الصفحات

الخميس، 22 سبتمبر 2022

الطعن 353 لسنة 32 ق جلسة 13 / 1 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 35 ج 1 ق 66 ص 782

جلسة 13 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

------------------

(66)
الطعن رقم 353 لسنة 32 القضائية

قرار إداري - سحبه - القرارات التي لا يجوز سحبها.
عدم جواز سحب القرار الساحب وعدم جواز ورود الإلغاء على الإلغاء (دعوى) من المقرر قانوناً أن سحب أي قرار إداري يعني إعدامه من تاريخ مولده وبمعنى آخر موته من تاريخ صدوره وإذا كان الأمر كذلك فإن سحب قرار السحب مسألة لا يقرها منطق ولا يقبلها عقل ذلك أنه بإعدام قرار ما يصير أي تصرف إداري عاجزاً عن أن يعيده إلى الحياة تطبيقاً لقاعدة عامة معروفة تقضي بأن الساقط لا يعود - هذا المبدأ بفرض نفسه على عالم القانون لفرط بداهته - إذا كان القرار المعدوم لا يمكن أن يبعث حياً لذا يصير القول بعدم جواز سحب قرار السحب مبدأ عقلانياً له قيمة المبدأ القانوني ويغدو من مقتضيات الشرعية تجنب إذا صدر قرار بسحب قرار السحب فإنه يتعين الالتفات عنه واعتباره كأن لم يكن - هذا القول لا ينطبق على السحب فقط وإنما يمتد نطاقه ليشمل الإلغاء - الإلغاء كذلك لا يجوز وليس من شأنه أن يبعث المعدوم حياً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 25/ 3/ 1986 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1446 لسنة 32 ق، في الحكم الصاد من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى رقم 332 لسنة 25 ق بجلسة 25/ 1/ 1986 والذي قضى بإلزام جهة الدولة بأن تؤدي إلى الطاعن تعويضاً قدره مائة جنيه.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به والحكم مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها بتاريخ 17/ 4/ 1986 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت إلى طلب قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 12/ 1988 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 8/ 2/ 1989 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 25/ 3/ 1989 ثم قررت بجلسة 25/ 11/ 1989 إصدار الحكم بجلسة 30/ 12/ 1989 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدها أقامت الطعن رقم 332 لسنة 21 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية قالت فيه إنه بسبب وجود خلاف بينها وبين وكيل الوزارة واضطهاد الأخير لها، أصدر القرار رقم 920 لسنة 1980 بمجازاتها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها وبتاريخ 15/ 10/ 1981 تقدمت بتظلم خلال الميعاد أسفر عن صدور قرار بسحب القرارين المشار إليهما مع إحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية لتولي التحقيق بمعرفتها وقد انتهت في 23/ 3/ 1982 إلى التوصية بسحب القرارين الأخيرين. وبناء عليه أصدرت الإدارة القرار رقم 756 لسنة 1982 في 14/ 3/ 1982 باعتبار القرارين رقمي 960 لسنة 1981 و1496 لسنة 1981 قائمين. وبتاريخ 15/ 4/ 1982 تقدمت بتظلم إلى مفوضي الدولة من القرار رقم 756 لسنة 1982 وقد انتهى في كتابه رقم 166 لسنة 1982 في 7/ 5/ 1983 إلى سحب القرار المذكور فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 تبرر الصادر في 15/ 10/ 1981 بسحب القرار المذكور فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر في 2/ 9/ 1981 بمجازاة المتظلمة بخصم عشرة أيام من راتبها غير أن وكيل الوزارة امتنع عن تنفيذ رأي مفوض الدولة كما أصدر القرار رقم 44 لسنة 1983 في 28/ 4/ 1983 بإحالتها إلى النيابة العامة بتهمة إزعاج السلطات ونقلها نقلاً تعسفياً مع مجازتها بخصم 15 يوماً من راتبها وأضافت أنها أضيرت ضرراً بالغاً من جراء الجزاءات المشار إليها مما يحق لها أن تطالب الإدارة بتعويضها عن الأضرار وانتهت إلى طلب الحكم أولاً بإلغاء القرار رقم 756 لسنة 1982 الصادر في 14/ 3/ 1982 بسحب القرار رقم 960 لسنة 1981 مكرر والقرار رقم 1496 لسنة 1981 مكرر الصادرين بسحب القرارين رقمي 960 و1496 لسنة 1981 وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: اعتبار كل من القرارين 960 مكرر لسنة 1981 و1496 لسنة 1981 الساحبين للقرارين رقمي 960 لسنة 1981 و1496 لسنة 1981 قائمين لتحصينهما من الإلغاء والسحب.
ثالثاً: تعويضاً عما لحق بها من ضرر مادي وأدبي من جراء تنفيذ القرار سالف الذكر، وذلك بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث إن المطعون ضدها تنازلت عن طلب الإلغاء بالنسبة للجزاء، لكنها احتفظت بحقها في التعويض المناسب عن الأضرار التي أصابتها نتيجة الجزاء، وبجلسة 25/ 1/ 1986 صدر الحكم المطعون فيه، وقد أقامت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضاءها على أن ركن الخطأ ثابت في جانب الإدارة بإصدارها القرار غير المشروع رقم 1496 لسنة 1981، وإذ ترتب على هذا الخطأ ضرر أصاب الطاعنة تمثل في خصم مقدار الجزاء من أجرها، فضلاً عن الأضرار الأدبية التي أصابتها باعتبارها ناظرة مدرسة لها وضع اجتماعي متميز، وكذلك الآلام النفسية التي أصابتها نتيجة صدور هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المذكور يقوم على أساس خطأ الحكم في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن المطعون ضدها تنازلت بجلسة 2/ 3/ 1985 عن طلب الإلغاء بالنسبة للقرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها، لذا كان يتعين على المحكمة رفض دعوى التعويض، ذلك أن القضاء التأديبي لا يبسط رقابته على ملاءمة الجزاءات. وإذا كان الثابت أن الجهة الإدارية لم تصل في قرارها إلى درجة الغلو، فمن ثم قرارها المتنازل عن طلب إلغائه عن نطاق المشروعية، ومن ثم لا يستحق عنه تعويض.
كما يقوم الطعن في الحكم على أساس الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب: ذلك أن قرار الجهة الإدارية يعتبر قراراً مشروعاً وبالتالي يتخلف ركن الخطأ هذا فضلاً عن أن تنازل المطعون ضدها عن طلب إلغاء القرار المطعون فيه يعني بالضرورة تنازلها عن التعويض المادي والأدبي.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه صدر القرار رقم 960 لسنة 1981 بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه صدور القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها ثم قامت الإدارة بإصدار القرار رقم 960 مكرر لسنة 1981 بسحب الجزاء الأول والقرار رقم 1496 مكرر بسحب الجزاء الثاني، ثم أصدرت القرار رقم 756 لسنة 1982 في 14/ 3/ 1982 بسحب القرارين الأخيرين والإبقاء على القرارين الأولين وإذ تظلمت المطعون ضدها من القرار رقم 756 لسنة 1982 لمفوض الدولة لمحافظة الإسكندرية انتهى بكتابه رقم 383 في 16/ 5/ 1983 إلى سحب القرار المتظلم منه، فيما تضمنه من سحب القرار رقم 1496 مكرر لسنة 1981 الصادر في 15/ 10/ 1981 بسحب القرار رقم 1496 لسنة 1981 الصادر في 2/ 9/ 1981 بمجازاة المتظلمة بخصم عشرة أيام من راتبها ورفض التظلم بالنسبة للشق الأول من القرار المتظلم منه لسبق تظلم المطعون ضدها منه ورفضه.
ومن حيث إن النيابة الإدارية انتهت في التحقيق الذي أجرته في القضية رقم 12 لسنة 1985 بشأن فقد أوراق التحقيقات الخاصة بالمطعون ضدها والصادر بشأنها قرارات إدارة شرق التعليمية أرقام 960 لسنة 1981 و1496 لسنة 81 و756 لسنة 82 - إلى مسئولية السيدين/ رئيس الشئون القانونية بإدارة المنتزه التعليمية ووكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، لأنهما تقاعسا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تنفيذ فتوى مفوض الدولة محل التحقيق والصادرة بشأن الجزاءات الموقعة على المطعون ضدها.
ومن حيث إنه بغض النظر عما انتهى إليه مفوض الدولة والنيابة الإدارية فالثابت من الأوراق أن الإدارة أصدرت القرار رقم 960/ 81 بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام من أجرها تلاه صدور القرار رقم 1496 لسنة 1981 بمجازاتها بخصم عشرة أيام من أجرها ثم وقامت بإصدار القرار رقم 960 مكرر لسنة 1981 بسحب الجزاء الأول والقرار رقم 1496 مكرر/ 81 بسحب الجزاء الثاني ثم أصدرت القرار رقم 756 لسنة 1982 بسحب القرارين الأخيرين والإبقاء على القرارين الأولين أي القرارين 960 و1496 لسنة 1981.
ومن حيث إنه من المقرر قانوناً أن سحب أي قرار إداري يعني إعدامه من تاريخ مولده وبمعنى آخر موته من تاريخ صدوره وإذا كان الأمر كذلك، فإن سحب قرار السحب مسألة لا يسغها منطق ولا يقبلها عقل ذلك أنه بإعدام قرار ما يصير أي تصرف إداري عاجزاً عن أن يعيده إلى الحياة تطبيقاً لقاعدة عامة معروفة هي القاعدة التي تقضي بأن الساقط لا يعود، وهذا المبدأ الذي يمليه العقل يفرض نفسه على عالم القانون لفرط بداهته. فإذا كان القرار المعدوم لا يمكن أن يبعث حياً، لذا يصير القول بعدم جواز سحب قرار السحب مبدأ عقلانياً، له قيمة المبدأ القانوني ويغدو من مقتضيات الشرعية بحيث إنه إذا صدر قرار بسحب قرار السحب فإنه يتعين الالتفات عنه واعتباره كأن لم يكن، وهذا القول لا ينطبق على السحب فقط، وإنما يمتد نطاقه ليشمل الإلغاء فإلغاء الإلغاء كذلك لا يجوز وليس من شأنه أن يبعث المعدوم حياً.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما سبق فإن القرار رقم 756 لسنة 1982 بسحب القرارين السابقين رقمي 960 مكرراً لسنة 1981 و1496 مكرراً لسنة 1981 سالفي الذكر يكون عديم الأثر ويظل قرارا السحب سالفي الذكر قائمين وبمعنى آخر لا يعتبر القراران رقما 960 لسنة 1981 و1496 لسنة 1981 الصادران بتوقيع جزاء على المطعون ضدها كأن لم يكونا بما يترتب على ذلك من آثار. فإذا كان قد خصم من مرتب المطعون ضدها قيمة الجزاءين اللذين وقعا عليها فإنه يتعين رد ما خصم من راتبها إليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعويض المطعون ضدها على أساس عدم مشروعية القرار رقم 1496 لسنة 1981 وتبين أن هذا القرار قد سحبته الإدارة وغدا غير قائم وذلك على التفصيل سالف الذكر، لذا فإنه لا مجال للتعويض عنه وإذ انتهت المحكمة في حكمها إلى غير ذلك فإن حكمها يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق