الصفحات

الأحد، 5 مارس 2023

الطعن 1153 لسنة 22 ق جلسة 3/ 2/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 178 ص 466

جلسة 3 من فبراير سنة 1953

برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن؛ وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل ومصطفى حسن وإسماعيل مجدي ومصطفى فاضل.

---------------

(178)
القضية رقم 1153 سنة 22 القضائية

إجراءات. 

حجز المحكمة القضية للحكم. هي غير ملزمة بإعادتها إلى المرافعة.

---------------
ليس في القانون ما يلزم المحكمة بإعادة القضية إلى المرافعة بعد أن حجزتها للحكم مادام ذلك منها كان بعد أن افسحت لطرفي الخصوم في استيفاء دفاعهما.


الوقائع

أقام الاستاذ عبد الله القصيمي هذه الدعوى مباشرة على الاستاذ محمود أبو زيد عثمان المحامي بصحيفة معلنة إليه في 13 سبتمبر سنة 1949 يتهمه فيها بأنه في الاعداد 147 إلى 156 من جريدة النذير المملوكة له والتي يتولى رياسة تحريرها سبه وقذف في حقه علنا إذ وجه إليه ألفاظا وعبارات من شأنها أن توجب احتقاره عند أهل وطنه بوصفه تارة بالالحاد والاجرام والقذارة وبنسبة الاتجار بالدين وبيعه رخيصا استدرارا لأموال المبشرين تارة أخرى ويصب اللعنة عليه والدس له لدى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود وتحريضه على قتله وانزال العقاب مما أنزل به الضرر البليغ - وطلب معاقبته بالمواد من 302 إلى 308 من قانون العقوبات والحكم له عليه بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة. ومحكمة جنح السيدة قضت فيها حضوريا عملا بالمواد 17 و302 و306 و307 من قانون العقوبات بتغريم المتهم 20 جنيها وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني على سبيل التعويض مبلغ ألف جنيه والمصاريف المناسبة و10 جنيهات أتعاب محاماة وأعفته من المصاريف الجنائية فاستأنف المتهم كما استأنفه المدعي المدني. ومحكمة مصر الابتدائية قضت فيها حضوريا بتعديل الحكم المستأنف فيما يتعلق بالدعوى المدنية وإلزام المتهم بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 50 جنيها والمصاريف المدنية المناسبة لهذا المبلغ والمقاصة في أتعاب المحاماة وبرفضه وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين أسس قضاءه في الدعوى المدنية وتقدير قيمة التعويض الذي يستحقه على عدم وقوع أي ضرر مادي نتيجة للجريمة التي دين بها المطعون ضده ثم الهبوط بقيمة التعويض وقصره على الضرر الأدبي بمقولة إنعدام الصلة بين الجريمة وبين قطع المرتب الشهري الذي كان يتقاضاه من جلالة الملك ابن السعود وزعما بأنه قد إنحرف وشط به القلم في بعض مواضع الكتاب فذكر عبارات قد يكون فيها ما يصح اعتباره مساسا أو طعنا في الأديان والمتدينين جميعا, ما قاله الحكم من ذلك غير صحيح لأن الثابت من وقائع الدعوى أن المطعون ضده دأب على الحملة ضد الطاعن مما كان سببا في قطع المرتب الذي كان مقررا له من الملك ابن السعود وقد نشر المطعون ضده نفسه في مجلته مما يفيد أن قطع المرتب كان بسبب تلك الحملة؛ كذلك انطوى الحكم في صدد التدليل على الشطط والإنحراف على ما لا سند له من الكتاب إذ نسب إلى الطاعن أنه ذكر في أكثر من موضع أنه ينبغي لمواجهة الحالة الحاضرة والسير مع المدنية الحديثة التحرر شيئا ما من الالتزامات التي تفرضها الأديان على البشر وخص بالذكر الدين الإسلامي ناعيا عليه أن المتزمتين فيه هم السبب في تأخرهم عن مسايرة الأمم الحديثة في حضارتها ومدنيتها مع أن العبارة التي أوردها الحكم في هذا الصدد لم ترد بالكتاب على هذه الصورة, بل أن المؤلف نادى في غير موضع منه بأن مبادئ الدين الإسلامي السامية هى أرقى ما وصل إليه العقل البشري وأنه ينهض بمعتنقيه إلى قمة التقدم وذروة المجد لو أنهم فهموه وطبقوا مبادئه وتعاليمه تطبيقا صحيحا ولكنهم فهموه فهما فاسدا فانغمسوا في الضلالة وتردوا في هوة الانحطاط وهذا الذي قاله الطاعن في مؤلفه ليس فيه طعن على الدين بل على العكس فيه إشادة وتمجيد. هذا إلى خطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن الطعن في المتزمتين هو طعن في الدين نفسه مع أن المؤلف لم يقصد إلى ذلك بل استهدف الاصلاح والتقويم وإذا كان قد أخذ على المتزمتين جمودهم الذي قعد بهم عن اللحاق بركب الحضارة فإنما هو ينعي عليهم عدم فهمهم للدين على الوجه الصحيح والعجز عن التوفيق بينه وبين مطالب الحياة, ويضيف الطاعن أن الحكم جاء مشوبا بالتخاذل إذ بينما يقرر بإنعدام رابطة السببية بين الجريمة وقطع المرتب إذ به يقرر في موضع آخر أن الجريمة قد ترتب عليها تحقير الطاعن وسقوطه في نظر الكافة ولا ريب أن ما قاله الحكم في هذا الخصوص يؤدي إلى تحقق الضرر الأدبي والمادي معا. هذا إلى قصور الحكم في الرد على دفاع الطاعن من أن الهيئات الدينية والجماعات المنتمية إلى الدين الإسلامي لم تثر أي نقد على المؤلف بل على العكس فقد قرظه كثير من علماء الأزهر, ولم يرد أيضا على ما دفع به من أنه على فرض أن هناك بعض الكتاب نقدوا مؤلفه فإنهم لم يطاردوه كما فعل المطعون ضده تلك المطاردة التي تسبب عنها قطع المرتب؛ وأخيرا يقول الطاعن إنه طلب إلى المحكمة إعادة القضية إلى المرافعة بعد حجزها للحكم ليقدم أدلة جديدة تقطع بمسئولية المطعون ضده عن الضرر المادي إلا أن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الجريمة التي دان بها المطعون ضده وأقام الأدلة على ثبوت وقوعها منه وتوافر أركانها القانونية استطرد إلى استظهار ما قد يفهم من بعض العبارات التي وردت بمؤلف الطاعن واتخذ منها عذرا للمطعون ضده في فهمها على الصورة التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان يبين من مطالعة المؤلف الذي قدمه الطاعن لهذه المحكمة أن من العبارات التي اشتمل عليها ما يبرر الاستخلاص الذي استخلصته محكمة الموضوع - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإنقطاع الصلة بين الضرر المادي الذي يطالب الطاعن بالتعويض عنه وبين الجريمة التي دين بها الطاعن على الأسباب المقبولة التي ذكرها, وكان تقدير التعويض هو من المسائل التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها مما لا يقبل معه من الطاعن المجادلة فيما قضت به المحكمة من تعويض عن الضرر الأدبي - لما كان ما تقدم, وكان فيما أورده الحكم من أسباب يتضمن الرد على باقي أوجه دفاع الطاعن ولم يكن في القانون ما يلزم المحكمة بإعادة القضية إلى المرافعة بعد أن حجزتها للحكم ما دام ذلك منها كان بعد أن أفسحت لطرفي الخصوم في استيفا دفاعهما - فإن الطعن برمته لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق