الصفحات

الأربعاء، 1 فبراير 2023

الطعن 18493 لسنة 83 ق جلسة 23 / 2 / 2021

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة التجارية والاقتصادية
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سالمان صلاح عصمت د. محمد رجاء وياسر بهاء الدين نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ محمد عبد المحسن أبو الروس.

والسيد أمين السر/ خالد وجيه.

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة.
فى يوم الثلاثاء 11 من رجب سنة 1442ه الموافق 23 من فبراير سنة 2021م.
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 18493 لسنة 83 قضائية.

المرفوع من
شركة إيفر جرين مارين كوربوريشن بصفتها مجهزة ومستأجرة السفينة إيجل برستيج EAGLE PRESTIGE
وتعلن بموطنها المختار فى جمهورية مصر العربية مكتب الأستاذ/ ..... المحامى الكائن .... - قسم سيدى جابر - محافظة الإسكندرية وبالقاهرة مكتب الأستاذ/ ..... المحامى الكائن ..... - الظاهر - محافظة القاهرة.
لم يحضر عنها أحد.
ضد
السيد/ ....
ويعلن برقم ..... - المبتديان - السيدة زينب - محافظة القاهرة.
لم يحضر عنه أحد.

---------------

" الوقائع "

فى يوم 20/ 11/ 2013 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 24/ 9/ 2013 فى الاستئناف رقم 989 لسنة 17ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلًا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفى اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتها.
وفى 8/ 1/ 2014 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلًا وفى الموضوع برفضه.
وبجلسة 8/ 12/ 2020 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 26/ 1/ 2021 سٌمِعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة كلٌ على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر/ د. محمد رجاء أحمد حمدى نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1128 لسنة 2008 تجارى كلى شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى له مبلغ 140,920 دولار أمريكى، وبيانًا لذلك قال إنه بتاريخ 21/ 3/ 2007 وبموجب سند شحن لصالحه تم شحن بضاعة (جملكه) من ميناء كالكتا بالهند على الخط الملاحى للشركة الطاعنة - الناقل- إلى ميناء الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، وبعد وصول الشحنة بتاريخ 5/ 5/ 2007 للميناء متأخرة عن الميعاد الذى قَبِلَه والمقدر بأنه فى غضون خمسة عشر يومًا من تاريخ الشحن، ثبت من تقرير معاينة شركة التامين تلف البضاعة المشحونة، وإذ كانت وثيقة التأمين لا تشمل الأخطار الناتجة عن إهمال الناقل، وقد لحقته أضرار مادية وأدبية قدرها بالمبلغ المطالب به، فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 14/ 4/ 2013 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 989 لسنة 17ق القاهرة، وقضت المحكمة بتاريخ 24/ 9/ 2013 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده مبلغ 40,920 دولار أمريكى. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعىَ على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضى بإلزامها بمبلغ التعويض المحكوم به على الرغم من أن سند الشحن محل التداعى منصوص فيه على عدم مسئوليتها عن أية أضرار ناشئة من التأخير.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 الموقعة فى هامبورج، والمعروفة باسم "قواعد هامبورج" Hamburg Rules والتى حلت محل المعاهدة الدولية الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن (بروكسل 1924) "قواعد لاهاى" والبروتوكولات الملحقة بها "قواعد لاهاى - فيسبى". والتى ووفق عليها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 104 لسنة 1979 المنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد 15 فى 11 إبريل 1991، والتى أعيد نشرها من جانب وزارة الخارجية - الإدارة القانونية والمعاهدات - بالجريدة الرسمية بالعدد 25 فى 18 يونيه سنة 1992 باستدراك الأخطاء المادية فى تلك الاتفاقية، ودخلت حيز النفاذ الفعلى -وفقًا للمادة 30 منها- اعتبارًا من الأول من نوفمبر 1992، واعتبارًا من هذا التاريخ الأخير تُعامل نصوص هذه الاتفاقية فى جمهورية مصر العربية معاملة القانون، وتطبق أحكامها وحدها على عقود النقل البحرى للبضائع متى توافرت أحوال تطبيقها المبينة فيها، وهو ما يؤدى دائمًا إلى استبعاد تطبيق أحكام القانون رقم 8 لسنة 1990 بشأن التجارة البحرية فى مسائل النقل البحرى للبضائع التى تناولتها الاتفاقية. ولما كان مؤدى المادتين 5 و23 من هذه الاتفاقية هو بطلان كل شرط يرد فى عقد النقل البحرى أو فى سند الشحن أو فى أية وثيقة أخرى مثبتة لعقد النقل البحرى، يقرر استبعاد تطبيق تلك الاتفاقية أو إعفاء الناقل من المسئولية عن الخسارة الناتجة عن هلاك البضائع أو تلفها أو التأخير فى تسليمها، بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام، فى حدود مخالفته لها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن شِحنة النزاع تم شحنها من ميناء كالكتا بالهند بتاريخ 21/ 3/ 2007 بمعرفة الشركة الطاعنة - الناقل- بموجب سند شحن، وتم تفريغ تلك الشِحنة بميناء الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، وهى دولة متعاقدة باتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحرى للبضائع عام 1978 الموقعة فى هامبورج، فإن سند الشحن محل النزاع يخضع للاتفاقية المشار إليها، باعتبار أن ميناء التفريغ المتفق عليه يقع فى دولة متعاقدة عملًا بالبند (ب) من الفِقرة الأولى من المادة الثانية من الاتفاقية، ومن ثم فلا يجوز للشركة الطاعنة التحدى بأن البند الخامس من سند الشحن يعفيها من المسئولية عن التأخير، لبطلانه ومخالفته للاتفاقية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة بشأن عدم إعفاء الشركة الطاعنة من المسئولية، فلا تعيبه من بعد تقريراته القانونية الخاطئة المتعلقة باستناده إلى قانون التجارة البحرية للوصول إلى ذات النتيجة، إذ لمحكمة النقض أن تصححه دون أن تنقضه.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعىَ على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنه قضى بإلزامها بمبلغ التعويض تأسيسًا على تلف البضاعة كليًا، على الرغم من أن المطعون ضده استلم البضاعة فى ميناء التفريغ وأفرج عنها جمركيًا وخزنها بمخزنه، ولم يقدم الدليل على إعدامها أو إعادة تصديرها، كما أن تقرير معاينة البضاعة بمخزنه فى 17/ 5/ 2007 أفاد بإمكانية طحنها وإعادة بيعها كفرزٍ ثانٍ مقابل مبلغ 5580 دولار أمريكى.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن مؤدى المادتين 4 و5 من اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 "قواعد هامبورج" أن التزام الناقل البحرى بسلامة البضائع التى فى عهدته وبعدم تأخير تسليمها هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية، يبدأ من الوقت التى استلم فيه تلك البضائع من الشاحن فى ميناء الشحن حتى الوقت الذى يتسلمها فيه المُرسَل إليه أو تُوضع تحت تصرفه فى ميناء التفريغ، وكانت تلك القواعد -كما ورد بالمُرفق الثانى من الاتفاقية- تقيم مسئولية الناقل على أساس الخطأ المفترض بحيث لا يحتاج المضرور إلا إلى إثبات الضرر، إذ يُفترض خطأ الناقل كما تُفترض علاقة السببية بين الخطأ والضرر، ويجوز للناقل نفى قرينة الخطأ بإثبات أنه اتخذ، هو وتابعوه، جميع ما كان من المعقول تطلب اتخاذه من تدابير لمنع وقوع الضرر. وكانت المادة 6 من الاتفاقية المتعلقة بتحديد مسئولية الناقل قد تناولت فى الفِقرة (أ) منها تحديد المسئولية عن الخسارة الناتجة هلاك البضائع أو تلفها، سواء كان الهلاك أو التلف يرجع إلى التأخير أو غيره من الأسباب، بمبلغ يعادل 835 وحدة حسابية -من حقوق السحب الخاصة Special Drawing Rights (SDR)، وفقًا لطريقة التقويم التى يطبقها صندوق النقد الدولى، محولة إلى العملة الوطنية للدولة، عملًا بالمادة 26 من الاتفاقية، تبعًا لقيمة هذه العملة فى تاريخ الحكم أو فى التاريخ الذى تتفق عليه الأطراف - عن كل طرد أو وحدة شحن أخرى أو 5‚2 وحدة حسابية عن كل كيلوجرام من الوزن القائم للبضائع يهلك أو يتلف، أيهما أكبر. ثم تناولت فى الفِقرة (ب) تحديد مسئولية الناقل عن الخسارة الناتجة عن التأخير فى التسليم، بمبلغ يعادل مثلى ونصف مثل أجرة النقل المستخدمة الدفع عن البضائع المتأخرة، على ألا يتجاوز هذا المبلغ مجموع أجرة النقل المستحقة الدفع بموجب عقد النقل البحرى للبضائع. ثم قررت فى الفِقرة (ج) أنه لا يجوز فى أى حال من الأحوال أن يتعدى مجموع مسئولية الناقل، بمقتضى الفِقرتين (أ) و(ب) المشار إليهما معًا، الحد الذى سيتقرر بمقتضى الفِقرة (أ) بالنسبة للهلاك الكلى للبضائع الذى تنشأ هذه المسئولية بشأنه. وتوجب المادة 19 من الاتفاقية - فى فِقرتيها الأولى والثانية - على المُرسَل إليه أن يُخطر الناقل كتابة بالهلاك أو التلف، مع تحديد الطبيعة العامة لهذا الهلاك أو التلف فى ميعاد لا يتجاوز يوم العمل التالى مباشرة لتسليم البضائع، وإلا اعتبر هذا التسليم قرينة قانونية على أن الناقل سلم البضائع كما هى موصوفة فى سند الشحن، وينتقل عبء إثبات أن التلف حدث وقت النقل البحرى إلى عاتق المضرور. أما إذا كان الهلاك أو التلف غير ظاهر فيجب أن يوجه الإخطار الكتابى خلال خمسة عشر يومًا متصلة تلى مباشرة يوم تسليم البضائع إلى المُرسَل إليه. وكان من المقرر أن عيب التلف يعتبر ظاهرًا فى حكم القانون متى كان يدركه النظر اليقظ ولو لم يكن فى متناول إدراك غيره، فليس معيار الظهور فى العيب معيارًا شخصيًا يتفاوت بتفاوت المستوى فى الأنظار المختلفة، بل معيارًا متعينًا بذاته مقدرًا بمستوى نظر الشخص الفطن المتنبه للأمور. وكان من الأصول المقررة أن العدلَ يأبىَ أن يجمعَ شخصٌ بين البدلينِ - البضاعة ذاتها وقيمة التعويض المستحق عنها - فينتفع بالشيِء وعِوَضِه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنة بالتعويض المحكوم به تأسيسًا على ما قاله من أن الثابت بالأوراق من تقرير معاينة شركة التأمين المؤرخ 17/ 5/ 2007 وتقرير الخبير المنتدب أن البضاعة تم شحنها صالحة للاستعمال إلا أن الناقل سلمها متحجرة غير صالحة للاستعمال، وأن ذلك كان بفعل الشركة الطاعنة لتأخرها فى تسليم البضاعة وأنها لم تثبت أن التلف كان بسبب لا يد لها فيه. غير أن الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان سند الشحن قد تضمن بيانًا بالحالة الموصوفة بها البضاعة من حيث كونها سائلة أم غير ذلك، كما لم يستظهر تاريخ استلام المطعون ضده للشحنة وتاريخ إخطاره للناقل بعيب التحجر، وما إذا كان هذا الإخطار قد تم فى الميعاد المحدد فى الاتفاقية من عدمه، والذى من شأن تخلفه أن تتحقق قرينة قانونية على أن الناقل سلم البضائع كما هى موصوفة فى سند الشحن ويجعل عبء إثبات أن التلف حدث وقت النقل البحرى على عاتق المضرور، كما قضى الحكم بمبلغ التعويض عن كامل قيمة البضاعة دون أن يقف على المصير الذى آلت إليه تلك البضاعة، وما إذا كان المطعون ضده يحوزها من عدمه، مع ما لذلك من أهمية جوهرية فى تحديد مقدار الضرر ومداه، وهو ما يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب الذى جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها بهيئة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق