الصفحات

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 199 لسنة 36 ق جلسة 24 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 187 ص 1148

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

----------------

(187)
الطعن رقم 199 لسنة 36 القضائية

(أ) استئناف. "نطاق الاستئناف". نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو دفاع أمام محكمة أول درجة. عدم تمسك الطاعن أمامها بالدفاع الذي يخالطه واقع. عدم قبول إثارته أمام النقض.
(ب) مسئولية. "المسئولية العقدية". إثبات. "عبء الإثبات". التزام. قوة قاهرة.
نفي الخطأ في المسئولية العقدية. يكون بإثبات المتعاقد أن عدم تنفيذه لالتزاماته يرجع للقوة القاهرة أو السبب الأجنبي أو خطأ المتعاقد الآخر.
(ج) حوادث طارئة. التزام. مقاولة. عقد. "فسخ العقد".
عقد المقاولة. صيرورة تنفيذه مرهقاً بسبب حادث استثنائي غير متوقع عند التعاقد. جواز فسخ العقد أو زيادة أجر المقاول. المادتين 147/ 2 و658/ 4 مدني.
(د) حوادث طارئة. "شرط الإرهاق". نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
شرط الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - إنه وإن كان الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو أوجه دفاع أمام محكمة أول درجة، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف بمجرد رفع الاستئناف وعلى المحكمة أن تفصل فيها، ما لم يتنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً، إلا أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة أول درجة بالدفاع الذي يثيره بسبب الطعن، وكان هذا الدفاع هو مما يخالطه واقع، فإن النعي به أمام هذه المحكمة يكون غير مقبول.
2 - يكفي لقيام الخطأ في المسئولية العقدية، ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقد، ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى قوة قاهرة أو بسبب أجنبي أو بخطأ المتعاقد الآخر.
3 - مفاد نص المادتين 147/ 2 و658/ 4 من القانون المدني أنه إذا حدث بعد صدور العقد حوادث استثنائية عامة يترتب عليها ارتفاع أسعار المواد الأولية أو أجور العمال أو زيادة تكاليف العمل، وكان ذلك بسبب حادث استثنائي غير متوقع عند التعاقد وترتب عليه أن أصبح تنفيذ العقد مرهقاً، فإنه يكون للقاضي وبصفة خاصة في عقد المقاولة، فسخ هذا العقد أو زيادة أجر المقاول المتفق عليه بما يؤدي إلى رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.
4 - شرط الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمر تخالطه عناصر واقعية ويقتضي تحقيق اعتبارات موضوعية متعلقة بالصفقة ذاتها، وإذ كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع الذي أثاره بسبب الطعن، فإنه لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعن الدعوى رقم 19 سنة 1965 مدني كلي الفيوم وطلبت الحكم بفسخ عقد المقاولة المحرر بتاريخ 8/ 6/ 1963، وإلزامه بأن يرد لها مبلغ 1500 ج الذي سبق أن دفعته له ومبلغ 1500 ج على سبيل التعويض. وقالت بياناً لدعواها إنها اتفقت مع الطاعن بمقتضى عقد المقاولة المؤرخ 8/ 6/ 1963 على أن يقوم بإنشاء مبنى مكون من طابقين على أرض مملوكة لها، وذلك طبقاً للرسوم المعتمدة التي سيستخرج بها الترخيص بالبناء، وقد دفعت له مبلغ 1500 ج من أجر المقاولة واتفق في العقد على أن يقوم بإتمام البناء بعد تسعة شهور من تاريخ استلامه ترخيص البناء والالتزام بدفع مبلغ 100 ج كتعويض عن كل شهر تأخير، وإذ أظهر نيته في عدم تنفيذ عقد المقاولة ولم يقم بالتنفيذ فعلاً رغم إنذاره بتاريخ 27/ 12/ 1964 بالحصول على رخصة البناء والتنبيه عليه باستلامها للبدء في العمل فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 21/ 10/ 1965 قضت المحكمة بفسخ عقد المقاولة وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ 1350 ج وبرفض طلب التعويض. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) وقيد الاستئناف برقم 1 سنة 1 ق وطلبت إلغاءه فيما قضي به من رفض طلب التعويض، وبتاريخ 8/ 3/ 1966 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها 1000 ج. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة أول درجة بأنه اتفق مع المطعون عليها قبل رفع الدعوى على التفاسخ عن عقد المقاولة واستند في ذلك إلى أنه كان قد رد إلى شقيق المطعون عليها مبلغ 150 ج من الأجر السابق قبضه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يرد عليه على الرغم من أنه يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه من دفوع أو أوجه دفاع أمام محكمة أول درجة وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف بمجرد رفع الاستئناف وعلى المحكمة أن تفصل فيها ما لم يتنازل المستأنف عليه عن التمسك بشيء منها صراحة أو ضمناً، إلا أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة أول درجة بالدفاع الذي يثيره بسبب الطعن وكان هذا الدفاع هو مما يخالطه واقع فإن النعي به أمام هذه المحكمة يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن المطعون عليها قد تراخت في استصدار رخصة البناء منذ حصول عقد المقاولة بتاريخ 8/ 6/ 1963 حتى صدور الرخصة بتاريخ 2/ 12/ 1964 وأنها بذلك تعتبر المتسببة في تأخير أعمال المقاولة، فلا يلزم الطاعن بالتعويض، غير أن الحكم المطعون فيه وعلى الرغم من إثباته الفترة التي مضت بين عقد المقاولة وبين صدور رخصة البناء نفى عن المطعون عليها الخطأ وأسنده إلى الطاعن بدعوى عدم تنفيذه عقد المقاولة، وهو ما لا يتفق مع المقدمات التي أوردها في شأن المدة التي تأخرت فيها المطعون عليها عن استخراج رخصة البناء مما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه نفى عن المطعون عليها الخطأ وأسنده إلى الطاعن وذلك في قوله "إنه فيما يتعلق بالتعويض فإن المستأنف عليه (الطاعن) قد أخطأ بعدم قيامه بتنفيذ التزامه ببناء العمارة رغم قيام المستأنفة (المطعون عليها) بإنذاره باستلام ترخيص البناء بتاريخ 27/ 12/ 1964 بعد حصولها عليه بتاريخ 2/ 12/ 1964 ولم ترتكب المستأنفة أي خطأ من جانبها إذ أن عقد المقاولة المؤرخ 8/ 6/ 1963 لم يحدد فيه ميعاد لاستخراج الترخيص، ولم يكن حصول المستأنفة على هذا الترخيص بتاريخ 2/ 12/ 1964 راجعاً إلى إهمال أو تقصير منها إذ أنه بعد مرور شهر وتسعة أيام من تاريخ عقد المقاولة صدر قرار وزير الإسكان بتاريخ 17/ 7/ 1963 بإيقاف إصدار تراخيص البناء، وعدم تقديم المستأنفة طلب ترخيص البناء في تلك الفترة القصيرة لا يدل على تقصيرها، إذ أنها لم تكن تتوقع صدور قرار وزير الإسكان بإيقاف إصدار تراخيص البناء. وكذلك الحال بالنسبة للفترة التي مضت بين صدور القانون رقم 55 سنة 1964 ونشره في 18/ 3/ 1964 وتاريخ تقديم المستأنفة طلب الحصول على الترخيص بالبناء، كما أن حصول المستأنفة على الترخيص في 2/ 12/ 1964 أي بعد ما يقرب من خمسة شهور من تاريخ تقديم الطلب في 7/ 7/ 1964 لا يرجع إلى إهمال المستأنفة إذ أن هذه الفترة استنفدتها الجهة المختصة باستخراج تراخيص البناء ولا سلطة للمستأنفة عليها" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون عليها على النحو السالف بيانه ولأسباب سائغة الخطأ في استخراج الرخصة في الفترة منذ تاريخ عقد المقاولة حتى صدور الترخيص، وكان يكفي لقيام الخطأ في المسئولية العقدية ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقد، ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى قوة قاهرة أو بسبب أجنبي أو بخطأ المتعاقد الآخر، وإذا أثبت الحكم - وبعد أن نفى عن المطعون عليها الخطأ في استخراج الرخصة - أن الطاعن قد أخطأ إذ أصر على عدم تنفيذ عقد المقاولة ولم يقم على الرغم من إنذاره بالحصول على الرخصة والتنبيه عليه ببدء العمل، فإن الحكم لا يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه يجوز طبقاً لنص المادة 658/ 4 من القانون المدني فيما لو انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد، وترتب على ذلك تداعي الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة، يجوز للقاضي فسخ العقد أو زيادة الأجر، غير أن الحكم المطعون فيه وعلى الرغم من إثباته لارتفاع أسعار مواد البناء في مقام القضاء للمطعون عليها بالتعويض قضى بفسخ العقد والحكم عليه بالتعويض، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 147/ 2 من القانون المدني إذ تقضي بأنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، وتقضي المادة 658/ 4 من القانون المدني على أنه إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد وتداعى بذلك الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد فقد أفاد هذان النصان وباعتبار أن النص الثاني هو تطبيق للنص الأول إنه إذا وجدت بعد صدور العقد حوادث استثنائية عامة يترتب عليها ارتفاع أسعار المواد الأولية أو أجور العمال أو زيادة تكاليف العمل، وكان ذلك بسبب حادث استثنائي غير متوقع عند التعاقد وترتب عليه أن أصبح تنفيذ العقد، مرهقاً، فإنه يكون للقاضي وبصفة خاصة في عقد المقاولة فسخ هذا العقد أو زيادة أجر المقاول المتفق عليه، بما يؤدي إلى رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، لما كان ذلك وكان شرط الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمراً تخالطه عناصر واقعية، ويقتضي تحقيق اعتبارات موضوعية متعلقة بالصفقة ذاتها، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع الذي أثاره بسبب الطعن، فإنه لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق