الصفحات

الثلاثاء، 28 مارس 2023

الطعن 133 لسنة 36 ق جلسة 9 / 6 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 160 ص 998

جلسة 9 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام.

----------------

(160)
الطعن رقم 133 لسنة 36 القضائية

(أ) حيازة. "حيازة الحصة الشائعة". شيوع. ملكية. تقادم. "التقادم المكسب".
حيازة الشريك للحصة الشائعة. تصلح أساساً لتملكها بالتقادم. متى قامت على مناهضة حق باقي المالكين بما لا يترك مجالاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح.
(ب) حيازة. "حيازة النائب". تقادم. "التقادم المكسب". ملكية.
حيازة النائب هي حيازة للأصيل. حيازة المستأجر تقوم لمصلحة المؤجر. للأخير الاستناد إليها في حساب مدة التقادم المكسب للملكية.

--------------
1 - الحصة الشائعة كالنصيب المفرز يصح كلاهما - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون محلاً لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد ولا فارق بينهما إلا من حيث إن الحائز للنصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة. أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين. وليست هذه المخالطة عيباً في ذاتها. وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام. فإذا انتفت واستقرت الحيازة على مناهضة حق باقي المالكين ومناقضتهم بما لا يترك مجالاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح، فإن الحيازة تصلح عندئذ لأن تكون أساساً لتملك الحصة الشائعة بالتقادم (1).
2 - حيازة النائب تعتبر حيازة للأصيل. فلهذا أن يستند إليها عند الحاجة. فمتى ثبت وضع اليد الفعلي للمستأجر، فإن المؤجر يعتبر مستمراً في وضع يده بالحيازة التي لمستأجره. ويتم التقادم لمصلحته إذا كان من شأن هذه الحيازة أن تؤدي إليه. والحيازة على هذا النحو ظاهرة لا خفاء فيها ولا غموض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 127 سنة 1960 كلي الفيوم على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم وطلبوا الحكم بثبوت ملكيتهم إلى 20 ف و11 ط و18 س أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وشطب التسجيلات الموقعة عليها وتسليمها إليهم. وقالوا في بيان دعواهم إنهم يملكون هذه الأطيان بطريق الميراث وبمقتضى عقد قسمة مؤرخ 26/ 7/ 1936 اقترن بوضع يدهم عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وأنهم قاموا بتأجير هذه الأطيان إلى المطعون ضده الرابع منذ سنة 1937 حتى سنة 1953، وإذ نازعهم الطاعنون بغير حق في ملكيتها فقد أقاموا دعواهم الحالية بطلباتهم السالف بيانها. وبتاريخ 1/ 3/ 1962 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتطبيق مستندات الطرفين على الأرض محل النزاع وتحقيق وضع اليد عليها وما إذا كان عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 قد نفذ بوضع يد كل متقاسم على ما اختص به المدة الطويلة المكسبة للملكية. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 20 من فبراير سنة 1964 بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأول إلى 20 ف و11 ط و18 س الموضحة بصحيفة الدعوى وشطب التسجيلات الموقعة عليها وتسليمها إليهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف وقيد استئنافهم برقم 121 سنة 2 ق. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1966 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه التي استند إليها في قضائه أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول وضعوا يدهم على الأطيان محل النزاع التي اختصوا بها بموجب عقد القسمة غير المسجل المؤرخ 26/ 7/ 1936 وذلك بنية التملك وفي هدوء وظهور واستمرار مدة خمس عشرة سنة وأن هذا وحده يكفي لاكتسابهم الملكية مفرزة والاحتجاج بذلك قبل الكافة. ويرى الطاعنون أن هذا القول من الحكم يجهل بالأثر الذي رتبه على التقادم الطويل كسبب لكسب الملكية، ذلك أنه لو كان يعني أن هذا التقادم قد أكسب المحكوم لهم ملكية لم تكن لهم أصلاً فهذا يناقض أن الملكية ثابتة لهم قبل القسمة باعتبار أن القسمة مقررة وليست منشئة لأصل الحق في الملكية وإن كان مراد الحكم أن الملكية كانت ثابتة لهم من قبل وأن التقادم أكسبهم صفة الإفراز فإنه يكون قد جعل للتقادم أثر القسمة في إعلان الملكية لا في إنشائها وليس هذا هو الأثر المقرر قانوناً للتقادم كسبب من أسباب كسب الملكية، وإذ لا تكشف عبارة الحكم عن مرماه في هذا الخصوص، فإن ذلك منه يعد تجهيلاً بالأساس القانوني لقضائه بثبوت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأول للأطيان موضوع النزاع مما يعيبه بالقصور في التسبيب. هذا إلى أن الحكم بعد أن ضمن أسبابه أن عقد القسمة لا يحتج به على الغير إلا إذا كان مسجلاً، عاد فقرر بعد ذلك أن وضع يد المتقاسم المدة الطويلة على ما اختص به بموجب عقد القسمة المشار إليه يكفي وحده لاكتساب ملكية مفرزة، مما مؤداه أنه جعل للقسمة غير المسجلة أثراً ليس لها قانوناً وهو مما يعيب الحكم بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في خصوص ما يثيره الطاعنون قوله "من المقرر قانوناً أن عقد القسمة ينفذ في حق المتقاسمين ولكن لا يحتج به على الغير إلا إذا كان مسجلاً، ومن ثم فهو لا ينقل للمالك المشتاع نصيباً مفرزاً أمام الغير إلا إذا انتقلت إليه ملكية هذا النصيب مفرزاً بسبب من أسباب الملك. متى كان ذلك وكان كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للملك، وكان الحكم المستأنف قد استظهر بأسباب سليمة تقره عليها هذه المحكمة أن المستأنف عليهم (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) وضعوا يدهم على أطيان النزاع التي اختصوا بها بموجب عقد القسمة غير المسجل المؤرخ 26/ 7/ 1936 وذلك بنية الملك وفي هدوء وظهور واستمرار مدة 15 سنة، فإن هذا وحده يكفي لاكتسابهم ملكية هذه الأطيان مفرزة والاحتجاج بذلك أمام الكافة". ولما كان يبين مما قرره الحكم على النحو المتقدم ذكره أنه أقام قضاءه بتملك المطعون ضدهم الثلاثة الأول للأطيان التي قضي بملكيتهم لها لا على أساس أنهم كسبوا هذه الملكية بعقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 وإنما على أساس أنهم استقلوا بوضع يدهم عليها حتى كسبوا ملكيتها بالتقادم الطويل الذي اكتملت مدته والذي يعتبر بذاته - ومستقلاً عن عقد القسمة - سبباً قانونياً للتملك في حدود الحيازة التي قام على أساسها، وكان الحكم لم يستند إلى عقد القسمة إلا كقرينة على وضع يد المطعون ضدهم الثلاثة الأول على تلك الأطيان وضع يد صالحاً لأن يكون أساساً لاكتساب الملكية بالتقادم إذا ما توافرت شروطه، وهو أساس قانوني صحيح ولم يجعل الحكم لعقد القسمة المشار إليه أثراً لاكتساب ملكية مفرزة، فإن النعي على الحكم بتجهيله بالأساس القانوني لقضائه أو بالتناقض فيما قرره بشأن عقد القسمة يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الشق الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم إما أنه قصد إعمال المادة 486/ 2 من التقنين المدني التي تقضي بأن حيازة الشريك المشتاع لجزء مفرز ولمدة خمس عشرة سنة يفترض فيها أنها تستند إلى قسمة مهايأة وأن هذه القسمة إذا دامت تلك المدة فإنها تنقلب إلى قسمة نهائية، وفي هذا مخالفة للقانون لأن النص المذكور مستحدث بالتقنين المدني القائم الذي لم يعمل به إلا منذ 15/ 10/ 1949 ولم يمض من ذلك الوقت إلى حين رفع الدعوى في سنة 1960 خمس عشرة سنة، وإما أن الحكم قصد بالحيازة التي تحدث عنها أنها تصلح سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 وهذا منه خطأ في تطبيق القانون أيضاً، ذلك أنه إذا استبعد عقد القسمة لعدم جواز الاحتجاج به على الطاعنين لكونهم من الأغيار ولعدم شهره بالتسجيل، فإن حيازة المطعون ضدهم لجزء مفرز من الأطيان المملوكة لهم شيوعاً مع غيرهم ليس من شأنها أن تكسبهم الملكية بالتقادم لأن يد الشريك المشتاع لا تخلو من عيب اللبس المانع من اكتساب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون في الحالتين قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول أنه أقام قضاءه على أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول قد استقلوا بوضع يدهم على الأطيان محل النزاع حتى كسبوا ملكيتها بالتقادم الطويل، ولم يستند الحكم إلى عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 باعتباره قسمة مهايأة انقلبت إلى قسمة نهائية بعد مضي خمس عشرة سنة، وإنما استند إليه كقرينة على وضع يد المطعون ضدهم الثلاثة الأول على الأطيان المشار إليها، وكانت الحصة الشائعة كالنصيب المفرز يصح كلاهما - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون محلاً لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد ولا فارق بينهما إلا من حيث إن الحائز للنصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين وليست هذه المخالطة عيباً في ذاتها، وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام فإذا انتفت واستقرت الحيازة على مناهضة حق باقي المالكين ومناقضتهم بما لا يترك مجالاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح، فإن الحيازة تصلح عندئذ لأن تكون أساساً لتملك الحصة الشائعة بالتقادم. لما كان ذلك وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه حصل من واقع الدعوى وأدلتها وفي حدود سلطته في التقدير أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول وضعوا يدهم على الأطيان محل النزاع ابتداء من تاريخ عقد القسمة المحرر في 26/ 7/ 1936 وأن وضع يدهم كان بنية التملك وتوافرت فيه شرائطه القانونية بما يرفع شبهة الغموض وينفي مظنة التسامح عنه، وكان الحكم قد اتخذ من هذه الحيازة أساساً لقضائه بتملك المطعون ضدهم المذكورين للأطيان موضوع النزاع، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي عليه بهذا الشق على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال وذلك من سبعة أوجه (الأول) أن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه اعتمد في استظهار توافر أركان وضع اليد على تقرير الخبير مع أن الثابت به أن مدعي الملكية لم يضعوا اليد على أرض النزاع بأنفسهم وإنما كانوا يؤجرونها إلى المطعون ضده الرابع الذي كان يحوزها نيابة عنهم وبالرجوع إلى عقود الإيجار المثبتة لتلك الحيازة يبين منها أن المدة منذ بدء التأجير سنة 1937 لم تكن متصلة حتى سنة 1953 فقد تخللها انقطاع من 1/ 2/ 1940 حتى 30/ 9/ 1941 وهي مدة تبلغ قرابة العامين (الثاني) يتضح من البيانات التي ضمنها الخبير تقريره أن الأطيان موضوع الدعوى لم تشملها جميعاً عقود الإيجار المقدمة ولو فطن الحكم المطعون فيه إلى هذه الحقيقة لما انتهى إلى القول بثبوت حيازة رافعي الدعوى إلى الأرض محل النزاع جميعها في ظهور وهدوء واستمرار (الثالث) جاء بالحكم الابتدائي أن الخبير قام بتطبيق مستندات رافعي الدعوى على الطبيعة ومنها عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 فتبين له أنها تنطبق على أرض النزاع في حين أن القطعة البالغ مساحتها 4 ف و4 ط الواقعة بحوض بحر سليم ليست واردة في عقد القسمة المذكور، إذ جاء بدفاع المطعون ضده الأول أن مساحة 1 ف و16 ط منها آلت إليه بمقتضى حكم مرسى مزاد صادر في القضية رقم 48 سنة 1941 كلي بني سويف والباقي وقدره 2 ف و13 ط يتملكه بطريق الميراث عن والده (الرابع) أورد الحكم الابتدائي أن عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 قد نفذ فعلاً بأن وضع كل متقاسم يده على الحصة التي اختص بها بموجبه وأن المطعون ضدهم الثلاثة الأول وباقي ورثة مومية قاموا بتقسيم أنصبتهم التي خصتهم بالعقد المشار إليه بعقد قسمة آخر عرفي مؤرخ أول نوفمبر سنة 1940، وهذا الذي استند إليه الحكم في تسبيب قضائه بملكية المطعون ضده الأول للقطعة الواقعة بحوض بحر سليم المنوه عنها مخالف للثابت بالأوراق، ذلك أنه فضلاً عن أن عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 لا يتضمن تلك القطعة على النحو المبين بالوجه الثالث، فإن عقد القسمة المؤرخ أول نوفمبر سنة 1940 جاء به أن المطعون ضده المذكور قد اختص بمساحة قدرها 2 ف و12 ط بحر سليم رقم 46 وليس بمقدار 4 ف و4 ط كما قضى بذلك الحكم (الخامس) قرر الحكم الابتدائي في أسبابه أن أحداً من الطاعنين لم ينازع المطعون ضده الأول في ملكيته لـ 16 ط من أرض النزاع بموجب حكم مرسى المزاد، وهذه المساحة هي التي قال الخبير عنها في تقريره إنها جزء من القطعة الرابعة الكائنة بحوض بحر سليم البالغ مساحتها 4 ف و4 ط، وإذ قرر الحكم ذلك على الرغم من أن منازعة الطاعنين الأول والثالثة ثابتة في الأوراق وفي تقرير الخبير فإنه يكون مخالفاً لما هو ثابت في الأوراق (السادس)أن تقرير الخبير الذي عول عليه الحكم المطعون فيه مشوب بالتناقض، ذلك أنه بينما يقرر أن الزراعة القائمة بالقطعة الرابعة السابق ذكرها تخص محمد أحمد أبو زيد وشفيق أبو زيد إذا به يقرر أنها في وضع يد المطعون ضده الأول، وإذ كانت حيازة الأرض هي لزراعها وكان الزارعان هما محمد أحمد أبو زيد وشفيق محمود، فإن قول الحكم مع ذلك بأن حيازة هذه الأرض ذاتها كانت للمطعون ضده الأول يجعله معيباً بالتناقض (السابع) يشترط في الحيازة أن تكون خالية من اللبس وهي لا تكون كذلك إذا كانت بطريق التأجير إلى المطعون ضده الرابع لأن يد المستأجر لا تكون أمام الكافة ظاهرة تعلن عن نفسها بأنها يد نائبة عن شخص مسمى، ومن ثم لا تؤدي هذه الحيازة إلى كسب المؤجر الملكية لافتقارها إلى العلانية، وإذ استند الحكم رغم ذلك إلى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول قد كسبوا ملكية أرض النزاع بالحيازة المدة الطويلة، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في وجوهه الخمسة الأولى مردود بما أورده الحكم المطعون فيه فيما يلي "ما يقوله المستأنفون (الطاعنون) من أن المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) لا يملك القطعتين الأولى والرابعة من المساحات الموضحة بصحيفة الدعوى الأولى مساحتها 9 ف و12 ط بحوض حسين باشا الغربي رقم 22 والرابعة مساحتها 4 ف و4 ط بحوض بحر سليم رقم 46 تأسيساً على أن أجزاء من هاتين القطعتين قد تصرف إليهم فيها بعض الشركاء الموقعين على عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 أما الباقي فإنه لم يرد في عقد القسمة المذكور، فذلك مردود بما أورده الخبير في تقريره تفصيلاً وتقره عليه هذه المحكمة من أنه ثبت له من معاينة أطيان النزاع وتطبيق مستندات الطرفين عليها وأقوال شهود طالبي الملكية أن أطيان النزاع كلها بما فيها هاتين القطعتين في وضع يد المستأنف عليهم (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) بوصفهم المالكين لها وقد أجروها بعقود إيجار متتالية إلى توفيق عبد الكريم عبد المجيد وأخيه منذ سنة 1937 حتى سنة 1953". ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه ومما أحال إليه من أسباب الحكم الابتدائي أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول قد وضعوا يدهم على جميع أرض النزاع لمدة تزيد على خمس عشرة سنة وأنهم ظهروا عليها خلال هذه المدة بمظهر المالكين للأرض كلها باستغلالها لحسابهم وحدهم وذلك بطريق تأجيرها للغير دون أن يظهر أي أثر للطاعنين خلال هذه المدة الطويلة من الزمن وأن وضع يدهم قد خلا من الغموض، وإذ استدل الحكم على ذلك بما ورد في تقرير الخبير من أنه توصل إلى هذه النتيجة من عدة أدلة مجتمعة استخلصها من أقوال الشهود الذين سمعهم في التحقيق الذي أجراه ومن انتقاله إلى العين موضوع النزاع ومن تطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أثبت توافر شروط الحيازة لكسب المطعون ضدهم الثلاثة الأول الملكية بالتقادم الطويل. ولا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من أن الثابت من عقود الإيجار أن مدة الحيازة لم تكن متصلة بل تخللها فترة انقطاع ما دام أن الحكم عول في حدود سلطته الموضوعية على ما أورده الخبير في تقريره من أن حيازة المطعون ضدهم الثلاثة الأول لأطيان النزاع استمرت أكثر من خمسة عشر عاماً استناداً إلى عدة أدلة من بينها أقوال الشهود. أما ما ينعاه الطاعنون من أن بعض الأطيان المتنازع عليها لم تدخل في عقد القسمة فقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بما يلي "وهذا القول مردود بما أورده الخبير في تقريره تفصيلاً وتقره عليه هذه المحكمة من أنه ثبت له من معاينة أطيان النزاع وتطبيق مستندات الطرفين عليها وأقوال شهود طالبي الملكية أن أطيان النزاع كلها بما فيها القطعتين الأولى والرابعة من المساحات الموضحة بصحيفة الدعوى في وضع يد المستأنف عليهم (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) بوصفهم المالكين لها وقد أجروها بعقود إيجار متتالية إلى توفيق عبد الكريم عبد المجيد وأخيه منذ سنة 1937 حتى سنة 1953". ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم، ومما سبق الرد به على السبب الأول، أن الحكم استند في قضائه للمطعون ضدهم الثلاثة الأول بثبوت ملكيتهم للأطيان موضوع النزاع إلى أنهم كانوا يضعون اليد عليها جميعاً المدة الطويلة المكسبة للملكية، فإنه لا يجدي الطاعنين بعد ذلك التمسك بأن بعض هذه الأطيان لم تدخل في عقد القسمة. والنعي على الحكم بالوجه السادس مردود، ذلك أنه لا تعارض بين أن تكون الحيازة للمطعون ضده الرابع وبين ما أثبته الخبير في محاضر أعماله من أنه وجد عند معاينته لأرض النزاع زراعة على أجزاء منها لأشخاص غيره، طالما أن ذلك مرجعه - وعلى ما صرح به الخبير في تقريره الذي اعتمدته محكمة الموضوع - أن هؤلاء الأشخاص إنما كانوا يستغلون تلك الأجزاء لحساب المطعون ضده الرابع. والنعي على الحكم بالوجه السابع مردود بأن حيازة النائب تعتبر حيازة للأصيل فلهذا أن يستند إليها عند الحاجة، فمتى ثبت وضع اليد الفعلي للمستأجر فإن المؤجر يعتبر مستمراً في وضع يده مدة الحيازة التي لمستأجره ويتم التقادم لمصلحته إذا كان من شأن هذه الحيازة أن تؤدي إليه، والحيازة على هذا النحو ظاهرة لا خفاء فيها ولا غموض كما ذهب إلى ذلك بحق الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق من السبب الثاني بجميع وجوهه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنه إذا كان المطعون ضده الأول وهو المدعي أصلاً في دعوى الملكية قد عجز عن إثبات دعواه، فإنه كان حرياً بالحكم أن يقضي برفض الدعوى لأن من كان حائزاً للحق اعتبر صاحبه حتى يقوم الدليل على العكس، ولكن الحكم استطرد إلى تعييب أسانيد ملكية الطاعنين لأرض النزاع وهي في حيازتهم فخالف الحكم بذلك القانون بمخالفته قواعد الإثبات، هذا إلى أن بعض الطاعنين قد تمسكوا بملكية القطعة الأولى البالغ مساحتها 1 ف و12 ط الواقعة بحوض حسين باشا الغربي رقم 22 واستندوا في ذلك إلى عقود بيع مسجلة صادرة أصلاً للبائع لهم "المطعون ضده الرابع" من بعض المتقاسمين في عقد القسمة المؤرخ 26/ 7/ 1936 عن مساحات مفرزة تقع في نصيب المطعون ضده الأول الذي اختص به بموجب عقد القسمة المشار إليه أو في نصيبه بمقتضى القسمة الفرعية المقول بإجرائها مع سائر شركائه من الورثة، غير أن الحكم التفت عن هذا الدفاع وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن توقف السير في الدعوى لحين إجراء القسمة بين كافة الملاك المشتاعين ومعرفة لمن تؤول الأطيان محل التصرفات الصادرة إلى الطاعنين لتحفظ لكافة أفراد الخصومة حقوقهم، وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأنه لما كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أقامت قضاءها بتملك المطعون ضدهم الثلاثة الأول للأطيان محل النزاع على ما استخلصته في هذا الخصوص من تقرير خبير الدعوى الذي ندبته لتحقيق وضع اليد ومن أقوال الشهود الذين سمعوا أمام هذا الخبير، ويكون النعي بهذا الشق على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الثابت من تقرير الخبير الذي اعتمده الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول كسبوا ملكية الأطيان محل النزاع بالتقادم الطويل، وكان كسب الملكية بهذا الطريق يعتبر بذاته - وعلى ما سلف البيان - سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فلا على الحكم إن هو لم يوقف الدعوى حتى يفصل في دعوى القسمة بين الشركاء المشتاعين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 21 مارس سنة 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 580.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق