الصفحات

السبت، 25 فبراير 2023

الطعن 1383 لسنة 19 ق جلسة 13/ 12/ 1949 مكتب فني 1 ق 55 ص 165

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1949

برياسة حضرة أحمد حسني بك وبحضور حضرات: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

--------------

(55)
القضية رقم 1383 سنة 19 القضائية

حكم. تسبيبه. 

إدانة المتهمين في جناية الضرب المفضي إلى الموت. تعدد الإصابات. إثبات أنها كلها ساهمت في الوفاة. بيان توافر سبق الإصرار لدي المتهمين. صحة الحكم. المناقشة فيما أورده من أدلة وفي تحصيله واقعة الدعوى من واقعها. لا تقبل.

-------------
متى كان الحكم الذي أدان المتهمين في جناية الضرب المفضي إلى الموت وعاقبهم بالمادة 236/ 1-2 من قانون العقوبات قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها وتعرض لإصابات المجني عليه فقال إنها أكثر من واحدة ساهمت كلها في وفاته، وعرض لسبق الإصرار فأورد الأدلة على توفره لدى المتهمين، وكان ما ذكره من ذلك من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون سليماً. ويكون ما يوجه إليه من طعن في صدد تحصيله واقعة الدعوى أو شهادة الشهود أو ما أسنده إلى كل متهم أو قيام ظرف سبق الإصرار لا يخرج عن كونه مجادلة في أدلة الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية كلا من: 1 - السيد السيد بقا. 2 - السيد عبد الحي بقا (الطاعنين) 3 - يوسف علي بقا. 4 - عبد الخالق حسن بقا، بأنهم: الأول والثاني والثالث قتلوا شلبي حسن حموده عمداً بأن أمسك به الثالث وضربه الأول والثاني بالعصى الغليظة على رأسه قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد والرابع: (أولا) اشترك مع الثلاثة الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معهم وساعدهم على ارتكابها فوقعت بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ثانياً) ضرب حسن محمد حموده فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة في حركتي ثني كل من المفصل السلامي المشطي والسلامي الأسفل لخنصر يده اليسرى يقلل من قدرته على العمل بنحو 3 % وذلك مع سبق الإصرار والترصد.
وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230و231و232 من قانون العقوبات للثلاثة الأول بالمواد 230و232و40/ 2-3 و41 و240/ 2 من قانون العقوبات للرابع.
فقرر إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد سالفة الذكر.
ومحكمة جنايات طنطا بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها عملا بالمادة 236/ 1-2 للأول والثاني، والمادتين 240/ 1و17 من قانون العقوبات للرابع: (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين السيد السيد بقا والسيد عبد الحي بقا بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين. (ثانياً) معاقبة المتهم عبد الخالق حسن بقا بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. (ثالثاً) براءة المتهم يوسف علي بقا مما أسند إليه (رابعاً) براءة المتهم الرابع من تهمة الاشتراك مع المتهمين الأول والثاني.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين يأخذان على الحكم المطعون فيه أنه (أولا) حصل واقعة الدعوى بما يخالف الثابت من التحقيقات والتقارير الطبية وشهادة الشهود ودفاع الطاعنين، فقد استظهر منها أن فريق الطاعنين بيت النية على المبادرة بالانتقام من فريق المجني عليه على حين أن الثابت فيها يناقض ذلك بل ويؤكد أن فريق المجني عليه. كان هو الموتور لإصابة بعض أفراده بإصابات تحتاج لعلاج من معركة الليلة السابقة والتي حصلت بين أفراد من نفس الأسرتين ولم يشأ فريق المجني عليه التبليغ عنها لاعتزامه على الثأر بنفسه، وأن المجني عليه كان من أشدهم حماساً في المطالبة به، وقد جمع هذا الفريق شمله وذهب في صباح اليوم التالي صوب منازل فريق الطاعنين واشتبك في معركة انجابت عن إصابة المجني عليه من يد لم يتبينها أحد أثناء الشجار، وأن والد المجني عليه وذويه إنما توجهوا بالاتهام إلى الطاعنين لما بدا منهما من تعريض عند نقله مصاباً إلى منزله. (ثانياً) أغفل الرد على دفاع الطاعنين ولم يعن باستقصاء الآلات أو العصي المقول باستعمالها في الجناية أو بتحقيق ما أثاره الدفاع من أدلة من أدلة التلفيق الذي دبره عمدة البلدة وشيخ خفرائها وهو عم المجني عليه، ومن تناقض أقوال الشهود وظهور كذبها. (وثالثاً) أخطأ إذ اعتبر أن كلا من الطاعنين قد ضرب المجني عليه فأحدث إصابته. ذلك أن الثابت بالكشوف الطبية التي توقعت عقب الحادث وبتقرير الصفة التشريحية أن الكسور التي برأس المجني عليه إنما جاءت نتيجة ضربة واحدة بيد شخص واحد، إلا أنها كانت من الشدة بحيث أحدثت تلك الكسور المتشعبة (رابعاً) أخطأ في القول بتوافر ظرف سبق الإصرار إذ أقامه على أساس لا سند له من الوقائع الثابتة في الدعوى.
وحيث إن النيابة العمومية اتهمت الطاعنين بأنهما وآخر قتلوا المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار والترصد بواسطة ضربه بالعصي الغليظة على رأسه، وقاضي الإحالة أمر بإحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230و231و232 من قانون العقوبات، فقضت بحكمها المطعون فيه باعتبار الواقعة جناية ضرب أفضى إلى الموت وعاقبت الطاعنين بالمادة 236/ 1-2 عقوبات، وقالت في ذلك "ومن حيث إن ظروف الحادث كما تبينتها المحكمة من التحقيقات التي تمت فيها والتقارير الطبية وأقوال شهود الإثبات ودفاع المتهمين تتحصل في أنه في الليلة السابقة على تاريخ هذه الحادثة... حصل شجار بين محمد عبد الحميد حمودة وبين يوسف علي بقا واشترك فيه بعض أفراد عائلة الأخير وأصيب أولهما منه بإصابات تقرر لعلاجها مدة أقل من عشرين يوماً وتدخل الأهالي وتمكنوا من فض النزاع، وإذ سمع حسين محمد حمودة وولده شلبي بهذا النزاع وما انتهي إليه حتى ثارت ثائرتهما للأخذ بالثأر وكان حديثهما بصوت عال مسموع لفريق المتهمين لقرب منازلهم فانتووا الانتقام ممن يريد منازلتهم والانتقام منهم وبيتوا النية على ذلك فباتوا تلك الليلة في منزل أول المتهمين (الطاعن الأول)، حتى إذا حضر المجني عليه شلبي حسين حمودة ووالده لتأدية صلاة الصبح في الجامع المواجه لمنزلهم اعتدى المتهمان الأول والثاني (الطاعنان) على شلبي حسين حمودة بالعصي الغليظة فسقط على الأرض فاقد النطق، ولما حاول والده حسين حمودة الوصول إليه ومنع الأذى عنه عاجله المتهم عبد الخالق حسن بقا بضربة على إصبعه..." وبعد أن أوردت خلاصة أقوال الشهود الذين اعتمدت على شهادتهم وملخص تقرير الصفة التشريحية على المجني عليه شلبي حسن حمودة قالت "وقد دل التشريح على وجود انسكابات دموية غزيرة بأنسجة الفروة والجبهة ووجد فقد عظمى في كل من أنسجة الجدارية اليسرى ومقدم الجدارية اليمنى للخلف وشرخان يوصلان ما بين العقدين بشروخ عديدة أخرى وبرفع القبوة وجدت الفيكونة متكدمة مقابل العقدين والمسافة بينهما على سطح فص المخ، وأما باقي أجزاء الجثة فوجدت طبيعية. وانتهى في تقريره إلى أن الإصابة نتيجة ضربة بجسم صلب راض مستطيل أياً كان نوعه والوفاة نتيجة هذه الإصابة وما نتج عنها من كسور العظام وتكدم بالمخ. وقد ناقشته المحكمة فيما إذا كانت الإصابتان معاً أو أن إحداهما قد ساهمت في إحداث الوفاة، فأجاب بأن الكسر الموجود بالرأس حصل من إصابتين وأن الوفاة نتجت عنهما معاً وأن إصابة الجدارية اليمنى نتيجة ضرب وليس نتيجة سقوط المجني عليه على الأرض لاصطحابها بكسر منخسف تسبب منه كسور شرخية ووصل أحدها لقاع الجمجمة.." ثم تعرضت إلى التكييف القانوني للحادث فقالت "وتستنتج المحكمة من عدم تعدد الإصابات ومن الآلة المستعملة في الضرب أن المتهمين لم يقصدا قتل المجني عليه بل قصدا الاعتداء عليه حتى أنه لما سئل والد المجني عليه عن قصد المتهمين قرر أنه لا يعرف قصدهما ولكن الإصابة كانت جامدة، ومن ثم يتعين اعتبار ما وقع منهما ضرباً أفضى إلى موت المجني عليه، ومن حيث بالنسبة لتوفر ركن سبق الإصرار والترصد فقد ثبت من التحقيق أيضاً حصول شجار ليلة الحادثة بين عائلة حمودة وعائلة بقا التي ينتسب إليها المتهمون وقد توجه المجني عليه ووالده لمنزل محمد عبد الحميد حمودة بعد انقضاء المشاجرة وأفلتت منه بعض عبارات دلت على رغبته في الانتقام من هذه العائلة وكانت على مسمع منهم لقرب منازلهم فأصر المتهمان على الاعتداء وهما يعلمان أن القتيل ووالده يؤديان الصلاة في المسجد المقابل لمنزلهما فانهالا عليه بالضربتين اللتين نتجت عنهما وفاته، ولا أدل على ذلك من أقوال عمدة البلدة الشيخ أحمد عبد الله حسين في التحقيق من أن المتهمين انتظرا المجني عليه ووالده وأنهما كانا بائتين تلك الليلة في منزل أول المتهمين مما يقطع بتوافر هذين الركنين".
وحيث إنه يؤخذ مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها وتعرض لإصابات المجني عليه فقال إنها أكثر من واحدة ساهمت في وفاته وأورد الأدلة على توفر سبق الإصرار لدى الطاعنين. ولما كان ما أوردته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما وتكون أوجه الطعن لا تخرج من محاولة الجدل في أدلة الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق