الصفحات

الجمعة، 7 أكتوبر 2022

الطعن 735 سنة 44 ق جلسة 6 / 6 / 1927

الحكم الصادر في 6 يونيه سنة 1927 في القضية رقم 735 سنة 44 قضائية:


وقائع الدعوى

اتهمت النيابة ضمن من اتهمت هذا المتهم بأنه في يوم 25 أغسطس سنة 1925 بجهة بنى عبيد مركز أبى قرقاص بمديرية المنيا هو وآخر قتلا أحمد حسن توفيق عمدا بأن أطلقا عليه عيارا ناريا قتله. وطلبت من حضرة قاضى الإحالة إحالته على محكمة الجنايات مع من معه لمحاكمته بمقتضى المادة 198/ 1 من قانون العقوبات.
وحضرة قاضى الإحالة قرّر بتاريخ 5 يناير سنة 1926 بأن لا وجه لإقامة الدعوى بالنسبة للمتهم المذكور لعدم كفاية الأدلة وبإحالة باقي المتهمين على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد المذكورة بقرار الاتهام. فعارض المدعون بالحق المدني وهم ورثة أحمد حسين في هذا القرار. فقررت محكمة بنى سويف الأهلية المنعقدة بهيئة مشورة بتاريخ 9 فبراير سنة 1926 إلغاء قرار الإحالة بالنسبة للمتهم أبو المجد إبراهيم مفتاح وإحالته على محكمة جنايات بنى سويف لمحاكمته بالمادة 198/ 1 من قانون العقوبات على التهمة الموجهة إليه بتقرير الاتهام.
وبجلسة يوم 17 يناير سنة 1927 دفع المحامون عنه أمام محكمة الموضوع دفعا فرعيا بعدم جواز نظر الدعوى العمومية بالنسبة له. والمحامي عن المدعين بالحق المدني طلب الرفض والنيابة فوّضت الرأي.
وبعد تمام المرافعة قضت محكمة الجنايات بتاريخ 14 فبراير سنة 1927 حضوريا بقبول الدفع الفرعي المقدم من أبو المجد إبراهيم مفتاح وعدم جواز نظر الدعوى العمومية قبله وأمرت بالتكلم في الموضوع.
وبتاريخ 27 فبراير سنة 1927 قرّر حضرة رئيس نيابة بنى سويف بناء على كتاب سعادة النائب العمومي نمرة 223 تاريخه 26 فبراير سنة 1927 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام وقدّم تقريرا بأوجه الطعن في 26 منه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق هذه القضية والمداولة قانونا.
حيث إن النقص صحيح شكلا.
وحيث إن النيابة تستند في ورقة الأسباب المقدّمة منها على أن المعارضة التي ترفع من المدعى بالحق المدني وحده في قرار قاضي الإحالة الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى على المتهم تجعل لمحكمة المعارضة وهي أودة المشورة بالمحكمة الابتدائية الحق في إلغاء هذا الأمر بالنسبة للدعوى المدنية والدعوى العمومية ولو لم ترفع معارضة من النائب العمومي عن هذا الأمر. واستندت تأييدا لطلبها على المادة 12 حرف ج من قانون تشكيل محاكم الجنايات المضافة بالقانون رقم 7 سنة 1914 وعلى ما جاء بقانون تحقيق الجنايات من أن معارضة المدّعي بالحق المدني في الأمر الصادر من قاضي التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى تعيد القضية إلى سيرتها الأولى أي أن هذه المعارضة تؤثر على الدعويين العمومية والمدنية معا. وبناء على ذلك قالت النيابة في ورقة الأسباب إن الحكم المطعون فيه القاضي بعدم جواز نظر الدعوى العمومية قبل المتهم قد صدر عن خطأ. وطلبت قبول النقض وإلغاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه بالرجوع إلى نص المادة 12 حرف ج المعدّلة بالقانون رقم 7 سنة 1914 وجدت قاصرة على جواز رفع المعارضة في أمر قاضى الإحالة الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة من النائب العمومي ومن المدّعى بالحق المدني وترفع هذه المعارضة لأودة المشورة بالمحكمة الابتدائية فتفصل في القضية بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات التي تراها من النيابة أو المتهم أو المدّعى بالحق المدني.
وحيث إنه من المقرر قانونا ألا ترفع الدعوى العمومية على متهم في جناية إلا بناء على طلب النيابة فهي التي لها سلطة التحقيق. ومتى تم تقدّمها وحدها لقاضي الإحالة بتقرير تحرره تبين فيه جليا الأفعال المسندة إلى المتهم أو لكل من المتهمين عند تعدّدهم والوصف القانوني لهذه الأفعال وترفق بهذا التقرير قائمة بأسماء شهود الإثبات إلى آخر ما جاء في المادة العاشرة من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
وحيث إنه بناء على هذا التقرير يصبح قاضى الإحالة مختصا وحده بالنظر في القضية من جهة إحالتها إلى محكمة الجنايات أو أية دائرة أخرى مختصة بها قانونا أو يصدر فيها أمرا بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة أو لعدم العقاب قانونا وكان أمره هذا نهائيا لا يقبل الطعن إلا بطريق النقض من النائب العمومي لخطأ في تطبيق القانون أو في تفسيره عملا بالمادة 13 من القانون رقم 4 الصادر في سنة 1905 بتشكيل محاكم الجنايات.
وحيث إنه بعد ذلك رؤى أن سلطة قاضى الإحالة هذه قد يكون فيها بعض المضرة فأخذت الحكومة في تعديل المادة المذكورة بأن جعلت للنائب العمومي الحق في المعارضة في أمر قاضى الإحالة الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة وأن ترفع المعارضة المذكورة لأودة المشورة للمحكمة الابتدائية. وعند المناقشة في المشروع سنة 1914 بين الحكومة والجمعية التشريعية رأت الأولى أن تجعل للمدّعى بالحق المدني حق المعارضة في أمر قاضى الإحالة الصادر بان لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة لما له من المصلحة في ذلك.
وحيث إن مجرد إباحة هذا الحق للمدّعى بالحق المدني لا يتناول مطلقا تحريك الدعوى العمومية التي هي في الحالة التي نحن في صددها ملك خاص بالنائب العمومي وحده دون أي عضو من أعضائه مهما عظمت وظيفته. وقد رأى الشارع في ذلك زيادة ضمان للمتهم الذي بمجرد أن صدر في شأنه أمر قاضى الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية لعدم كفاية الأدلة يصبح في منجاة وليست لأية سلطة أخرى غير النائب العمومي بالذات أن تطعن في هذا الأمر بطريق الطعن الجديد وهو المعارضة أمام أودة المشورة توصلا لبحث الدعوى العمومية من جديد.
وحيث إنه لا يمكن أن يحاج على هذا القول بما جاء في المادة 123 من قانون تحقيق الجنايات الخاصة بأن المعارضة التي ترفع عن أمر قاضي التحقيق الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى من أعضاء قلم النائب العمومي ومن المدّعي بالحق المدني تجعل الدعوى في الحالة التي كانت عليها من قبل. لأن هذا النص الصريح خاص بالأمر الصادر من حضرة قاضي التحقيق ولم يذكر صراحة في تعديل سنة 1914 أن المعارضة من المدّعى بالحق المدني تعيد الدعوى لأصلها وتؤثر على الدعوى العمومية. ولا يمكن الحكم في مواد الجنايات بالمشابهة والقياس. ومتى انعدم النص سقطت المؤاخذة. على أن قاضي الإحالة لم تكن سلطته تشبه قاضي التحقيق في القانون الأهلي ولا أية سلطة أخرى في التشريع الأجنبي، بل هي سلطة فذة قائمة بذاتها فلا يؤاخذ المتهم إلا بما سنّ له صريحا في القوانين. ولا قياس ولا شبه في المؤاخذة الجنائية.
وحيث إنه متى تقرر ذلك يصبح غير مقبول القول بأن المعارضة من المدّعى بالحق المدني وحده في أمر قاضى الإحالة تعيد الدعوى لحالتها الأولى وتبعث الدعوى العمومية من رمسها بعد أن انحل قيدها عن عاتق المتهم بقبول النائب العمومي الأمر الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى. وبعدم المعارضة فيه منه فقد أصبح نهائيا وحجة بما فيه ما لم تظهر أدلة جديدة تأذن ببعث الدعوى العمومية عملا بالمادة 15 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
وحيث إنه مما يؤيد ذلك أيضا ما جاء في المادة 42 من قانون تحقيق الجنايات التي نصت بأنه اذا رؤى للنيابة العمومية بعد التحقيق أن لا وجه لإقامة الدعوى تصدر أمرا بحفظ الأوراق ويكون صدور هذا الأمر في مواد الجنايات من رئيس النيابة العمومية أو ممن يقوم مقامه. والأمر الذي يصدر بحفظ الأوراق يمنع من العودة إلى إقامة الدعوى العمومية إلا إذا ألغى النائب العمومي هذا الأمر في مدّة الثلاثة الشهور التالية لصدوره أو إذا ظهرت قبل انقضاء المواعيد المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى أدلة جديدة حسب ما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 127 من قانون تحقيق الجنايات. فمتى كان أمر النيابة بالحفظ مانعا من رفع الدعوى ثانية إلا إذا ألغى النائب العمومي قرار الحفظ في المدّة القانونية فمن باب أولى لا يجوز الرجوع إلى الدعوى العمومية بعد أن حفظها قاضى الإحالة بالأمر الصادر منه بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية ووافق عليه النائب العمومي بعدم المعارضة فيه فقد اكتسب بذلك كل قوّة لمصلحة المتهم لا يقوى على العبث بها المدّعى بالحق المدني برفعه معارضة لا تتعدّى حقوقه المدنية.
وحيث إنه لا يرد على ذلك بأنه ليس مقبولا أن تحصل المعارضة من المدّعى بالحق المدني وتقبلها أودة المشورة ثم تحيلها على محكمة الجنايات قاصرة على الحقوق المدنية وحدها، لأن هذا جائز قانونا محافظة لحقوق المدّعى المدني الخاصة. ومثلها كمثل الحكم الصادر من محكمة الجنايات القاضي ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية فرفع المدّعى وحده نقضا عن هذا الحكم وقبل النقض وأحيلت الدعوى على محكمة الجنايات للحكم فيها مجدّدا فتحكم المحكمة المذكورة فيها فيما يخص الحقوق المدنية وحدها بغير مساس للدعوى العمومية التي قد انتهت بحكم البراءة وبعدم الطعن بالنقض فيه من النائب العمومي.
وحيث إنه بناء على جميع ما تقدّم يكون الحكم المطعون فيه لم يخالف أي نص من نصوص القانون والطعن الموجه عليه على غير أساس ويجب رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض هذا الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق