الصفحات

الأحد، 28 أغسطس 2022

الطعن 1391 لسنة 36 ق جلسة 9 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 7 ص 46

جلسة 9 من يناير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, وجمال المرصفاوي, وحسين سامح, ومحمود العمراوي.

----------------

(7)
الطعن رقم 1391 لسنة 36 القضائية

(أ) دفوع. قوة الشيء المحكوم فيه. دعوى جنائية. "قبولها". أمر حفظ. رشوة. نصب.
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر حفظ فيها من النيابة من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه. محل قيام هذا الدفع أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هى بعينها الواقعة الصادر فيها أمر الحفظ. مثال.
(ب) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". رشوة.
انقضاء الأجل المحدد للتفتيش في الإذن الصادر به لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح تنفيذ مقتضاه بعد ذلك إلى أن يجدد مفعوله. جواز الإحالة عليه أو على التحريات التي بنى عليها بصدد تجديد مفعوله ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور. مثال.
(ج) دفوع. تفتيش. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش أو ببطلان التفتيش. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) محكمة ثاني درجة. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة.
محكمة ثاني درجة تحكم على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه. مثال.
(هـ, و, ز) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
)هـ) عدم التزام المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة - لإجراء تحقيق فيها - بعد حجزها للحكم.
(و) قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يلزمها.
(ز) للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. شرط ذلك؟ لها الاعتماد في حكمها على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات الأولية ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.

---------------
1 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر حفظ فيها من النيابة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه. ولأجل أن يكون له محل يجب أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هي بعينها الواقعة الصادر فيها أمر الحفظ. ولما كان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة بعد أن باشرت التحقيق الابتدائي رأت استبعاد شبهة جناية الرشوة وأقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصفه مرتكبا لجنحة النصب, ولما كان لكل من واقعتي الرشوة والنصب ذاتية خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل, فلا يكون لهذا الدفع محل.
2 - من المقرر أن انقضاء الأجل المحدد للتفتيش في الإذن الصادر به لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح تنفيذ مقتضاه بعد ذلك إلا أن يجدد مفعوله. ومن ثم فإن الإحالة عليه أو على التحريات التي بنى عليها بصدد تجديد مفعوله جائزة ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور. ومتى كانت النيابة العامة حين أصدرت إذنها الأول بالتفتيش قد رات أن التحريات كافية لتسويغ هذا الإصدار ثم أصدرت إذنها بالتجديد بناء على استقرار تلك التحريات التي لم يؤثر فيها انقضاء الأجل المذكور, وكان الحكم قد أثبت فضلا عن ذلك أن الإذن اللاحق قد صدر من النيابة العامة بناء على ما أثبته ضابط المباحث من أن المجني عليه قد عاود الاتصال برجال المباحث مبلغا عن اتفاقه مع الطاعن على تسليمه مبلغ الرشوة في موعد معين, وكان هذا الاتصال لاحقا على استصدار الإذن الأول الذي تحققت النيابة العامة من التحريات السابقة عليه, وكان تقدير كفاية التحريات وجديتها متروكا لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وقد أقرتها على سلامة تقديرها, فإن ما يثيره الطاعن حول بطلان إذن التفتيش - لصدوره بعد انتهاء أجل إذن سابق وعدم استناده إلى أية ظروف جديدة أو تحريات جدية أجريت بعد انتهاء الأجل المحدد في الإذن السابق - لا يكون له محل.
3 - متى كان يبين من مطالعة الأوراق أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من وكيل النيابة بضبطه وتفتيشه, كما لم يدفع ببطلان التفتيش لحصوله في مسكن آخر غير المأذون بتفتيشه، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض, ما دام الحكم المطعون فيه قد خلا مما يدل على وقوع هذا البطلان.
4 - من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق, وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه. ولما كانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لإجابة طلب التحقيق الذي أبداه الطاعن في فترة حجز القضية للحكم بسماع أقوال شهود النفي وضم القضية التي يشير إليها بوجه الطعن, وكان الدفاع قد ترافع في الدعوى بغير أن يطلب سماع هؤلاء الشهود أو ضم القضية المشار إليها, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
5 - من المقرر أن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها.
6 - قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارا تحضيريا لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق.
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية, ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة وكان المدافع عن الطاعن قد تنازل عن سماع الشهود مكتفيا بمناقشة أقوالهم في التحقيقات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 10 يناير سنة 1962 بالسويس: توصل بالاحتيال إلى الاستيلاء على المبلغ الموضح بالمحضر عدا وقيمة لموسى حسن حسني وكان ذلك باتخاذه صفة كاذبة بأن أوهمه بأنه سيعتقل ابنه صباح وطلب منه المبلغ لإلغاء أمر اعتقاله واستعان على تأييد مزاعمه بمظاهر خارجية هو اتصاله بضباط سلاح الحدود وانخدع المجني عليه بهذا المظهر وسلمه المبلغ. وطلبت عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح السويس الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 20 يناير سنة 1964 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ بلا مصروفات جنائية. عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بتاريخ 18 يناير سنة 1965 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. وفي أثناء نظر الاستئناف أمام محكمة السويس الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش وبعد أن أتمت المحكمة نظره قضت حضوريا بتاريخ 27/ 11/ 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع (أولا) برفض الدفع ببطلان القبض. والتفتيش. (ثانيا) برفض وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في النصب قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب كما انطوى على إخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش تأسيسا على أن إذن النيابة تضمن ندب ضابط معين لتنفيذه هو الرائد عزت النقيب في حين أن الثابت بالأوراق أن الملازم إبراهيم ناجي هو الذي قام بتنفيذ الإذن دون أن يكون مأذونا له بذلك, ولكن الحكم أطرح هذا الدفع بمقالة أن إذن التفتيش الصادر من وكيل النيابة بتاريخ 10 يناير سنة 1962 تضمن ندب الضابط الأخير لتنفيذه مع أن الإذن المذكور جاء باطلا لصدوره بعد انتهاء أجل إذن سابق هو الإذن الذي أصدره رئيس النيابة وانتهت مدة سريانه في يوم 8 يناير سنة 1962 والذي ندب فيه الرائد عزت النقيب للقيام بتنفيذه مما لا يصح معه اعتبار الإذن اللاحق امتدادا له, فضلا عن أن الإذن الأخير لم يستند إلى أية ظروف جديدة أو تحريات جدية أجريت بعد انتهاء الأجل المحدد في الإذن السابق. كما أن الضابط الذي قام بتنفيذه قد تجاوز نطاقه بإجراء التفتيش في منزل خلاف الصادر الإذن بشأنه كما تجاوز الغرض من التفتيش, هذا فضلا عن أن الحكم استند إلى أقوال الشهود الذين سئلوا في التحقيقات دون أن يبين السبب في عدم سماعهم بالجلسة على الرغم من أن الطاعن قدم طلبا في فترة حجز القضية للحكم التمس فيه فتح باب المرافعة لسماع الشهود الذين سبق أن صرحت له المحكمة بإعلانهم ولا يغني في ذلك أن يكون المدافع عنه قد اكتفى بأقوال الشهود في التحقيقات طالما أن المتهم هو صاحب الشأن الأول في الدعوى المقامة عليه وقد تمسك الطاعن أيضا بطلب ضم قضية الجناية رقم 2 سنة 1961 عليا عتاقة واستجابت المحكمة لهذا الطلب في مبدأ الأمر فقررت ضمها وأجلت الدعوى لتنفيذ قرار الضم ولكنها عادت ففصلت فيها دون أن تنفذ قرارها في هذا الشأن ودون أن تبرر عدولها عنه على الرغم من أن الطاعن أصر في مذكرته المقدمة في فترة حجز القضية للحكم على طلب تنفيذ هذا القرار. ومع أن المحكمة لم تنتظر ورود القضية المطلوب ضمها فقد تعرضت في حكمها لوقائعها مما كان له أثره في النتيجة التي انتهت إليها في الدعوى. هذا إلى أن الثابت بالأوراق أن النيابة العامة اتجهت في الأصل إلى اعتبار الواقعة جناية رشوة ضد الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم ضابط مخابرات قسم عتاقة بوصفه مرتشيا وضد الطاعن بوصفه وسيطا في الرشوة, ثم أمرت نيابة أمن الدولة باستبعاد شبهة جناية الرشوة وأعادت الأوراق لنيابة السويس للتصرف, مما كان يقتضي استبعاد التهمة الموجهة إلى الطاعن إذ أن حفظ جريمة الرشوة يعني في ذاته حفظ الاتهام الجنائي كله ولا يتصور أن يكون الدليل موجبا لحفظ تلك الجريمة ثم يبقى هذا الدليل قائما بالنسبة لجريمة الشروع في النصب ما دامت الوقائع المكونة لأي من الجريمتين هي ذات الوقائع المكونة للجريمة الأخرى, وكان يتعين على المحكمة - إزاء ما هو مقرر من أن أمر الحفظ قد يكون ضمنيا مستفادا من تصرف النيابة في الدعوى - أن تقضي بعدم جواز نظر هذه الدعوى بالتطبيق لنص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية. وفضلا عما تقدم فقد ثبت من ظروف الحادث أن المجني عليه لم يكن مخدوعا بل كان هو الخادع للمتهم وأنه إنما سلمه النقود بغية الإيقاع به لما يعلمه عنه من أنه من مرشدي رجال المخابرات وأنه قد ساهم في الإرشاد عن ابنه في جناية إحراز المخدرات التي قضى بإدانته فيها الأمر الذي ينتفي معه قيام ركن الطرق الاحتيالية اللازم توافره في جريمة النصب والشروع فيها ويقتضي بالتالي تبرئة الطاعن مما أسند إليه. وعلى الرغم من ذلك كله فقد انتهى الحكم إلى القضاء بالإدانة وبذا جاء معيبا مستوجبا نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله" إنه بتاريخ 4/ 1/ 1962 أبلغ المجني عليه مرسي حسن حسين إدارة المباحث العامة بالسويس أن المتهم سمير إبراهيم دسوقي (الطاعن) حضر إليه في يوم 1/ 1/ 1962 ومعه شخص لا يعرفه واصطحبا ابنه صباح موسى حسن بحجة أنه مطلوب في مركز عتاقة وبعد فترة عاد المتهم إليه وأبلغه بأنه تمكن من الحيلولة دون اعتقال ابنه وطلب منه مرافقته فرافقه في سيارة حيث قادها المتهم إلى طريق الزيتية بالسويس, وهناك وجد ابنه راكبا سيارة (بيك أب) يقودها شخص يرتدي الملابس الإفرنجية قرر له المتهم أنه واحد من رجال مخابرات الحدود وكان معه شخص آخر يعرفه هو مصطفى كرار الذي كان يعمل جنديا بسلاح الحدود وفصل من وظيفته وعرفه المتهم أنهما بصدد إطلاق سراح ابنه شريطة أن يدفع لهم مبلغ 300ج, وبعد مساومات من جانب المجني عليه طالبه المتهم بدفع مبلغ 160ج وحددوا له موعدا للدفع ومكانا للقائهم فيه إلا أن المجني عليه تخلف عن الذهاب إليهم, فحضروا إليه في منزله يطالبون بهذا المبلغ, وبعد مساومات أخرى ارتضوا أن يكون المبلغ 80ج على أن يدفعها لهم في يوم 4/ 1/ 1962 بطريق الزيتية في موعد حددوه له, فأسرع المجني عليه إلى إدارة المباحث العامة مبلغا عما وقع له, فأحالته الإدارة المذكورة إلى المباحث الجنائية حيث استدعاه رئيسها الرائد عزت النقيب وأثبت مضمون بلاغه في محضر قام بتحريره وناقشه فيه, ثم استصدر إذنا من النيابة العامة بضبط وتفتيش من يتسلم من المبلغ النقود التي كانت معه في ذلك الوقت وقدرها أحد عشر جنيها, وتوجه على رأس قوة إلى مكان اللقاء بطريق الزيتية حيث كمنوا فيه توطئة لإجراء عملية الضبط. وفي الموعد المحدد شاهدت القوة السيارة 516 ملاكي السويس قادمة من ناحية السويس وبها المتهم وشخص آخر لا يعرفه, وقد توقفت السيارة عند مكان وقوف المبلغ وراح الأخير يحادث راكبها زهاء ثلث ساعة ثم انصرفت السيارة دون أن يتم تسليم المبلغ, وعاد المجني عليه إليهم ليخبرهم بأن المتهم رفض اقتضاء المبلغ لضآلته وقد حدد له موعدا آخر بمقهى أبو حجازية بشارع الجلاء بالسويس لاستلام المبلغ المتفق عليه. فطلب منه رئيس المباحث مقابلته في نادي البوليس بالسويس قبل هذا الموعد, إلا أن المجني عليه تأخر عن موعده مما اضطر معه رئيس المباحث إلى التوجه إلى المقهى المحدد لهذا اللقاء في الموعد المحدد وهناك شاهد السيارة 516 ملاكي السويس واقفة بالطريق ثم شاهد السيارة 1077 حدود قادمة تجاه السيارة الأولى حتى دانتها وتوقفت عندها, وهنا أقبل المتهم إلى قائد سيارة الحدود وحادثه بعض الوقت ثم انصرفا وعاد رئيس المباحث إلى نادي الشرطة حيث علم بوجود المجني عليه ومعه 28ج, فأخبره رئيس المباحث بما شاهده بالمقهى فعرفه المجني عليه بأنهم لابد أن يحاولوا الاتصال به مرة أخرى. وبتاريخ 9/ 1/ 1962 أبلغ جمعه موسى حسن أن سيارة من سيارات الحدود قد أقلت والده - المجني عليه - ولم تعده حتى ساعة إبلاغه بذلك, إلا أن الأخير عاد الاتصال برجال المباحث مبلغا أن المتهم قد اتفق معه على استلام المبلغ المطلوب في الواحدة من مساء يوم 10/ 1/ 1962 على أن يتم التسليم في منزل المتهم. فأثبت الملازم أول إبراهيم ناجي عبد الحميد ضابط المباحث ذلك البلاغ في محضر حرره ذكر فيه أنه اضطر إلى تحريره لانشغال رئيس المباحث بالتحري في حادث قتل. واستصدر إذنا من السيد وكيل نيابة السويس بضبط وتفتيش المتهم ومسكنه لضبط المبلغ الذي يقدمه المجني عليه إليه بعد أن تأكد سيادته من مطابقة أرقام الأوراق المالية المسلمة إلى المجني عليه للأرقام المثبتة في محضر ضابط المباحث وكان مقدارها 65ج وسارع الضابط بعد حصوله على هذا الإذن على رأس قوة إلى حيث شاهدوا المجني عليه يدخل منزل المتهم وبعد خمس دقائق فتح المجني عليه باب المنزل فداهموه وعندئذ شاهدوا المتهم يلقي رزمة من أوراق النقد على الأرض فالتقطها الضابط وتأكد من أنها هي التي سبق له تسليمها للمجني عليه لهذا الغرض, وسأل المتهم عن سبب استلامه هذا المبلغ من المجني عليه فأنكر المتهم في بادئ الأمر ثم عاد وقرر له أنه استلمه للاحتفاظ به لديه" وأردف الحكم ذلك بقوله "وقد تولت النيابة تحقيق الحادث بعد ذلك ولم تخرج أقوال المجني عليه وزوجته وولديه جمعه وصباح وكذا أقوال رجال المباحث الجنائية عن مضمون ما سبق تفصيله. وقد تقدم رئيس المباحث بعد ذلك بمحضر تحريات قال فيه إنه ترامى إلى علمه عن طريق تحرياته السرية أن الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم الضابط بسلاح الحدود هو ذلك الشخص الذي كان يرافق المتهم واشترك معه في ارتكاب الحادث فقامت النيابة بسؤال مصطفى كرار الذي قرر أنه كان مع المستأنف والملازم أول عطا فتحي عبد العظيم في سيارة الحدود التي أقلت المجني عليه وابنه صباح إلى طريق الزيتية حيث ترجل منها المستأنف وهذا الضابط وأنزلا المجني عليه وابنه من السيارة وراحا يحادثانهما بعض الوقت ثم صرفاهما وعادا إلى السيارة دون أن يدري ما دار بينهم كما قامت النيابة العامة بسؤال كل من عثمان محمد علي ومحمد محمد السيد وهما من رجال مخابرات الحدود فقررا أن المتهم والملازم أول عطا فتحي قد أحضرا المجني عليه في يوم 9/ 1/ 1962 إلى مبنى المخابرات وانصرف الضابط من المبنى بينما بقى المتهم إلى جوار المجني عليه حتى عاد هذا الضابط بعد فترة من الوقت وأمر بإطلاق سراح المبلغ. وأضافا أنهما لا يعرفان تعليلا لما دار أمامهما. ثم سألت النيابة العامة الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم فقرر أن المتهم يعمل مرشدا لمخابرات الحدود وأنه كان يقابله لهذا الغرض وبحجة أن المجني عليه كان بصدد إرشادهم عن كميات من المواد المخدرة مخبأة في الأرض بطريق الزيتية ونفى علمه بما طلبه المتهم من المجني عليه". وقد عرض الحكم إلى دفاع الطاعن فأطرحه كما أطرح دفعه ببطلان الضبط والتفتيش وانتهى إلى ثبوت الواقعة في حقه وذلك بقوله: "وحيث إن الحاضر مع المستأنف قدم مذكرة طلب فيها براءة المتهم (الطاعن) دافعا ببطلان الضبط والتفتيش على أساس أن إذن النيابة قد حدد فيه مصدره شخصا معينا لتنفيذه هو الرائد عزت النقيب بينما قام الملازم أول إبراهيم ناجي بتنفيذه بدلا من المأذون بذلك كما أن نيابة أمن الدولة قد استبعدت جريمة الرشوة التي كانت منسوبة إلى الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم وهى جريمة تكون مع ما هو منسوب إلى المتهم المستأنف وحدة لا يمكن تجزئتها, وكان من المتعين والأخير شريك للأول في جريمته أن يستبعد إتهام المستأنف تبعا لاستبعاد جريمة الفاعل الأصلي. وأضاف الدفاع في مذكرته أنه متى كان المجني عليه لم ينخدع لاحتيال المتهم وإنما كان هو الخادع الذي سلمه المبلغ للإيقاع به في شرك الاتهام فإن جريمة النصب تكون منهارة بانهيار ركن لها مما يستوجب القضاء ببراءة موكله. ومن حيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش فإن أوراق الدعوى كفيلة بالقول بأن الحق قد جانب الدفاع فيما أسس عليه دفعه فالثابت بالأوراق أن إذن التفتيش الصادر من السيد وكيل نيابة السويس بتاريخ 1/ 1/ 1962 والذي انتهى تنفيذه إلى ضبط المتهم ومعه أوراق النقد التي سلمها المجني عليه إليه, قد حدد الملازم أول إبراهيم ناجي لإجراء الضبط والتفتيش وقد قام الأخير بنفسه بتنفيذ الإذن, الأمر الذي يهدر تماما ما قرره الدفاع من أن إجراءات الضبط والتفتيش قد أجريت بواسطة غير من أذن له بالقيام بها مما يتعين معه رفض الدفع. ومن حيث إنه من المقرر قانونا أن قيام النيابة العامة بحفظ التحقيق بالنسبة إلى متهم معين في الدعوى الجنائية أو باستبعاده من قائمة الاتهام لا يقيدها في شيء بالنسبة لباقي المتهمين في هذه الدعوى ولا يحول أبدا بينها وبين تقديم من ترى تقديمه منهم إلى المحاكمة, ذلك أن القانون قد أخالها حفيظة على الدعوى الجنائية, وخول لها أن تقدر حق المجتمع الذي تنوب عنه في رفع هذه الدعوى إلى ساحة القضاء أو حفظها لأي وجه تراه. فإذا كان الثابت من أوراق هذه الدعوى أن نيابة أمن الدولة قد استبعدت وقوع جريمة رشوة من الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم ثم أقامت الدعوى الجنائية قبل المتهم المستأنف بالقيد والوصف سالفي الذكر فإنها تكون قد استعملت حقها المقرر لها قانونا, ويضحي ما نعاه الدفاع عليها في مذكرته مردودا ولا سند له من القانون. ومن حيث إن المحكمة تطمئن تماما إلى جماع تلك الأقوال المتساندة التي أبداها كل من المجني عليه وزوجته وولديه جمعه وصباح وما أثبته الرائد عزت النقيب رئيس المباحث والملازم أول إبراهيم ناجي ضابط المباحث في محضريهما أو في تحقيقات النيابة, وكذلك ما ردده كل من الملازم أول عطا فتحي عبد العظيم ومصطفى كرار وعثمان محمد علي ومحمد محمد السيد في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة وإيجاز ما اطمأنت إليه هذه المحكمة من مجمل تلك الأقوال أن المتهم المستأنف يعمل مرشدا لرجال مخابرات الحدود ويقتضي عمله هذا أن يكون على اتصال بالملازم أول عطا فتحي والتنقل معه بسيارة الحدود لإرشاده عن تجار المخدرات وتهريبها - وقد استغل المتهم كل ذلك كما استغل فرصة سبق اتهام صباح موسى حسن - نجل المجني عليه - في الجناية رقم 2 لسنة 1961 عتاقة بتهريب كمية من المواد المخدرة وتوجه ومعه ضابط الحدود سالف الذكر في سيارته إلى المجني عليه واصطحب ابنه معه موهما إياه كذبا أنه ضابط بمخابرات الحدود وأنه مكلف بضبط ابنه ثم عاد إليه بعد ذلك ليريه بنفسه أن ابنه في قبضة ضابط الحدود المرافق وأنه بصدد السعي في إطلاق سراحه على أن يدفع له مبلغا قدره ثلاثمائة جنيه خفضه بعد ذلك إلى مائة وستين جنيها وقد انخدع المجني عليه بكل هذه المظاهر من حضور المتهم برفقة أحد ضباط سلاح الحدود بسيارته والقبض على ابنه الذي سبق اتهامه في إحدى قضايا المخدرات فوعد بسداد المبلغ المطلوب, ولم يسدده في حينه لبهاظته إلا أنه إزاء كثرة إلحاح المتهم وقيامه بتخفيض المبلغ أكثر من مرة فقد داخله الشك في صفة المتهم التي أوهمه بها وراح ليبلغ الشرطة بالواقعة حتى يتم ضبط المتهم وهو يتسلم المبلغ منه وبعد اتخاذ الترتيبات اللازمة واستئذان النيابة قام الملازم أول إبراهيم ناجي عبد الحميد بضبط المتهم ومعه الأوراق النقدية السابق تسليمها للمجني عليه لهذا الغرض. ومن حيث إن جريمة النصب تقع وفقا لأحكام المادة 336 عقوبات إذا توصل الجاني إلى الاستيلاء على شيء مما ذكرته هذه المادة باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية الثلاث الواردة فيها على سبيل الحصر بقصد سلب مال المجني عليه وحرمانه منه وقع الجريمة كاملة متى تم تسليم محلها نتيجة انخداع المجني عليه بهذه الطرق الاحتيالية وإلا فإنها تكون جريمة شروع في نصب معاقب عليه. ومن حيث إنه بإنزال هذه الأصول القانونية على الواقعة موضوع الدعوى وفقا لما اطمأنت إليه المحكمة على النحو السالف بيانه أن المتهم قد استخدم من وسائل الاحتيال ما يصلح بطبيعته لما أعد له, فقد اتخذ صفة غير صحيحة هي أنه ضابط بمخابرات الحدود وأيد زعمه هذا بما استغله من ظروف وجود الضابط عطا فتحي معه وركوبهما في إحدى سيارات سلاح الحدود وإلقائهما القبض على ابن المجني عليه واصطحابه في هذه السيارة, كل ذلك رتبه المتهم بقصد سلب المبلغ المطلوب من المجني عليه وحرمانه منه, وهو ما كان يمكن معه أن تقع الجريمة كاملة لو كان المجني عليه حائزا للمبلغ المطلوب في حينه إلا أن جريمته لم تتحقق بعد ذلك لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة المجني عليه بعد فترة من الزمن لما رآه من إلحاح غير عادي من جانب المتهم على اقتضاء أي مبلغ منه والخضوع في تقريره للمساومات, مما تكون معه الواقعة في صحيح القانون شروعا في جريمة نصب تنطبق عليها المواد 45 و47 و336/ 1 من قانون العقوبات. أما ما نعاه الدفاع من أن المجني عليه لم ينخدع في حيلة المتهم وإنما كان هو الخادع له بالإيقاع به في شرك الاتهام فهو مردود بما قرره المجني عليه في تحقيقات النيابة - وهو ما تطمئن إليه المحكمة - من أنه ظل معتقدا لفترة من الزمن صحة مزاعم المتهم حتى أنه تخلف عن مقابلته أكثر من مرة خوفا منه لعدم وجود المبلغ المطلوب معه, مما يؤكد أن احتيال المتهم قد انتج أثره في حينه وكان يمكن أن يؤدي إلى وقوع الجريمة كاملة في حالة وجود المبلغ المطلوب في حوزة المجني عليه لولا أن داخل الأخير الشك فيما يدور أمامه من مساومات وهو ما تتحقق به جريمة الشروع في النصب - والقول بوجوب انخداع المجني عليه منذ الفترة التي يقع فيها فريسة لاحتيال المتهم حتى تمام تسليم الشيء محل جريمة النصب قول لا تسانده أحكام القواعد العامة للشروع بل ويبطل ما نص عليه المشرع في عجز المادة 336/ 1 من إيراد عقوبة على الشروع في النصب... أما إبلاغ المجني عليه للشرطة بعد أن فطن لحقيقة الأمر فلم يكن إلا لإيراد الدليل الحاسم على ما أورده في بلاغه من أن المتهم شرع في الاحتيال عليه, وذلك بضبطه متلبسا بجريمته وهو أمر جائز ولا خداع فيه للمتهم" لما كان ذلك, وكان الحكم قد تناول الدفع المبدى من المدافع عن الطاعن ببطلان الضبط والتفتيش وحصله بما يتفق والثابت بمحاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية وما أورده الطاعن في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة - على ما يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن, وكان ما قاله الحكم ردا على هذا الدفع سديدا وسائغا في تبرير إطراحه له, وكان يبين أيضا من مطالعة الأوراق أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من وكيل النيابة بضبطه وتفتيشه كما لم يدفع ببطلان التفتيش لحصوله في مسكن آخر غير المأذون بتفتيشه, فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام الحكم المطعون فيه قد خلا مما يدل على وقوع هذا البطلان. هذا فضلا عن أن ما يثيره الطاعن بشأن الإحالة على إذن سابق انتهت مدته مردود بأنه من المقرر أن انقضاء الأجل المحدد للتفتيش في الإذن الصادر به لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح تنفيذ مقتضاه بعد ذلك إلى أن يجدد مفعوله, ومن ثم فإن الإحالة عليه - بفرض حصولها - أو على التحريات التي بنى عليها بصدد تجديد مفعوله جائزة ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور ومتى كانت النيابة العامة حين أصدرت إذنها الأول بالتفتيش قد رأت أن التحريات كافية لتسويغ هذا الإصدار ثم أصدرت إذنها بالتجديد بناء على استقرار تلك التحريات التي لم يؤثر فيها انقضاء الأجل المذكور, وكان الحكم قد أثبت فضلا عن ذلك أن الإذن اللاحق قد صدر من النيابة العامة بناء على ما أثبته الملازم أول إبراهيم ناجي عبد الحميد ضابط المباحث من أن المجني عليه قد عاود الاتصال برجال المباحث مبلغا عن اتفاقه مع الطاعن على تسليمه النقود في موعد معين وكان هذا الاتصال لاحقا على استصدار الإذن الأول الذي تحققت النيابة العامة من التحريات السابقة عليه, وكان تقدير كفاية التحريات وجديتها متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وقد أقرتها على سلامة تقديرها, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن طلب من المحكمة الاستئنافية بجلسة 5 يونيه سنة 1965 ضم الجناية رقم 2 سنة 1961 عليا عتاقه فأجلت المحكمة نظر الدعوى لجلسة 9 أكتوبر سنة 1965 لضم القضية المذكورة وصرحت له بإعلان شهود نفي, إلا أنه لم يتمسك بهذا الطلب في الجلسة التالية التي أجلت لها الدعوى وقرر صراحة بهذه الجلسة أنه يكتفي بمناقشة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات ثم أتم مرافعته في الدعوى دون أن يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ما أو سماع شهود إلى أن تقرر حجز القضية للحكم لجلسة 27 نوفمبر سنة 1965 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. ولما كان من المقرر قانونا أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة, وكان المدافع عن الطاعن قد تنازل عن سماع الشهود مكتفيا بمناقشة أقوالهم في التحقيقات, وكان من المقرر أيضا أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق, وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه. لما كان ذلك, وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لإجابة طلب التحقيق الذي أبداه الطاعن في فترة حجز القضية للحكم بسماع أقوال شهود النفي وضم القضية التي يشير إليها بوجه الطعن, وكان الدفاع قد ترافع في الدعوى بغير أن يطلب سماع هؤلاء الشهود أو ضم القضية المشار إليها, وكان من المقرر - فضلا عن ذلك - أن المحكمة متى حجزت القضية للحكم فإنها لا تلتزم بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. ولا يقدح في ذلك أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لإعلان شهود النفي وضم القضية رقم 2 سنة 1961 عليا عتاقة ثم عدلت عن ذلك, لأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارا تحضيريا لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق. وإذ ما كان ما أورده الحكم في مدوناته عن الجناية سالفة الذكر لم يستند فيه إلى اطلاع المحكمة على تحقيقات هذه القضية وإنما استخلصه من أقوال الشهود في التحقيقات الأولية مما لا يجحد الطاعن أن له مأخذا صحيحا من الأوراق, فإن ما ينعاه الطاعن من أن الحكم قد اعتمد في هذا الخصوص على دليل لم يكن مطروحا بالجلسة لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها - لسبق صدور أمر حفظ فيها من النيابة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه, ولأجل أن يكون له محل يجب أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هي بعينها الواقعة الصادر فيها أمر الحفظ, وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمونة أن النيابة العامة بعد أن باشرت التحقيق الابتدائي رأت استبعاد شبهة جناية الرشوة وأقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصفه مرتكبا لجنحة النصب, وإذ ما كانت لكل من واقعتي الرشوة والنصب أو الشروع فيه ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل, فلا يكون لهذا الدفع محل. لما كان ذلك, وكان الحكم قد اثبت في حق الطاعن أنه قد استعمل طرقا احتيالية لإدخال الغش على المجني عليه وخدعه بقصد الاستيلاء على مبلغ من النقود إلا أن الجريمة لم تتحقق لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة المجني عليه, وكان ما استخلصه الحكم من ذلك تتوافر به جريمة الشروع في النصب - التي دان الطاعن بها - كما هي معرفة به في القانون, وكان ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الثبوت في الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع, طالما كان استخلاصها سائغا كما هو الحال في واقعة الدعوى فلا تجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق