الصفحات

الأحد، 28 أغسطس 2022

الطعن 1965 لسنة 36 ق جلسة 2 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 5 ص 37

جلسة 2 من يناير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري, ومحمد عبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين عزام, وأنور أحمد خلف.

---------------

(5)
الطعن رقم 1965 لسنة 36 القضائية

عمل. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عقد العمل. تميزه بخصيصتين أساسيتين هما: التبعية والأجر.
تمسك المدافع عن الطاعنة في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم توافر عنصري التبعية والأجر. خلو الحكم المطعون فيه من بيان مؤدي الأدلة على توافرهما وعدم التعرض لدفاع الطاعنة في هذا الشأن بالرد الكافي. قصور.

----------------
عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر وبتوافرهما تكون العلاقة علاقة عمل. ولما كان المدافع عن الطاعنة قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الرهبان يخضعون لنظام خاص يعتبرون بموجبه أعضاء في جمعية ويعملون بدون أجر خلاف النفقة الضرورية, فإنه كان من واجب المحكمة أن تتقصى أمر تلك التبعية التي هي قوام عقد العمل وأحد خصائصه, وكذلك المقابلة بين الخدمات التي تؤدي إلى الراهبة والتي تتمثل في المأكل والملبس والمسكن وبين تكليفها أداء عمل التدريس بالمدرسة للفصل فيما إذا كانت تلك الخدمات تعد أجرا مقابل هذا العمل أو أن الخدمات المشار إليها إنما تكفل للراهبة العيش بحكم انخراطها في سلك الرهبنة واعتصامها بالأديرة بعد ترهبها وسواء أدت ما يناط بها من أعمال التدريس أو لم تؤدها فلا تخضع العلاقة التي بينها وبين المدرسة في هذه الحالة الأخيرة لأحكام قانون عقد العمل الفردي. أما وأن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان مؤدي الأدلة على توافر عنصري التبعية والأجر كما هو معرف به في قانون عقد العمل باعتباره من عقود المعارضة ولم يعرض لدفاع الطاعنة في هذا الشأن بالرد الكافي, فإنه يكون قاصر البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 15 مارس سنة 1964 بدائرة قسم حلوان: (أولا) لم تحرر عقود عمل من نسختين. (ثانيا) لم تنشئ ملفا خاصا لكل عامل يتضمن البيانات المقررة. وطلبت عقابها بالمواد 42 و43 و69 و215 و221 و235 من القانون 91 لسنة 1959. ومحكمة حلوان الجزئية قضت حضوريا بتاريخ أول نوفمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهمة 200 قرش عن كل تهمة عن كل عامل (9 مدرسات). فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت - بهيئة استئنافية - حضوريا بتاريخ 29 يناير سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بوصفها ناظرة مدرسة العائلة المقدسة للبنات بجريمة عدم تحرير عقود عمل وعدم إنشاء ملفات للراهبات المدرسات بها قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه أسس قضاءه على أن العلاقة التي تجمع بين الطرفين هي علاقة عمل ينطبق عليها أحكام قانون عقد العمل الفردي بينما هي في حقيقتها علاقة روحية بحت يحكمها نظام الرهبنة المعترف به قانونا والذي يقوم أساسا على أن الراهب هو شخص ناسك متعبد وهب نفسه للهيئة الدينية التي يتبعها متبرعا لا يبغي من ذلك إلا المثوبة من الله وإذا أسندت إليه هذه الهيئة أعمال التدريس في المدارس التابعة لها فهو تكليف ديني محض بدون أجر أما المأكل والملبس والمأوى الذي تكفله له فهو نفقة له تعينه على أداء فرائض التنسك بصفته عضوا في الهيئة الدينية التي ينتمي إليها وشريكا فيها فلا يقوم بعمله في المدرسة التابعة لهذه الهيئة في خدمة صاحب العمل أو تحت سلطته وإشرافه ولا يخضع لأحد من باقي الأعضاء إلا فيما تفرضه الأحكام الدينية فقط ويعد هو نفسه صاحب عمل له الإشراف والرقابة على العمال المدنيين من غير أعضاء الهيئة الدينية الذين يعملون بالمدرسة. وقد تمسكت الطاعنة بدفاعها هذا أمام محكمة الموضوع وأيدته بشهادة صادرة من مفوضية الكرسي الرسولي بالجمهورية العربية المتحدة, إلا أن الحكم المطعون فيه لم يمحص هذا الدفاع أو يفنده وعول في إثبات علاقة العمل بين الطرفين على اللائحة الداخلية للمدرسة في حين أن هذه اللائحة لا تنطبق إلا على موظفي المدرسة من المدنيين دون أعضاء الهيئة الدينية.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي الذي تبني الحكم المطعون فيه أسبابه أنه أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن المدرسات اللاتي وقعت في شأنهن المخالفة هن من طائفة الراهبات. ثم خلص إلى إدانة الطاعنة بوصفها ناظرة المدرسة لمخالفتها أحكام قانون العمل في قوله: "إن المحكمة تطمئن إلى ما قرره مفتش العمل مصداقا لما أثبته بمحضره المشار إليه يضاف إلى ذلك أن الراهبة وإن كانت تنتمي من الناحية الدينية إلى الهيئة الدينية إلا أنها ما دامت تؤدي عملا بالمدرسة وتتقاضى عنه أجرا عينيا وتقوم بعملها تحت إشراف صاحب العمل الذي يتقاضى المصروفات من التلاميذ, ومن ثم فإن قانون عقد العمل يكون منطبقا عليها. ولا يقدح في ذلك شهادة مفوض الكرسي الرسولي المشار إليها". وأضاف الحكم المطعون فيه لتلك الأسباب قوله: "إن المتهمة التي تدير مدرسة تجمع من طلبتها رسوما ومصاريف وتشرف على مدرسين ومدرسات منهم راهبات يقمن بوظيفة التدريس تحت إشراف وائتمار المتهمة نظير أجر عيني هو المأكل والملبس والمسكن ولاشك أن ذلك يكون عناصر عقد العمل..." لما كان ذلك, وكان عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر وبتوافرهما تكون العلاقة علاقة عمل. وكان المدافع عن الطاعنة قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الرهبان يخضعون لنظام خاص يعتبرون بموجبه أعضاء في جمعية ويعملون بدون أجر خلاف النفقة الضرورية, فإنه كان من واجب المحكمة أن تتقصى أمر تلك التبعية التي هى قوام عقد العمل وأحد خصائصه, وكذلك المقابلة بين الخدمات التي تؤدي إلى الراهبة والتي تتمثل في المأكل والملبس والمسكن وبين تكليفها أداء عمل التدريس بالمدرسة للفصل فيما إذا كانت تلك الخدمات تعد أجرا مقابل هذا العمل أو أن الخدمات المشار إليها إنما تكفل للراهبة العيش بحكم انخراطها في سلك الرهبنة واعتصامها بالأديرة بعد ترهبها وسواء أدت ما يناط بها من أعمال التدريس أو لم تؤدها فلا تخضع العلاقة التي بينها وبين المدرسة في هذه الحالة الأخيرة لأحكام قانون عقد العمل الفردي. أما وأن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان مؤدي الأدلة على توافر عنصري التبعية والأجر كما هو معرف به في قانون عقد العمل باعتباره من عقود المعاوضة ولم يعرض لدفاع الطاعنة في هذا الشأن بالرد الكافي, فإنه يكون قاصر البيان. ولا يكفي في هذا الصدد أن يستند الحكم المطعون فيه إلى مجرد أقوال مفتش العمل الذي ارتأى توافر خصائص عقد العمل بين الراهبات المدرسات وبين الجهة التي يعملن فيها لأن قول مفتش العمل في هذا الشأن إنما هو مجرد تقرير لنظره هو مما لا يتأتى أن يبني عليه الحكم تكييفا قانونيا لتلك العلاقة. كما لا يكفي أيضا الاعتماد على لائحة المدرسة فيما تضمنته من سريان قانون العمل على المدرسات اللاتي يعملن بالمدرسة لأن مفاد ذلك هو سريان عقد العمل على العلاقات التي تخضع بطبيعتها له أما باقي العلاقات التي لا تنبسط عليها أحكامه فتخرج عن نطاق تطبيقه. لما كان ما تقدم, وكان هذا القصور قد حجب المحكمة عن إنزال حكم القانون على الواقعة, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق