الصفحات

السبت، 2 يوليو 2022

الطعن 26284 لسنة 86 ق جلسة 1 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 67 ص 704

 جلسة الأول من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل الحناوي ، نجاح موسى ومصطفى الدخميسي نواب رئيس المحكمة وأشرف كمال المخزنجي .
-------------

(67)

الطعن رقم 26284 لسنة 86 القضائية

(1) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم من تقرير الصفة التشريحية ما يكفي لبيان الدليل المستفاد منه ومؤداه بياناً يتضح منه تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة . لا قصور.

مثال.

(2) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . ضرب " أفضى إلى موت " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

   تميز جناية القتل العمد بعنصر خاص. هو قصد إزهاق الروح. اختلافه عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم. وجوب التحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تثبت توافره .

  إطلاق النار صوب المجني عليه وإصابته في مقتل. غير كاف بذاته لثبوت نية القتل . ما لم يكشف الحكم عنها. علة ذلك؟

  عدم إيراد الحكم ما يكفي لاستظهار نية القتل. مؤداه: اعتبار الواقعة جناية ضرب أفضى إلى موت . مخالفته هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بتقدير العقوبة المناسبة دون حاجة للإعادة لمحكمة الموضوع . علة وأساس ذلك؟

  مثال لتسبيب معيب في استظهار نية إزهاق الروح في جريمة قتل عمد .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1– حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوي في قوله " أنه بتاريخ .... انتقلت قوة من الشرطة السريين من مركز شرطة .... برئاسة الملازم أول / .... معاون المباحث ومن بين أفرادها المتهم الماثل حاملاً سلاحاً آليا وذلك للقبض علي أحد المتهمين ويدعي .... والصادر ضده حكما في الجناية رقم .... والمتواجد لدي مأذون قرية .... ويدعي .... مستقلين سيارة ميكروباص، وعقب ضبط المحكوم عليه سالف الذكر من داخل مكتب مأذون القرية المذكورة واصطحابه مقيدا بالأغلال إلى السيارة التي يستقلونها، وحال انصراف قوة الشرطة من مكان ضبط المتهم تصادف مرور المجني عليه .... قائدا لدراجة نارية " توك توك " سعيا وراء رزقه أمره المتهم بالتوقف إلا أنه واصل سيرة متجاوزا مكان توقف المتهم فما كان من الأخير إلا أن لاحقه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاة حتي توقف مثبتا قدماه أرضا مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه وأحدث إصابته الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وعندما تجمع المارة حول المجني عليه في محاولة لإسعافه أطلق المتهم المذكور عدة أعيرة أخرى لتفريق المارة مهدًدا إياهم ومتوعداً من يجرؤ على إسعافه واتجهت قوة الشرطة سالفة البيان إليه وحملوا المجني عليه عقب سقوطه أرضاً من داخل دراجته النارية داخل سيارتهم الميكروباص متجهين إلى مستشفى .... وعند حضور والد المجني عليه ورهط من أهليته لاستطلاع ما ألم بنجلهم من فاجعة تركوا الأخير بتلك السيارة التي كانت تحمله ولاذوا بالفرار ليواجه مصيره المحتوم لتصعد روحه إلى بارئها لا هي راضية ولا مرضية تشكي إلى بارئها ما كان من ظلم المتهم الغادر وهي لا تعرف بأي ذنب أو جريرة قُتلت هذا وقد أثبت ضابط الواقعة ملازم أول/ .... معاون المباحث بمحضره المؤرخ .... تحفظه علي السلاح الآلي المستخدم برقم .... وتحريزه وكذا خزنة الطلقات الخاصة بذات السلاح والمسلم إلى المتهم بمناسبة وظيفته " وأورد الحكم أدلة الثبوت المستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة وتعرف الشاهدين الأول والخامس علي الطاعن بالتحقيقات بما لا يخرج عن تلك الصورة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوي أن الطاعن لاحق المجني عليه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاه توقف مثبتا قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه فأحدث إصابته التي أودت بحياته ، وأورد علي ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من بينها ما جاء بتقرير الصفة التشريحية . وقد نقل عنه – من بين ما نقل – وجود اصابتين حيويتين حديثتين معاصرة لتاريخ الواقعة بالظهر والعنق عبارة عن فتحة دخول مقذوف أعلي يسار الظهر وفتحة الخروج من أسفل مقدم العنق تنشأ عن مقذوف ناري واحد وأن وفاته تُعزى إلى ما أحدثه ذلك المقذوف من تهتكات حيوية بالرئة اليسرى والأوعية الدموية الرئيسية بالصدر وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير وصدمه نزفيه والتي انتهت بالوفاة ، ويجوز حصول الواقعة علي النحو الوارد علي لسان الشاهد الأول ولا يوجد فنياً ما يؤيد إصابة المتوفى علي نحو عارض من شخص محترف يحمل سلاحاً قاتلاً - وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية يفصح عن أنه كان على بينة من هذه الإصابة – موضعها من جسم المجني عليه ووصفها و كيفية حدوثها و الآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده من تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد بعد أن بين الحكم الدليل المستفاد عن التقرير الطبي ومؤداه بياناً كافياً يتضح منه تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة .

  2- لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل في قوله " وحيث أنه عن توافر الركن المعنوي وهو قصد القتل وكذا القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح فإن ذلك أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر إنما تستنبطه المحكمة من المظاهر والظروف المحيطة بالواقعة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فهو قائم في الواقعة متوافر في حق المتهم من ظروفها وملابساتها وأقوال الشهود فيها ومن إطلاق المتهم لعيار ناري من سلاحه الآلي والذي كان بحوزته علي المجني عليه حينما أمره بالتوقف فلم يمتثل فعدا خلفه حتي أصبح في مقدوره إصابته – إن هو اطلق النار عليه – الإصابة القاتلة فثبت أرضا متخذاً وضع التصويب الصحيح وكان المجني عليه في مدي السلاح الناري المؤثر وحينذاك عندما أحكم تصويبه أطلق عليه عياراً نارياً فأحدث إصابته بموضع قاتل تلك الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأن ما آتاه المتهم تجاه المجني عليه لا يوجد في الأوراق ما يبرره أو يبعث عليه فلا كان المجني عليه حاضراً وقت إلقاء القبض علي المحكوم عليه بالمطاردة من قبل قوة الشرطة ولا حتي تدخل للحيلولة دون القبض علي المذكور وحتي أن أفراد قوة الشرطة المرافقة قد نادوا علي المتهم للعودة والكف عن مطاردة المجني عليه والتي لا طائل من ورائها وحتي يكف عن مبتغاه وغني عن البيان أن استخلاص توافر مبررات هذا القصد من عناصر الدعوي موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكانت المحكمة قد خلصت إلى توافر أركان تلك الجريمة بما فيها القصد الجنائي الخاص بما يضحي هذا الدفع قد قام علي غير سند وتقضي المحكمة برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً ، واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تنبني عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن ذلك أن إطلاق النار صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيته في هذه الحالة مجرد الإرهاب أو التعدي ، كما أن إصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه لأن تلك الإصابة قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغني في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه . لما كان ما تقدم ، وكان ما ذكره الحكم على ما سلف تدليلاً على توافر نية القتل لا يكفي لاستظهارها ، وكان البين من الأوراق ، ومن صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه – علي النحو السالف بيانه – أنه لا يتوافر فيها القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح – وهي بهذه الصورة تشكل جريمة الضرب المفضي إلى الموت المندرجة تحت نص الفقرة الأولي من المادة 236 من قانون العقوبات . ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر ، يكون قد خالف القانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً علي الخطأ في تطبيق القانون علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فانه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن ، وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة – لا يخضع لأي تقدير موضوعي ، بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة – ماديا – إلى الطاعن وأصبح الأمر لا يقتضي – بعد استبعاد القصد الجنائي الخاص المطلوب توافره في جناية القتل العمد – سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى علي التعرض له ، والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وإعادة الدعوي إلى محكمة الموضوع لتحكم فيها من جديد من أجل هذ السبب وحده . فإن المحكمة إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع علي المادة 236 من قانون العقوبات تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات بدلاً من العقوبة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضيـة الجناية رقم .... بوصف أنه : قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن عدا في أثره عقب رؤيته له وتيقن من أنه في مرمى نيرانه ظفر بأن توقف مصوباً سلاحاً وأطلق صوبه عياراً نارياً باستخدام سلاحاً أميرياً (بندقية آلية) والمسلمة إليه بمقتضى وظيفته الأمنية قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته التي أدت لوفاته على الفور والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

 وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليه . باعتبار أن القتل مجردا من ظرفي سبق الإصرار والترصد.

 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

وحيث إن الطاعن ينعى علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العـمد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية واكتفى بإيراد نتيجته ولم يدلل تدليلاً سائغاً على نية القتل وتوافرها في حق الطاعن ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد جناية الضرب المفضي إلى الموت أو جنحة قتل خطأ ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوي في قوله " أنه بتاريخ .... انتقلت قوة من الشرطة السريين من مركز شرطة .... برئاسة الملازم أول / .... معاون المباحث ومن بين أفرادها المتهم الماثل حاملاً سلاحاً آليا وذلك للقبض علي أحد المتهمين ويدعى .... والصادر ضده حكما في الجناية رقم .... والمتواجد لدي مأذون قرية .... ويدعى .... مستقلين سيارة ميكروباص ، وعقب ضبط المحكوم عليه سالف الذكر من داخل مكتب مأذون القرية المذكورة واصطحابه مقيداً بالأغلال إلى السيارة التي يستقلونها ، وحال انصراف قوة الشرطة من مكان ضبط المتهم تصادف مرور المجني عليه .... قائدا لدراجة نارية " توك توك " سعياً وراء رزقه أمره المتهم بالتوقف إلا أنه واصل سيرة متجاوزاً مكان توقف المتهم فما كان من الأخير إلا أن لاحقه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاة حتي توقف مثبتاً قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه وأحدث إصابته الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وعندما تجمع المارة حول المجني عليه في محاولة لإسعافه أطلق المتهم المذكور عدة أعيرة أخرى لتفريق المارة مهدداً إياهم ومتوعداً من يجرؤ على إسعافه واتجهت قوة الشرطة سالفة البيان إليه وحملوا المجني عليه عقب سقوطه أرضاً من داخل دراجته النارية داخل سيارتهم الميكروباص متجهين إلى مستشفى .... وعند حضور والد المجني عليه ورهط من أهليته لاستطلاع ما ألم بنجلهم من فاجعة تركوا الأخير بتلك السيارة التي كانت تحمله ولاذوا بالفرار ليواجه مصيره المحتوم لتصعد روحه إلى بارئها لا هي راضية ولا مرضية تشكي إلى بارئها ما كان من ظلم المتهم الغادر وهي لا تعرف بأي ذنب أو جريرة قُتلت هذا وقد أثبت ضابط الواقعة ملازم أول/ .... معاون المباحث بمحضره المؤرخ .... تحفظه على السلاح الآلي المستخدم برقم .... وتحريزه وكذا خزنة الطلقات الخاصة بذات السلاح والمسلم إلى المتهم بمناسبة وظيفته " وأورد الحكم أدلة الثبوت المستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة وتعرف الشاهدين الأول والخامس علي الطاعن بالتحقيقات بما لا يخرج عن تلك الصورة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوي أن الطاعن لاحق المجني عليه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاه توقف مثبتاً قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه فأحدث إصابته التي أودت بحياته ، وأورد علي ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من بينها ما جاء بتقرير الصفة التشريحية . وقد نقل عنه – من بين ما نقل – وجود إصابتين حيويتين حديثتين معاصرة لتاريخ الواقعة بالظهر والعنق عبارة عن فتحة دخول مقذوف أعلي يسار الظهر وفتحة الخروج من أسفل مقدم العنق تنشأ عن مقذوف ناري واحد وأن وفاته تُعزى إلى ما أحدثه ذلك المقذوف من تهتكات حيوية بالرئة اليسرى والأوعية الدموية الرئيسية بالصدر وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير وصدمه نزفيه والتي انتهت بالوفاة ، ويجوز حصول الواقعة علي النحو الوارد علي لسان الشاهد الأول ولا يوجد فنياً ما يؤيد إصابة المتوفى علي نحو عارض من شخص محترف يحمل سلاحاً قاتلاً - وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية يفصح عن أنه كان على بينة من هذه الإصابة – موضعها من جسم المجني عليه ووصفها وكيفية حدوثها والآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده من تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد بعد أن بين الحكم الدليل المستفاد عن التقرير الطبي ومؤداه بياناً كافياً يتضح منه تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل في قوله " وحيث أنه عن توافر الركن المعنوي وهو قصد القتل وكذا القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح فإن ذلك أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر إنما تستنبطه المحكمة من المظاهر والظروف المحيطة بالواقعة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فهو قائم في الواقعة متوافر في حق المتهم من ظروفها وملابساتها وأقوال الشهود فيها ومن إطلاق المتهم لعيار ناري من سلاحه الآلي والذي كان بحوزته علي المجني عليه حينما أمره بالتوقف فلم يمتثل فعدا خلفه حتي أصبح في مقدوره إصابته – إن هو أطلق النار عليه – الإصابة القاتلة فثبت أرضا متخذاً وضع التصويب الصحيح وكان المجني عليه في مدى السلاح الناري المؤثر وحينذاك عندما أحكم تصويبه أطلق عليه عياراً نارياً فأحدث إصابته بموضع قاتل تلك الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأن ما آتاه المتهم تجاه المجني عليه لا يوجد في الأوراق ما يبرره أو يبعث عليه فلا كان المجني عليه حاضراً وقت إلقاء القبض علي المحكوم عليه بالمطاردة من قبل قوة الشرطة ولا حتي تدخل للحيلولة دون القبض على المذكور وحتى أن أفراد قوة الشرطة المرافقة قد نادوا على المتهم للعودة والكف عن مطاردة المجني عليه والتي لا طائل من ورائها وحتي يكف عن مبتغاه وغنى عن البيان أن استخلاص توافر مبررات هذا القصد من عناصر الدعوي موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكانت المحكمة قد خلصت إلى توافر أركان تلك الجريمة بما فيها القصد الجنائي الخاص بما يضحى هذا الدفع قد قام علي غير سند وتقضي المحكمة برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً ، واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تنبني عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن ، ذلك أن إطلاق النار صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيته في هذه الحالة مجرد الإرهاب أو التعدي ، كما أن إصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه لأن تلك الإصابة قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغني في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه . لما كان ما تقدم ، وكان ما ذكره الحكم على ما سلف تدليلاً على توافر نية القتل لا يكفي لاستظهارها ، وكان البين من الأوراق ، ومن صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه – علي النحو السالف بيانه – أنه لا يتوافر فيها القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح – وهي بهذه الصورة تشكل جريمة الضرب المفضي إلى الموت المندرجة تحت نص الفقرة الأولي من المادة 236 من قانون العقوبات . ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر ، يكون قد خالف القانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً علي الخطأ في تطبيق القانون علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن ، وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة – لا يخضع لأي تقدير موضوعي ، بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة – ماديا – إلى الطاعن وأصبح الأمر لا يقتضي – بعد استبعاد القصد الجنائي الخاص المطلوب توافره في جناية القتل العمد – سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى علي التعرض له ، والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع لتحكم فيها من جديد من أجل هذ السبب وحده ، فإن المحكمة إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع علي المادة 236 من قانون العقوبات تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات بدلاً من العقوبة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق