الصفحات

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 45 لسنة 30 ق جلسة 16 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 أحوال شخصية ق 11 ص 104

جلسة 16 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب فراج.

---------------

(11)
الطعن رقم 45 لسنة 30 "أحوال شخصية"

(أ) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع. وقف. "شرط الواقف".
لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو رفضه متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها. حسبما أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهت إليه. مثال في دعوى وقف.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق" "ما لا يعد كذلك". وقف. "إشهاد الوقف". "الشروط العشرة".
مثال في دعوى وقف.
(ج) نقض. "حالات طعن بالنقض". "مخالفة القانون". وقف. "إشهاد الوقف". الشروط العشرة.
استخلاص الحكم من عبارات إشهادي الوقف والتغيير أن لزوجة الواقف حتى تكرار استعمال الشروط العشرة. لا مخالفة في ذلك لحكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة. ولا لحكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور.

---------------
1 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو رفضه متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها وكانت الأسباب التي أوردتها سائغة وتؤدى إلى ما انتهت إليه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الواقف نص صراحة في إشهاد التغيير على أن يكون لزوجته ما هو مشروط له في الوقف وكان من المشروط له استعمال الشروط العشرة مع التكرار ولم يقدم الطاعن ما ينفي هذا الذي أورده الحكم فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق يكون عارياً عن الدليل.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن لزوجة الواقف حق تكرار استعمال الشروط العشرة بحسب ما استخلصه من عبارات إشهادي الوقف والتغيير، فإنه لا يكون قد خالف حكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة، ولا حكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور الذي لم يجيز الشروط العشرة لغير الواقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين عن الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى الابتدائية أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية ضد المطعون عليها بصفتها ناظرة على وقف المرحوم محمد راتب سردار الجهادية سابقاً بطلب بطلان إشهاد التغيير الصادر في 17/ 11/ 1931 ومنع تعرضها له في ذلك... وبعد توحيد جهات القضاء أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وقيدت بجدولها رقم 6 سنة 1956 كلي وقال الطاعن في بيان دعواه إن المرحوم محمد راتب سردار الجهادية سابقاً وقف بمقتضى إشهاد صادر منه أمام محكمة مصر الشرعية بتاريخ 20/ 6/ 900 الأعيان المبينة بهذا الإشهاد على نفسه مدة حياته ومن بعده يكون منها 105 ف و13 ط و16 س من الأطيان الزراعية وقفاً على جهات خيرية عينها بكتاب وقفه أما باقي الأعيان الموقوفة فتكون من بعده وقفاً على زوجته السيدة كليرى هانم الجركسية وعلى من سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً حسب الفريضة الشرعية ثم على أولاد أولاده حسبما هو مبين بكتاب الوقف وإذا انقرضت الذرية يكون وقفاً على زوجته المذكورة مدة حياتها ثم من بعدها على أخوى الواقف لوالده وهما محمود طلعت وعلى رضا بالسوية بينهما مدة حياتهما ثم من بعد كل منهما يكون نصيبه وقفاً على أولاده وذريته ونسله طبقة بعد طبقة على النص والترتيب المشروحين في أولاد الواقف وذريته - وقد شرط الواقف لنفسه الشروط العشرة لمن يشاء متى شاء وأن يفعل الشروط المذكورة كلها أو بعضها ويكررها الكرة بعد الكرة والمرة بعد المرة كلما بدا له فعله مدة حياته - وبما للواقف من الشروط المذكورة أشهد على نفسه أمام ذات المحكمة في 13/ 3/ 1910 بأن أدخل مرشدة عبد الله بحق الثلث مع أخويه المذكورين ومن بعدها على أولادها وشرط في وقفه لزوجته السيدة كليرى من بعده ما هو مشروط له فيه لمن شاءت متى شاءت وذلك على الوجه المبين بالحجة وبإشهاد محرر في 4/ 6/ 1916 أمام محكمة الإسكندرية الشرعية أخرج الواقف مرشدة عبد الله المذكورة وأحل بدلها قريبته السيدة خاتون حلمي في الثلث الموقوف عليها ثم من بعدها على أولادها وذريتها وشرط لزوجته السيدة كليرى ما هو مشروط له فيه من الشروط العشرة لمن شاءت ومتى شاءت مدة حياتها وليس لأحد من بعدها فعل شيء من ذلك. وقد توفي الواقف من غير عقب والوقف على حاله. وفي 11/ 3/ 1924 أشهدت السيدة كليرى المذكورة لدى محكمة الجمالية الشرعية بأنها بمالها من الشروط العشرة أدخلت في الوقف عبد اللطيف أغا بمرتب شهري قدره 12 جنيها يصرف له مما هو موقوف على أخوى الواقف والسيدة خاتون مدة حياته ثم من بعده يرجع لأصل الوقف - وقد توفي المذكور في حياتها. وبعد وفاته أشهدت في 17/ 11/ 1931 لدى محكمة مصر الشرعية بأنها أخرجت الموقوف عليهم أخوى الواقف والسيدة خاتون وذريتهم كما أخرجت الجهات الخيرية التي عينها الواقف وجعلته من بعدها وقفاً يصرف ريعه على المعهد العلمي المعروف باسم الجمعية الجغرافية - واستطرد الطاعن إلى القول بأن إشهاد التغيير الأخير قد صدر باطلاً لأن السيدة كليرى قد استعملت حقها في التغيير بمباشرته في الإشهاد الأول فليس لها حق التغيير مرة أخرى إذ لم يشترط لها الواقف حق التكرار كما أنه وقع باطلاً وفقاً لحكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946. ثم عقب الطاعن على كل ذلك بأنه ابن المرحوم محمد علي راتب ابن علي رضا أخ الواقف لوالده وأنه بهذه الصفة من مستحقي هذا الوقف حتى 14/ 9/ 1952 وقد منع عنه الناظر السابق استحقاقه وأقيمت وزارة الأوقاف في النظر على هذا الوقف بحجة أنه وقف خيري مع أن بعضه أهلي وأنه لذلك يطلب الحكم ببطلان إشهاد التغيير الصادر في 17/ 11/ 1931. وبتاريخ 13/ 11/ 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 212 كلي سنة 74 ق أمام محكمة استئناف القاهرة (دائرة الأحوال الشخصية) طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 27/ 10/ 1960 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعات وتأييد الحكم المستأنف...... وطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29/ 5/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 5/ 12/ 1962 وفيها قرر الدفاع عن الطاعن بتنازله عن السبب الأول من أسباب الطعن وصمم على ما جاء بباقي الأسباب وطلب نقض الحكم المطعون فيه وأصرت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني بأن الحكم جاء مشوباً بفساد في الاستدلال وخطأ في الإجراءات ومخالفة قواعد المرافعات - ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات الإكراه على ما قرره من أن الأوراق التي قدمها الطاعن للاستدلال على أن الجمعية الجغرافية لم يصلها شيء من الريع هي أوراق عرفية وغير منتجة في إثبات الإكراه وأن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد مضي عشرين سنة على صدور الإشهاد وبعد صدور قانون حل الوقف في حين أن هذا الأوراق لم تقدم لإثبات الإكراه وإنما قدمت كقرينة على اغتصاب الوقف وريعه من السلطة التي قيل بصدور الإكراه منها وأن الجمعية الجغرافية لم تكن إلا ستاراً لهذا العمل - وقد كان المقصود إثبات الإكراه بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق بالبينة لا بالقرائن أو تكملة الدليل الناقص من هذه الأوراق بسماع شهادة الخبير المحاسب الذي صدرت عنه هذه الأوراق - ولأن الإكراه كان موجوداً طوال مدة العشرين سنة بسبب إكراه السلطان الذي أنتج تغيير إشهاد الوقف. وأمر السلطان يعتبر إكراهاً يوجب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته وهو ما تمسك به الطاعن في دفاعه بجلسة 19/ 10/ 1960 ولكن الحكم لم يعن بمناقشة هذا الدفاع.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الإكراه المدعى بوقوعها على المشهدة على ما استخلصه من وقائع الدعوى ومستنداتها من أن الطاعن لم يذكره بصحيفة افتتاح دعواه وأنه لم يلجأ إليه إلا بعد أن رأى أن ادعاءه بمخالفة المشهدة شرط الواقف أو نص قانون للوقف لا يسعفه في الحكم له بطلباته وأن التغيير في مصارف الوقف لم يكن للمالك أو أحد أولاده وإنما كان على جهة علمية هي الجمعية الجغرافية وأن الدعوى لم ترفع إلا بعد أن حل الوقف بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 وكان قد انقضى على إشهاد التغيير ما يزيد على العشرين سنة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في إجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو عدم إجابتهم إلى هذا الطلب متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها. وكانت الأسباب التي أوردتها المحكمة سائغة وتؤدى إلى ما انتهت إليه في هذا الصدد فإن هذا النعي يكون على غير أساس يتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وخلف الثابت في الأوراق - فشابه البطلان - ذلك أنه نسب إلى إشهاد الوقف المؤرخ 4 يونيه سنة 1916 أن الواقف شرط فيه لزوجته تكرار الشروط العشرة كما شرطها لنفسه وبني على ذلك قضاءه بأن المشهدة استعملت حقها الذي أعطاه لها الواقف حين غيرت في الوقف أخيراً على الجمعية الجغرافية مع أن إشهاد الوقف سالف الذكر جاء خلواً مما نسبه إليه الحكم.
ومن حيث إن النعي - مردود - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أنه "يبين من الاطلاع على إشهاد التغيير الصادر من الواقف في 4/ 6/ 1916.. أنه ذكر به صراحة أنه جعل لزوجته ما هو مشروط له في الوقف الأصلي وقد كان المشروط له فعل الشروط العشرة مع التكرار حيث ذكر أن له ولمن يشرط له الشروط العشرة أن يفعل ذلك كله أو بعضه ويكررها الكرة بعد الكرة والمرة بعد المرة كلما بدا له فعله شرعاً مدة حياته.." وإذا كان الطاعن لم يقدم ما ينفي هذا الذي أورده الحكم فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه برفض الدعوى إلى ما قرره من أن للناظرة المشهدة تكرار الشروط العشرة وأنه يتعين تطبيق أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 بعد صدوره دون نصوص الفقه التي تخالفه قد خالف أحكام المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعمول بها أمام المحاكم بعد توحيد جهات القضاء والتي تقضى بالأخذ في المسائل الشرعية بالراجح من مذهب أبى حنيفة - والمفتى به في هذا المذهب أن التكرار غير جائز إلا إذا اشترط صراحة في حجة الوقف. كما أن المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 قد أبطلت الشروط العشرة لغير الواقف تأكيداً لرأى الفقه الحنفي وأن ما ذهب إليه الطاعن قد تأيد بالفتويين المقدمتين منه في الدعوى الصادرتين من لجنة الفتوى بالجامع الأزهر ومن دار الإفتاء. هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن لزوجة الواقف المشهدة حق تكرار استعمال الشروط العشرة بحسب ما استخلصه من عبارات إشهاد الوقف الأصلي الصادر سنة 1900 وإشهاد التغيير الصادر من الواقف في 4/ 6/ 1916 فإنه لا يكون قد خالف حكم المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي توجب صدور الأحكام طبقاً لأرجح الآراء من مذهب أبى حنيفة - ولم يخالف كذلك حكم المادتين 12 و56 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ما دام أن إشهاد التغيير الصادر من زوجة الواقف سنة 1931 قد تم ضبطه قبل صدور القانون المذكور ولا محل بعد ذلك للتحدث عن الفتوتين المشار إليهما بتقرير الطعن ما دام أن الطاعن لم يقدمهما وما دام أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها في قضائه ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق