الصفحات

الخميس، 2 يونيو 2022

الطعن 5309 لسنة 81 ق جلسة 23 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 74 ص 565

جلسة 23 من يونيو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت، ود. محمد رجاء "نواب رئيس المحكمة".

-----------------

(74)

الطعن 5309 لسنة 81 ق

(1) نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب أن يكون كاشفاً عن المقصود منه نافيا عنه الغموض والجهالة مبين العيب المعزو للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. عدم بيان الطاعنة ماهية المستندات التي تقول إنها جحدتها ودلالتها وأثرها على الحكم المطعون فيه. نعي مجهلا وغير مقبول.

(2 ، 3) دعوى "الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
(2) الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. ماهيته. عدم تقديم الخصم الدليل على ما يبديه من أوجه دفاع أمام المحكمة أو طلب تمكينه من إثباته وفقا للأوضاع المقررة قانونا. لا إلزام على محكمة الموضوع بالرد عليه. علة ذلك.

(3) تمسك الطاعنة بأن قواعد "جافتا" هي واجبة التطبيق مع قانون التجارة البحرية المصري على موضوع النزاع وفقا لاتفاق الطرفين دون تقديم الدليل على اتفاقهما وجحدها الصورة الضوئية المقدمة من المطعون ضده من العقد المبرم بين الطرفين. مؤداه. دفاع عار عن دليله. لا على الحكم المطعون إغفال الرد عليه.

(4) حكم "تسبيب الأحكام: التقريرات القانونية الخاطئة".
انتهاء الحكم إلى النتيجة القانونية الصحيحة. انطواء أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة. لا يعيبه. عله ذلك. لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه.

(5 - 9) معاهدات "اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع 1980".
(5) اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980". مقتضاها. جواز أن يكون مكان فحص البضاعة هو مكان الوصول لا مكان التسليم حتى لو كان التسليم قد تم وانتقلت المخاطر إلى المشتري منذ لحظة تسليم البضاعة إلى الناقل الأول. م 38/2 من الاتفاقية. علة ذلك.

(6) حق المشتري في التمسك بالعيب في مطابقة البضاعة. شرطه. وجوب إخطار البائع بوجود العيب وطبيعته خلال "فترة معقولة" تبدأ من تاريخ اكتشاف العيب أو من التاريخ الذي كان يجب اكتشافه فيه. إخطار البائع بالعيب خلال مدة أقصاها سنتين من تاريخ تسلم المشتري هذه البضاعة فعلا ما لم تخالف مدة الضمان بالعقد. م39 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980". العيب في المطابقة المتعلق بأمور كان يعلم بها البائع أو كان لا يمكن أن يجهلها ولم يخبر بها المشتري. أثره. م40 من الاتفاقية.

(7) الإخطارات. عدم اقتصارها على الرسائل البرقية والتلكس. إمكانية الاتفاق على استخدام الهاتف أو التلكس أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفوري ذات الفعالية وكذا الرسائل الإلكترونية. المادتين 13 و20 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980". علة ذلك.

(8) الفترة المعقولة لتقديم الإخطار بالعيب في مطابقة البضائع. ماهيتها. تبدأ أي وقت بعد يوم تسلم البضاعة واكتشاف العيب بما لا يزيد على سنتين. معيارها. يقدرها قاضي الموضوع وفقا للأعراف واجبة التطبيق في كل فرع من فروع التجارة. م 39 (1) من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980".الأصل. مدة السنتان المنصوص عليها في المادة 39/2 من الاتفاقية مدة ثابتة ومحددة وغير متغيرة. استثناء. عدم توافق تلك المدة مع مدة الضمان التي ينص عليها العقد. مدة السنتان كحد أقصى لا تنطبق إلا عندما تكون المدة المنصوص عليها في المادة 39/1 مدة أطول. للأطراف الاتفاق على تعديل مدة السنتين. م6 من ذات الاتفاقية. مقتضاه. مدة سقوط لا تقادم فلا تخضع للإيقاف أو الانقطاع. مؤداه. عدم إخطار البائع بعيب عدم مطابقة البضائع يفقد المشتري حقه في أي تعويض ناشئ عن عدم المطابقة. مثال. أثره. يجوز رفع أي دعوى أخرى ناشئة عن العقد غير مستندة إلى عيب عدم المطابقة. مدة التقادم أربع سنوات طالما أن المشتري لم يقم بالإخطار في المدد المبينة عن عيب عدم المطابقة. المادتان 8 و10/2 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع "اتفاقية نيويورك 1974" والبروتوكول المعدل لها "بروتوكول فيينا 1980" المكملة لاتفاقية الأمم المتحدة للبيع الدولي للبضائع.

(9) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى والإضافة في أسبابه للحكم الابتدائي خلو الأوراق من قيام الشركة الطاعنة بإخطار المطعون ضده بعدم مطابقة البضائع للمواصفات المتعاقد عليها خلال مدة معقولة من تاريخ اكتشاف العيب بوجود بذور سامة وأن القمح المستورد غير صالح للاستهلاك الآدمي إلا بعد غربلته وعدم ادعاء الطاعنة قيامها بإخطار المطعون ضده بأي وسيلة خلال فترة معقولة من تاريخ اكتشاف هذا العيب. صحيح. في حدود سلطة محكمة الموضوع. مؤداه. لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ أو تستكمل ما شابه من قصور في هذه الأسباب ما دامت لا تعتمد في ذلك على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع. علة ذلك.

---------------

1 - يجب أن يكون سبب الطعن كاشفا للمقصود منه نافيا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية المستندات التي تقول إنها جحدتها ودلالتها وأثرها على الحكم المطعون فيه، فإن النعي يضحى مجهلا من ثم يكون غير مقبول.

2 - أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه- لو صح- أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقا للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته، أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فلا يعدو أن يكون من قبيل القول المرسل الذي لا التزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه.

3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت بدفاع مؤداه أن قواعد جافتا رقم (12) هي واجبة التطبيق مع قانون التجارة البحرية المصري على موضوع النزاع وفقا لاتفاق الطرفين غير أنها لم تقدم الدليل على اتفاقهما في هذا الشأن، بل إنها جحدت الصورة الضوئية التي قدمها المطعون ضده من العقد المبرم بين الطرفين، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع باعتباره قولا مرسلا عاريا عن دليله.

4 - المقرر في قضاء محكمة النقض أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يعيبه ما شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض استكمال ما قصر الحكم في بيانه من تلك الأسباب وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه السليم دون أن تنقضه.

5 - إذ كان عقد البيع الدولي للبضائع يتضمن في غالب الأحيان عملية نقل، فإن التسليم يتم- في هذه الحالة- بمجرد استلام الناقل لهذه البضائع، فتنتقل المخاطر إلى المشتري منذ لحظة التسليم، ومع ذلك فقد لا يستطيع المشتري أن يفحص تلك البضائع إلا عند وصولها، فيكتشف العيب إما بواسطة السلطات المختصة بالفحص في الميناء قبل الإفراج عن البضائع المستوردة وإما بنفسه بعد استلامه لها وفحصها، ولذلك فقد نصت المادة 38(2) من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980" United Nations Convention on Contracts for the International Sale of Goods (CISG)، والصادر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 471 لسنة 1982 بالموافقة على الاتفاقية، والمعمول بها اعتبارا من 1/ 8/ 1988، على أنه "إذا تضمن العقد نقل البضائع، يجوز تأجيل هذا الفحص لحين وصول البضاعة"، وبذلك تكون الاتفاقية قد أجازت أن يكون مكان فحص البضاعة هو مكان الوصول لا مكان التسليم، حتى لو كان التسليم قد تم وانتقلت المخاطر إلى المشتري منذ لحظة تسليم البضاعة إلى الناقل الأول طبقا للمادة 31(1) من الاتفاقية.

6 - النص في المادة 39 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980" على أنه: "(1) يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في مطابقة البضائع إذا لم يخطر البائع محددا طبيعة العيب خلال فترة معقولة من اللحظة التي اكتشف فيها العيب أو كان من واجبه اكتشافه. (2) وفى جميع الأحوال يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في المطابقة إذا لم يخطر البائع بذلك خلال فترة أقصاها سنتان من تاريخ تسلم المشتري البضائع فعلا، إلا إذا كانت هذه المدة لا تتفق مع مدة الضمان التي نص عليها العقد"، يدل على أنه إذا أسفر فحص البضاعة عن عدم مطابقتها فإنه يجب على المشتري إخطار البائع بوجود العيب وطبيعته ليستعد الأخير لإصلاحه أو مناقشة المشتري حوله وإثبات سلامة البضاعة، على أن يكون هذا الإخطار خلال "فترة معقولة" تبدأ من تاريخ اكتشاف العيب أو من التاريخ الذي كان يجب اكتشافه فيه، وتتحدد هذه الفترة وفقا لظروف الحال، ويفقد المشتري حقه في التمسك بالعيب في مطابقة البضاعة to rely on a lack of conformity of the goods، سواء كان العيب ظاهرا أو خفيا، إذا لم يخطر البائع بذلك خلال مدة أقصاها سنتين من تاريخ تسلم المشتري هذه البضاعة فعلا وفقا للمادة 39(2) من الاتفاقية، ما لم يكن العيب في المطابقة متعلقا بأمور كان يعلم بها البائع أو كان لا يمكن أن يجهلها ولم يخبر بها المشتري؛ إذ إن توافر أي من هاتين الحالتين وفقا للمادة 40 من الاتفاقية يحرمه من التمسك بحكم المادتين 38 و39 منها. وعلة سقوط هذا الحق أن المشتري الذي يتقاعس عن فحص البضاعة التي تسلمها أو لا يخطر بالعيوب التي ظهرت فيها، إما أن يكون مشتر ذا غفلة غير جدير بالحماية، أو مشتر قد قبل البضاعة رغم ما فيها من عيوب.

7 - الإخطارات ليست مقصورة على الرسائل البرقية والتلكس– المنصوص عليها في المادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980" وإنما تشمل أيضا ما نصت عليه المادة 20 من ذات الاتفاقية من إمكان الاتفاق على استخدام الهاتف أو التلكس أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفوري ذات الفعالية حتى يتمكن المشتري من إخطار البائع بعيوب المطابقة، ويشمل ذلك- وعلى ما ورد بالمذكرة التفسيرية المحدثة للاتفاقية- الرسائل الإلكترونية، حيث تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية "نيويورك 2005" United Nations Convention on the use of Electronic Communications in the International Contracts (New York, 2005)، مكملة لاتفاقية الأمم المتحدة لعقود البيع الدولي للبضائع فيما يتعلق باستخدام الاتصالات الإلكترونية.

8 - استقر القضاء المقارن في تطبيقه لهذه الاتفاقية (اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية "نيويورك 2005") على أن "الفترة المعقولة" لتقديم الإخطار بالعيب في مطابقة البضائع المنصوص عليها في المادة 39(1) من الاتفاقية تبدأ في أي وقت بعد يوم تسلم البضاعة واكتشاف العيب، سواء كانت أربع وعشرين ساعة أو بضعة أيام أو أسابيع أو شهور بما لا يزيد على سنتين، ويقدرها قاضى الموضوع في كل دعوى على حدة، مع الأخذ في الاعتبار بظروف التعاقد وطبيعة البضاعة وما إذا كان العيب ظاهرا أم خفيا ومدى مهنية أو خبرة المشتري. وعلى قاضى الموضوع كذلك تفسير "الفترة المعقولة" وفقا للأعراف واجبة التطبيق في كل فرع من فروع التجارة، باعتبار أن الممارسة العملية تأخذ بحلول متنوعة غير ثابتة في هذا الصدد. وعلى ذلك فإن المادة 39(1) من الاتفاقية تقدم معايير زمنية مرنة متغيرة باختلاف الظروف، خلافا لمدة السنتين المنصوص عليها في المادة 39(2) من الاتفاقية فهي مدة ثابتة ومحددة وغير متغيرة، بعيدا عن الاستثناء المتمثل في حالة عدم توافق تلك المدة مع مدة الضمان التي ينص عليها العقد. وبهذه المثابة فإن مدة السنتين هذه – كحد أقصى - لا تنطبق إلا عندما تكون المدة المنصوص عليها في المادة 39(1) مدة أطول. ومع ذلك فإنه للأطراف الاتفاق على تعديل مدة السنتين المشار إليها وفقا للمادة 6 من ذات الاتفاقية، حيث يجوز الاتفاق على مدة أقل أو أكثر. وهذه المدة هي مدة سقوط لا تقادم، فلا تخضع للإيقاف أو الانقطاع. ويترتب على عدم إخطار البائع بعيب عدم مطابقة البضائع أن يفقد المشتري حقه في أي تعويض ناشئ عن عدم المطابقة، بما في ذلك، على سبيل المثال، الحق في مطالبة البائع بإصلاح البضاعة أو استبدالها، أو الحق في المطالبة بالتعويض، أو الحق في المطالبة بتخفيض الثمن، أو الحق في التمسك بعدم تنفيذ العقد. في حين يجوز له رفع أي دعوى أخرى ناشئة عن العقد غير مستندة إلى عيب عدم المطابقة. ولا ينال مما تقدم، ما تنص عليه اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع "اتفاقية نيويورك 1974" Convention on the Limitation Period in the International Sale of Goods، والبروتوكول المعدل لها "بروتوكول فيينا 1980"، واللذان دخلا – البروتوكول والاتفاقية - حيز النفاذ في سائر دول العالم في الأول من أغسطس 1988، وفى مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 461 لسنة 1982 بالموافقة على الاتفاقية، والمعمول بها اعتبارا من 1 / 8 / 1988، والتي تعد مكملة لاتفاقية الأمم المتحدة للبيع الدولي للبضائع - في المادة 8 منها من أن "مدة التقادم أربع سنوات"، أو ما تنص عليه في المادة 10(2) منها من أنه "تنشأ المطالبة المترتبة على عيب أو غيره من أشكال عدم المطابقة في تاريخ تسليم البضائع فعلا للمشتري أو في تاريخ رفضه لعرض تسليمها"، طالما أن المشتري لم يقم بالإخطار في المدد المبينة سلفا عن عيب عدم المطابقة سواء إهمالا أو رضاء بالبضاعة، وذلك خلافا لسائر الحالات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية والتي يمكن فيها للمشتري الرجوع على البائع بالدعاوى المختلفة الناشئة عن عدم تنفيذ التزاماته بموجب عقد البيع الدولي للبضائع أو إنهائه أو صحته، أو استنادا إلى غش ارتكب قبل إبرام العقد أو وقت إبرامه أو أثناء تنفيذه، أو غير ذلك.

9 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها أن الأوراق خلت من قيام الشركة الطاعنة بإخطار المطعون ضده– البائع– بعدم مطابقة البضائع للمواصفات المتعاقد عليها خلال مدة معقولة من تاريخ اكتشاف العيب وعلمها في تاريخ 18/ 6/ 2001 بوجود بذور سامة وأن القمح المستورد غير صالح للاستهلاك الآدمي إلا بعد غربلته، كما أنها لم تدع الطاعنة قيامها بإخطار المطعون ضده بأي وسيلة خلال فترة معقولة من تاريخ اكتشاف هذا العيب، وانتهى من ذلك إلى الحكم برفض الدعوى- وهو ما يستوي والحكم بعدم قبولها- وكان هذا الذي خلص إليه الحكم يقوم على أسباب سائغة، وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه، وفي حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير معقولية المدة اللازمة للإخطار بعيب عدم المطابقة بالنسبة إلى نوع بضائع النزاع، وفيه الرد الضمني على ما عداه، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يفسده ويؤدي إلى نقضه خطأه في تحديد تاريخ رفع الدعوى بأنه 30/ 4/ 2004 وما رتبه على ذلك من أثر قانوني بأن الدعوى أقيمت بعد أكثر من سنتين من تاريخ اكتشاف العيب، في حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة رفعت دعواها بتاريخ 28/ 12/ 2002، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ أو تستكمل ما شابه من قصور في هذه الأسباب ما دامت لا تعتمد في ذلك على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع، وباعتبار أن رفع الطاعنة للدعوى خلال مدة السنتين المنصوص عليها في المادة 39(2)– كحد أقصى لن يكون له أي تأثير– وعلى ما سلف بيانه– إلا عندما تكون المدة المنصوص عليها في المادة 39(1) مدة أطول، وهو ما لم يتحقق في الدعوى الماثلة.

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى التي صار قيدها برقم .. لسنة 2003 تجاري كلي جنوب القاهرة على ..... المطعون ضده بطلب الحكم بإلزام الأخير أن يؤدي لها مبلغ 266.400 جنيه وفوائده القانونية بواقع 5% سنويا، وبيانا لذلك قالت إنها تعاقدت معه على شراء شحنة القمح الأسترالي موضوع النزاع، وبعد وصولها إلى ميناء سفاجا رفضت السلطات المصرية السماح بدخولها البلاد لمخالفتها للمواصفات القياسية لاحتوائها على بذور السابوناريا السامة وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي إلا إذا تم تخفيض نسبة تلك البذور وفق الحد الأقصى للمواصفات القياسية المصرية تنفيذا لاشتراطات الجهات الصحية، وإذ كبدها ذلك نفقات قدرتها بالمبلغ المطالب به، فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم …….. لسنة 126ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 1/ 2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه جحد الصور الضوئية للمستندات المقدمة من المطعون ضده في 26/ 6/ 2003 وإنكار ترجمتها إلى اللغة العربية، غير أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه مستندا إلى تلك المستندات المجحودة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه يجب أن يكون سبب الطعن كاشفا للمقصود منه نافيا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية المستندات التي تقول إنها جحدتها ودلالتها وأثرها على الحكم المطعون فيه، فإن النعي يضحى مجهلا من ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه عدم سريان اتفاقية عقود البيع الدولي للبضائع على عقد النزاع، وأن قواعد جافتا رقم (12) هي واجبة التطبيق مع قانون التجارة البحرية المصري على موضوع النزاع وفقا لاتفاق الطرفين، والتفت الحكم المطعون فيه عن دفاعها في هذا الخصوص دون أن يعرض له إيرادا أو ردا مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه- لو صح- أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقا للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته، أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فلا يعدو أن يكون من قبيل القول المرسل الذي لا التزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه.
لما كان ذلك، ولئن كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت بدفاع مؤداه أن قواعد جافتا رقم (12) هي واجبة التطبيق مع قانون التجارة البحرية المصري على موضوع النزاع وفقا لاتفاق الطرفين غير أنها لم تقدم الدليل على اتفاقهما في هذا الشأن، بل إنها جحدت الصورة الضوئية التي قدمها المطعون ضده من العقد المبرم بين الطرفين، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع باعتباره قولا مرسلا عاريا عن دليله.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ إنه قضى بسقوط حقها بمضي سنتين من وقت ظهور العيب بتاريخ 18/ 6/ 2001 معتبرا أن تاريخ رفعها هو 30/ 4/ 2004 في حين أن دعواها قيدت برقم … لسنة 2003 بقلم كتاب محكمة بورسعيد الابتدائية قبل إحالتها للاختصاص لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، وسدد عنها الرسم في 28/ 12/ 2002، وأقر المطعون ضده في مذكرة دفاعه أن الدعوى رفعت في 30/ 4/ 2003، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يعيبه ما شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض استكمال ما قصر الحكم في بيانه من تلك الأسباب وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه السليم دون أن تنقضه. ولما كان عقد البيع الدولي للبضائع يتضمن في غالب الأحيان عملية نقل، فإن التسليم يتم- في هذه الحالة- بمجرد استلام الناقل لهذه البضائع، فتنتقل المخاطر إلى المشتري منذ لحظة التسليم، ومع ذلك فقد لا يستطيع المشتري أن يفحص تلك البضائع إلا عند وصولها، فيكتشف العيب إما بواسطة السلطات المختصة بالفحص في الميناء قبل الإفراج عن البضائع المستوردة وإما بنفسه بعد استلامه لها وفحصها، ولذلك فقد نصت المادة 38(2) من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع "فيينا 1980" United Nations Convention on Contracts for the International Sale of Goods (CISG)، والصادر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 471 لسنة 1982 بالموافقة على الاتفاقية، والمعمول بها اعتبارا من 1/ 8/ 1988، على أنه "إذا تضمن العقد نقل البضائع، يجوز تأجيل هذا الفحص لحين وصول البضاعة"، وبذلك تكون الاتفاقية قد أجازت أن يكون مكان فحص البضاعة هو مكان الوصول لا مكان التسليم، حتى لو كان التسليم قد تم وانتقلت المخاطر إلى المشتري منذ لحظة تسليم البضاعة إلى الناقل الأول طبقا للمادة 31(1) من الاتفاقية. وكان النص في المادة 39 من ذات الاتفاقية على أنه: "(1) يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في مطابقة البضائع إذا لم يخطر البائع محددا طبيعة العيب خلال فترة معقولة من اللحظة التي اكتشف فيها العيب أو كان من واجبه اكتشافه. (2) وفي جميع الأحوال يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في المطابقة إذا لم يخطر البائع بذلك خلال فترة أقصاها سنتان من تاريخ تسلم المشتري البضائع فعلا، إلا إذا كانت هذه المدة لا تتفق مع مدة الضمان التي نص عليها العقد"، يدل على أنه إذا أسفر فحص البضاعة عن عدم مطابقتها فإنه يجب على المشتري إخطار البائع بوجود العيب وطبيعته ليستعد الأخير لإصلاحه أو مناقشة المشتري حوله وإثبات سلامة البضاعة، على أن يكون هذا الإخطار خلال "فترة معقولة" تبدأ من تاريخ اكتشاف العيب أو من التاريخ الذي كان يجب اكتشافه فيه، وتتحدد هذه الفترة وفقا لظروف الحال، ويفقد المشتري حقه في التمسك بالعيب في مطابقة البضاعة to rely on a lack of conformity of the goods، سواء كان العيب ظاهرا أو خفيا، إذا لم يخطر البائع بذلك خلال مدة أقصاها سنتين من تاريخ تسلم المشتري هذه البضاعة فعلا وفقا للمادة 39(2) من الاتفاقية، ما لم يكن العيب في المطابقة متعلقا بأمور كان يعلم بها البائع أو كان لا يمكن أن يجهلها ولم يخبر بها المشترى؛ إذ إن توافر أي من هاتين الحالتين وفقا للمادة 40 من الاتفاقية يحرمه من التمسك بحكم المادتين 38 و39 منها. وعلة سقوط هذا الحق أن المشتري الذي يتقاعس عن فحص البضاعة التي تسلمها أو لا يخطر بالعيوب التي ظهرت فيها، إما أن يكون مشتر ذا غفلة غير جدير بالحماية، أو مشتر قد قبل البضاعة رغم ما فيها من عيوب. والإخطارات ليست مقصورة على الرسائل البرقية والتلكس- المنصوص عليها في المادة 13 من الاتفاقية، وإنما تشمل أيضا ما نصت عليه المادة 20 من ذات الاتفاقية من إمكان الاتفاق على استخدام الهاتف أو التلكس أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفوري ذات الفعالية حتى يتمكن المشتري من إخطار البائع بعيوب المطابقة، ويشمل ذلك- وعلى ما ورد بالمذكرة التفسيرية المحدثة للاتفاقية- الرسائل الإلكترونية، حيث تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية "نيويورك 2005" United Nations Convention on the use of Electronic Communications in the International Contracts (New York, 2005)، مكملة لاتفاقية الأمم المتحدة لعقود البيع الدولي للبضائع فيما يتعلق باستخدام الاتصالات الإلكترونية.
ولقد استقر القضاء المقارن في تطبيقه لهذه الاتفاقية على أن "الفترة المعقولة" لتقديم الإخطار بالعيب في مطابقة البضائع المنصوص عليها في المادة 39(1) من الاتفاقية تبدأ في أي وقت بعد يوم تسلم البضاعة واكتشاف العيب، سواء كانت أربع وعشرين ساعة أو بضعة أيام أو أسابيع أو شهور بما لا يزيد على سنتين، ويقدرها قاضي الموضوع في كل دعوى على حدة، مع الأخذ في الاعتبار بظروف التعاقد وطبيعة البضاعة وما إذا كان العيب ظاهرا أم خفيا ومدى مهنية أو خبرة المشتري. وعلى قاضي الموضوع كذلك تفسير "الفترة المعقولة" وفقا للأعراف واجبة التطبيق في كل فرع من فروع التجارة، باعتبار أن الممارسة العملية تأخذ بحلول متنوعة غير ثابتة في هذا الصدد. وعلى ذلك فإن المادة 39(1) من الاتفاقية تقدم معايير زمنية مرنة متغيرة باختلاف الظروف، خلافا لمدة السنتين المنصوص عليها في المادة 39(2) من الاتفاقية فهي مدة ثابتة ومحددة وغير متغيرة، بعيدا عن الاستثناء المتمثل في حالة عدم توافق تلك المدة مع مدة الضمان التي ينص عليها العقد. وبهذه المثابة فإن مدة السنتين هذه- كحد أقصى- لا تنطبق إلا عندما تكون المدة المنصوص عليها في المادة 39(1) مدة أطول. ومع ذلك فإنه للأطراف الاتفاق على تعديل مدة السنتين المشار إليها وفقا للمادة 6 من ذات الاتفاقية، حيث يجوز الاتفاق على مدة أقل أو أكثر. وهذه المدة هي مدة سقوط لا تقادم، فلا تخضع للإيقاف أو الانقطاع. ويترتب على عدم إخطار البائع بعيب عدم مطابقة البضائع أن يفقد المشتري حقه في أي تعويض ناشئ عن عدم المطابقة، بما في ذلك، على سبيل المثال، الحق في مطالبة البائع بإصلاح البضاعة أو استبدالها، أو الحق في المطالبة بالتعويض، أو الحق في المطالبة بتخفيض الثمن، أو الحق في التمسك بعدم تنفيذ العقد. في حين يجوز له رفع أي دعوى أخرى ناشئة عن العقد غير مستندة إلى عيب عدم المطابقة. ولا ينال مما تقدم، ما تنص عليه اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مدة التقادم في البيع الدولي للبضائع "اتفاقية نيويورك 1974" Convention on the Limitation Period in the International Sale of Goods، والبروتوكول المعدل لها "بروتوكول فيينا 1980"، واللذان دخلا- البروتوكول والاتفاقية- حيز النفاذ في سائر دول العالم في الأول من أغسطس 1988، وفي مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 461 لسنة 1982 بالموافقة على الاتفاقية، والمعمول بها اعتبارا من 1/ 8/ 1988، والتي تعد مكملة لاتفاقية الأمم المتحدة للبيع الدولي للبضائع- في المادة 8 منها من أن "مدة التقادم أربع سنوات"، أو ما تنص عليه في المادة 10(2) منها من أنه "تنشأ المطالبة المترتبة على عيب أو غيره من أشكال عدم المطابقة في تاريخ تسليم البضائع فعلا للمشتري أو في تاريخ رفضه لعرض تسليمها"، طالما أن المشتري لم يقم بالإخطار في المدد المبينة سلفا عن عيب عدم المطابقة سواء إهمالا أو رضاء بالبضاعة، وذلك خلافا لسائر الحالات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية والتي يمكن فيها للمشتري الرجوع على البائع بالدعاوى المختلفة الناشئة عن عدم تنفيذ التزاماته بموجب عقد البيع الدولي للبضائع أو إنهائه أو صحته، أو استنادا إلى غش ارتكب قبل إبرام العقد أو وقت إبرامه أو أثناء تنفيذه، أو غير ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها أن الأوراق خلت من قيام الشركة الطاعنة بإخطار المطعون ضده– البائع– بعدم مطابقة البضائع للمواصفات المتعاقد عليها خلال مدة معقولة من تاريخ اكتشاف العيب وعلمها في تاريخ 18/ 6/ 2001 بوجود بذور سامة وأن القمح المستورد غير صالح للاستهلاك الآدمي إلا بعد غربلته، كما أنها لم تدع الطاعنة قيامها بإخطار المطعون ضده بأي وسيلة خلال فترة معقولة من تاريخ اكتشاف هذا العيب، وانتهى من ذلك إلى الحكم برفض الدعوى- وهو ما يستوي والحكم بعدم قبولها- وكان هذا الذي خلص إليه الحكم يقوم على أسباب سائغة، وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه، وفي حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير معقولية المدة اللازمة للإخطار بعيب عدم المطابقة بالنسبة إلى نوع بضائع النزاع، وفيه الرد الضمني على ما عداه، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يفسده ويؤدي إلى نقضه خطأه في تحديد تاريخ رفع الدعوى بأنه 30/ 4/ 2004 وما رتبه على ذلك من أثر قانوني بأن الدعوى أقيمت بعد أكثر من سنتين من تاريخ اكتشاف العيب، في حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة رفعت دعواها بتاريخ 28/ 12/ 2002، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ أو تستكمل ما شابه من قصور في هذه الأسباب ما دامت لا تعتمد في ذلك على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع، وباعتبار أن رفع الطاعنة للدعوى خلال مدة السنتين المنصوص عليها في المادة 39(2)– كحد أقصى لن يكون له أي تأثير– وعلى ما سلف بيانه– إلا عندما تكون المدة المنصوص عليها في المادة 39(1) مدة أطول، وهو ما لم يتحقق في الدعوى الماثلة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق