الصفحات

الاثنين، 27 فبراير 2023

الطعن 1934 لسنة 19 ق جلسة 6/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 128 ص 380

جلسة 6 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.

----------------

(128)
القضية رقم 1934 سنة 19 القضائية

دفاع شرعي:
أ - قيام هذه الحالة. لا يشترط له وقوع اعتداء على النفس أو على المال بالفعل. يكفي وقوع فعل يخشى منه حصول هذا الاعتداء. العبرة في تقدير ذلك هي بتقدير المتهم المبنى على أسباب مقبولة مبررة. نفي قيام هذه الحالة على أساس تقدير المحكمة. لا يصح.
ب - توفر نية القتل لدى المتهم. لا ينفي قيام هذه الحالة.

----------------
1 - إن القانون لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يقع بالفعل اعتداء على النفس أو على المال، بل يكفي لقيامها أن يقع فعل يخشى منه حصول هذا الاعتداء. والعبرة في هذا هي بتقدير المدافع في الظروف التي كان فيها بشرط أن يكون تقديره مبنيا على أسباب مقبولة من شأنها أن تبرره. فإذا كانت المحكمة قد نفت قيام هذه الحالة بناء على حكمها هي على موقف الجاني نتيجة تفكيرها الهادئ المطمئن فإن حكمها يكون معيبا.
2 - إن إثبات توفر نية القتل لدى المتهم لا ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي. فإذا كانت المحكمة قد اكتفت في تفنيد ما دفع به المتهم من قيام هذه الحالة بإثبات توفر نية القتل لديه فهذا يعيب حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1- كمال سالم صالح (الطاعن) 2- محمود أحمد حسين بأنهما: الأول. قتل محمود عبد المطلب عبد الله عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان القصد من ارتكاب هذه الجناية أن يتمكن المتهم من الهرب عند ما أراد المجني عليه القبض عليه هو وزميله المتهم الثاني وهما يشرعان في سرقة جاموسة، الأمر المنطبق على المواد 45و47و317/5و351 من قانون العقوبات. والثاني اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على سرقة جاموسة المجني عليه وهو يعلم أنه يحمل بندقية ورافقه إلى محل السرقة واشترك معه في ارتكابها، فوقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لجريمة الشروع في السرقة وتمت بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 234 /1 و2 و40 /2 و3 و41 و43 من قانون العقوبات، فقرر بذلك.
سمعت محكمة جنايات المنيا الدعوى وقضت حضوريا بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة سبع سنوات عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات وببراءته من تهمة الشروع في السرقة وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه وذلك عملا بالمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ثاني يوم صدوره الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بالقتل العمد جاء مشوبا بما يبطله، فقد دافع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وماله، ولكن المحكمة لم تأخذ بذلك، وذكرت أسبابا لا تؤدي إلى ما انتهت إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد إن بين الواقعة، وأورد الأدلة، تعرض للدفاع المشار إليه فقال: "إن النيابة تقول إن المتهم الأول (الطاعن) حين أطلق العيار على المجني عليه فأصابه كان ينتوى قتله وإزهاق روحه ويقول المتهم في إجابته أنه كان يرهب المجني ليه دفاعاً عن نفسه وعن ماله... وإنه ثابت من تقرير طبيب المستشفى أنه وجد بالمصاب جرح ناري فوق الحرقفة اليمنى وجرح آخر فوق الأول. وقال الطبيب الشرعي إن الإصابة من عيار معمر برصاصة واحدة من سلاح غير مخشخن ومن مسافة تزيد عن المتر... وكان الضارب أمامه وعلى يمينه قليلا وأصابه العيار من الأمام إلى الخلف مع ميل بسيط إلى أسفل... وأن المتهم الأول يؤيده المتهم الثاني صورا الواقعة على أنه كان يسير حاملا للبندقية المضبوطة يرافقه الثاني فقابله المجني عليه يرافقه ثلاثة وسألوه عن كبريت فقال لهم إنه لا يشرب سجاير، فتقدم لهم المتهم الثاني ليفهمهم أنه قريبه، ولكنهم لم يقتنعوا وجروا وراءه يحمل بعضهم عصياً، فالتفت إليهم وأطلق عياراً أصاب المجني عليه، وأن هذا التصوير يدل على أن المجني عليه ومن معه ما كانوا يحملون أسلحة ولم يضربوا المتهم ولم يحيطوا به ولم يحاولوا بالفعل سرقة بندقيته ولم يقتربوا منه بدليل عدم وجود آثار حول إصابة المجني عليه تدل على قرب مطلق العيار من جسم المصاب ومتى تقرر ذلك كان من الميسور ومن الطبيعي أن يطلق المتهم عياراً في الهواء للارهاب فإذا استمر الحال على ما هو عليه كان من الطبيعي أيضاً أن يطلق عياراً على من يقتفون أثره حيث يعطل سيرهم، وكانت النتيجة الحتمية لهذا أن يقف هؤلاء خوفاً على حياتهم، ويلوذ المتهم إذ ذاك بالفرار، ولكن المتهم باعترافه أطلق عياراً نارياً واحداً من بندقية انجليزي محشوة بالرصاص أصاب المجني عليه في بطنه، وهذا يدل حتما على أن المتهم الأول حين أطلق العيار على المجني عليه كان ينوي قتله وإزهاق روحه، ولا عبرة بالميل البسيط لأسفل في اتجاه المقذوف لأن هذا يرجع إلى رعشة خفيفة في يد المتهم حين أطلق العيار". ولما كان القانون لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد وقع اعتداء على النفس أو المال بالفعل، بل يكفي أن يكون قد وقع فعل يخشى منه وقوع هذا الاعتداء, وكانت العبرة فيه هي بتقدير المدافع متى كان مبنياً على أسباب جائزة ومقبولة من شأنها أن تبرر تقديره، في الظروف التي كان هو فيها، وكان الواضح مما قالته المحكمة فيما تقدم أنها لم تجر في حكمها على هذا الأساس، بل حكمت على موقف الجاني نتيجة تفكيرها هي الهادئ المطمئن. ثم إنها مع ذلك قد اقتصرت في تفنيد دفاع الطاعن على إثبات توفر نية القتل لديه، مع أن ذلك لا ينفى قيام حالة الدفاع الشرعي - لما كان الأمر كذلك، فإن الحكم يكون معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق