الصفحات

الجمعة، 23 سبتمبر 2022

الطعن 2178 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 توحيد المبادئ ق 1 ص 5

جلسة 9 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عزيز بشاي سيدهم وعصام الدين علام وأبو بكر دمرداش أبو بكر ونبيل أحمد سعيد وعبد اللطيف أحمد عطية أبو خير ومحمد المهدي المليحي والدكتور محمد جودت أحمد الملط وجوده محمد أبو زيد ومحمد يسري زين العابدين وجمال السيد دحروج المستشارين.

---------------

(1)
الطعن رقم 2178 لسنة 29 القضائية

سينما - التكييف القانوني لنشاط العرض السينمائي. (تأميم) (نزع ملكيته).
يعتبر نشاط العرض السينمائي نشاطاً تجارياً يقوم على عناصر مادية تشمل العقار والمنقولات اللازمة لمزاولة النشاط وعناصر معنوية تتمثل في الاسم التجاري ونوعية النشاط والعقود اللازمة لممارسة مع موزعي الأفلام السينمائية أو منتجيها - تشترك العناصر المادية مع العناصر المعنوية في تكوين وحدة قانونية هي المحل التجاري. وهو منقول معنوي بغض النظر عما يشتمل عليه من عقارات ومنقولات ويخضع التعامل عليه والتصرف فيه لأحكام خاصة تختلف عن تلك التي تحكم عناصره - مؤدى ذلك: عدم جواز نزع ملكيته للمنفعة العامة - أساس ذلك: أن نزع الملكية للمنفعة العامة طبقاً للمادة 34 من الدستور والقانون رقم 577 لسنة 1954 لا يمكن أن يرد إلا على عقار بالمعنى المحدد للعقار بالمادة 82/ 1 من القانون المدني أي العقار الثابت بأصله ولا يمكن نقله إلا بإتلافه - لا مانع حينئذ أن يشمل نزع الملكية أجزاء العقار وتوابعه وملحقاته كالعقار بالتخصيص - أثر ذلك: عدم جواز نقل ملكية نشاط سينمائي جبراً من المالك إلى الدولة إلا بالتأميم ووسيلته هي القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 25/ 5/ 1983 أودعت الأساتذة/ ....... المحامية بصفتها وكيلة عن السيدة/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2178 لسنة 29 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 31/ 3/ 1983 في الدعوى رقم 1717 لسنة 31 ق والقاضي أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، وثانياً: برفض الدفع بسقوط الخصومة، وثالثاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لشركة مصر للتوزيع ودور العرض السينمائي، ورابعاً: برفض الدفع بعدم دستورية القرار المطعون فيه، وخامساً: بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً وبرفض طلب التعويض وألزمت المدعية المصاريف، وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول دعواها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 381 لسنة 1965 - الذي قضى باعتبار أرض وبناء العقار الكائن به سينما ريو بالإسكندرية من أعمال المنفعة العامة - وبإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنة مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التي لحقتها من جراء ذلك القرار، واحتياطياً بوقف الدعوى ثلاثة أشهر لتقوم الطاعنة بعرض موضوع الدفع بعدم الدستورية على المحكمة الدستورية العليا ثم وقف الدعوى حتى يتم الفصل نهائياً في هذا الدفع، وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن الدرجتين.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وحدد لنظر الطعن جلسة 15/ 6/ 1986 أمام دائرة فحص الطعون وتداول نظره على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 18/ 1/ 1988 إحاطة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 13/ 2/ 1988. وبالجلسة المذكورة نظرته المحكمة على الوجه المبين بالمحضر وقررت إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة لنظره بجلسة 5/ 3/ 1988، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانون ارتأت فيه الحكم أولاً: بعدم جواز نزع الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بالنسبة لدور العرض السينمائي بقصد الإبقاء عليها بعد نزع ملكيتها بذات نشاطها السابق، وثانياً: بإعادة الطعن الماثل إلى المحكمة الإدارية العليا بدائرتها سالفة الذكر - للفصل فيه على ضوء ما تقدم. وقد تم نظر الطعن بجلسة 5/ 3/ 1988 على الوجه المبين بالمحضر وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابة عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الملاحظات وبعد المداولة.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين ما الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1717 لسنة 31 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الوزراء رقم 381 لسنة 1965، وثانياً: بإلزام المطعون ضدهم بأداء تعويض لها مقداره مليون جنيه عن الأضرار التي لحقت بها بسبب القرار المذكور. وبينت أنها تملك العقار الكائن به سينما ريو بالإسكندرية وكانت قد أجرته لشخص فرضت عليه الحراسة بعد ذلك. ثم قامت الحراسة بتأجير السينما لإحدى شركات القطاع العام. وفي سنة 1965 أصدر رئيس الوزراء القرار رقم 381 باعتبار أرض وبناء العقار المذكور من أعمال النفع العام وقدرت الجهة المختصة تعويضاً عن نزع ملكية ذلك العقار مبلغ 50068.196 جنيهاً. ورفضت الطاعنة تسلم التعويض وتبع ذلك عدم إيداع نماذج نقل الملكية بالشهر العقاري. وذكرت الطاعنة أن قرار رئيس الوزراء سالف الذكر يعتبر معدوماً لأن النشاط السينمائي المخصصة له دار العرض لا يمثل نفعاً عاماً ولا تصلح دار العرض ذاتها بمقوماتها لتكون محلاً لإجراءات نزع الملكية، ولأن القرار لم ينشر صحيحاً بحجب مذكرته الإيضاحية عن النشر. ولأن غرض خدمة القطاع العام الذي أفصحت عنه هذه المذكرة يمكن تحقيقه بسبيل آخر وذلك وفقاً لأحكام القوانين المنظمة لعرض الأفلام السينمائية، ولأن القرار صدر لتحقيق مصلحة هيئة السينما الملغاة التي خشيت انتهاء مدة عقد إيجار الدار لها في سنة 1966. ولأن القرار المذكور تناول مشروعاً تجارياً فقد كان الأمر يستوجب اتباع إجراءات التأميم في هذه الحالة. وقد ذهب الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بمشروعية قرار رئيس الوزراء سالف الذكر - إلى أن تنظيم وسائل الإعلام والإشراف عليها يعد من المهام الرئيسية للدولة لمساسه بالمصلحة العامة ولإسهامه في تنوير الرأي العام وتطويره. وتعد دور العرض السينمائي من أهم وسائل الإعلام وأخطرها. ومن ثم فإن إضفاء النفع العام على إحدى تلك الدور بقصد امتلاك الدولة لها وإدارتها رغم طابعها التجاري لا يجافى طبائع الأشياء ولا يتناقض مع منطق الأمور. ومن ثم يكون للدولة وهي بسبيل ممارسة مهمتها في تنظيم وسائل الإعلام وتحقيق الإشراف الكامل عليها أن تلجأ لنزع ملكية دور السينما وفقاً لأحكام قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 كلما رأت أن الدار لازمة لتحقيق هذا الغرض بما لها من سلطة في تقدير الملاءمة بغير معقب عليها. ولا يغير من أن دار السينما تضع بجانب الصفة العقارية مقومات معنوية أخرى ومنقولات لا تصلح بذاته لتكون محلاً لقرار النفع العام وفق المستفاد من جماع نصوص القانون رقم 577 لسنة 1954 - فليس ما يمنع أن يشمل نزع الملكية العقارات بالتخصيص والمقومات المعنوية إعمالاً لقاعدة أن الفرع يتبع الأصل ولأن الهدف الأساسي من القرار لم يكن الاستيلاء على تلك المنقولات أو المقومات في ذاتها، فاعتبار القرار دار العرض من مشروعات النفع العام لا يخرجه عن طبيعته الأصلية ليكون إجراء من إجراءات التأميم الذي لا يتم إلا بقانون. وإذا كانت هناك قوانين تنظيم عرض الأفلام السينمائية فليس من شأن ذلك أن يغل يد الدولة عن نزع ملكية الدور التي تمارس هذا النشاط أن رأت لزومها لتحقيق أغراض إعلامية وثقافية تجاوز تلك التي تهدف إليها مجرد قواعد تنظيم عرض الأفلام وذلك بالسيطرة الكاملة على دار العرض بكل مقوماتها المادية والمعنوية. وعلى هذا الأساس انتهت المحكمة إلى أن قرار رئيس الوزراء سالف الذكر صدر ممن يملكه لتحقيق الأهداف التي حددها المشرع في قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954، ويعتبر هذا القرار مشروعاً، فلا تكون جهة الإدارة بإصداره قد ارتكبت أي خطأ يستتبع التعويض عنه. وقد ساير هذا الحكم ما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا بحكمين سابقين أولهما صدر بجلسة 3/ 4/ 1971 في الطعن رقم 852 لسنة 12 ق. عليا، وثانيهما صدر بجلسة 10/ 5/ 1975 في الطعن رقم 831 لسنة 12 ق. عليا.
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) عند نظرها للطعن الماثل بجلسة 13/ 2/ 1988 أنه وإن كانت أحكام المحكمة الإدارية العليا قد سارت على اعتبار قرارات النفع العام لدور العرض الصادرة وفقاً لأحكام قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 - قرارات مشروعة وأن جهة الإدارة بإصدارها لهذه القرارات لا ترتكب أي خطأ يستتبع التعويض عنه - إلا أنه قد ثارت وجهة نظر جديدة قد تؤدي إلى العدول عما سارت عليها أحكام المحكمة الإدارية العليا سالفة الذكر. وتتلخص وجهة النظر الجديدة في أن تقرير صفة النفع العام لدور العرض السينمائي ونقل ملكيتها من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة - يعتبر في حقيقته تأميماً لهذه الدور مما كان يستوجب أن يصدر بقانون وليس بقرار من رئيس الوزراء باعتبار أن قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 يسري على العقارات دون المنقولات المادية والمعنوية التي تشملها دور العرض السينمائي. ويؤيد وجهة النظر الجديدة ما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 6/ 11/ 1985 بشأن إبداء الرأي في جواز استصدار قرار جمهوري بنزع ملكية العقار رقم 8 شارع عماد الدين للمنفعة العامة - وهو العقار المقامة عليه سينما الكورسال الشتوي - فقد استبان للجمعية العمومية أن محل نزع الملكية لم يقتصر على العقار فقط وإنما امتد إلى ما ألحق بالعقار من عناصر تكون أساس مباشرة النشاط فيه كسينما إذ المطلوب أن يظل لاستعماله بعد نزع الملكية سينما أيضاً مما يفصح عن أن نزع الملكية ليس هدفه العقار فقط وإنما النشاط الذي يتخذ العقار محلاً له وهو ما لا يجوز نقله من الملكية الخاصة للأفراد إلى الملكية العامة للدولة بنزع الملكية طبقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954 والمادة 34 من الدستور التي عالجت موضوع نزع الملكية، وإنما طبقاً للمادة 35 من الدستور أي من خلال التأميم وهو لا يكون إلا بقانون. والقول بغير ذلك ينحرف بنظام نزع ملكية العقارات المقرر في الدستور وفي القانون رقم 577 لسنة 1954 للوصول إلى التأميم بغير الأداة القانونية التي تطلبها الدستور لذلك وهي القانون. ولذلك انتهى رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز استصدار قرار جمهوري بنزع ملكية العقار رقم 8 بشارع عماد الدين بالقاهرة المقام عليه دار سينما الكورسال الشتوي للمنفعة العامة طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه. ولكل ما تقدم فقد استوجب الأمر إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على حكمي المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 852، 831 لسنة 12 القضائية أنهما يتعلقان بداري سينما أوبرا وديانا وأن أرض ومباني كل دار مملوكة لشخص وكان مستأجر الأولى قد وضع فيها المنقولات اللازمة للاستغلال السينمائي وهي مملوكة له ومرهونة رهناً حيازياً للغير وأعدها كمشروع للعرض السينمائي يمارس به نشاطه أما الثانية فكانت العقارات والمنقولات مملوكة لذات المالك أما المستأجر فكان يستأجر دار السينما المجهزة بمعرفة المالك عقارات ومنقولات ثم أضاف إليها بعض المنقولات (حددها الخبير الذي انتدبته المحكمة الإدارية العليا ثم أصدرت الجهة الإدارية المختصة قراراً باعتبار مشروع توفير دور العرض السينمائي للفيلم المصري من أعمال المنفعة العامة ونزع ملكية الدور اللازمة له، ثم قراراً آخر بنزع ملكية أرض وبناء ومشتملات كل من داري سينما أوبرا وديانا. فرفعت دعوى بالنسبة لكل منهما أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بوقف تنفيذ قرار نزع الملكية وبإلغائه، وتدخل المستأجر في الدعوى الأولى طالباً وقف تنفيذ قرار نزع الملكية وإلغاءه فيما تضمنه من نزع ملكية المنقولات التي يملكها والتي أدخلها على الدار لاستغلالها في مشروع العرض السينمائي الذي يمارس به نشاطه. وقد انتهت محكمة القضاء الإداري في الدعويين إلى أن المسلم به في العصر الحديث أن إنشاء دور العرض السينمائي والمسارح هو من قبيل إنشاء المرافق التجارية التي يمكن للدولة أن تضطلع بها وأن تستخدم في سبيل تحقيق أغراضها وسائل القانون العام. فإذا قدرت الجهة الإدارية أن هذا المرفق في حاجة إلى إنشاء دور عرض أو نزع ملكية دور عرض سينمائي قائم فإن تصرفها يكون مطابقاً للقانون، ومن ثم يكون قرارها باعتبار مشروع توفير دور العرض السينمائي للفيلم المصري من أعمال المنفعة العامة - وقرارها بنزع ملكية داري سينما أوبرا وديانا - صحيحين ومطابقين للقانون إلا فيما تضمنه قرار نزع الملكية من منقولات وآلات، إذ الأصل أن نزع الملكية للمنفعة العامة لا يرد إلا على العقارات كما يرد على المنقولات المملوكة لمالك العقار والتي تعتبر عقاراً بالتخصيص وفقاً لأحكام القانون المدني - أما غير ذلك من المنقولات فيظل محتفظاً بطبيعته كمنقول ولا يجوز نزع ملكيته وفقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين - وذلك سواء كانت هذه المنقولات مملوكة للمالك وكانت غير مخصصة لخدمة العقار أو كانت مملوكة للمستأجر. ومن ثم فإن نزع ملكيتها للمنفعة العامة يكون مشوباً بعيب اغتصاب السلطة لصدوره ممن لا ولاية له في إصداره الأمر الذي ينحدر بالقرار في هذا الخصوص إلى درجة الانعدام مما يبرر الحكم بوقف تنفيذه. وقد قضت المحكمة في الدعويين برفض طلب إلغاء قرار نزع ملكية الدارين المشار إليهما وقضت بإلغائه فيما تضمنه من نزع ملكية المنقولات بسب أنها لا تعتبر عقارات بالتخصيص إذا كانت مملوكة لغير مالك العقار فتظل محتفظة بحقيقتها كمنقولات ولا يجوز نزع ملكيتها إذا لم تقدم الحكومة ما يفيد ملكيتها لمالك العقار في الدعوى الأولى وقدم الخصم الثالث ما يدل على ملكيته لها وأنها في حيازته فلا يرد عليها نزع الملكية، وفي الدوى الثانية لأن المستأجر أثبت ملكيته لما قدمه من المنقولات فلا يرد عليه قرار نزع الملكية. وقام المالكون لدار سينما أوبرا بالطعن على الحكم برقم 852 لسنة 12 القضائية وقضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً كما طعنت إدارة قضايا الحكومة في ذات الحكم برقم 832 لسنة 12 القضائية ثم تركت الخصومة فيه فقضت المحكمة الإدارية العليا بقبوله شكلاً وبإثبات ترك الخصومة. أما ملاك دار سينما ديانا ومستأجرها فلم يطعنوا على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر ضدهم وطعنت فيه إدارة قضايا الحكومة وحدها برقم 831 لسنة 12 القضائية طالبة وقف تنفيذه وإلغائه فيما يتعلق بالمنقولات التي شملتها الدار، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً. وأقامت المحكمة الإدارية العليا قضاءها في الطعنين رقمي 852 و831 لسنة 12 القضائية على ذات الأسباب التي استندت إليها محكمة القضاء الإداري، وأضافت إليها بالحكم الصادر في الطعن رقم 852 المشار إليه - أن الدولة في العصر الحديث تقوم بتنظيم كافة وسائل الإعلام والإشراف عليها لما لها من مساس بالمصلحة العامة للدولة. وإذ كانت دور العرض السينمائي تعتبر من أهم وسائل الإعلام ونشر الثقافة بين الجماهير، فإن تحقيق رسالة الإعلام تعتبر من الأعمال المتصلة بالمنفعة العامة، وبهذه المثابة فإنه يجوز في سبيل تنظيم وسائل الإعلام وتقويتها والإشراف عليها إشرافاًً فعلياً، الالتجاء إلى نزع الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 كلما لزم عقار من العقارات لتحقيق هذه الأغراض. وإذا كان القانون المذكور ينصب على العقارات وحدها غير أنه من الأمور المسلمة أن الفرع يتبع الأصل ولذلك فليس ثمة ما يمنع من أن يشمل نزع الملكية العقارات بالتخصيص والمقومات المعنوية إن وجدت على أساس أن الهدف الأساسي لم يكن هو الاستيلاء على تلك المقومات وإنما هو نزع ملكية العقار باعتباره لازماً لتحقيق المنفعة العامة، ويترتب على ذلك كله جواز نزع ملكية دور العرض السينمائي طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك، ومن ثم فإن أوجه الطعن المتعلقة بهذه الموضوعات تكون على غير أساس من القانون. وأوضحت المحكمة في الحكم الخاص بسينما ديانا ما انتهى إليه الخبير من أن المنقولات التي قدمها المالك قد ورد عليها نزع الملكية باعتبارها عقاراً بالتخصيص أما ما قدمه المستأجر فمنها ما التصق بالعقار فأصبح عقاراً بالطبيعة ومن ثم شمله نزع الملكية أما ما يكمن نقله بدون تلف منها فلا يرد عليه نزع الملكية، وانتهى تقرير الخبير الذي تبنته المحكمة إلى أن 20% فقط من مشتملات السينما يمكن نزعها بدون تلف والباقي متصل بالمباني ونزعه من مكانه بسبب التلف.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المحكمة الإدارية العليا أقامت قضاءها بمشروعية نزع ملكية دور العرض السينمائي وفقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين - على أساس أن الدولة في العصر الحديث تضطلع بمرافق عامة صناعية وتجارية وأن إنشاء دور العرض السينمائي من قبيل إنشاء المرافق التجارية وللدولة أن تستخدم في سبيل تحقيقها وسائل القانون العام، وأن نزع ملكية دور العرض القائمة لتحقيق ذلك يعتبر أمراً مشروعاً وفقاًَ لأحكام قانون نزع الملكية المشار إليه باعتبار أن نزع الملكية يرد أساساً على العقارات كما أنه يشمل المنقولات التي يخصصها مالك دار العرض لخدمتها والتي تعتبر في حكم العقارات بالتخصيص وفقاً للمادة 82 من القانون المدني التي تنص في الفقرة (2) على أنه "ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص، المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، كما أقامت المحكمة الإدارية العليا قضاءها سالف الذكر على أنه وإن كانت أحكام قانون نزع الملكية تنصب على العقارات وحدها غير أنه من الأمور المسلمة أن الفرع يتبع الأصل، وأنه ليس ثمة ما يمنع من أن يشمل نزع الملكية العقارات بالتخصيص والمقومات المعنوية إن وجدت باعتبار أن الهدف الأساسي لم يكن هو الاستيلاء على تلك المقومات وإنما هو نزع ملكية العقار باعتباره لازماً لتحقيق المنفعة العامة. وأقرت المحكمة في الحكم الثاني ما تضمنه تقرير الخبير الذي انتدبته وأخذت بنتيجته من أنه بفحص الأثاث والآلات التي تسلمتها الشركة العامة لتوزيع وعرض الأفلام السينمائية، تبين أن بعض المشتملات وتشمل 20% من مشتملات السينما يمكن نزعها بدون تلف والباقي متصل بالمباني ونزعه من مكانه بسبب التلف. وقد انتهت المحكمة في أسبابها إلى اعتبار المشتملات التي لا يمكن نزعها بدون تلف عقاراً بالطبيعة يشمله نزع ملكية العقار للمنفعة العامة. ولما كان المستفاد مما تقدم أن المحكمة الإدارية العليا قد قضت بمشروعية نزع ملكية دور العرض السينمائي بما اشتملت عليه من معدات وآلات مخصصة لخدمتها - ما أصبح منها عقاراً بالطبيعة أو عقاراً بالتخصيص - وذلك لتمارس الدولة بها ذات نشاط العرض السينمائي في هذه الدور، وإذ أقرت ورود نزع الملكية على 80% من مشتملات العقار من آلات ومنقولات باعتباره عقاراً بالطبيعة، وبذلك أقرت شمول نزع الملكية لمستلزمات النشاط الذي أراد القرار نقل ملكيته إلى الدولة واستمرت الدولة تمارسه بنفس العناصر العقارية والمنقولة التي ورد عليها قرار نزع الملكية فتكون المحكمة قد أقرت استعمال قانون نزع الملكية للمنفعة العامة وسيلة لنقل نشاط العرض السينمائي إلى ملكية الدولة، فيكون محل نزاع الملكية في الحقيقة لم يكن العقار الذي يمارس فيه نشاط العرض السينمائي وإنما استخدم هذا القانون وسيلة - بتوجيهه إلى العقار الذي يمارس فيه النشاط - إلى نقل هذا النشاط بما يستلزمه من عقار ومنقولات بحالتها إلى الدولة لتستمر الدولة في مزاولته بها بدون أدنى تغيير فيه.
ومن حيث إن الثابت من وقائع محل الحكمين السابقين ومحل الطعن الحالي أن نشاط العرض السينمائي إنما يمثل نشاطاً تجارياً يقوم على عناصر مادية من عقارات ومنقولات لازمة لمزاولته ثم عناصر معنوية تقوم في الاسم التجاري ونوعية النشاط والعقود اللازمة لممارسته مع موزعي الأفلام السينمائية أو منتجيها، بحيث إن مجموع العناصر المادية من عقارات ومنقولات - والعناصر المعنوية تشترك جميعاً في تكوين وحدة قانونيه هي المحل التجاري وهو يعتبر منقولاً معنوياً بغض النظر عما يشتمل عليه من عقارات أو منقولات مادية وتخضع في التعامل عليه والتصرف فيه لأحكام خاصة تفترق عن تلك التي تحكم كلاً من عناصره العقارية أو المنقولة المادية أو المعنوية، وإذا تبين من حقيقة القرارات المطعون فيها أن قرار نزع الملكية اتخذ مجرد وسيلة لنقل ملكية نشاط العرض السينمائي إلى الدولة فيكون قد اتجه في حقيقته إلى هذا المنقول المعنوي، واستعمل وسيلة نقل الملكية الجبرية لأحد عناصره وهو العقار - وسيلة لنزع ملكيته جبراً عن صاحبه إلى الدولة وهو ما لم يشرع له نزاع الملكية للمنفعة العامة في المادة 34 من الدستور أو في القانون الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة الصادر تطبيقا للمبدأ الدستوري ولا يرد إلا على العقار. أما حيث يتبع العقار المنقول ويصبح جزءاً منه ويتضح من الأوراق والوقائع أن محل نقل الملكية في الحقيقة هو المنقول المعنوي أو النشاط التجاري فلا يكون ثمة نزع ملكية عقار للمنفعة العامة وإن ورد على أحد عناصر المنقول المعنوي أو النشاط وإنما هو نقل جبري لملكية النشاط أو المنقول المعنوي لم يشرع له نزع ملكية العقار للمنفعة العامة، وإذ كانت الملكية مصونة لا تمس بحكم المادة 34 من الدستور فلا يجوز نقلها جبراً عن صاحبها إلا طبقاً لأحكام القانون. وإذ لم يسعف في ذلك قانون نزع الملكية فيكون الإجراء المتخذ طبقاً له في مجال غير مجاله قد أخطأ المحل وأفصح عن عدم سلامة الباعث فتغيبت الغاية. فإذا كان من أوجه المنفعة العامة الجائز نزع الملكية العقارية تحقيقاً لها تنظيم النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لدخول ذلك جمعية في عموم مدلول المنفعة العامة، قد يدخل في ذلك نزع ملكية أرض فضاء لإقامة دار عرض سينمائي عليها أو نزع ملكية عقار لهذا الغرض، لأن نزع ملكية أرض فضاء لإقامة دار عرض سينمائي عليها أو نزع ملكية عقار لهذا الغرض، لأن نزع الملكية لا يمكن أن يرد إلا على عقار بالمعنى المحدد قانوناً للعقار طبقاً للمادة 82/ 1 من القانون المدني أي العقار الثابت بأصله ولا يمكن نقله منه إلا بإتلافه ولا مانع حينئذ أن يشمل أجزاءه المختلفة وتوابعه وملحقاته ولو كانت مما يعد منقولاً حسب الأصل فيكون مع العقار وحدة قانونية إما بالجزئية فيه وإما بالتخصيص، على أنه يجب أن يتضح أن العقار هو الهدف الأساسي من نزع الملكية أما إذا تبين من الأوراق أن نزع الملكية اتجه في الحقيقة إلى عناصر أساس مباشرة النشاط فيه كسينما بأن شمل نزع الملكية جميع العناصر اللازمة لممارسة هذا النشاط من عقار ومنقول واستمرت الدولة في ممارسة ذات النشاط بذات العناصر بعد نزع الملكية مما يفصح عن أن محل نزع الملكية لم يكن العقار وإنما هو في الحقيقة النشاط الذي يتخذ العقار محلاً لمباشرته بما في ذلك من أدوات وآلات وعناصر مادية ومعنوية، وهو ما لا يجوز نزع ملكيته للمنفعة العامة طبقاً للمادة 34 من الدستور والقانون رقم 577 لسنة 1954، وإنما لا يمكن نقل ملكيته جبراً عن المالك إلى الدولة إلا بقانون تطبيقاً للمادة 30 من الدستور، والقول بغير ذلك ينحرف بنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة عن الهدف الذي قرره من أجله الدستور ونظمه القانون لتحقيقه - ويتخذه وسيلة للتأميم بغير الأداة القانونية التي تجيزه وهي القانون. على أن التحقق من ذلك إنما هو مسألة تكييف قانوني للوقائع التي تعرض في كل حالة على حده وهو ما يتعين على المحكمة التي تراقب مشروعية مثل هذه القرارات أن تنزله على تلك الوقائع لتتيقن من أن قرار نزع الملكية ورد على العقار وقصده في جوهره أو أنه اتخذ مجرد أداة لتغطية حقيقة نقل ملكية المحل التجاري أو النشاط إلى الدولة فلا يكون جائزاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز اتخاذ إجراءات نزع الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 إذا تبينت المحكمة أن محل هذه الإجراءات هو نشاط العرض السينمائي بصفة أساسية، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة لتقضي فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق