليه خال من أسباب العنة العضوية، إلا أنه لم يجزم بما إذا كان مصاباً بعنة نفسية أم لا، ذاكراً أنه لا يستطيع الجزم بذلك من مجرد الفحص الإكلينيكي منتهياً إلى أن هذا النوع من العنة يزول بزوال بواعثه، وإذ كان المستأنف عليه قد سلم عند مناقشته بجلسة 11/ 12/ 1965 أمام محكمة أول درجة بأنه لم يدخل بالمستأنف عليها إذ أصيب عقب الزواج بانفلونزا وبعد ثلاثة أيام انتصب ولما هم بالدخول بها صرخت ثم حاول ذلك مرة ثانية فصرخت أيضا ثم عرض نفسه على طبيب ثم طبيب آخر وكانت المستأنفة تتردد عليه مرة كل أسبوع إلى أن امتنعت بعد ثلاثة أشهر، وقال عند مناقشته أمام هذه المحكمة بجلسة 6/ 3/ 1967 إنه لما هم بالاقتراب منها صرخت فتركها حتى تهدأ ثم حاول مرة آخرى بينما كان مصاباً بزكام فاستمهلته يومين فتركها ولما جاء أهلها وسألوه عما تم أبلغهم بأنها تصرخ كلما اقترب منها، وطلبوا منه أن يعرض نفسه على طبيب فاستجاب لطلبهم وتبين أن لديه صديداً عولج منه خلال شهرين حاول بعدها أن يقترب منها فرفضت ثم أخذها أهلها، وذكر أن المستأنفة ما زالت بكراً بالنسبة له إذ لم يقترب منها لامتناعها، وكان هذا الذي قرره يؤكد أنه كان عاجزاً عن الاتصال بزوجته منذ زواجه بها وأن ما قررته الزوجة من أنها اكتشفت عجزه الجنسي منذ الليلة الأولى كان صحيحاً ومتفقاً مع الحقيقة والواقع، ومن ثم فلا نزاع في أن عجزه الجنسي كان سابقاً على الزواج وقائماً وقت العقد، كما وأنه عجز لا يرجى شفاؤه، إذ رغم علاج المستأنف عليه وبقاء المستأنفة بمنزل الزوجية من 22/ 11/ 1964 حتى غادرته في 1/ 5/ 1965 كما قررت، أو في 1/ 6/ 1965 حسب ما جاء بصورة الحكم الصادر في الدعوى رقم 754 سنة 1965 أحوال شخصية مصر القديمة واستئنافه رقم 130 سنة 1966 كلي القاهرة المقدمين من المستأنف عليه والذي يحاج بما جاء فيهما، لم يتمكن من الاتصال بها الاتصال الجنسي الطبيعي وظلت بكراً، وإذ كان مما لا شك فيه أن عجزه الجنسي أو عدم استطاعته الاتصال بالمستأنف عليها يترتب عليه ضرر لهذه الأخيرة تعجز عن أن تطيقه، ومن ثم يتبين أن الشروط التي تتطلبها المادة 26 من مجموعة سنة 1955 قد توافرت في هذه الدعوى" ومن ذلك يبين أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى ومن أقوال الطرفين أن الطاعن مصاب بعجز جنسي سابق على الزواج ولا يرجى شفاؤه، ورتب على ذلك بطلان عقد الزواج وفقاً لأحكام شريعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، وهو استخلاص موضوعي سائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه ومما يستقل به قاضي الدعوى ولا تجوز المجادلة فيه أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والرابع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الفترة المحددة التي مكثتها المطعون عليها معه بمنزل الزوجية دون أن تمكنه من نفسها لا تكفي للحكم بقيام حالة العنة النفسية لديه، وأنه لا بد من مرور وقت حدده الفقهاء تمكن الزوجة فيه زوجها من نفسها ويعجز عن إتيانها وهو ما أقام الحكم الابتدائي عليه قضاءه في رفض الدعوى، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل مناقشة هذا الدفاع الجوهري وافترض خطأ أن فترة ما قبل الزواج يمكن أن تثبت وجود العنة النفسية وخلط بينها وبين العنة العضوية وقد طلبت النيابة العامة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العنة ولم تلتفت المحكمة إلى طلبها، كل ذلك يجعل الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور ومخلاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أنه يبين مما أورده الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول أنه فرق بين العنة العضوية والعنة النفسية، واعتبر أن الطاعن مصاب بهذا النوع الأخير ومن قبل الزواج استناداً إلى الأسباب السائغة التي قررها، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله، فإنه بذلك يكون قد رد ضمناً على أوجه الدفاع التي تمسك بها الطاعن ولو لم يناقشها ويقضي برفضها صراحة، ولا تثريب على محكمة الموضوع، إذ هي لم تجب النيابة إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصر العنة، إذا هي رأت أن الأدلة القائمة في الدعوى كافية لاقتناعها بوجود العنة السابقة على الزواج وتكون قد رفضت طلب النيابة ضمناً، ومن ثم فالنعي على حكمها بالقصور والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن المطعون عليها كانت قد أقامت الدعوى بالنفقة مستندة في ذلك إلى قيام عقد زواج صحيح وحكم لها نهائياً بالنفقة، وبالتالي فلا يقبل منها الطعن بالبطلان على عقد سلمت بصحته وحصلت على حكم النفقة على أساسه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عنة الرجل السابقة على الزواج مانع من موانع انعقاده في شريعة الأقباط الأرثوذكس بحكم الحق الطبيعي نفسه وهو مانع يتصل بأمر واقع لا يرتفع برضا الطرف الآخر، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على بطلان عقد الزواج رغم إقامة المطعون عليها ضد الطاعن دعوى النفقة رقم 754 سنة 1965 أحوال شخصية مصر القديمة، فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق