الصفحات

السبت، 15 أكتوبر 2022

الطعن 14267 لسنة 89 ق جلسة 26 / 1 / 2020

محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد ( د )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ حسن الغزيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل عمارة و محمد تركي محمد عبد الحليم طلبه نواب رئيس المحكمة وحاتم أحمد عبد الباري .

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد أحمد عبد القوي .

وأمين السر السيد / علي محمد محمود جوده .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأحد 1 من جمادى الآخرة لسنة 1441 ه الموافق 26 من يناير سنة 2020م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 14267 لسنة 89 ق .

المرفوع من
...... . " محكوم عليه - طاعن "
ضد
النيابة العامة . " مطعون ضدها "

----------------
"الوقائع"
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 ..... ( طاعن ) 2 .... . 3 ..... 4 ..... 5 ......6 ..... . 7 .....
في قضية الجناية رقم 4375 لسنة 2018 جنايات قسم الميناء بورسعيد (والمقيدة برقم 1316 سنة 2018 کلي بورسعيد.(
بأنهم خلال الفترة من شهر مارس سنة 2017 حتى الثامن من شهر يوليو سنة 2018 - بدائرة ميناء بورسعيد - محافظة بورسعيد.
أولاً : المتهم الأول :
أ بصفته موظفاً عمومياًرئيس الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد ، ورئيس مصلحة الجمارك - طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرارات ومزايا لآخرين بأن طلب وأخذ من المتهمين الثاني والثالث بوساطة المتهمين من الخامس حتى السابع - مبلغ خمسمائة وثمانية وستين ألف جنيه وملابس ومستلزمات منزلية وهاتف محمول وعطور وإيجار سيارات قيمتها جميعاً أثنين وثلاثين ألف ومائة جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل استعمال نفوذة للحصول من المختصين بالإدارة العامة لجمرك المنطقة الحرة والاستثمار ببورسعيد على قرارات ومزايا لصالحهما ، وتدخله لدى اللجنة المشكلة بقرار النيابة العامة من الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد في القضية رقم 266 لسنة 2018 إداري قسم الميناء لعدم زيادة الرسوم المستحقة عليهما ومحاولة تخفيضها على النحو المبين بالتحقيقات .
ب بصفته رئيس الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد طلب وأخذ لنفسه ولغيره عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الرابع - بوساطة المتهمين السادس والسابع - ملابس لنفسه ولنجله وأحذية ونظارتين ومستلزمات منزلية ومأكولات لنفسه قيمتها جميعا ثلاثين ألف وثلاثمائة وخمسة وثلاثين جنيها - على سبيل الرشوة - مقابل إصداره قرارات بترخيص أربعة مستودعات لينتفع بها المتهم الرابع وفقاً للعقد المبرم بينه والشركة العامة للصوامع والتخزين وتشكيل لجنة جمركية لتشغيلها على النحو المبين بالتحقيقات .
ج بصفته رئيساً للإدارة المركزية لجمارك بورسعيد ثم رئيساً لمصلحة الجمارك طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية ولأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الرابع - بوساطة المتهم السادس - رخاماً لمسكنه قيمته مائة واثنا عشر ألفًا وخمسمائة جنيه ، وستة وعشرون ألف جنيه قيمة هاتفين محمولين - على سبيل الرشوة - مقابل استعمال نفوذه - بصفته الأولى - بالتدخل لدى مسئولي الإدارة العامة للشئون الجمركية والإيداعات بمصلحة الجمارك ليحصل المتهم الرابع على قرار بنقل رسائل السراميك - محل البيانات الجمركية أرقام 58 ، 59 ، 60 لسنة 2016 جمرك العبور - إلى مستودعات بالمنطقة الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة بجمرك بورسعيد ، ومقابل بتهُ - بصفته الثانية - في طلبات بإعادة تقييم أسعارها بأقل من قيمتها المقدرة سلفاً لتخفيض قيمة المستحقات عليها وكذلك لنقلها ولإعادة تصديرها على النحو المبين بالتحقيقات .
د - بصفته من الخاضعين لأحكام قانون الكسب غير المشروع حصل لنفسه على مال بسبب استغلال صفته ونتيجة لسلوك مخالف لنص عقابي بأن حصل على مبلغ مائة الف جنيهاً نتيجة استغلال صفته كرئيس للإدارة المركزية لجمارك بورسعيد ، ومبلغ سبعمائة وثمانية وستين ألفًا وتسعمائة وخمسة وثلاثين جنيها جراء ارتكابه جرائم الرشوة محل الاتهامات المار بيانها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : المتهمان الثاني والثالث :
قدما رشوة لموظف عمومي لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرارات ومزايا ، بأن قدما للمتهم الأول - بوساطة المتهمين من الخامس حتى السابع - عطايا الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً / أ على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً : المتهم الرابع
قدم رشوة لموظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته ولاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية ، بأن قدم للمتهم الأول - بوساطة المتهمين السادس والسابع - عطايا الرشوة موضوع الاتهامين الواردين بالبند أولاً / ب ، ج على النحو المبين بالتحقيقات .
رابعاً : المتهمون من الخامس حتى السابع :
توسطوا في رشوة موظف عمومي لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرارات ومزايا بأن توسطوا في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً / أ على النحو المبين بالتحقيقات .
خامساً : المتهمان السادس والسابع أيضاً :
توسطا في رشوة موظف عمومي لأداء عمل من أعمال وظيفته ، بأن توسطا في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً /ب على النحو المبين بالتحقيقات .
سادساً : المتهم السادس أيضاً :
توسط في رشوة موظف عمومي لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرار ومزية ولأداء عمل من أعمال وظيفته بأن توسط في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولاً /ج على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات بورسعيد لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردین بأمر الإحالة .
والتي قضت في الرابع من إبريل سنة 2019 ، وعملاً بالمواد 103 ، 104 مكرر/1 ، 106 ، 107 ، 107 مكررا من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 2/1 ، 18/1 من القانون رقم 62 لسنة 1975 المعدل بشأن الكسب غير المشروع ، وبعد تطبيق المادتين 17 ، 32 من القانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول، حضورياً شخصياً للأول والثاني والثالث والخامس والسادس وحضوريا بتوكيل للرابع والسابع .
أولاً : بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغ 768،935 جنيهاً ( سبعمائة وثمانية وستون ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثون جنيها ) وعزله من وظيفته ومصادرة مبلغ الرشوة والمضبوطات وألزمته المصاريف الجنائية .
ثانياً : بإعفاء كل من ....... من العقاب .
فطعن المحكوم عليه ..... في هذا الحكم بطريق النقض في الحادي عشر من إبريل سنة 2019 وفى 28 ،30 من مايو سنة 2019 أودعت مذكرتان بأسباب الطعن موقع على الأولى من الأستاذ ...... وعلى الثانية من الأستاذين .... و ...... وهم جميعا من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض.

-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونًا .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمذكرتي أسبابه أنه إذ دانه بجريمتي طلب وأخذ رشوة والكسب غير المشروع قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المحكمة لم تحط بوقائع الاتهام عن بصر وبصيرة وقعدت عن تبيان أركان جريمة الرشوة التي دانه بها سيما أن أقوال الشاهدين الثالث والثامن ومحافظ بورسعيد آنذاك بجلسات المحاكمة جاءت قاطعة الدلالة على صحة وسلامة الإجراءات المتخذة من الطاعن في شأن موضوعات الرشا وعدم وجود مخالفات تنبئ عن إتجاره بوظيفته، وبطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية ومنعدمة وورودها على جريمة غير قائمة إذ أن مجريها استقى تحرياته عن طريق التلصص من خلال تسجيلات هاتفية غير مأذون بها إذ اقتصر الأمر بداءة بالتسجيل للمتهم الخامس وامتد إلى الطاعن والمتحري عنهم من خلال ذاك التسجيل مخالفا ًنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية مما يبطل التحريات وشهادة مجريها سيما أن فحوى تلك التسجيلات خلت من الرشوة المسندة إلى الطاعن مما لازمه رفض النيابة العامة لإصدار الإذن اللاحق قبل الطاعن بالمراقبة والتسجيل ، ولم تعرض لمضمون ومؤدى التسجيل الصوتي والمرئي بوصفه دليلاً لانتفاء الاتهام عن الطاعن دون تبيان سبب لاطراحه ، واطرح الدليل المستمد من التسجيلات ولم يعول عليها في حين أنه عول على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية شريف محمد نبيل الشنواني والتي تضمنت أن معلوماته استقاها من تسجيل المحادثات الهاتفية والتي خالفت ما ذهبت إليه بنهاية حكمها من أنها لم تشر إلى تلك التسجيلات في أي موضع مما يصم أسبابها بالتناقض ، وحصل الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم ضبط الطاعن متلبسا ًبجريمة الرشوة بما يخالف مقصد الدفاع منه حسبما هو ثابت بمحاضر الجلسات إذ أن الدفع في حقيقته هو بطلان الدليل المستمد من محضر الضبط لعدم ضبط الطاعن متلبسا بجريمة الرشوة ، وعولت المحكمة على إقرارات المتهمين من الثاني حتى السابع بتحقيقات النيابة العامة رغم بطلانها وخلو محاضر جلسات المحاكمة من تدوين اعترافهم تفصيلا ًبها وعدم تمكين دفاع الطاعن من مناقشتهم بالجلسات وتكذيب الطاعن لهم بدلالة المستندات المقدمة منه والتي تؤيد دفاعه في هذا الشأن سيما أن تلك الإقرارات تناقضت مع أقوال الشهود والأدلة الفنية التي انعدمت سيطرة الطاعن عليها وانعدام صلته بمكان الضبط في تاريخ الضبط ، كما تساندت إلى الإقرار المعزو للمتهم الرابع ورتبت أثره في إعفائه من العقاب رغم عدم ثبوت ذاك الإقرار أمام المحكمة وعدم سماعه ومناقشته في سلامة اعترافه الوارد بتحقيقات النيابة العامة ، ولم تستظهر عناصر التوافق بين إقرارات المتهمين آنفة البيان وصورة الواقعة ، واعتمدت على أدلة ظنية افتراضية باطله خالفت التسجيلات ولا تصلح دليلاً على إدانته، وتعارض صورة الواقعة بشأن مبالغ الرشا مع أقوال عضو هيئة الرقابية الإدارية وتعدد الصور التي أوردها في هذا الشأن مما ينم عن اضطراب صورة الواقعة لدى المحكمة ، واستخلصت المحكمة صورة فاسدة وغير صحيحة للواقعة إذ لم تفطن إلى أن الطاعن القائم بتشكيل اللجنة التي اكتشفت المخالفات موضوع الجناية رقم 266 لسنة 2018 جنايات الميناء وأحال المخالفين فيها إلى النيابة العامة وانقطاع صلته بتلك اللجنة التي كلفتها النيابة العامة بزيادة الفحص وأنه لا تأثير له عليهم، كما أن للواقعة صورة أخرى إذ أن الاتهام بداءة وجه إلى المتهم الخامس ثم ارتأت الرقابة الإدارية إعفاء هذا المتهم من التهمة والزج بالطاعن فيها لاكتشافه العديد من قضايا الفساد المتعلقة بشخصيات هامة ، وبالرغم من تمسك الدفاع ببطلان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات إلا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع مكتفية بقول مرسل مفاده اطمئنانها إلى حصول الواقعة على نحو ما ورد بأقوالهم دون أن تكشف عن علة هذا الاطمئنان ، كما أن البعض منهم يعمل لدى الراشين مما لا يجوز التعويل على شهادتهم أو التساند إليها ، وأن مجرى التحريات عضو هيئة الرقابة الإدارية كان من ضمن المشاركين في تحرير تقرير صلاحية الطاعن لشغل منصب رئيس مصلحة الجمارك ، وتساند إلى شهادة الشاهد الرابع / ..... والشاهد الخامس / ..... إلى ما شهد به الشاهد الثالث / ..... رغم ما وقر بينهم من اختلاف فضلا عن مغايرة أقوال الشاهد الأخير بجلسات المحاكمة لتلك الواردة بتحقيقات النيابة العامة ، وأورد الحكم أن الطاعن أوعز للمتهمين الثاني والثالث التقدم بتظلم من قرار اللجنة المشكلة في قضية العيارات على خلاف الثابت بأوراق الدعوى ، وخالفت المحكمة قواعد الاختصاص المكاني لنظر الدعوى إذ أن تلقى مبالغ الرشوة ومحل إقامته ومكان الضبط بمحافظة القاهرة ولا صلة لمحافظة بورسعيد بها إذ لم يثبت تلقى الطاعن أي مبالغ للرشا إبان عمله كرئيس للإدارة المركزية لجمارك بورسعيد ورد بما لا يسوغ على هذا الدفع ، وبطلان إجراءات التحقيق والمحاكمة وانعدام اتصال المحكمة بها لعدم وجود طلب من وزير المالية بمباشرة الإجراءات أسوة بما تم مع المتهم الخامس فقط سيما أن الاتهام المسند إليه لا استقلال له عن الجرائم الجمركية موضوع الجناية رقم 266 لسنة 2018 جنايات الميناء المرتبط بها ارتباطا لا يقبل التجزئة ، وعدم توافر موجب الإعفاء المقرر بنص المادة 107 من قانون العقوبات لعدم صحة الاعترافات للمتهمين وتناقضها مع الدليل الفني وكونها وليدة وعد ووعيد باعتبارها محرضة على الرشوة ومخالفتها للضوابط المقررة للشريعة الإسلامية والتي ساوت بين المرتشي والراش والوسيط ، والتفتت عن طلباته الجازمة وتحقيق دفاعه بسماع كل من .... و ...... واستدعاء خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام لمناقشته عن أوجه العبث بالأسطوانات المدمجة وكذا طلب ضم صورة من تحقيقات النيابة الإدارية بشأن الوقائع الجوهرية المتصلة بالدعوى وصورة من تحقيقات الكسب غير المشروع وتبيان كشوف وأرصدة المتهم الخامس بلوغا إلى الحقيقة والاستعلام عما تم في الجناية رقم 266 لسنة 2018 جنايات الميناء لتعلقها بالدليل في الدعوى الحالية واطرحها الحكم استنادا لتنازله عنها وهو ما يخالف ما ورد بمحاضر الجلسات من إصرار الدفاع عليها في حالة عدم القضاء بالبراءة ، كما التفت عن طلبه بسماع شهادة شهود الإثبات رغم عدم تنازله عن سماع أقوالهم ، وأغفلت الإشارة إلى المستندات المقدمة منه وما حوته من دفاع ودلالتها في نفي الاتهام عنه وعدم مطالعة ما تضمنتها ، وإرهاق الدفاع والزامه بالحضور بالجلسات داخل دور الانعقاد وغير عابئة بظروفه ولا راغبة في تحقيق دفاعه وظلت المحكمة شاهرة سيف ندب محامى للطاعن بديلا ًعن دفاعه الأصيل حتى يتسنى الفصل في الدعوى لقناعتها المسبقة بالإدانة منذ الوهلة الأولى مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقولة " أن المتهم ...... والذى يعمل رئيسا لمصلحة الجمارك قد نشأت علاقة بينه وبين المتهمين .... و ...... والذين يعملان كمستخلصين جمركين في مدينة بورسعيد عام 2017 إبان عمل المتهم الأول كرئيس الإدارة المركزية لجمرك بورسعيد قبل ترقيته لوظيفة رئيس المصلحة وأنهما قدما أموال وعطايا على سبيل الرشوة للمتهم الأول بوساطة المتهمين الخامس / ..... والسادس / ..... والسابع / ...... مقابل استغلال نفوذه لدى المختصين بالإدارة العامة لجمرك المنطقة الحرة والاستثمار ببورسعيد للحصول منه على قرارات ومزايا لصالحهما ، ومنها تدخله لدى اللجنة المشكلة من الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد لتخفيض الرسوم الجمركية المستحقة عليهما في القضية رقم 266 لسنة 2018 إداري ميناء بورسعيد ، حيث قام المتهم الأول في غضون مارس 2017 باستدعاء المتهم الثاني بمكتبه بالإدارة المركزية وطلب منه مشاركته في أعماله مستغلاً في ذلك صفته الوظيفية فماطل في إجابته ، وكلفه بالتواصل مع المتهم الخامس / .... في هذا الشأن ، فأبلغه الأخير بالتواصل مع المتهم الثالث الذى أعلمه بسابقة اتفاقه معه على تقديمه مبالغ مالية للمتهم الأول ، فاتفق معه على تقديم مبالغ للمذكور لإنهاء تعاملاتهما بجمارك بورسعيد ونفاذا لذلك تحصل منهما المتهم الأول على مبلغ مائة الف جنيه قدماها مناصفة بينهما بوساطة الخامس . وفى غضون سبتمبر 2017 على أثر علم المتهم الثاني والمتهم الثالث من المتهم الأول بتشكيله لجنة قامت بفحص عدد من البيانات الجمركية الخاصة بحاويات استورداها وآخران خلص تقريرها لوجود مخالفات جمركية بشأن العيارات الخاصة بأوزان تلك الحاويات ومواصفاتها مما نتج عنه مستحقات مالية للدولة جاوزت قيمتها العشرة ملايين جنيها وأعلمهما المتهم الأول أنه يتعين تحرير مذكرة للطعن على تقرير اللجنة لعدم تقديم الأوراق للنيابة العامة ، فحررت وأرفق بها عدد من الشيكات البنكية بإجمالي مليون وثلاثمائة وخمسين ألف جنيه ، وفى أعقاب ذلك طلب المتهم الأول منهما بوساطة المتهم الخامس مبالغ دورية على دفعات منتظمة على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه وتدخله لتخفيض المبالغ المستحقة عليهما ، فوافق على تقديمها ، ونفاذاً لذلك قدما مبلغاً جاوز الخمسمائة ألف جنيه على سبيل الرشى بدفعات متتالية أولها كانت في سبتمبر 2017 بتسليمه المتهم الثالث مبلغ خمسين ألف جنيها فأضاف الأخير مثلها وقدماها للمتهم الأول بوساطة المتهم الخامس وأعقبها تقديمهما ستين ألفا مناصفة بينهما بشهر أكتوبر 2017 سلمها المتهم الخامس للمتهم الأول . وفى غضون مارس 2018 التقى المتهم الثاني بالمتهم الأول بسكنه الإداري بمحافظة بورسعيد وطلب منه استكمال تقديم الرشى ، ونفاذا ًلذلك الاتفاق هاتف المتهم الثاني أحد موظفيه ويدعى ....... وسلمه علبة من الحلوى بعد أن أخفى بداخلها مبلغ خمسين ألف جنيه وكلفه بتسليمها للمتهم الأول ، فسلمها له ، وكذلك التقى المتهم الثاني مع المتهم الأول بمقر عمله بمحافظة بورسعيد واتفق معه على تقديم دفعه أخرى من مبلغ الرشوة بوساطة المتهم الخامس ، ونفاذاً لاتفاقهما التقى الأخير وفي غضون إبريل 2018 أمام نادى الشرطة ببورسعيد وسلمه حقيبة بلاستيكية سوداء اللون تحوى مبلغ خمسين ألف جنيه دفعة الرشوة مقابل إنهاء مصالحه بجمرك بورسعيد وتخفيض الرسوم المستحقة عليه المقررة بمعرفة اللجنة والتي يقدر نصيبه منها بما يزيد عن الخمسة ملايين جنيها . وعقب تولى المتهم الأول رئاسة مصلحة الجمارك أبلغه المتهم الثالث بتحويل المخالفات المالية محل تقرير اللجنة السابق تشكيلها من الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد للنيابة العامة التي كلفت اللجنة بإعادة الفحص ، واتفقا على لقاء المتهم الأول للتدخل لدى تلك اللجنة لتخفيض الرسوم المستحقة عليهما ، وعلى أثر زيارة الأخير لمحافظة بورسعيد التقاه بالسكن الإداري الخاص بالمصلحة ، وتحدثا بشأن تلك القضية وأعلمه المتهم الأول بنفوذه لدى اللجنة المكلفة من النيابة العامة و إزعامه التدخل لديها والتأثير على أعضائها وتكليفهم بفحص البيانات الجمركية الصحيحة دون غيرها تمهيدا لتخفيض الرسوم المستحقة عليه والمتهم الثالث ، وبانتهاء اللقاء هاتف المتهم السادس / ...... واستعلم منه عن مقاس " البدل " للمتهم الأول لعزمه على تقديم مجموعة له منها على سبيل الرشوة فأعلمه بمقاسه واستلامه من المتهم الأول بدلة كمقاس لإحضار مقاسات مثيلة لها ، فطلب منه لقاء أحد موظفيه ويدعى ..... والتوجه لحانوت " ..... " للملابس لانتقاء مجموعة منها للمتهم الأول ، وعلم منهما بأخذ الأخير ملابس بلغت قيمتها سبعة عشر ألف جنيه سددها المتهم الثاني. وفي يوم 10/6/2018 التقى المتهمان الثاني والثالث المتهم الأول بمقر سكنه الإداري بمحافظة القاهرة في حضور المتهم السادس واستعلم منه عما آل إليه أمر اللجنة فأعلمه بتدخله لديها وتكليفه رئيسها ..... بفحص البيانات الجمركية التي تفيد صحة نسبة خصم العيار الخاصة بالحاويات السابق استيرادها دون غيرها من المشوبة بالمخالفات ، واستجاب رئيس اللجنة وأعضاؤها لتكليفاته لما له من نفوذ عليهم بحكم رئاسته، فقدم له في أعقاب اللقاء بوساطة المتهم السادس مبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي دفعة من جعل الرشوة مقابل ذلك فضلاً عن إعلامه بحركة تنقلات الموظفين ، وأن مبلغ الثلاثة آلاف دولار تم استبدالها بأربعة وخمسين ألف جنيها . واستكمالا لوقائع الرشوة وفي 8/7/2018 التقى المتهم الثاني والثالث بحانوت المتهم الثاني بمنطقة مدينة نصر وسلمه الأخير حقيبة بلاستيكية خضراء تحوى ظرفا بداخله خمسين ألف جنيه فأضاف عليها مبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي دفعة الرشوة وسلماها للمتهم السادس الذى حضر إليهما وأقلهما بسيارته الخاصة حيث سكن المتهم الأول الإداري ، فالتقياه ،وطلبا منه حال اللقاء إنهاء مصالح لهما ومنها قضية اتهم فيها عدد من الموظفين بجمرك بورسعيد وآخران من المتهمين بقضية البيانات الجمركية محل الغرامات المستحقة عليهما ، كما سلماه مذكرتين خاصتين بطلب لكل منهما ، وما أن انتهى لقاؤهم غادرا رفقة المتهم السادس بسيارته وهاتف المتهم الأول وأعلمه بتسليمه والمتهم الثالث دفعة الرشوة للمتهم السادس . وذلك فضلا ًعن قيام المتهم الثالث ...... بتقديم عطايا عينية بدأت بمطلع 2018 بطلب المتهم الأول بوساطة المتهم الخامس منها سداد قيمة مستلزمات منزلية أخذها من حانوت " شفليد " بلغت قيمتها عشرة آلاف وربعمائة جنيه فبعث بموظف لديه يدعى / ..... بظرف يحوى قيمتها سددها لمسئولي الحانوت ، وأعقب ذلك طلب المتهم الأول بوساطة المتهم الخامس استئجار سيارات لتوصيل معارف له فتواصل مع ...... أحد مكاتب تأجير السيارات وكلفه بتلبية ما يطلب بمعرفة المتهم الخامس من سيارات وأنه سيتولى سداد قيمة إيجارها ، ونتيجة لذلك سدد خلال يناير وفبراير 2018 مبلغ ألفى ومائتي جنيه على سبيل الرشوة قيمة الإيجار ، كما قدم للمتهم الأول زجاجة عطر وهاتف محمول قيمتهما ألفين وخمسمائة جنيه كطلبه بوساطة المتهم الخامس . وبمطلع إبريل 2018 قدم المتهم الثالث للمتهم الأول مبلغ خمسين الف جنيه دفعة جديدة من جعل الرشوة بوساطة المتهم الخامس ، وعقب ذلك كلفه المتهم الأول بلقاء جمعه بمكتبه بتسليم ما يقدم من عطايا الرشى للمتهم السابع بدلا ًعن الخامس ، ونفاذاً لتكليفه سلم المتهم السابع بنهاية إبريل 2018 صندوقا من المخصص لحفظ الطعام أخفى بداخله خمسين ألف جنيه ، وأعلم المتهم الأول بذلك مقابل تسهيل أعماله ومصالحه بجمرك بورسعيد . وحيث ارتبطت تلك الواقعة وتزامنت معها قيام المتهم بالحصول على رشى تمثلت في هدايا عينية من المتهم الرابع / ..... والذى يعمل مستوردا ًفي مدينة بورسعيد ومستأجرا لصالة أفراح نادى الجمارك والذى يرأس مجلس إدارته المتهم الأول وذلك بأن قدم المتهم الأول ابان عمله كرئيس للإدارة المركزية لجمارك بورسعيد بالإضرار به وتعطيل أعماله فقام برفض السماح بدخول 15 حاوية مفروشات إلا بموجب أربع بطاقات استيرادية بخلاف مما كان مقررا بالسماح بإنهاء الإفراج الجمركي عليها بموجب بطاقات استيرادية صغيرة القيمة مما أدى إلى خسارته مبلغ خمسة ملايين جنيه كما قام بتعطيل استصدار قرار بالموافقة على الترخيص الخاص بمستودعات الشركة العامة للصوامع والمخصصة له ورفض شحنة تكييفات خاصة به دون فحصها وذلك لإرغامه على الاستجابة لرغباته وقبول إعطائه الرشى وكلف المتهم السادس بالتواصل معه لطلب هدايا عينية مقابل إنهاء مصالحه وأعماله الجمركية وإنهاء حالة التعنت معه حيث طلب منه مفرشين سرير للمتهم الأول بلغ قيمتهما 2400 جنيه قام بإرسالهم إليه وعند تقابله مع المتهم الأول بمكتبه بناءً على طلب الأخير أقر له بأنه من قام بطلبهما وأنه قد تحصل عليهما وطلب المتهم الأول بوساطة المتهم السادس لنجل المتهم الأول ملابس قام المتهم الرابع بشرائها له بلغ قيمتها 3700 جنيه وملابس للمتهم الأول تمثلت في ثلاثة بالطوهات وأحذية بلغت قيمتها 2500 جنيه أخرى ملابس من محلات ...... وأحذية من محل ...... كما تحصل على مبلغ 2500 جنيه وذلك قيمة نظارتين شمسيتين قام بشرائهم للمتهم الأول وعقب ذلك قام بطلب رخام للمنزل الخاص به فقام المتهم الرابع بمماطلته إلا أنه فوجئ بتعيينه رئيساً لمصلحة الجمارك فخشى توقف أعماله فاستجاب لكافة طلباته حيث طلب المتهم الأول بوساطة المتهم السادس عدد 2 موبيل أيفون فقام بإعطاء المتهم السادس مبلغ 26000 جنيه لشرائهما وعقب ذلك قام بالتوجه إلى استراحة المتهم الأول وتقابل معه بناء ًعلى طلب الأخير وأبصر المبلغ النقدي لديه وأعاد طلب الرخام لمنزله وساومه بذلك للموافقة على نقل شحنة السيراميك الخاص به وتخفيض قيمة الجمرك المستحق عليها فقام المتهم الرابع بالتوجه إلى محل بشق الثعبان برفقة المتهم السادس ونجل المتهم الأول وعامل الرخام وقاموا باختيار نوعية الرخام المطلوبة وقام بسداد مبلغ 25000 جنيه كمقدم لذلك الرخام وقام بسداد باقي المبلغ وهو 112200 جنيه وتم نقل الرخام إلى منزل المتهم الأول وعقب ذلك ونظير تلك الرشى والهدايا قام المتهم الأول بتخفيض الجمارك المستحقة على شحنة السراميك الخاصة به من 13 دولار إلى 11 دولار ووافق على نقل شحنة السيراميك والتي سبق وأن قام بتعطيلها وقدم المتهم الرابع تظلم آخر في مبلغ 11 دولار فقام المتهم الأول بطلب كشافات كهربائية لمنزله كمساومه منه للموافقة على ذلك التظلم كما قام المتهم السادس بإخبار المتهم الرابع بتواجد نجله وزوجة المتهم الأول ببورسعيد وأنهما يرغبان في شراء أطقم صيني فطلب المتهم الرابع منهما بالتوجه إلى إحدى المحال البهائي للحصول عليهما وقام بسداد ثمن تلك الأطقم والتي بلغ قيمتها 7000 جنيه . وحيث أن تلك الوقائع والرشى قد نمت إلى علم السيد / شريف محمد نبيل الشنوانى عضو هيئة الرقابة الإدارية ببورسعيد والذى أجرى تحرياته السرية والتي أوردت بصحتها تلك المعلومات والوقائع فاستصدر إذنا من النيابة العامة بتسجيل وتصوير لقاءات المتهمين جميعا وضبطهم وبتاريخ 8/7/2018 قام برصد المتهمين الثاني والثالث حال قيامهما بتجهيز مبلغ خمسين ألف جنيه وثلاثة آلاف دولار قاما بوضعها في حقيبة بلاستيكية وقاما بإعطائها للمتهم السادس وذلك لتوصيلها للمتهم الأول عقب انتهاء اللقاء بينهما وأنه قام برصد لقائهما والمتهم الأول في استراحته الخاصة بالعمل وانصرفا وقام المتهم الثاني بالاتصال بالمتهم الأول مقررا له إرسال مذكرات مع المتهم السادس كناية عن النقود فقام السيد عضو الرقابة بالتوجه إلى استراحة المتهم الأول وضبط النقود بالحقيبة البلاستيكية والتي سبق وأن قام برصدها مع المتهم الثاني والثالث وكذا ضبط المتهم السادس " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الشهود / ........ ومن إقرار واعتراف المتهمين / ...... بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة واعتراف المتهم ..... بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من مطالعة النيابة العامة للمستندات المقدمة إليها وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم المسندة إلى الطاعن فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وكان الثابت من الحكم أنه أورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف يتفق مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المار بيانه تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بمقتضى المادتين 103 ، 107 من قانون العقوبات على ما هي محددة في القانون مما تنحسر عنه قاله القصور في بيان الواقعة وركنها المادي وبما يتضمن ما يكفي للرد على دفاعه في هذا الشأن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول بوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن الطاعن أخذ من المتهمين الثاني والثالث والرابع المبالغ محل الرشى بواسطة المتهمين الخامس والسادس والسابع تنفيذاً لاتفاق سابق بينهم ليقوم الطاعن بالأعمال التي قام بها على نحو ما تم سرد آنفاً ، وهو ما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي في حقه وأنه طلب وأخذ النقود لقاء ذلك ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة في 5/6/2018 والأذون اللاحقة ومن ثم لم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بالإدانة إلى شهادة شهود الإثبات ، وما ثبت من اعترافات المتهمين من الثاني حتى السابع ، وما ثبت من مطالعة النيابة العامة للمستندات المقدمة إليها ، ولم يعول في ذلك على ما تضمنته التسجيلات ، ومن ثم فلم يكن الحكم بحاجة إلى أن يورد مضمون ومؤدى تلك التسجيلات ، لما كان هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشاهد شريف محمد نبيل الشنوانى عضو هيئة الرقابة الإدارية باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي اطرحها الحكم ولم يعول عليها في قضائه ، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت بأن هذه الأقوال تمت منهم غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - جاز لها الأخذ بها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكانت الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكان مدلول شهادة عضو الرقابة الإدارية كما أوردها الحكم المطعون فيه لا يستفاد منها أنها جاءت حصيلة معلومات مستمدة من جهاز التسجيل بل حصلها هو بنفسه لحصول الاتصالات التليفونية تحت إشرافه ، فإن ما انتهى إليه الحكم من إطراح التسجيلات وأنها لم تشر إليها في أي موضع من مدوناته وعدم أخذه بالدليل المستمد منها لا يتعارض مع تعويله على أقوال الشاهد عضو الرقابة الإدارية كما حصلها في مدوناته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان تحصيل الحكم دفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس على غير مقصد الدفاع منه إذ أن حقيقة دفعه بطلان الدليل المستمد من محضر الضبط لعدم ضبط الطاعن متلبسا بجريمة الرشوة لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانته على دليل مستمد من محضر الضبط ؛ فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الدليل المستمد من اعتراف المتهمين من الثاني حتى السابع واطرحه برد كاف وسائغ فإن هذا حسبه ، إذ من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف واطمأنت إليه ، فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بصدد بطلان اعترافات المتهمين من الثاني للسابع لصدوره نتيجة وعد ووعيد وباعتبارها محرضة للرشوة وإنما قصارى ما أثبت في محضر جلسة الرابع من إبريل سنة 2019 " بطلان الاعتراف الصادر من المتهمين من الثاني حتى الأخير وذلك لمخالفته الحقيقة وتناقضها مع الأدلة الفنية والتسجيلات الموجودة بالأوراق وكذا عدم توافر حق الإعفاء من العقاب في حقهم باعتبار أن هذا لا يعدو اعترافاً معفياً ولكنه دليل قاطع على توافر الرشى في حقهم يستوجب عقابهم قانونا وخاصة أن هذا الاعتراف المكذوب كان بغرض الإفلات من العقاب وجاء متأخر على لسان المتهم وغير مطابق للحقيقة التي عددها المشرع في المادة 107 مكرر مناط الإعفاء من العقاب " دون أن يبين وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التي ساقها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له ، وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، ولما كان الحكم قد أورد مؤدى هذه الاعترافات التي عول عليها في الإدانة - ضمن ما عول عليه - واطمأن إلى سلامتها ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون لا أساس له . لما كان ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه من أن الحكم قضى بإدانته استناداً إلى اعتراف المتهمين الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع أمام المحكمة والمتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة رغم تناقضها مع أقوال الشهود وانعدام صلته بمكان الضبط في تاريخ الضبط ، لا يعدو ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد أن يكون أمراً يتصل بتقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى ومحاولة مصادرتها في عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لاعتراف المتهمين من الثاني حتى السابع يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدي الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإن المحكمة لم تكن ملزمة من بعد بأن تورد مؤدي اعتراف المتهمين آنفي الذكر أمامها على حدة منفرداً عن اقراراتهم أمام النيابة وحسبها في ذلك أن يكون للدليل الذي اطمأنت إليه واقتنعت به له مأخذ صحيح من الأوراق ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة مناقشة المتهمين الثاني والثالث والخامس والسادس حين سماع اعترافهم أمام المحكمة مكتفيا بمناقشة المتهم السابع ومن ثم فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استند في قضائه إلى شهادة أقوال الشهود وإقرارات المتهمين من الثاني حتى السابع ، ولم يعول في ذلك على ما تضمنته التسجيلات ، فإن ما يثيره الطاعن من تعارض بين أقوال شهود الإثبات وإقرارات المتهمين مع ما تضمنته الأدلة الفنية والتسجيلات يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى . وهي غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفادا ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بتكذيب إقرارات المتهمين من الثاني حتى السابع بدلالة المستندات المقدمة منه وتؤيد دفاعه في هذا الشأن ولم ترد على المستندات المقدمة إثباتا ًلذلك . لما كان ذلك ، وكان لا صفة للطاعن في النعي على قضاء الحكم بالنسبة للمتهم الرابع المقضي بإعفائه من العقاب إذ أن الحق في الطعن على هذا القضاء مقصور على النيابة العامة وحدها ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى أدلة ظنية افتراضية ورغم أنها لا تصلح تدليلاً على مقارفته الجريمة وعدم استظهاره عناصر التوافق بين إقرارات المتهمين من الثاني حتى السابع وصورة الواقعة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة هي أن الطاعن أخذ مبلغ الرشوة والهدايا العينية للقيام بعمل من أعمال وظيفته؛ فإن دعوى التناقض التي يثيرها لا تصادف محلا من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات وكان وزن أقوال الشاهد وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تحصلها وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية وباقي أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين من الثاني حتى السابع وما طالعته النيابة العامة بما قدم إليها من مستندات واقتناعه بارتكاب الطاعن لجريمة الرشوة المسندة إليه على الصورة التي شهدوا بها وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل ومقبولا في بيان كيفية اقتراف الطاعن للجريمة المسندة إليها فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حدوثه على الصورة التي قررها الشهود والتي تأيدت باعترافات المتهمين آنفي البيان - فإن النعي على الحكم من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها - على النحو الذي ذهب إليه الطاعن بأسبابه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها من أن مجرى التحريات عضو هيئة الرقابة الإدارية من ضمن المشاركين في تقرير صلاحية الطاعن لشغل منصب رئيس مصلحة الجمارك فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم .لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداه ، فإنه لا ضير على الحكم من الإحالة في بيان أقوال الشاهدين الرابع والخامس منهم إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثالث . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك ، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال الشاهد الثالث بالتحقيقات على الرغم من تناقضها مع أقواله بمحاضر جلسات المحاكمة لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة لملف الطعن صحة ما نسبه الحكم للمتهمين الثاني والثالث من اعترافهما بأن الطاعن أوعز لهما بتقديم تظلم من قرار اللجنة المشكلة في قضية العيارات ، فإن ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى واطرحه بقوله " وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً ولما كان من المقرر بنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة قد نصت على أنه ( يتعين الاختصاص بالمكان الذى وقعت فيه الجريمة أو الذى يقيم في المتهم أو الذى يقبض عليه فيه ) وكان الشارع لم يقرر مفاضلة بين هذه الأماكن إذ أنه من المقرر قانونا أن معايير الاختصاص المحلى الواردة بالمادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية إنما هي قسائم متساوية لا تفاضل بينها ، ولما كان الثابت أن جريمة الرشوة قد بدأت حلقاتها إبان عمل المتهم الأول كرئيس الإدارة المركزية بجمرك بورسعيد أنه تلقى العديد من المبالغ في مدينة بورسعيد والهدايا العينية وذلك مقابل إنهاء الأعمال الخاصة بهم في جمرك بورسعيد والقضية الخاصة بالمتهمين بنيابة بورسعيد ومن ثم يكون مكان وقوع الجريمة هو مدينة بورسعيد ومن ثم يتوافر أحد معايير الاختصاص وهو مكان وقوع الجريمة وهى قسائم متساوية ينعقد الاختصاص للمحكمة الواقع في دائرتها إحداها دون تفضيل لأى من تلك المعايير وكان مكان ارتكاب الواقعة هو مدينة بورسعيد الأمر الذى ينعقد معه الاختصاص للمحكمة الراهنة ويكون نعى الدفاع غير سديد " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين الاختصاص المحلي بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن الحكم وقد رتب على ثبوت وقوع الجريمة بدائرة قسم ميناء بورسعيد اختصاص محكمة جنايات بورسعيد بنظر الدعوى ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا في الأحوال الاستثنائية التي نص عليها القانون ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى قبل المتهمين بعد أن باشرت إجراءات التحقيق فيها عن جريمة الرشوة بالمخالفة لأحكام المواد 103 ، 104 مكررا /1، 106 ، 107 ، 107 مكررا من قانون العقوبات ، وكان هذا القانون قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها في تلك الجرائم وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جريمة التهريب الجمركي مما لا يستلزم لتحريك الدعوى الجنائية بشأنها الحصول على إذن من مصلحة الجمارك ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في شأن قضائه بإعفاء المتهمين من الثاني حتى السابع من العقاب رغم انتفاء موجبه ، مردود بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن ، ولما كان منعى الطاعن لا يتصل بشخصه وليس له مصلحة فيه ، فضلا أن الحق في الطعن على هذا القضاء مقصور على النيابة العامة وحدها ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن الشارع قد ترك للقاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن تعويل الحكم على اعتراف بعض المتهمين الراشين والوسطاء المعفيين من العقاب باعترافهم ، ليس فيه مخالفة للقانون، وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا ينال من ذلك منعى الطاعن بإعمال مبادئ الشريعة الإسلامية ، ذلك أن ما نص عليه الدستور في المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً فيما يستنه من قوانين ، ومن ثم فإن أحكام الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ ، ويكون ما يثيره في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة ، على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى - مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة - ، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب التأجيل لسماعهم ويضحى تعيب الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بالإدانة إلى شهادة شهود الإثبات ، واعترافات المتهمين من الثاني وحتى السابع ، ولم يعول في ذلك على ما تضمنته التسجيلات ، ومن ثم فلم يكن الحكم بحاجة إلى استدعاء خبير الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام لمناقشته . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الدفاع مع الطاعن طلب على سبيل الاحتياط تحقيق الدفوع والاستجابة إلى الطلبات السابق إثباتها بصدر محضر الجلسة ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون ملزمة بالرد عليها ، هذا فضلاً على أن المحكمة صرحت للطاعن باستخراج صورة من التحقيقات محل طلبه أكثر من مرة وأجلت الدعوى مرات لتنفيذ هذا القرار إلا أن الطاعن لم يقم بتنفيذه مما يدل على عدم جدية هذا الطلب فضلا ًعن أنه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة بل قصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم المحكمة بإجابته . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع فيها الشهود الذين حدد الخصوم أسماءهم وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم متى كان سماعهم ممكنا إلا أن المادتين 277 ، 289 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتين بالقانون رقم 11 لسنة 2017 تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع أي من الشهود وتلاوة أقواله بالتحقيقات إذ تعذر سماعه لأى سبب من الأسباب أو إذا قدرت عدم لزوم سماع شهادته على أن تسبب ذلك في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن بسماع شهود الإثبات واطرحه في قوله " وحيث إنه عن طلب الشهود وكانت المحكمة تلتزم بالطلبات الجازمة التي يصر عليها مقدمها ولا ينفك من التمسك بها والإصرار عليها وكان وكيل المتهم استهل مرافعته بطلب سماع شهادتهم إلا أنه عاد وترافع في الدعوى دون إجرائه مما مفاده أنه عدل عن ذلك الطلب فضلا وأن وكيل المتهم لم يبد سبب طلب الشهود حتى تقف المحكمة على جديته ولاسيما وأنها اطمأنت لأقوالهم الواردة بالتحقيقات وترى فيها من الكفاية التي لا تستلزم إعادة سماع أقوالهم "وإذ كانت هذه الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من عدم لزوم سماع باقي أقوال شهود الإثبات ، ومن ثم يكون نعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع التي ساقها أمام محكمة الموضوع ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر معه أكثر من محام ، ولم يثر أمام المحكمة شيئاً يتصل بالدفاع في الدعوى أو شعورهم بالإرهاق ، وكان لا يجوز للطاعن أن ينعى على المحكمة مصادرة حقه في دفاع لم يطلب منها فإن ما أثير في هذا الصدد يكون غير مقبول . هذا فضلاً أن البيِّن من مطالعة هذه المحاضر أن الطاعن حضر ومعه مدافعين ترافعوا في الدعوى وأبدوا دفوع ودفاع ، وكانت الدعوى استغرقت الوقت الكافي في نظرها دون طلب من أي منهم لمزيد من الوقت ، فإن قول الطاعن أن المحكمة تعجلت الفصل في الدعوى وسعت للانتهاء منها بتحديد جلسات داخل دور الانعقاد لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكانت الرغبة في إدانة المحكوم عليهما من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق