الصفحات

الجمعة، 28 أكتوبر 2022

الطعن 1165 لسنة 39 ق جلسة 1 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 273 ص 1344

جلسة 1 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو الفضل حفني, وإبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانة.

--------------

(273)

الطعن 1165 لسنة 39 ق

(1) قتل عمد. وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات تقرير الصفة التشريحية أن القتل حدث بالخنق وكتم النفس معا. تقديم الدعوى للمحكمة بوصف القتل بالخنق. بيان الحكم وسيلة القتل بالاستناد إلى ذلك التقرير الفني وكونه تم باسفكسيا الخنق وكتم النفس معا دون الاجتزاء بأحدهما لا يعتبر تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إليه. ما دام أن الدفاع قد التفت إليه وترافع على أساسه.

(2) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إكراه.
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير صدوره عن طواعية واختيار. موضوعي. مثال لاعتراف صدر من المتهم إثر تعرف كلب الشرطة عليه.

(3) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام. لا عيب. شرط ذلك؟

(4) جريمة. "أركانها". باعث. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير البواعث على الجرائم". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة ليس ركنا فيها. الفصل فيه أمر موضوعي.

-------------

1 - متى كان الثابت من تقرير الصفة التشريحية أن القتل حدث بالخنق وكتم النفس معاً، وكان هذا التقرير من بين الأوراق الأساسية التي كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة والتفت إليه الدفاع في مرافعته، وكان بيان وسيلة القتل بالاستناد إلى الدليل الفني المعروض وكونه تم بأسفكسيا الخنق وكتم النفس معاً دون الاجتزاء بأحدهما لا يعتبر - في صورة الدعوى - تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إليه، خصوصاً إذا كان هو قد نبه عليه، والتفت إليه، وترافع على أساسه، وإنما هو استظهار للصورة الصحيحة للحادث من واقع الأدلة المقدمة في الدعوى مما تملكه محكمة الموضوع من تلقاء نفسها في خلوة المداولة، وكانت المحكمة لا تلتزم بلفت نظر الدفاع إلى ما التفت هو إليه. وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن الثاني أن القتل حصل خنقاً برباط وأنه ضرب المجني عليها بالحجر على وجهها إذ همت بالصياح، وعول على تقرير الصفة التشريحية في بيان كيفية القتل وإسهام كتم النفس مع الخنق في إحداثه، وجعل هذين الدليلين ضميميتين متكامليتين في تحصيل الواقعة بغير تعارض بينهما، فإن ما أثاره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له من وجهة ولا يعتد به.

2 - متى كان الحكم قد انتهى إلى أن اعتراف الطاعن الثاني خالص من كل شائبة وأنه صدر عنه طواعية واختياراً، ودلل على ذلك بما ينتجه وخاصة أنه لم يدفع بأنه أكره عليه في المراحل السابقة التي مرت بها الدعوى وإنما ساق الدفع به قولاً مرسلاً عارياً عن دليله أمام المحكمة عند إعادة نظر الدعوى بعد نقض الحكم الأول الصادر بالإدانة، وكان هذا الرد يشمل دعوى الإكراه على أية صورة ممكنة، وكانت العبارة المشار إليها في الطعن وهي أن الكلب تعرف على المتهم المذكور وأمسك بتلابيبه فقرر المتهم أنه سيروي الحقيقة فأبعد الكلب عنه، ليست نصاً في أن الكلب أعمل في الطاعن الثاني أنيابه، أو أنشب أظافره، أو أن ما ردده من اعتراف أمام النيابة العامة كان وليد الإكراه أو الخوف من الكلب ولا تفيده حتماً، وكان الحكم قد خلص - كما سبق - إلى أن الاعتراف بريء مما يقدح في سلامته وصحته وهو تقرير يستقل به قاضي الموضوع، فلا محل لما أثاره الطاعنان في هذا الشأن ولا وجه لما ينعياه.

3 - لا يقدح في الحكم ابتناؤه على أدلة ليس بينها تناسق تام، ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض.

4 - الفصل في البواعث على الجرائم - وهي ليست من أركانها - من خصائص قاضي الموضوع.

-----------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 7 ديسمبر سنة 1966 بدائرة مركز سمالوط محافظة المنيا: قتلا ......... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتلها وعقدا العزم على ذلك واستدرجها الأول إلى داخل منزل وأوثق الثاني يديها ولفا حول عنقها رباط شعرها وتجاذبا سويا حتى أطبق عليها وضربها الثاني بطوبة على جبهتها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت إحداها بحياتها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قررت إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لإبداء رأيه في القضية بالنسبة إلى المتهم الثاني وحددت للنطق بالحكم جلسة 30 نوفمبر سنة 1967 وفي هذه الجلسة قضت المحكمة حضوريا عملا بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين والمادة 17 من القانون ذاته بالنسبة إلى المتهم الأول. (أولا) بمعاقبة المتهم الثاني بالإعدام شنقا. (ثانيا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة. وطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 25 مارس سنة 1968 قضت محكمة النقض (أولا) بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعنين شكلا. (ثانيا) بقبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المعروض بالنسبة إلى الطاعنين كليهما وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنيا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المذكورة نظرت الدعوى من جديد وقضت حضوريا عملا بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.

-----------------

المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانهما بجناية القتل العمد قد بني على الإخلال بحق الدفاع، وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أضاف من لدنه - وبغير لفت نظر الدفاع - واقعة جديدة لم ترد بأمر الإحالة هي أن الطاعنين كتما نفس المجني عليها كما أن الدفاع عنهما أثار في مرافعته - مبينا بالشواهد - أن القتل وقع بكتم النفس حيث وجدت الجثة عند المصرف بقصد السرقة ولم يقع بمنزل الطاعن الأول للباعث الذي وقر في خلد المحكمة ودفع بأن اعتراف الطاعن الثاني وقع نتيجة الإكراه من رجال الشرطة والخوف من الكلب البوليسي بدلالة ما ورد في محضر الاستعراف المؤرخ في 10/12/1966 من إمساك الكلب بتلابيبه حتى أظهر نيته في الاعتراف فنحى عنه، إلا أن الحكم رد على دفاعه بما ينفيه، وسكت عن الشق الثاني من دفعه، وجمع في نطاق التسبيب بين اعتراف الطاعن الثاني وشهادة الشاهد مع وقوع الخلف بينهما في كيفية حمل الجثة القتيلة إلى المصرف ودفنها وعلى الرغم من عدم التناسق بين الاعتراف وسائر الأدلة المادية، هذا إلى أن الحكم اعتنق باعثا معينا للجريمة وأغفل ما شهدت به بنات القتيل وهن صاحبات المصلحة في إرثها مما يعيبه بما يوجب نقضه.

وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول ابن للمجني عليها وأن الطاعن الثاني حفيدها الذي كفلته بعد وفاة أمه، وكان في حيازتها بضعة قراريط باسم ولدها كما كان لها منزل تقيم فيه، وأرادت أن تنقل حيازة الأرض إلى اسمها، وأن تكتب المنزل لبناتها فأوغر ذلك صدر الابن الذي استدرجها إلى منزله وقتلها بإسهام الحفيد، وذلك بأنهما فكا رباط شعرها ولفاه حول عنقها وصار يجذبه كل من طرف حتى إذا صاحت ضربها الطاعن الثاني بحجر على وجهها، وكتما نفسها، ولما فارقت الحياة خرجا يشيعان في القرية غيابها، حتى إذا جن الليل حملا الجثة في الظلام، ومرا في طريقهما بالشاهد "........" في حقله فعرفهما، وألقيا بالجثة في المصرف، ولما كشفت في اليوم التالي وذاع الخبر تقدم الطاعن الأول إلى نائب العمدة ببلاغ يشير فيه إلى غيابها وإلى العثور على الجثة تقديرا منه بأن ذلك بالإضافة إلى ما قام به والمتهم الثاني قبل أن تظهر الجثة من نشر عند غيابها كفيل بإبعاد الشبهة عنهما، ودلل الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن بما ينتجه من وجوه الأدلة ومنها شهادة "......" بأنه رآهما يحملان الجثة ليلا تمهيدا لإلقائها في المصرف، واستعراف الكلب البوليسي إذ شم ملابس القتيل على الطريق الذي سلكه الجناة بالجثة حتى وصل إلى إحدى حجرات منزل الطاعن الأول باعتباره المكان الذي جرى فيه القتل، ثم استعرافه على الطاعنين معا، واعتراف الطاعن الثاني باقتراف الجريمة في المكان الذي وقف عنده الكلب البوليسي في منزل الطاعن الأول، وأنه ضربها بحجر على وجهها إذ صاحت، وتقرير الصفة التشريحية مما يؤيد هذا الجزء من اعترافه من حيث وقوع القتل بالخنق مضافا إليه كتم النفس، فضلا عن شهادة الشهود بالباعث الذي ذكره الحكم ومنهم عضو الجمعية التعاونية ونائب العمدة، ولما كان الثابت من تقرير الصفة التشريحية أن القتل حدث بالخنق وكتم النفس معا، وكان هذا التقرير من بين الأوراق الأساسية التي كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، والتفت إليه الدفاع في مرافعته، وكان بيان وسيلة القتل بالإسناد إلى الدليل الفني المعروض وكونه تم باسفكسيا الخنق وكتم النفس معا دون الاجتزاء بأحدهما لا يعتبر - في صورة الدعوى - تعديلا في التهمة مما تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إليه، خصوصا إذا كان هو قد نبه عليه، والتفت إليه، وترافع على أساسه، وإنما هو استظهار للصورة الصحيحة للحادث من واقع الأدلة المقدمة في الدعوى مما تملكه محكمة الموضوع من تلقاء نفسها في خلوة المداولة، وكانت المحكمة لا تلتزم بلفت نظر الدفاع إلى ما التفت هو إليه، وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن الثاني أن القتل حصل خنقا برباط وأنه ضرب المجني عليها بالحجر على وجهها إذا همت بالصياح، وعول على تقرير الصفة التشريحية في بيان كيفية القتل وإسهام كتم النفس مع الخنق في إحداثه، وجعل هذين الدليلين ضميمتين متكاملتين في تحصيل الواقعة بغير تعارض بينهما، فإن ما أثاره الطاعنان بهذا الصدد لا يكون له من وجهة ولا يعتد به، ولما كان الحكم قد انتهى إلى أن اعتراف الطاعن الثاني خالص من شائبة وأنه صدر عنه طواعية واختيارا، ودلل على ذلك بما ينتجه وخاصة أنه لم يدفع بأنه أكره عليه في المراحل السابقة التي مرت بها الدعوى وإنما ساق الدفع به قولا مرسلا عاريا عن دليله أمام المحكمة عند إعادة نظر الدعوى بعد نقض الحكم الأول الصادر بالإدانة، وكان هذا الرد يشمل دعوى الإكراه على أية صورة ممكنة، وكانت العبارة المشار إليها في الطعن وهي أن الكلب تعرف على المتهم المذكور وأمسك بتلابيبه فقرر المتهم أنه سيروي الحقيقة فأبعد الكلب عنه، ليست نصا في أن الكلب أعمل في الطاعن الثاني أنيابه، أو أنشب أظافره، أو أن ما ردده من اعتراف أمام النيابة العامة كان وليد الإكراه، أو الخوف من الكلب ولا تفيده حتما، وكان الحكم قد خلص - كما سبق - إلى أن الاعتراف بريء مما يقدح في سلامته وصحته، وهو تقرير يستقل به قاضي الموضوع، فلا محل لما أثاره الطاعنان في هذا الشأن ولا وجه لما ينعاه الطاعن، لما كان ذلك، وكان لا يقدح في الحكم ابتناؤه على أدلة ليس بينهما تناسق تام، ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضيا لها في منطق العقل بعدم التناقض، وكان الفصل في البواعث على الجرائم - وهي ليست من أركانها - من خصائص قاضي الموضوع، وكان سائر الطعن جدلا موضوعيا صرفا يراد به إعادة طرح النزاع أمام محكمة النقض وهو مما لا يقبل، فإنه يكون على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق