جلسة 27 من يناير سنة 1953
برياسة حضرة المستشار إبراهيم خليل وبحضور حضرات المستشارين إسماعيل مجدي ومصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل وأنيس غالي.
--------------
(165)
القضية رقم 1209 سنة 22 القضائية
(أ) حكم. تسبيبه.
دفاع شرعي. دفع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي. عدم الرد عليه بما يفنده. قصور. مثال.
(ب) دفاع شرعي.
الاعتراف بالجريمة. لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما - الأول ضرب فتح الله مهدي محمد دياب عمدا فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها فقد جزء من عظام الرأس مما يعرض حياة المجني عليه للخطر. والثاني ضرب الشافعي الطيب عبد المنعم عمدا على رأسه أعلى الحاجب الأيمن فأحدث به الإصابات المبينة بالتقارير الطبية والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من عظام الجمجمة مما يعرض حياة المجني عليه للخطر, وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقرر بذلك. وادعى الشافعي الطيب بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم الثاني بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبإلزام المتهم الثاني وحده بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن الأول يعيب على الحكم المطعون فيه أنه تمسك أمام المحكمة بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه تعفيه من العقاب وقد رد الحكم على دفاعه هذا بأن التمسك بحق الدفاع الشرعي مشروط بالاعتراف بالجريمة, وأنه لم يثبت أن الطاعن أراد أن يرد بضربه ضربا موجها إليه, وفي هذا الذي أورده الحكم خطأ في تأويل القانون وفساد في الاستدلال يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن النيابة العمومية أقامت الدعوى على المجني عليه فتح الله مهدي ووالده مهدي محمد دياب بسبب تعديهما بالضرب على الطاعن ضربا أحدث به إصابات تقرر لعلاجها مدة تقل عن العشرين يوما, وقد قررت محكمة الجنايات فصل الجنحة عن الجناية وأحالتها على المحكمة الجزئية للفصل فيها, وذكر محامي الطاعن في مرافعته: "أنه ثابت أن اعتداء وقع على المتهم الأول (الطاعن) وفي زراعته, وهذا يدل على أن المجني عليه ذهب بقصد الاعتداء خصوصا وأن المجني عليه قرر أن المتهم الأول نهر أخته, ويستنتج من ذلك أن اعتداء وقع بين الطرفين أصيب فيه المتهم والمجني عليه.... ومن باب الاحتياط فإن الدفاع يقرر أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وعن المال فمنع الماعز عن ماله, فحضر المجني عليه ووالده, واعتديا عليه وكل ما حدث من جانب المتهم أنه حبس الماعز ليشكو الأمر للعمدة, ولم يقع منه اعتداء على هذه الماعزة, فإذا كان الاعتداء قد وقع عليه فأصيب بإصابتين, فإنه دافع عن نفسه ليقي نفسه حدوث إصابات أخرى". وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله: "ومع أن التمسك بحق الدفاع الشرعي شرطه الاعتراف لا الافتراض, فإن حالته هنا لم تتوافر لا من جهة النفس ولا من جهة المال. أما من جهة النفس فلم يثبت أن المتهم المذكور أراد أن يرد بضربه ضربا موجها إليه".
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بتهمة إحداث العاهة المستديمة أسس ذلك على عدم توافر حالة الدفاع الشرعي لديه, وأغفل الإشارة إلى الإصابات التي حدثت بالطاعن والتي اتهم في إحداثها المجني عليه فتح الله مهدي ووالده, ولم يرد بشئ على ما ذكره محامي الطاعن في مرافعته من أن المجني عليه ووالده ذهبا إلى زراعة الطاعن بقصد الاعتداء, واعتديا عليه بالفعل, ولم يتعرض الحكم لاستظهار الصلة بين هذا الاعتداء الذي وقع على الطاعن والاعتداء الذي وقع منه, وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي مكتفيا بالقول إنه لم يثبت أن الطاعن أراد من ضربه أن يرد ضربا موجها إليه, دون أن يتصدى لمناقشة ما ذكره محامي الطاعن في هذا الصدد, فضلا عن أن ما ذهبت إليه المحكمة من أن قيام حالة الدفاع الشرعي مشروط بالاعتراف بالجريمة. ما قالته المحكمة من ذلك لا سند له من القانون حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالنسبة إلى هذا الطاعن ويتعين من أجل ذلك نقضه.
ومن حيث إن الطاعن الثاني وهو من الفريق الآخر يأخذ على الحكم المطعون فيه أنه دانه بتهمة العاهة المستديمة, في حين أن المجني عليه اتهم الطاعن وآخر بإحداث الإصابة التي نشأت عنها تلك العاهة, وأنه طلب في الجلسة من باب الاحتياط أخذه بالقدر المتيقن, فلم تأخذ المحكمة بدفاعه هذا, ولم تكلف نفسها مؤونة الرد عليه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في إدانة الطاعن بتهمة العاهة المستديمة إلى ما ذكره المجني عليه في الجلسة وأيده فيه ابنه محمد الشافعي الطيب من أن الطاعن وحده هو الذي أحدث به الإصابة التي نشأت عنها العاهة, ولما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في الجلسة, وتطرح ما عداها, فإن ما يثيره الطاعن لا يخرج في حقيقته عن المجادلة في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب عليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن الأول ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الأول, ورفضه موضوعا بالنسبة للثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق