الصفحات

الأحد، 26 مارس 2023

الطعن 170 لسنة 36 ق جلسة 28 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 151 ص 945

جلسة 28 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(151)
الطعن رقم 170 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض". تزوير. إثبات.
القضاء برد وبطلان تاريخ الإقرار المدعى بتزويره مع الاعتداد بفحوى هذا الإقرار. في الإثبات. لا تناقض.
(ب) بيع. "بيع الوفاء". بطلان. "البطلان في التصرفات". صلح. "أثره على بيع الوفاء".
عدم تصحيح الصلح لبيع الوفاء الذي وقع باطلاً طبقاً للمادة 465 من القانون المدني.

-----------------
1 - لا تناقض في الحكم إذ قضي برد وبطلان تاريخ الإقرار المدعى بتزويره واعتد مع ذلك بفحوى هذا الإقرار، ذلك أن القضاء برد وبطلان تاريخ هذا الإقرار لا ينفي ما ثبت فيه وسلم به الطاعن من تعهده برد المبيع إلى البائع وإذا دفع له الثمن خلال مدة معينة ولا يسقط عنه حجيته في إثبات هذا الأمر.
2 - النص في عقد الصلح على اعتبار بيع الوفاء نهائياً لا رجوع فيه، لا يعدو أن يكون مجرد نزول من جانب البائع عن شرط الاسترداد المتفق عليه عند التعاقد فهو لا يصحح البيع الذي وقع باطلاً طبقاً للمادة 465 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الفضيل أحمد محمد أقام الدعوى رقم 450 لسنة 1963 مدني كلي قنا ضد يوسف أحمد محمد عبد العليم وآخرين طالباً الحكم على الأول في مواجهة الباقين بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 13/ 3/ 1951، وقال شرحاً لها إن المدعى عليه الأول باع له بمقتضى العقد المذكور أطياناً مساحتها 1 ف و18 ط موضحة الحدود والمعالم بالعقد والصحيفة نظير ثمن قدره 460 جنيه وقد آلت ملكية هذه الأرض إلى البائع بالميراث عن والده المرحوم أحمد محمد عبد العليم الذي كان قد اشتراها ضمن عقد مؤرخ 29/ 5/ 1942 من أبيه المرحوم محمد عبد العليم يونس، وأنه سبق أن رفع الدعوى رقم 257 سنة 1953 كلي قنا ضد المدعى عليه الأول بطلب الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد، وانتهت بصلح مؤرخ 18/ 5/ 1953 الحق بمحضر الجلسة، وإذ لم يكن قد اختصم باقي المدعى عليهم في تلك الدعوى فقد اضطر لرفع دعواه الحالية بطلباته سالفة الذكر ودفع المدعى عليه الأول ببطلان عقد البيع تأسيساً على أنه بيع وفائي، وركن في إثبات ذلك إلى إقرار مؤرخ 13/ 7/ 1953 صادر من المدعي ويتضمن إقراره بحق البائع في استرداد الأرض المبيعة إذا رد له ثمنها خلال عشر سنوات، وفي 17/ 1/ 1964 قرر المدعي في قلم كتاب المحكمة بالطعن بتزوير هذا الإقرار وأعلن مذكرة شواهد التزوير التي تضمنت أن الإقرار المذكور حرر بتاريخ 13/ 3/ 1951 وهو نفس تاريخ تحرير عقد البيع، وأنه بعد رفع الدعوى رقم 257 سنة 1953 كلي قنا ضد المدعى عليه الأول حرر الطرفان عقد صلح أقر فيه المدعى عليه الأول بأن عقد البيع المؤرخ 13/ 3/ 1951 نهائي ومزق الطرفان الإقرار المشار إليه، إلا أن المدعى عليه الأول جمع قصاصاته ولصقها من الخلف وغير تاريخه بأن جعله 13/ 7/ 1953 بدلاً من 13/ 3/ 1951. وفي 29/ 2/ 1964 حكمت المحكمة بقبول مذكرة شواهد التزوير شكلاً وبقبول الشاهد الأول وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لفحص الإقرار المدعى بتزويره لبيان ما إذا كان تاريخه قد غير أم لا مع بيان التاريخ الحقيقي إن ثبت هذا التغيير. وبعد أن قدم قسم أبحاث التزييف والتزوير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن أصل تاريخ الإقرار كان 13/ 3/ 1951 ثم عدل إلى 13/ 7/ 1953 عادت المحكمة وبتاريخ 28/ 11/ 1964 فحكمت برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وبرد وبطلان الإقرار المؤرخ 13/ 3/ 1953 وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 13/ 3/ 1951. واستأنف المدعى عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 25 سنة 40 ق. وفي 17/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إثبات صحة التعاقد عن عقد البيع العرفي المؤرخ 13/ 3/ 1951 ورفض دعوى المستأنف عليه الأول (ثانياً) بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الادعاء بالتزوير إلى رد وبطلان تاريخ الإقرار المطعون فيه بالتزوير. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه عدل الحكم الابتدائي فيما قضى به من رد وبطلان الإقرار المؤرخ 13/ 7/ 1953 إلى رد وبطلان تاريخ هذا الإقرار استناداً إلى أن الثابت من الأوراق أن الادعاء بالتزوير كان قاصراً على تاريخ الورقة وأن هذا التزوير قد ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف التزوير، وبذلك يكون قضاء محكمة أول درجة برد وبطلان الإقرار مقصوداً به رد وبطلان تاريخه دون المساس بحجيته والتزام الطاعن بما تضمنته. وهذا من الحكم خطأ وقصور إذ يبين من أسباب الحكم الابتدائي أن المحكمة قصدت القضاء برد وبطلان الإقرار بعد أن ظهر لها أنه مزور في أحد بياناته تزويراً يجعله غير صالح للاستدلال به على ما ادعاه المطعون عليه الأول من أن عقد البيع سند الدعوى كان بيع وفاء، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه بقبول شواهد التزوير وهو بذلك يكون قد اعتبر الادعاء بالتزوير منتجاً في الدعوى، فإذا عاد بعد ذلك وجعل للإقرار المدعى بتزويره حجية في الإثبات فإنه يكون قد وقع في تناقض يعيبه، كما خالف القانون لأن الادعاء بتزوير تاريخ ورقة لا يقصد لذاته دون أن تترتب أية نتيجة على ثبوته وإنما يهدف مدعي التزوير إلى إسقاط حجية الورقة في الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه قضى بتعديل الحكم الابتدائي فيما قضى به في الادعاء بالتزوير إلى رد وبطلان تاريخ الإقرار المطعون فيه بالتزوير مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن "الثابت من الأوراق أن الادعاء بالتزوير كان قاصراً على تاريخ الورقة المطعون فيها وقد ثبت تزوير هذا التاريخ من تقرير أبحاث التزييف والتزوير المبنى على أسباب علمية سائغة، وبذلك يكون قضاء محكمة أول درجة برد وبطلان العقد المؤرخ 13/ 7/ 1953 مقصوداً به تاريخ العقد وهو قضاء سليم دون المساس بحجية الورقة وإلزامها بما تضمنته للمستأنف" وهذا الذي جاء بالحكم المطعون فيه صريح في أنه قصد تعديل الحكم الابتدائي الذي قضي خطأ في منطوقه برد وبطلان الورقة كلها، مع أن الادعاء بالتزوير كان قاصراً على تاريخ تحرير هذه الورقة التي سلم الطاعن بتوقيعه عليها يوم تحرير العقد سند الدعوى، ولا تناقض في الحكم إذ قضي برد وبطلان تاريخ الإقرار المدعى بتزويره واعتد مع ذلك بفحوى هذا الإقرار ذلك أن القضاء برد وبطلان تاريخ هذا الإقرار لا ينفي ما ثبت فيه وسلم به الطاعن من تعهده برد المبيع إلى البائع (المطعون عليه الأول) إذا دفع له الثمن خلال مدة معينة ولا يسقط عنه حجيته في إثبات هذا الأمر.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الثابت من تقرير الخبير أن تاريخ الإقرار مزور وحقيقته 13/ 3/ 1951، كما أن الثابت من الأوراق أن هذا الإقرار صدر من الطاعن في نفس تاريخ تحرير العقد وتضمن حق البائع في استرداد المبيع عند رد الثمن خلال مدة معينة، وأن الطاعن لم يطعن على صلب الورقة ولا على توقيعه عليها، وأنه ليس في الأوراق ما يؤيد واقعة تمزيق هذا الإقرار، وانتهى من ذلك إلى بطلان هذا البيع، تأسيساً على أنه يعتبر بيعاً وفائياً، ولا تلحقه الإجازة ولا يصححه الصلح الذي تم بين الطرفين في الدعوى رقم 257 سنة 1953 كلي قنا، وهذا من الحكم مخالفة للقانون، إذ أن هذا الإقرار ورقة عرفية وهو وإن كان حجة بما ورد فيها إلا أن إثبات ما يخالفه لا يستلزم الادعاء بتزويره بل يكفي إثبات ذلك بدليل كتابي، وأن محضر الصلح المحرر في 18/ 5/ 1953 المقدم في الدعوى رقم 257 سنة 1953 كلي قنا والذي أقر فيه الطرفان بأن البيع نهائي لا رجوع فيه يعتبر دليلاً كتابياً ينفي الثابت بذلك الإقرار، وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا الصلح فإنه يكون قد خالف القانون، كما أن واقعة تمزيق الإقرار التي تمسك بها الطاعن في صحيفة شواهد التزوير تعتبر واقعة مادية، وكان على محكمة الموضوع أن تقضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة عملاً بالمادة 190 من قانون المرافعات، وإذ لم تفعل واكتفت بالقول بأنه ليس في الأوراق ما يؤيدها فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله "إن الثابت من تقرير الخبير أن تاريخ الورقة المدعى بتزويرها مزور وحقيقته 13/ 1/ 1951 وقد وضح من مراجعة أوراق الدعوى أن هذه الورقة صادرة من المستأنف عليه الأول (الطاعن) وتتضمن حق البائع في استرداد المبيع عند رد الثمن بعد مضي مدة معينة منصوص عليها فيها. ولما كان المستأنف عليه الأول لم يطعن على صلب هذه الورقة ولا على توقيعه عليها كما أن واقعة تمزيقها ليس في الأوراق ما يؤيدها، والثابت منها أنها معاصرة لعقد البيع سند الدعوى وواردة عليه مما يقطع بأن العقد موضوع الدعوى ليس بيعاً باتاً كما ورد بالعقد وإنما هو في حقيقته بيع وفاء، ومن ثم فهو باطل بطلاناً مطلقاً طبقاً لنص المادة 465 من القانون المدني، وهذا البطلان لا تلحقه الإجازة ولا يغير من ذلك صدور حكم بين الطرفين بإلحاق محضر الصلح الذي انعقد بين الطرفين بشأن هذا العقد لأن الصلح لا يصحح البطلان الذي قرره القانون" وهو ما يفيد أن الحكم اعتمد في قضائه بصفة أساسية، على ما ثبت بالإقرار الذي حرر في يوم تحرير عقد البيع - سند الدعوى، من أن للبائع الحق في استرداد المبيع إذا رد الثمن للمشتري خلال مدة معينة وأن الصلح الذي تم بين الطرفين في الدعوى رقم 257 سنة 1953 كلي قنا لا يصحح هذا العقد لأنه باطل بطلاناً مطلقاً طبقاً للمادة 465 من القانون المدني. وهذا الذي استند إليه الحكم صحيح في القانون إذ أن الصلح الذي يتحدى به الطاعن لا ينفي ما ثبت من قبل من أن البائع قد احتفظ عند البيع بحقه في استرداد المبيع خلال مدة معينة. والنص في هذا الصلح على اعتبار البيع نهائياً لا رجوع فيه لا يعدو أن يكون مجرد نزول من جانب البائع عن شرط الاسترداد المتفق عليه عند التعاقد فهو لا يصحح البيع الذي وقع باطلاً طبقاً للمادة 465 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الادعاء بتمزيق الإقرار المطعون فيه بالتزوير على فرض صحته غير مؤثر على ما انتهى إليه الحكم، فإن ما ورد فيه بشأن هذه الواقعة يكون زائداً عن حاجة الدعوى، ويكون النعي على الحكم في خصوصها غير منتج ولا جدوى فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق