الصفحات

الجمعة، 2 سبتمبر 2022

الطعن 26 لسنة 2 ق جلسة 10 / 12 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 35 ص 294

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

-----------------

(35)
القضية رقم 26 لسنة 2 القضائية

(أ) وقف التنفيذ - ركناه - الاستعجال وجدية المطاعن الموجهة للقرار الإداري - كلاهما من الحدود القانونية التي تحد سلطة محكمة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.

(ب) تسبيب - خلو الحكم من الأسباب أو قصورها أو تناقضها وتهاترها - مبطل له - مثال للقصور المخل.

(ج) وقف التنفيذ - عدم قبوله بالنسبة لقرارات التعيين أو الترقية أو منح العلاوات أو بالجزاءات التأديبية أو الإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل من غير الطريق التأديبي - قيام قرينة قانونية قاطعة بانعدام الاستعجال في هذه الحالات - استثناء حالتي الفصل والوقف عن العمل بإجازة القضاء فيهما باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه.

(د) جامعة - عدم اعتبار المعيدين من أعضاء هيئة التدريس - خضوعهم لأحكام قانون نظام موظفي الدولة.

(هـ) موظف - نقله إلى وظيفة أخرى - جائز بشرط ألا تقل درجتها عن درجته - تنزيله في الوظيفة دون خفض الدرجة - ليس عقوبة تأديبية في ظل قانون نظام موظفي الدولة - ترخص الإدارة في النقل من وظيفة إلى أخرى - شرطه.

---------------

1 - إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول قيام الاستعجال؛ بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. والثاني يتصل بمبدأ المشروعية؛ بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
2 - إذا كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بوقف تنفيذ قرار إداري دون أن يستظهر أياً من الركنين اللذين يقوم عليهما طلب وقف التنفيذ، واقتصر في تسبيبه على أنه "يبين من ظاهر الأوراق أن طلب المدعي وقف تنفيذ قرار نقله إلى وزارة التربية والتعليم إنما يستند إلى ما يبرره"؛ فإن هذا ينطوي على قصور مخل ينحدر إلى درجة عدم التسبيب. وخلو الحكم من الأسباب، أو قصورها، أو تناقضها وتهاترها، مما يعيبه ويبطله، خصوصاً بعد إنشاء المحكمة الإدارية العليا حتى تتمكن من رقابتها لأحكام القضاء الإداري.
3 - قضت المادة 18 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة بعدم قبول طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح علاوات أو بجزاءات تأديبية أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل من غير الطريق التأديبي، فيما عدا حالتي الفصل أو الوقف، فيجوز للمحكمة أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه، وهذا واضح في أن النص إنما قام على افتراض انعدام الاستعجال المبرر لوقف تنفيذ هذه القرارات، وذلك بقرينة قانونية قاطعة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية، وعالج القانون المشار إليه الاستعجال في حالتين نص عليهما على سبيل الحصر: وهما الفصل من الخدمة والوقف عن العمل، لا بوقف تنفيذ القرار، ولكن بعلاج استحدثه قدر فيه الضرورة بقدرها، وذلك بجواز القضاء باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه حتى لا ينقطع عن الموظف مورد الرزق الذي يقيم الأود إن كان المرتب هذا المورد. وهذا النص ينطوي على حكمة تشريعية يجب الاستهداء بها عند استظهار ركن الاستعجال في تلك القرارات، ولو كانت صادرة قبل نفاذ القانون المشار إليه.
4 - إن المعيدين - طبقاً للمادة 51 من القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعة - لا يعتبرون أعضاء في هيئة التدريس، ومن ثم تسري عليهم أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها طبقاً للمادة 92 من القانون ذاته.
5 - إن نقل الموظف أصبح جائزاً من وظيفة إلى أخرى بشرط ألا تقل درجتها عن درجته وذلك طبقاً للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة، ولم يعد التنزيل في الوظيفة عقوبة تأديبية كما كان الحال طبقاً لدكريتو سنة 1901، ولذا فإن المادة 84 من القانون المشار إليه، حين عددت الجزاءات التأديبية، لم تنص على تنزيل الوظيفة بل نصت على خفض الدرجة، فالنقل من وظيفة إلى أخرى أصبح من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة بما لا معقب عليها في هذا الشأن ما دام لا يفوت به الدور في الترقية بالأقدمية، وما دام خلا من إساءة استعمال السلطة.


إجراءات الطعن

في 27 من نوفمبر سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1955 في الطلب المستعجل المقدم من المطعون عليه في عريضة الدعوى رقم 1585 لسنة 9 القضائية بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير التربية والتعليم في 2 من فبراير سنة 1955 بالموافقة على نقل المدعي من وظيفة معيد بكلية الطب البيطري إلى وزارة التربية والتعليم، والذي قضى فيه الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذه. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه وبإلزام المطعون عليه بالمصروفات. ونظراً إلى الاستعجال عين لنظر الطعن جلسة 3 من ديسمبر سنة 1955، وأعلن المذكور في 28 من نوفمبر سنة 1955 بعريضة الطعن وبالحضور بالجلسة المذكورة، كما أعلن السيد وزير التربية والتعليم في التاريخ عينه. وبالجلسة المعينة لنظر الطعن حضر الأستاذ عبد المجيد الدالي المحامي وقرر أن الإعلان تم في مكتبه، مع أن محل المطعون عليه الأصلي مبين بعريضة الدعوى الأصلية وأبدى أن ميعاد الحضور أقل من ثمانية أيام ولم يحصل تقصيره طبقاً للمادة 29 من قانون مجلس الدولة. وقد تبين للمحكمة أن الإعلان تم في مكتب المحامي المذكور باعتباره المحل المختار للمدعي المطعون عليه الذي لم يعين له محلاً مختاراً غيره وذلك طبقاً للمادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955، وأن ميعاد الحضور المشار إليه في المادة 29 من هذا القانون خاص بالدعاوى غير المستعجلة، أما في المواد المستعجلة فيكون ميعاد الحضور طبقاً للمادة 73 من قانون المرافعات المدنية أربعاً وعشرين ساعة، ويجوز في حالة الضرورة القصوى أن يكون من ساعة إلى ساعة، على أن الإعلان تم في هذا الطعن - وهو من الأمور المستعجلة - قبل الجلسة بخمسة أيام. هذا وقد أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
من حيث إن المطعون عليه يستند في طلبه وقف تنفيذ القرار الصادر من وزير التربية والتعليم في 2 من فبراير سنة 1955 بالموافقة على نقله من وظيفة معيد بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة إلى وزارة التربية والتعليم وذلك حسبما أبانه في الدعوى رقم 1585 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري إلى أن هذا القرار يتضمن عقوبة تأديبية مقنعة، بتنزيله إلى وظيفة أدنى، كما يفقده مزايا مادية وأدبية كان يفيد منها لو بقي في سلك الجامعة، ويفوت عليه حقه في الترقية إلى وظيفة مدرس في هذا السلك، ويترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها لأن الأبحاث العملية التي يقوم بها للحصول على درجة الدكتوراه - وكان قد قطع فيها شوطاً بعيداً - لا يمكن القيام بها وإتمامها إلا بمعامل البكيتريولوجيا بكلية الزراعة.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول قيام الاستعجال؛ بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. والثاني يتصل بمبدأ المشروعية؛ بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يستظهر أياً من هذين الركنين، واقتصر في تسبيبه على أنه "يبين من ظاهر الأوراق أن طلب المدعي وقف تنفيذ قرار نقله إلى وزارة التربية والتعليم إنما يستند إلى ما يبرره" وهو قصور مخل ينحدر إلى درجة عدم التسبيب. وخلو الحكم من الأسباب، أو قصورها، أو تناقضها وتهاترها، مما يعيب الحكم ويبطله خصوصاً بعد إنشاء المحكمة الإدارية العليا حتى تتمكن من رقابتها لأحكام القضاء الإداري.
ومن حيث إنه، فيما يتعلق بالركن الأول، فهو غير قائم؛ ذلك أن قيد الطالب للتحضير لدرجة دكتور يستتبع حتماً تعيين الأستاذ المختص بالمادة في الكلية مشرفاً على أعماله وأبحاثه، يستوي في ذلك أن يكون الطالب معيداً بالكلية أو غير معيد، ومن ثم فلا وجه للقول بانقطاع صلة المطعون عليه بأبحاثه إن صح أنه بدأها أو قطع فيها شوطاً بعيداً، وذلك لمجرد أنه نقل إلى خارج الكلية.
ومن حيث إنه، من جهة أخرى، فلئن كان القرار المطعون فيه قد صدر قبل نفاذ القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، وأقيمت الدعوى أيضاً قبل ذلك، إلا أن ما قرره هذا القانون في المادة 18 منه من عدم قبول طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح علاوات أو بجزاءات تأديبية أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل من غير الطريق التأديبي فيما عدا حالتي الفصل أو الوقف، فيجوز للمحكمة أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه، إنما قام على افتراض عدم قيام الاستعجال المبرر لوقف تنفيذ هذه القرارات وذلك بقرينة قانونية قاطعة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية، وعالج القانون المشار إليه الاستعجال في حالتين نص عليهما على سبيل الحصر: وهما الفصل من الخدمة والوقف عن العمل، لا بوقف تنفيذ القرار، ولكن بعلاج استحدثه قدر فيه الضرورة بقدرها؛ وذلك بجواز القضاء باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه "حتى لا ينقطع عن الموظف مورد الرزق الذي يقيم الأود إن كان المرتب هذا المورد"، فيجب الاستهداء بتلك الحكمة التشريعية عند استظهار ركن الاستعجال في تلك القرارات ولو كانت صادرة قبل نفاذ القانون المشار إليه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الثاني، فإن المعيدين - طبقاً للمادة 51 من القانون رقم 508 لسنة 1954 بإعادة تنظيم الجامعة - لا يعتبرون أعضاء في هيئة التدريس، ومن ثم تسري عليهم أحكام التوظف العامة لموظفي الحكومة ومستخدميها طبقاً للمادة 92 من القانون ذاته، فليس للمطعون عليه أن يتحدى بأن النقل خارج الجامعة يفقده مزايا أدبية أو أنه ينطوي على عقوبة تأديبية مقنعة، بعد إذ أصبح نقل الموظف جائزاً من وظيفة إلى أخرى بشرط ألا تقل درجتها عن درجته، وذلك طبقاً للمادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بموظفي الدولة، كما لم يعد التنزيل في الوظيفة عقوبة تأديبية كما كان الحال طبقاً لدكريتو سنة 1901؛ ولذا فإن المادة 84 من القانون المشار إليه حين عددت الجزاءات التأديبية لم تنص على تنزيل الوظيفة، بل نصت على خفض الدرجة، فالنقل من وظيفة إلى أخرى أصبح من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة بما لا معقب عليها في هذا الشأن، ما دام لا يفوت به الدور في الترقية بالأقدمية، وما دام خلا من إساءة استعمال السلطة، وكلاهما - على حسب الظاهر من الأوراق - غير قائم، إذ أنه غير صالح للتعيين في وظيفة مدرس لأنه غير حاصل على درجة الدكتوراه، كما يبدو أن النقل قصد به وجه المصلحة العامة؛ إذ سبق أن قرر القائم بأعمال أستاذ البكتيريولوجيا في أول نوفمبر سنة 1954 أن المطعون عليه لم يقم بعمل أي بحث أثناء وجوده بهذا القسم، وأنه يصعب التعاون معه في العمل لعدم طاعته في كثير من أعمال القسم، وعلق العميد على هذا التقرير بما يؤيده، وبأنه كثير الكلام ضد الأنظمة الجديدة مما يشيع الاضطراب ويهيئ الجو للإضراب.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ قرار النقل المطعون فيه، قد جاء مخالفاً للقانون، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض هذا الطلب، وذلك مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر من وزير التربية والتعليم في 2 من فبراير سنة 1955 بالموافقة على نقل المدعي من وظيفة معيد بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة إلى وزارة التربية والتعليم، وألزمته بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق