الصفحات

الأحد، 5 فبراير 2023

الطعن 392 لسنة 26 ق جلسة 25 / 1 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 19 ص 127

جلسة 25 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

------------------

(19)
الطعن رقم 392 لسنة 26 القضائية

(أ، ب) عقد. "تكيفيه". "استخلاص نية المتعاقدين". محكمة الموضوع. بيع.
استخلاص نية المتعاقدين فى العقد من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع. احتفاظ البائع لنفسه بحق الانتفاع مدة حياته فى البيع لغير وارث. النص فى العقد على حق المشترى فى رفع دعوى صحة التعاقد فى حالة تأخير البائع فى تحرير عقد البيع النهائى. استخلاص الحكم انتفاء مظنة إضافة التمليك إلى ما بعد موت البائع. لا مخالفة فى ذلك للقانون.
متى انتهى الحكم إلى أن العقد تصرف منجز وأنه لو صح أن ثمنا لم يدفع فالعقد لا يعدو أن يكون هبة منجزة فإن ذلك صحيح فى القانون.
(ج) عقد. "عيوب الرضا". إكراه. "المعيار فى تقديره".
نفي الحكم بأسباب سائغة حصول الاكراه المدعى بوقوعه على البائعة استنادا لأمور تتعلق بشخصها وظروف التعاقد لا مخالفة فى ذلك للمعيار الذي أوجبه القانون في تقدير الاكراه بالمادة 127 مدني ولا يكون الحكم مشوبا بالقصور أو الفساد فى الاستدلال.
(د) دعوى. "حجية الشئ المقضى". "مناطه". "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى".
المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها شرطه أن تكون المسألة في الدعويين واحدة ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائيا مسألة أساسية تناقش فيها الطرفان فى الدعوى الأولى وتعد الأساس لما يدعيه أحدهما فى الدعوى الثانية.
(هـ) بيع. "بيع الشريك على الشيوع". "الالتزام بنقل الملكية". قسمة. "أثرها".
متى تقاسم الورثة - ومن بينهم الوارث البائع - أعيان التركة بعد صدور عقد البيع. واختص الوارث البائع بنصيبه مفرزا فقد أصبح ملتزما بأن ينقل للمشترى منه ملكية ما باعه شائعا مما اختص به بمقتضى عقد القسمة.

----------------
1 - استخلاص نية المتعاقدين فى العقد من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه لا ينال من البيع لغير وارث أن يحتفظ البائع لنفسه بحق الانتفاع مدة حياته وأن يقيد الملكية قيدا مؤقتا. وأن النص فى العقد على التزام البائع - خلال ميعاد محدد - بتحرير العقد النهائى وإلا كان للمشترى الحق فى رفع دعوى بإثبات صحة ذلك العقد مما تنتفى معه مظنة اضافة التمليك إلى ما بعد موت البائع، فانه لا يكون قد خالف القانون.
2 - متى انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد البيع محل النزاع تصرف منجز وأنه لو صح أن ثمنا لم يدفع فإن العقد لا يعدو أن يكون هبة منجزة فإن ذلك صحيح فى القانون.
3 - تنص الفقرة الثالثة من المادة 127 من القانون المدنى على أن "يراعى فى تقدير الاكراه جنس من وقع عليه هذا الاكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر فى جسامة الاكراه"، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى حصول الاكراه المدعى بوقوفه على البائعة إستنادا إلى أساب تتعلق بشخصها وظروف التعاقد فإنه لم يخالف المعيار الذى أوجبه القانون فى تقدير الاكراه.
4 - المنع من إعادة النزاع فى المسألة المقضى فيها شرطه أن تكون المسألة فى الدعويين واحدة ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائيا مسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا وتكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد فى الدعوى الثانية أى من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر دعوى صحة ونفاذ عقد بيع عقار بمقولة سبق الفصل بين الخصوم فى دعوى قسمة عقارات التركة التى تشمل العقار المبيع على أساس أن الدعويين يختلفان فى الموضوع والخصومة والسبب فموضوع دعوى قسمة الأطيان المخلفة عن المورث لاعطاء كل وارث حقه وسببها القانونى هو قيام حالة الشيوع فى حين أن موضوع دعوى صحة التعاقد عقد البيع الصادر للمطعون عليه بصفته الشخصية وسببها القانونى قيام العقد العرفى المطلوب الحكم بصحته ونفاذه وكان الثابت من الحكم الصادر فى دعوى القسمة بعدم قبولها أنه لم يتناول أمر عقد البيع موضوع النزاع ولم يثر فى تلك الدعوى أى جدل بشأنه فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
5 - متى تقاسم الورثة - ومن بينهم البائع - أعيان التركة بعد صدور عقد البيع واختص الوارث البائع بنصيبه مفرزا فقد أصبح ملزما بأن ينقل للمشترى منه ملكية ما باعه شائعا فيما اختص به بمقتضى عقد القسمة. ومن ثم فلا مصلحة للطاعن (أحد الورثة) فى تعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من جعل القدر المبيع شائعا فيما اختص به البائع فى عقد القسمة الموقع عليه من جميع الورثة دون الشيوع فى أطيان التركة كلها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 405 سنة 1943 مدنى كلى المنصورة ضد المرحومه فطومه إبراهيم خاطر "مورثة الطاعن والمطعون عليهما الثانى والثالث" بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المبرم بينهما والمؤرخ فى 2 من أغسطس سنة 1942 والمتضمن بيعها له 7 و1/ 8 س و19 ط و5 ف شائعة فى الأطيان المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والبالغ قدرها 18 س 20 ط 92 ف وقد طعنت البائعة فى هذا العقد بالتزوير فأوقفت الدعوى حتى يفصل فى دعوى التزوير الفرعية غير أنها توفيت قبل الفصل فيها، فحل محلها فيها ورثتها، وبعد أن قضى نهائيا برفض دعوى التزوير، حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 23 مايو سنة 1953 فى موضوع الدعوى بطلبات المطعون عليه الأول، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 49 سنة 6 ق وضمن دفاعه فيما ضمنه الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها فى القضية رقم 1519 سنة 1943 جزئى شربين وبعدم قبولها أيضا لسابقة تنازل المطعون عليه الأول عن التمسك بالعقد موضوع النزاع. وبتاريخ 6 مايو سنة 1956 قضت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبجوازها (ثانيا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها (ثالثا) بتعديل الحكم المستأنف إلى الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر بين المرحومة فطومه إبراهيم خاطر والمستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) بتاريخ 2 من أغسطس سنة 1942 والمعدل باتفاق المتعاقدين بمحضر القسمة المؤرخ 28 سبتمبر سنة 1942 بما يتضمن بيعها له 23 س و16 ط و5 ف شيوعا فى 22 س و9 ط و11 ف ميراث البائعة فى زوجها المرحوم محمد أحمد الزهيرى والتى اختصت بها بموجب تلك القسمة وهى المبينة الحدود والمعالم بأسباب هذا الحكم، وذلك مقابل ثمن قدره 300 جنيه قبضته البائعة من المشترى، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى 6 أغسطس سنة 1956، وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 فبراير سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على ما ورد بمذكرتها التى طلبت فيها نقض الحكم، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة بجلسة 4 يناير سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب يتحصل أولها فى النعى على الحكم المطعون فيه بفساد الإستدلال، ذلك أنه استخلص من أقوال الشهود فى دعوى التزوير الفرعية أنها لا تنفى ما ثبت بالعقد من أن الثمن دفع، فى حين أن أحدا من هؤلاء الشهود لم يشهد بواقعة دفع الثمن، كما أخطأ الحكم فى تطبيق القانون فيما انتهى إليه من اعتبار التصرف بيعا منجزا مع ثبوت عدم دفع الثمن ومع اشتراط منع المشترى من التصرف فى العقار المبيع طوال حياة البائعة، ووضع يد هذه الأخيرة عليه والتزامها بدفع الأموال الأميرية المستحقة عنه لأن كل ذلك من شأنه أن يجعل التصرف وصية لا بيعا، وغير صحيح ما قرره الحكم من اعتبار العقد هبة مستترة إن صح أن ثمنا لم يدفع لأن ذلك لا يكون إلا إذا كان التصرف منجزا.
وحيث إن هذا السبب مردود فى شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن فى خصوص عدم دفع الثمن بقوله "أما القول بأن بعض الشهود بدعوى التزوير قرروا أن المشترى لم يدفع الثمن المنصوص عليه بعقد النزاع هو قول يخالف الواقع وإنما قرر الشاهدان على ورقة العقد أن الثمن لم يدفع فى حضورهما وهو ما يتفق مع توقيعهما تلك الورقة فى غيبة المشترى فكان طبيعيا ألا يشاهدا واقعة دفع الثمن وليس فيما قرره هذان الشاهدان أو غيرهما بدعوى التزوير ما ينفى الثابت بالعقد من أن الباثعه قد قبضت الثمن من المشترى مما يجعل ورقة العقد مخالصة بالثمن. وهذا الذى قرره الحكم نقلا عن شهادة الشهود فى دعوى التزوير الفرعية هو استخلاص سائغ من وقائع تؤدى إليه ولا معقب عليه فى ذلك لتعلقه بتقدير موضوعى ومردود فى شقة الثانى بما قرره الحكم من أنه "ليس مما ينال من البيع لغير وارث أن يحتفظ البائع لنفسه بحق الإنتفاع مدة حياته وأن يقيد الملكية قيدا مؤقتا، وينفى القول بإضافة التمليك بعقد النزاع إلى ما بعد موت البائعة التزامها بالبند الخامس منه بتحرير العقد النهائى فى خلال شهر من تاريخ ورقة العقد العرفى وإلا كان للمشترى الحق فى رفع دعوى باثبات صحة العقد مع الزامها بالمصاريف" وهذا الذى قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون لأن استخلاص نية المتعاقدين فى العقد هى من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع. أما ما قرره من أنه لو صح أن ثمنا لم يدفع فإن العقد لا يعدو أن يكون هبة منجزة، فقول صحيح فى القانون ما دام أن الحكم قد انتهى فى تقريره إلى أن التصرف منجز.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى الأسباب الثانى والثالث والرابع الخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الإستدلال، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن العقد صدر نتيجة إكراه وقع على مورثته من ابن زوجها المطعون عليه الأول بأن هددها بفضيحة فى شرفها مدعيا أنها كانت مطلقة من والده وأنها عاشرته بعد الطلاق معاشرة غير شرعية، فانتج الاكراه أثره ووقعت على البيع إعتقادا منها أنها طالق وهى ليست كذلك، فشاب رضاؤها الفساد من ناحيتين أولاهما ناحية الإكراه الأدبى وثانيتهما وقوع غلط فى الباعث بل إنعدامه وانعدام سبب الإلتزام، وقد دلل الطاعن على ذلك بخطابات أرسلت إليه من المطعون عليه الأول، إلا أن الحكم رد على ذلك بأن انصراف نية المتعاقدين إلى التعاقد على نصف ما ورثته البائعة عن زوجها لا ينهض بالدلالة التى يراها الطاعن ولا يمنع أن تكون والدته وقد أرادت راضية وعن بصيرة بحقيقة موقفها أن تبيع لابن زوجها نصف ما ورثته عن أبيه ويقول الطاعن إن هذا الرد قاصر البيان، إذ فات المحكمة القرائن الأخرى التى ساقها وهى خطابات التهديد التى أرسلها إليه المطعون عليه والسابقة على تاريخ العقد مما يدل على أنها أنتجت آثارها وأن الثمن لم يحدد على أساس الوحدة كالمتبع، بل وضع رقم ما لغرض واحد هو نقل نصف ميراث الزوجة إلى ابن الزوج بعد وفاتها وقد أطرح الحكم هذه القرائن وأقام قضاءه على افتراضات نظرية بحتة، كما أن الحكم عند نفيه الإكراه قاسه بمعيار الأشخاص المثقفين مخالفا فى ذلك ما يقضى به القانون من وجب قياسه بحالة الشخص الذى وقع عليه من حيث ظروفه الشخصية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه نفى حصول الإكراه بتقريره "أن انصراف نية المتعاقدين إلى التعاقد على نصف ما ورثته البائعة عن زوجها لا ينهض بالدلالة التى يراها المستأنف "الطاعن" ولا يمنع أن تكون والدته قد أرادت راضية وعن بصيرة بحقيقة موقفها أن تبيع لابن زوجها نصف ما ورثته عن أبيه... ومما يلاحظ فى هذا الصدد أن الطعون بالإكراه وانعدام الباعث الدافع للتعاقد والغلط فى الدافع لوهم خاطئ، كل هذه الطعون تتصل أولا بذات البائعة، ولو صحت لكانت هى الأولى بإثارتها فلو أن إكراها وقع فهى التى أحست رهبته وخشيت سطوته ولو أن الطلاق كان باعثها الدافع لابرام العقد فهذا من خفايا مكنون صدرها ولو أنها أوهمت بأن الطلاق حقيقة، فقد الغى هذا الوهم من روعها وقد استقر لهذه البائعة إعلام شرعى بوراثتها لزوجها صادر من محكمة شربين الشرعية بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1942... ومن شأن هذا الإعلام أن يرفع الباعث للتعاقد فيما لو كان هذا الباعث هو الوهم بالطلاق، وهى قد طعنت فى العقد أو طعن المستأنف بإسمها بكل ما وسعته الحيلة، هاجمت المشترى مهاجمة من لا تخشاه ونسبت إليه التزوير.... ولقد تعددت مراحل الطعون فى العقد..... ولكنها لم تذكر طوال حياتها شيئا من واقعة الإكراه كانت هى الأولى بذكرها ثم تقريره "بأن الواضح من خطاب 19/ 7/ 1942 وغيره مما كتبه المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) لأخيه المستأنف (الطاعن) أن المستأنف عليه قد استهدف منها غرضا مشروعا وهو الوصول إلى حقه الميراثى من أبيه فى حدود ما يستطيع إثباته بالطريق القانونى السليم، فإما أن يرث عنه النصف إذا أقرت الزوجة طلاقها أو استطاع هو إثباته....، وإما أن يسلم بحقها فى الميراث إذا أعوزه الدليل على طلاقها، وما دام أن المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) قد استهدف غرضا مشروعا فلا يتحقق الإكراه...... يضاف لهذا أن المستفاد من خطاب 19 يوليو سنة 1942 سالف الذكر أن المستأنف قد عاتب أخاه المستأنف عليه الأول لنشر طلاق والدته..... ومن ثم فقد زال خطر التهديد به قبل إبرام العقد كما أن الواضح من نفس الخطاب أن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) كان قبل ابرام العقد قد أجرى بحثه بالمحكمة الشرعية عن وثيقة الطلاق، ولم يبق ما يزعمه إلا أن يوجه للزوجة يمينا عنها، وليس فى استعمال هذه الوسيلة المشروعة فضلا عن مشروعية الغرض منها ما يمكن أن يرهب تلك الزوجة بخطر جسيم يتهددها بحيث يكون ابرامها العقد مشوبا بمجرد الغلط فضلا عن الإكراه بمعناه القانونى" ويبين من هذا الذى أو رده الحكم أنه نفى حصول الإكراه استنادا إلى أسباب تتعلق بشخص البائعة وظروف التعاقد ولم يخالف المعيار الذى أوجب القانون التزامه فى تقدير الإكراه كما نفى فى حدود سلطته التقديرية وبأسباب سائغة وقوع الإكراه وما ادعاه الطاعن من انعدام سبب الإلتزام، ومن ثم يكون النعى لهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها تأسيسا على أن المطعون عليه الأول ارتضى بعد تحرير العقد موضوع النزاع أن تقسم التركة بين الورثة الثلاثة بما فيهم الزوجة ويأخذ كل منهم نصيبه الشرعى فيها، واحتكم الورثة إلى محكم بتفويض كتابى موقع عليه منهم بوضع الأسس التى تجرى القسمة على أساسها ولم يذكر المطعون عليه فى هذا التفويض العقد المذكور، وقد تحرر بتلك الأسس عقد اتفاق وقع عليه الجميع بتاريخ 28 سبتمبر سنة 1942 اختص فيه المطعون عليه الأول بمقدار 39 فدانا و22 قيراطا و15 سهما، إلا أنه تنكر بعد ذلك لتلك القسمة ورفع الدعوى رقم 1519 سنة 1942 مدنى جزئى شربين بطلب فرز 46 فدانا و10 قراريط و21 سهما تشمل القدر المزعوم بيعه وقد قضى بعدم قبولها ابتدائيا واستئنافيا لسبق حصول القسمة الودية، ومؤدى ذلك أنه قضى نهائيا بأنه ليس للمطعون عليه الأول أن يأخذ قدرا أزيد من الأطيان التى اختص بها فى عقد القسمة فلا يصح له بعد ذلك أن يطلب الحكم بصحة البيع. لأن القضاء فى مسألة عامة يمنع العود إلى بحث أى جزئية من جزئياتها غير أن المحكمة قضت برفض هذا الدفع تأسيسا على أن سبب كل من دعوى القسمة ودعوى صحة التعاقد هو غير سبب الدعوى الأخرى.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن المنع من إعادة النزاع فى المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسالة واحدة فى الدعويين ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائيا مسألة أساسية لا تتغير، يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا وتكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد فى الدعوى الثانية أى الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، ولما كان الحكم المطعون قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى على أن "محل القسمة وغرضها إنما كان التركة لإعطاء كل وارث حقه منها وقد انحصرت حجية هذا الحكم فى أعمالها فيما انتهت إليه من تجنيب نصيب كل وارث لميراثه، فإذا كان مؤداه كما يقول المستأنف (الطاعن) أن ليس للمستأنف عليه (المطعون عليه الأول) الحق فى قدر غير الذى خصص له بموجب محضر القسمة، فإن مناط ذلك أن يكون هذا القدر مملوكا له بالميراث عن والده دون أى سبب آخر من أسباب الملكية" ثم قال "إن الدعويين يختلفان فى الموضوع وفى الخصوم وفى السبب فتلك الدعوى دعوى قسمة. الخصوم فيها بصفتهم ورثة المرحوم محمد أحمد الزهيرى وموضوعها قسمة الأطيان المخلفة من المورث لإعطاء كل وارث حقه والسبب فيها هو قيام الشيوع، أما الدعوى الحالية فهى دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع صادر من السيدة فطومة إبراهيم خاطر إلى المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) بصفته الشخصية وسببها القانونى قيام العقد العرفى المحرر بينهما والمطلوب الحكم بصحته ونفاذه" لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الصادر فى القضية رقم 1519 سنة 1942 مدنى جزئى شربين بعدم قبول دعوى القسمة أنه لم يتناول أمر العقد موضوع النزاع ولم يثر أمام تلك المحكمة أى جدل بشأن هذا العقد، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع لعدم توافر وحدة الموضوع والسبب فى الدعويين لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب السادس الاخلال بحق الدفاع والخطأ فى القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة أول درجة قضت للمطعون عليه الأول بصحة ونفاذ البيع للقدر المبين بالعقد شيوعا فى أطيان التركة، غير أن محكمة الاستئناف قد خالفتها فى ذلك وقضت بتعديل الحكم المستأنف واعتبار القدر المبيع شائعا فيما اختصت به البائعة من الأطيان فى عقد القسمة استنادا إلى أن عقد التحكيم بالقسمة وما تلاه من اجراءاتها وموافقة المتقاسمين عليها ومنهم طرفا العقد محل النزاع يفيد أن المتعاقدين بهذا العقد قد اتفقا على تعديله بما يجعل البيع شائعا فيما اختصت به البائعة من تلك الأطيان دون الشيوع فى أطيان التركة جميعها وأن هذا الذى قررته المحكمة لا سند له فى الأوراق، كما وأن المطعون عليه الأول اقتصر فى مذكرته الختامية على طلب تأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا السبب مردود، ذلك أنه لما كان ورثة محمد أحمد الزهيرى ومن بينهم البائعة قد اتفقوا بعد تحرير عقد البيع موضوع النزاع على قسمة أعيان التركة واختصت البائعة المذكورة بنصيبها مفرزا، وبذلك أصبحت ملزمة بنقل ملكية ما باعته للمطعون عليه الأول شائعا فيما اختصت به بمقتضى عقد القسمة، ولما كان ذلك فإنه لا جدوى ولا مصلحة للطاعن فى تعييب الحكم المطعون فيه فيما قضى به من جعل القدر المبيع شائعا فيما اختصت به البائعة فى عقد القسمة الموقع عليه من جميع الورثة بما فيهم الطاعن.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه مشوب بالاخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، ذلك أن المطعون عليه الأول قد حرر إقرارا بخطه على بطاقته الشخصية يفيد تنازله عن العقد موضوع الدعوى، وقد طلب الطاعن ندب خبير لمضاهاة خط المطعون عليه الأول على الخط الوارد فى البطاقة إلا أن المحكمة رفضت الطلب اعتمادا على مجرد أقوال صدرت من المطعون عليه دون أن يقوم الدليل عليها.
وحيث إن هذا النعى مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن تلك البطاقة لم تقدم بملف الدعوى الحالية وهو تقرير ليس محل نعى من الطاعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق