الصفحات

الأربعاء، 29 يونيو 2022

الطعن رقم 71 لسنة 41 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 6 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يونيه سنة 2022م، الموافق الرابع من ذى القعدة سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيـم سليم ومحمـــود محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور / عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 71 لسنة 41 قضائية دستورية.

المقامة من
عزة محمد تاج الدين، رئيس الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة أسيوط - بالمعاش
ضد
1 - رئيس الجمهوريـــة
2 - وزير الموارد المائية والرى
3 - رئيس الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة أسيوط
4 - مدير الإدارة العامة للري بأسيوط

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الحادي والعشرين من أكتوبر سنة 2019، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 بتنظيم شروط وقواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية، فيما نصت عليه من أن تعطى للمنتفع الذى زال سبب انتفاعه لأى سبب من الأسباب مهلة لا تجاوز ستة شهور لإخلاء الوحدة السكنية التى يشغلها .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّــا: بعدم قبول الدعوى. واحتياطيًّــا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 19306 لسنة 29 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط، ضد المدعى عليهم، عدا الأول، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ القرار رقم 46 لسنة 2017، الصادر بإخلائها من وحدة السكن الإدارى التى تقيم فيها، وفى الموضوع، أصليًّــا: بإلغاء ذلك القرار، واعتبار الترخيص لها بالانتفاع والإقامة فى تلك الوحدة ممنوحًــا لها مجددًا من تاريخ إحالتها للتقاعد، وما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيًّــا: بإلزام المدعى عليهما الثانى والثالث بعدم التعرض لها، لحين توفيرهما سكنًــا ملائمًــا لها وأسرتها. وذلك على سند من القول بأنه بمناسبة عملها بالإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة أسيوط، رخصت لها جهة عملها بالإقامة فى إحدى وحدات السكن الإدارى الكائن بمحافظة أسيوط، التابعة لوزارة الموارد المائية والرى، واستمرت فى الانتفاع بتلك الوحدة حتى تاريخ بلوغها سن التقاعد فى سنة 2017، لقاء المقابل المحدد بنسبة 10% من راتبها الأساسى، وبعد إحالتها للتقاعد، قامت بسداد الزيادة التى تقررت على هذا المقابل. وبتاريخ 3/ 10/ 2017، صدر القرار رقم 46 لسنة 2017، من الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة أسيوط، بإخلائها من تلك العين، استنادًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة1969 المار ذكره، فأقامت دعواها الموضوعية طعنًــا على قرار الإخلاء، وحال نظر الدعوى بجلسة 25/ 9/ 2019، قدمت مذكرة، ضمنتها دفعًا بعدم دستورية المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، لاتحاد موضوع الدعويين الموضوعية والدستورية، إذ اقتصرت طلبات المدعية فى مذكرة دفاعها المقدمة لمحكمة الموضوع بجلسة 25/ 9/ 2019، على الدفع بعدم دستورية النص المطعون فيه، دون أن تضمن تلك المذكرة طلبًــا موضوعيًّــا، فمردود، بأن من المقرر أن اتحاد الدعويين الموضوعية والدستورية شرطه اتحاد هاتين الدعويين فى محلهما، بحيث لا يكون أمام محكمة الموضوع ما تجيل فيه بصرها، بعد أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى دستورية النصوص التشريعية المطعون فيها، سواء بتقرير صحتها أو بطلانها، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت الدعوى الموضوعية والدعوى الدستورية تتوجهان فى جميع جوانبهما لغاية واحدة ومسألة وحيدة ينحصر فيها موضوعهما، هى الفصل فى دستورية النصوص التشريعية المطروحة عليهما. متى كان ذلك، وكانت الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، تنصب على طلب أصلى بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 46 لسنة 2017 الصادر من الجهة الإدارية، والمتضمن إخلاء المدعية من وحدة السكن الإدارى الذى تقيم فيه، واعتبار الترخيص لها بالإقامة والانتفاع ممنوحًــا لها مجددًا من تاريخ إحالتها للتقاعد، وطلب احتياطـــى بعـــدم التعرض لهـــا لحيـــن توفيـــر المسكـــن الملائــم لهـــا ولأسرتها، وهى الطلبات التى لاتزال مطروحة على محكمة الموضوع، وإذ خلت أوراق الدعوى الموضوعية من تنازل المدعية عن طلباتها، ومن ثم فإن الفصـــل فى دستورية قـــرار رئيس الجمهورية المطعون فيه، لا يُعد فصلاً فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا يترتب عليه استنفاد تلك المحكمة ولايتها فى الفصل فى طلبات المدعية المرددة أمامها، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع.
وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 بتنظيم شروط وقواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية - قبل إلغائه بقرار رئيس الجمهورية رقم 351 لسنة 2021 - كانت تنص على أن يُعمل بالقواعد المرافقة فى شأن تنظيم انتفاع العاملين المدنيين بالحكومة ووحدات الإدارة المحلية بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية.
ونصت المادة (1) من تلك القواعد على أن يتم حصر الوحدات السكنية الموجودة بكل وزارة، والمخصصة لإقامة العاملين فيها أو الملحقة بمبانيها، وما تشتمل عليه فى سجلات تُعد لهذا الغرض.
ويتم شغل العامل للوحدة السكنية بقرار من الجهة التى يتبعها، تحدد فيه معاملته المالية ونسبة الخصم من راتبه، وتحديد ما إذا كان ممن تقضى مصلحة العمل بإقامته فيها أو ممن يشغلها بالترخيص.
ونصت المادة (2) من تلك القواعد على أن يتم شغل الوحدة السكنية بإيجار المثل بما لا يجاوز (10%) من ماهيته الأصلية إذا كان ممن تقضى مصلحة العمل بإقامته فيها، وبما لا يجاوز (15%) من هذه الماهية إذا كان مرخصًــا له فى السكن بها .
وبينت المادة (3) أسس محاسبة المنتفع عن مقابل استهلاك المياه والكهرباء دون أن تتحمل الدولة أية أعباء نظير هذا الاستهلاك.
ونصت المادة (4) على أن يجوز بقرار من الوزير المختص، بعد أخذ رأى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ووزارة الخزانة، إعفاء العاملين الذين تقتضى مصلحة العمل إقامتهم بالمسكن من مقابل الانتفاع بالوحدة السكنية ومن مقابل استهلاك النور والمياه وغير ذلك، فى أى من الحالات الآتية:
( أ ) إذا كانت الوحدة السكنية أعدت لترغيب العاملين فى العمل بجهات معينة.
(ب) إذا كانت الوحدة السكنية ببلد ناء أو لا تتوافر فيه وسائل المعيشة المعتادة.
(ج) عند عدم وجود مساكن غير حكومية صالحة للإقامة بها.
( د) إذا كان راتب العامل لا يجاوز 15 جنيهًــا شهريًّــا .
ونصت المادة (6) على أن تعطى للمنتفع الذى زال سبب انتفاعه لأى سبب من الأسباب مهلة لا تجاوز ستة شهور لإخلاء الوحدة السكنية التى يشغلها.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازمًــا للفصل فى الطلبات الموضوعيـة المرتبطـــة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى تدور رحاه حول طلب المدعية القضاء أصليًّـا: بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 46 لسنة 2017، الصادر بتاريخ 3/ 10/ 2017، من الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة أسيوط، بإخلاء المدعية من السكن الإدارى السابق تخصيصه لها من جهة عملها للإقامة فيه، بعد أن انتهت صفتها الوظيفية، وطلب المدعية اعتبار الترخيص لها بالإقامة فى ذلك السكن ممنوحًــا لها مجددًا من تاريخ إحالتها للتقاعد، واحتياطيًّــا: عدم التعرض لها لحين توفير جهة الإدارة سكنًــا ملائمًــا بديلاً لها ولأسرتها، وكان قرار الإخلاء المشار إليه قد استند إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 بتنظيم شروط وقواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية، الذى نص فى المادة (6) من القواعد المشار إليها على إعطاء المنتفع الذى زال سبب انتفاعه لأى سبب من الأسباب، مهلة لا تجاوز ستة شهور لإخلاء الوحدة السكنية التى يشغلها، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية نص تلك المادة يرتب انعكاسًــا أكيدًا وأثرًا مباشرًا على الطلبات فى الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للمدعية مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن على دستوريته، ويتحدد فيه - وحده - نطاق الدعوى المعروضة.
ولا ينال من توافر المصلحة فى الدعوى المعروضة، إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2095 لسنة 1969 المشار إليه، بموجب المادة السابعة عشرة من قراره رقم 351 لسنة 2021 بتنظيم شروط وقواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية، الذى تناول تنظيم المسائل ذاتها التى اشتمل عليها القرار الملغى، ونصت المادة الثامنة عشرة منه على أن يُعمل بأحكامه اعتبارًا من 1/ 7/ 2021، ومن ثم لا يخل بجريان الآثار التى رتبها القرار السابق عليه، خلال الفترة التى ظل فيها قائمًــا، إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن إلغاء النص التشريعى المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم، خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية فى الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية هو سريانها اعتبارًا من تاريخ العمل بها، على الوقائع التى تتم فى ظلها، وحتى إلغائها، فإذا أحل المشرع محلها قاعدة قانونية جديدة، تعين تطبيقها اعتبارًا من تاريخ نفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد مجال سريان كل من القاعدتين من حيث الزمان، فما نشأ مكتملاً من المراكز القانونية - وجودًا وأثرًا - فى ظل القاعدة القانونية القديمة، يظل محكومًــا بها وحدها، وما نشأ من مراكز قانونية ، وترتبت أثاره فى ظل القاعدة القانونية الجديدة، يخضع لهذه القاعدة وحدها.
وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه - فى النطاق السالف تحديده - مخالفة الالتزام المقرر بنص المادة (78) من الدستور، الذى يقضى بأن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية، وذلك بحرمانه العاملين المخصص لهم وحدات سكن إدارى من جهة عملهم، من الإقامة فيها بعد إحالتهم للتقاعد، ودون أن توفر لهم مسكنًــا بديلاً، معرضًــا حقهم فى الحياة للخطر، هم ومن يعولون، ولم يحقق ذلك النص التوازن بين مصلحة الجهة الإدارية فى استرداد وحدات السكن الإدارى ممن كانوا يشغلونها، بعد انتهاء العلاقة الوظيفية، وحق شاغلى تلك الوحدات فى توفير سكن ملائم لهم، فى ظل أزمة مساكن طاحنة لم تكن موجودة وقت صدور القرار الجمهورى المشتمل على ذلك النص، بما يفقده ضرورته الاجتماعية، سبب بقائه، فضلاً عما يمثله ذلك النص من مخالفة للعدالة الاجتماعية وانحراف تشريعى، لعدم توافقه مع الغايات التى نص عليها الدستور.
وحيث إن سلطة رئيس الجمهورية فى إصدار القرار رقم 2095 لسنة 1969 المشار إليه تجد سندها الدستورى فيما نصت عليه المادة (121) من الدستور الصادر سنة 1964، المعمول به فى تاريخ صدور هذا القرار - وتقابلها المادة (146) من الدستور الصادر سنة 1971 والمادة (171) من الدستور الصادر سنة 2014 - التى تنص على أن يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لترتيب المصالح العامة، وبمقتضاه جعل الدستور الاختصاص بترتيب المصالح العامة، والذى يشمل إنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة - على ما هو مقرر بقضاء هذه المحكمة - لرئيس الجمهورية وحده، وذلك لخطورة وأهمية هذا الاختصاص، إذ إن إنشاء وتنظيم مثل هذه المرافق يتطلب استخدام وسائل القانون العام التى تمس حقوق الأفراد وحرياتهم، مما يستتبع إحاطة هذا الإنشاء أو التنظيم بالضمانات التى تكفل التأكد من أن ما تمسه من هذه الحقوق والحريات له ما يبرره من واقع الحال، ولذلك ناط الدستور هذا الاختصاص برئيس الجمهورية وحده، ولم يمنحه الحق فى تفويض غيره فى ممارسة هذا الاختصاص. وتنطوى تحت لواء هذا الاختصاص أمور عدة، من بينها كيفية تكوين هذه المرافق والمصالح العامة، ووضع القواعد التى تبين طريقة إدارتها وتحديد اختصاصاتها. ويندرج تحتها تحديد الشروط والقواعد المنظمة لانتفاع العاملين المدنيين بالدولة بوحدات السكن الإدارى الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية التى يعملون بها، فى ضوء الطبيعة الغائية المؤقتة لحق الانتفاع بها، الناشئ عن الترخيص به من الجهة الإدارية، والذى يدخل تنظيمه فى إطار القواعد الحاكمة لتنظيم المرافق والمصالح العامة وإدارتها، الهادفة إلى ضمان سيرها بانتظام واطراد، لتضحى ممارسة هذا الاختصاص مقصورة على رئيس الجمهورية وحده دون غيره.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النصوص التشريعية التى ينظم بها المشرع موضوعًــا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يصدر من فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى أقام عليها المشرع هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط محددة تعتبر تخومًــا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. ويتمثل جوهر هذه السلطة فى المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التى تتزاحم فيما بينها على تنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها غير الحلول التى يقدر مناسبتها أكثر من غيرها لتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعى مرتبطًــا منطقيًّــا بهذه الأغراض - وبافتراض مشروعيتها - كان هذا التنظيم موافقًــا للدستور.
وحيث إن تتبع قوانين إيجار الأماكن، بدءًا من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين، معدلاً بالقرار بقانون رقم 564 لسنة 1955، ومرورًا بالقانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين، وانتهاءً بالقانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يتبين منها حرص المشرع على النص فيها على عدم سريان أحكامها - فى خصوص امتداد عقد الإيجار، وتحديد الأجرة القانونية - على المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت التى تشغل بسبب العمل. وقد تناولت قواعد تنظيم الانتفاع بتلك المساكن الإدارية، عدة قرارات صدرت من رئيس الجمهورية، منها قراره رقم 2095 لسنة 1969، قبل أن يحل محله قراره رقم 351 لسنة 2021 بتنظيم شروط وقواعد انتفاع العاملين المدنيين بالدولة بالمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية. والبين من تقصى التطور التشريعى لأوضاع المساكن التى تنشئها جهة العمل لعمالها ليأووا إليها، أنها استهدفت توفير ظروف أفضل لأداء ما نيط بهم من أعمال، فلا يكون شغلهم لها منفصلاً عنها، بل متطلبًــا لاستيفاء ضرورة تتعلق بكمال تسييرها، بما مؤداه اتصال هذه الأعمال ببيئتها الأكثر تطورًا فـى مجـال تحقيق أهدافهـا، فلا يكـون العمـل بدونهـا سويًّــا ولا منتجًــا بصورة مرضية، ومن ثم يكون العمل - سواء تعلق بنشاط يباشره مرفق عام، أم كان واقعًــا فى منطقة القانون الخاص - سببًــا لإقامتهم فيها، ولا يتصور بالتالى أن يمتد مكثهم بها إلى ما بعد انقطاع صلتهم بجهة عملهم وزوال حقهم فى الأجر؛ وإنما يكون لها أن تتسلمها منهم حتى تعدها لعمال آخرين ينهضون بالأعمال ذاتها أو بغيرها، فلا تتعثر خطاها؛ ومؤدى ذلك ولازمه أن تخصيص جهة العمل مساكن لعمالها، إنما يبلور ميزة تستمد وجودها من رابطة العمل ذاتها، ومعها تدور وجودًا وعدمًــا، ولا يمكن القول بأن جهة العمل قد كفلتها ليقيم عمالها فى مساكنها دائمًــا أبدًا، ولا أنها عرضتها عليهم وعلى غيرهم من آحاد الناس يتزاحمون فيما بينهم لطلبها، ولا أن صفتهم كعمال لديها لم تكن اعتبارًا ملحوظًــا فى تخصيصها لهم، وإنما مناطها الأعمال التى يؤدونها، تلابسها وتزول بانتهائها.
وحيث إنه عن النعى على النص المطعون فيه، فيما قرره من إخلاء المسكن الإدارى من المنتفع به بعد انفصام عرى الوظيفة، تعارضه مع ما كان ينبغى أن يكون عليه من امتداد الانتفاع بذلك المسكن، امتدادًا قانونيًّــا، شأنه فى ذلك شأن غيره من الأماكن المؤجرة التى أخضعها المشرع لتنظيم خاص من طبيعة استثنائية، فمردود أولاً: بأن القيود التى فرضها هذا التنظيم الخاص فى شأن امتناع إنهاء الإجارة بانقضاء مدتها، أملتها أزمة الإسكان وفرضتها حدة ضغوطها وإذ كانت الضرورة تقدر بقدرها، وكان مسارها محددًا على ضوء الأوضاع التى اقتضتها، فإن امتداد حكم هذه الضرورة إلى المزايا التى تمنحها جهة العمل لعمالها مقابل العمل، لا يكون إنفاذًا لمتطلباتها. ومردود ثانيًــا : بأن القيود التى فرضها المشرع على تأجير الأماكن، كان ملحوظًــا فيها ما ينبغى أن يقوم من توازن بين حقوق مؤجريها ومستأجريها، صونًــا لمصالحهم، فلا يكون أيهم غابنًــا، ولا كذلك الأوضاع التى يواجهها النص المطعون فيه، والتى ترتد فى أساسها إلى ميزة كان العمل سببها، فلا يعتبر الحرمان منها بعد زوال الحق فيها، إهدارًا لها أو انتقاصًــا منها، ولا يجوز بالتالى أن تمتد إليها تدابير استثنائية تنفصل - فى مجال تطبيقها - عنها، ولا أن تعتبر استثناءً من قواعد تضمنتها هذه التدابير التى لا تتناولها أصلاً، وإنما حجبها المشرع عن عمال لم تعد لهم صلة بجهة عملهم، استصحابًــا لأصل مقرر فى شأن روابط العمل، مؤداه أنها - بطبيعتها - عصية على التأبيد، تقديرًا بأن مآلها إلى زوال؛ إما باستكمال الأعمال موضوعها أو بانتهاء المدة المحددة لإتمامها، فلا تبقى بزوالها الحقوق التى أنتجتها ولا المزايا التى كفلتها، ويندرج تحتها أماكن دبرتها جهة العمل لسكنى عمالها، وهو ما يعنى أن بقاءهـم فيهـا بعـد انتهـاء عملهـم، لا يستقيم قانونًــا.
وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص التشريعى المطعون فيه، ما نصت عليه المادة (78) من الدستور الحالى، من أن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية، فإنه مردود، أولاً: بأن قضــاء هذه المحكمة قــد جــرى على أن كفالــة الدولــة للحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى لكل مواطن، مؤداه على ما نصت عليه المادة (78) من الدستور، والمادة (2) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التزام الدولة وضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة، ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى وإستراتيجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة. ومع ذلك فلا تقتضى كفالة الدولة للحــق فى السكن، قيامها ببناء مساكن لجميع مواطنيها، ولا ضمانها سكنًــا خاصًــا لكل من لا سكن له، اعتبارًا بأن الحق فى السكن يشمل اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون التشرد، والتركيز على الفئات الأكثر ضعفًــا وتهميشًــا، وضمان لياقة السكن لكل مواطن، وهى تدابير ذات طبيعة تشريعية وتنفيذية، يتم اتخاذها فى إطار من السياسة العامة للدولة، وبرامجها التنموية، وأولوياتها الخططية، فى حدود مواردها المتاحة. ومردود ثانيًــا: بأن التنظيم التشريعى الذى أقامه قرار رئيس الجمهوريــة رقـم 2095 لسنة 1969 - المشتمـل على النص المطعـون فيه - لا صلة له بكفالة الدولة للحق فى السكن، ولا يُعد صورة من صور وفاء الدولة به، وكفالتها له، إذ إن هذا التنظيم قصد به إرساء الشروط والقواعد المنظمة لانتفاع العاملين المدنيين بالدولة، بوحدات السكن الإدارى الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية التى يعملون فى خدمتها، فى ضوء الطبيعة الغائية والمؤقتة لحق الانتفاع بها، وذلك فى إطار عام شامل لتنظيم المرافق العامة، وما يستلزمه هذا التنظيم من ضمان سيرها بانتظام واطراد. بينما ترتكز التزامات الدولة فى سبيل كفالة الحق فى السكن الملائم على التنظيم التشريعى لهذا الحق، والإنفاذ الفعلى له من خلال البرامج التى تتبناها. ومردود ثالثًا: بأن السبيل لفض تزاحم المواطنين - بمن فيهم العمال الذين انتهى سبب شغلهم للمسكن الإدارى - على المساكن المحدودة التى توفرها الدولة، لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى الأشد منهم احتياجًــا، على نحو يتولد عنها مراكز قانونية متماثلة تكشف عن الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الانتفاع بهذه الفرص. ومردود رابعًــا: بأن النص المطعون فيه، وإن رتب على انتهاء العلاقة الوظيفية، لأى سبب من الأسباب، إخلاء المنتفع من المسكن الإدارى، إلا أنه منحه مهلة زمنية - ستة شهور - لإخلاء المسكن، حتى يتسنى له تدبير مسكن بديل، رغم علمه المسبق بأن انتفاعه بهذا المسكن مؤقت، ومرهون باستمرار العلاقة الوظيفية. وقد هدف المشرع بمنح العامل تلك المهلة إلى جانب التدابير المتقدمة، إلى تحقيق التوازن بين مصالح أطراف علاقة العمل سواء العامل أو الجهة الإدارية، بما يسهم فى كمال سير المرفق العام بانتظام واطراد، من خلال توفير ظروف أفضل لأداء العامل ما يناط به من أعمال. بما مؤداه اتفــاق الوسيلة التـى أوجــدها المشرع - استرداد الجهة الإدارية للمسكن الإدارى - مع الغاية التى سعى لتحقيقها، وهى كفالة حسن سير أداء المرافق العامة للمهام الموكلة إليها. ومردود خامسًــا: بأن تغليب المصلحة الخاصة للمنتفع بالمسكن الإدارى الذى زال سبب انتفاعه به، يناهض فى الأساس الغاية التى من أجلها خصص له هذا المسكن، ممثلة فى ضمان حسن سير المرفق العام. ومن ثم، فإن قالة افتقاد النص المطعون فيه لضرورته الاجتماعية، وعدم مراعاته المصالح المتعارضة، والادعاء بأنه يشكل انحرافًــا تشريعيًّــا فى تنظيم حق السكن، يكون فاقدًا سنده.
وحيث إن ما تنعاه المدعية من مخالفة النص المطعون عليه لمبدأ المساواة أمام القانون، مردود بأن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، كما حرص الدستور فى المادة (53) منه، على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، فى الحقوق والحريات والواجبـات العامـة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضـــة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادتين (4، 53) المشار إليهمـا، بمـا مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهـا هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامـة التى يسعى المشـرع إلى تحقيقهـا من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون فيه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن التمييز يكون تحكميًّا، وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة لا يعنى معاملة المواطنين جميعًا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعى قد ينطوى على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سـواء من خـلال الأعباء التى يلقيهـا على البعض أم من خلال المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التى ينظم بها المشرع موضوعًا معينًا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخى تحقيقها بالوسائل التى لجأ إليها، منطقيًّا، وليس واهيًا أو واهنًا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
متى كان ذلك، وكانت غاية المشرع من إقرار هذا النص، تنظيم الانتفاع بالسكن الإدارى التابع للمرافق والمصالح والمنشآت العامة، باعتباره أحد عناصرها ومكوناتها، التى رصدها فى خدمة أغراضها، بما يعينها والعاملين بها على النهوض بالمهام الموكلة إليهم، ويضمن استمرار سيرها بانتظام واطراد، وبالتالى كان الانتفاع بها من قبل العاملين بتلك المرافق والمنشآت مرتبطًــا بالطبيعة القانونية للترخيص لهم بهذا الانتفاع، وهى التأقيت المرتبط بقيام العلاقة الوظيفية، ليكون انفصامها لأى سبب من الأسباب مرتبًــا زوال علة الانتفاع بالسكن الإدارى، بوصفه مزية عينية تمنح للعامل بسبب الوظيفة، وطوال مدة قيام العلاقة الوظيفية بين العامل والجهة الإدارية، وينتهى هذا الانتفاع والترخيص بها بانتهائها. وعلى ذلك فإن النص المطعون فيه، بمنحه العامل مهلة ستة أشهر من تاريخ زوال سبب الانتفــاع لإخــلاء العين، يكون قد أتى بقاعــدة عامـة مجردة لا تتضمن تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بأحكامها، غايتها تحقيق الأهداف والأغراض التى سعى المشرع إلى بلوغها من سنها، وتحقيق التوازن بين مصلحة العامل ومقتضيات المصلحة العامة، فى وجوب استمرار وحدات الإسكان الإدارى فى أداء دورها لخدمة المرافـق والمصالح العامـــة التى تتبعها، ويغدو النص المطعون فيه - بهذه المثابة - الوسيلة التى قدر المشرع مناسبتهـــا لبلوغ تلك الأغراض والأهداف، وكفالة تحقيقها، وجاء مستندًا إلى أسس موضوعيـة تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّــا ولا يتعـارض - من ثم - مع مبدأ المســاواة الذى كفله الدستـــور فى المادتين (4، 53) منه.
وحيث إنه فى خصوص ما تنعاه المدعية على النص المطعون فيه مخالفته لمفهوم العدالة الاجتماعية، فهو مردود بأن مفهوم العدل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينبغى أن يتمثل دائمًــا فيما يكون حقًــا وواجبًــا، سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم أو فى نطاق صلتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دومًــا تحديده من منظور اجتماعى، باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة، ومن ثم فإن مفهومه لا يكون مطلقًــا، ولا يعنى شيئًــا ثابتًــا باطراد، بل تتباين معانيه، تبعًــا لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها، ويتعين بالتالى أن توازن علائق الأفراد فيما بينهم بأوضاع مجتمعهم والمصالح التى يتوخاها، من أجل التوصل إلى وسائل عملية تكفل إسهام أكبر عدد من بينهم لضمان أكثر المصالح والقيم الاجتماعية تعبيرًا عن النبض الاجتماعى لإرادتهم، ليكون القانون طريقًــا لتوجههم الجمعى.
متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أتى تعبيرًا عن ضرورة اجتماعية فرضها الواقع والظروف الاجتماعية التى صدر فى ظلها القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1969 المشار إليه، التى أوجبت توفير المسكن الإدارى الملائم للعاملين بالمرافق والمصالح العامة، التى تلحق بهذه المنشآت وتُعد أحد مكوناتها وعناصرها وترصد لخدمتها، ليكون استمرار قيامها بدورها فى خدمة المرفق أو المنشأة العامة موجبًــا تقرير الحكم الذى ضمنه النص المطعون فيه، واعتبار انتهاء رابطة العمل تفيد بالضرورة انقضاء الحق فى تلك المزية العينية، فلا يكون طلبها بعد أن صارت هذه الرابطة منقضية، كافلاً عدلاً، إذ ليس من مؤداه أن تتحمل جهة العمل أعباء ترهقها أو تنوء بها من خلال إلزامها بأن تعد لعمالها الوافدين إليها مساكن جديدة تُضيفها إلى ما هو قائم منها، وما برح عمالها القدامى شاغلين لها دون سند، بل إن حَمْلها على إبقائهم فيها، يتمحض إخلالاً بالفرص التى كان يمكن أن تتيحها لآخرين للعمل بها بدلاً عنهم؛ إذ عليها عندئذ أن تقيم بمواردها مساكن جديدة تقدر ضرورتها لتنفيذ العمل، وقد لا تكفيها مواردها هذه، فَتَحْبِطَ أعمالها. كذلك فإن إلزامهـا بالتخلى عما هو قائم من مساكنها لعمال لم يعد لهم حق فيها، إنما يناقض ما هو مقرر قانونًــا من أن القواعد القانونية الحاكمة لشغلهم لها إنما تندرج ضمن التنظيم القانونى الذى يحكم علاقة العمل، بحسبانها تنطوى على تقرير مزية عينية تدخل فى مفهوم المقابل الذى يتقاضونه من عملهم، نائية بطبيعتها عن أحكام الإجارة، ومنقضية وجوبًــا بانتهاء علاقة العمل. الأمر الذى يكون معه النص المطعون فيه غير مخالف للعدالة الاجتماعية التى كفلها الدستور بنصى المادتين (4، 8) منه.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض وأى حكم آخر فى الدستور، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق