الصفحات

الأحد، 30 أكتوبر 2022

الطعن 9292 لسنة 85 ق جلسة 19 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 85 ص 836

جلسة 19 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد طاهر وأحمد قزامل نائبي رئيس المحكمة ومحمد السنباطي وأحمد المتناوي .

------------

(85)

الطعن رقم 9292 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالتفتيش . موضوعي .

 (3) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

اطراح الحكم نعي الطاعن بالتلاعب في توقيتات الإذن استناداً لاطمئنان المحكمة لثبوت صحتها بمذكرة وكيل النيابة مُصدره . صحيح . علة ذلك ؟

(4) استدلالات . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .

إمضاء رجل الضبط القضائي وقتاً طويلاً في التحريات . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمُرشدين السريين وتخّير الطريق والوقت المُناسبين لتنفيذ إذن التفتيش بطريقة مُثمرة .

(5) إثبات " شهود " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعه بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي توردها . رداً عليه .

النعي بشأن اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة بالتفتيش استناداً لأقوالهم . جدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(6) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

اطمئنان المحكمة إلى أن المواد المخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها ولنتيجة التحليل . أثره : التفاتها عن الرد على دفاع الطاعن بانقطاع الصلة بين أوزانها بمحضر جمع الاستدلالات مع ما عُرض على النيابة وأُرسل للتحليل .

(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لمِا لا يُعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش وإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .

(9) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم تقيّد المحكمة بالوصف الذي تُسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند للمتهم . اقتصار تعديلها له على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مُشدداً في جريمة إحراز المخدر . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة وشرط ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مُستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقريري المعمل الجنائي والأدلة الجنائية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المُستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإنه ينتفي عن الحكم قالة الإجمال والإبهام .     

2- من المُقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا مُعقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

3- لمَّا كان الحكم قد عرض لما أُثيِر من التلاعب في توقيتات الإذن واطرحه بما محصله من إرسال السيد الأستاذ وكيل النيابة مُصدر الإذن مذكرة تفيد بأن ساعة وتاريخ إصدار الإذن صحيحين ولا يوجد تلاعب في الساعة التي صدر فيها الإذن ، وهو ما اطمأنت له المحكمة ، وكان ما أثاره الطاعن - على نحو ما سلف - هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة ، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد اطرحته بما أوردته فيما تقدم برد سائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

4- لمَّا كان القانون لا يوجب أن يكون رجل الضبط قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، إذ له اتخاذ ما يلزم من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين بدون تحديد فترة زمنية لإجرائها ، كما له تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش بتخيّر الطريق المُناسب لتنفيذه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

5- من المُقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة على وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي توردها ، ولمَّا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

6- لمَّا كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المُخدرة المضبوطة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصَده محضر جمع الاستدلالات من أوزان لها مع ما عُرض على النيابة العامة وتم إرساله للتحليل ، مردوداً بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المواد المُخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت بناء على ذلك ، ولا جُناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد .

7- من المُقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى عدم تواجد الشاهد الثاني واقعة ضبطه إذ إنه قام بالتحريات بفرض حصوله لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ومنطق استدلاله على تفتيشه وضبطه محرزاً للمخدر المضبوط وبالتالي تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد .

8- من المُقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يُقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .

9- لمَّا كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المُبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضى تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الهيروين ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

2- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الأفيون ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

3- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( الحشيش ) في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً .

4- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .

5- أحرز ذخائر ( أربع عشرة طلقة ) مما تستعمل على السلاح الناري موضوع التهمة السالفة دون أن يكون مرخصاً بحيازته أو إحرازه .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2، 38/1 2، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدل والبند رقم (2) من القسم الأول والبندين 9 ، 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) المُلحق به والمُستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمواد 1 ، 2 ، 6، 26/3 ، 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المُعدل والبند "ب" من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المرفق والمُعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة .... بالسجن المُشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة بالنسبة للتهمة الأولى ، وفى التهمتين الأخيرتين بمعاقبته بالسجن المُشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية - باعتبار أن إحراز المواد المخدرة مجرداً من القصود المُسماة قانوناً .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم إحراز جواهر مخدرة ( هيروين - أفيون - حشيش ) بغير قصد في غير الأحوال المُصرح بها قانوناً وإحراز سلاح ناري مششخن ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بإحرازه وذخيرة مما تستعمل فيه قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك بأن أسبابه اعتورها الغموض والإبهام ، ورد الحكم بما لا يسوغ على الدفوع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات لشواهد متعددة ، وبالتلاحق الزمني السريع في الإجراءات ، وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما ، والتفتت عن الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات لاختلاف ما عُرض على النيابة العامة عما ورد بمحضر الضبط ، وأورد الحكم بمدوناته أن الضابط .... شارك الضابط .... في الضبط بالمُخالفة للثابت بالأوراق ، وعوَّل على تحريات الشرطة وأقوال مُجريها في نسبة المُخدر للطاعن ثم اطرحها في مقام التدليل على القصد ، وأخيراً استبعدت المحكمة قصد الاتجار دون تنبيه الدفاع لذلك ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مُستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقريري المعمل الجنائي والأدلة الجنائية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإنه ينتفى عن الحكم قالة الإجمال والإبهام . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا مُعقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة مُنتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما أُثيِر من التلاعب في توقيتات الإذن واطرحه بما مُحصله من إرسال السيد الأستاذ وكيل النيابة مُصدر الإذن مذكرة تفيد بأن ساعة وتاريخ إصدار الإذن صحيحين ولا يوجد تلاعب في الساعة التي صدر فيها الإذن ، وهو ما اطمأنت له المحكمة ، وكان ما أثاره الطاعن - على نحو ما سلف - هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة ، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد اطرحته بما أوردته فيما تقدم برد سائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان القانون لا يوجب أن يكون رجل الضبط قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، إذ له اتخاذ ما يلزم من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المُرشدين السريين بدون تحديد فترة زمنية لإجرائها كما له تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش بتخيّر الطريق المُناسب لتنفيذه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مُناسباً ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة على وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي توردها ، ولمَّا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصَده محضر جمع الاستدلالات من أوزان لها مع ما عُرض على النيابة العامة وتم إرساله للتحليل ، مردوداً بما هو مقرر من أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المواد المُخدرة المضبوطة هي التي أُرسلت للنيابة العامة وصَار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت بناءً على ذلك ، ولا جُناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى عدم تواجد الشاهد الثاني واقعة ضبطه إذ إنه قام بالتحريات بفرض حصوله لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ومنطق استدلاله على تفتيشه وضبطه مُحرزاً للمخدر المضبوط وبالتالي تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المُخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يُقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المُسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المُبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الإتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق