الصفحات

الأربعاء، 29 يونيو 2022

الطعن 1085 لسنة 73 ق جلسة 20 / 5 / 2017 مكتب فني 68 ق 104 ص 657

جلسة 20 من مايو سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ سمير فايزي عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصمد هريدي، محمد مأمون سليمان، عبد الناصر عبد اللاه فراج، وليد ربيع السعداوي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(104)

الطعن 1085 لسنة 73 ق

(1) استئناف "الحكم في الاستئناف: أثر نقض الحكم والإحالة".
ورود خطأ مادي في تاريخ الحكم الناقض وثبوت تعجيل المطعون ضدهم نظر الاستئنافين في الميعاد المقرر. نعى الطاعن بسقوط الاستئنافين لتعجيلهما بعد الميعاد. نعي على غير أساس.

(2 - 5) حكم "تسبيب الأحكام: ضوابط التسبيب: التسبيب الكافي" "عيوب التدليل: القصور في التسبيب" "مخالفة الثابت بالأوراق" "بطلان الحكم وانعدامه: ما يؤدي إلى بطلان الحكم".
(2) الحكم. وجوب تضمن مدوناته ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وحصلت منها ما تؤدي إليها. م 176 مرافعات. علة ذلك.

(3) تقديم الخصم مستندات لها دلالتها والتفات الحكم عن التحدث عنها. قصور.

(4) مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها.

(5) ابتناء الحكم على واقعة استخلصها القاضي من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير متناقض ولكن يستحيل عقلا استخلاصها منه. أثره. بطلان الحكم.

(6 - 9) حكر "حقوق المحتكر: وضع يد المستحكر على الأراضي المحكرة مؤقت" "أثر انتهاء عقد الحكر". ملكية "الحقوق المتفرعة عن حق الملكية: حق الحكر".
(6) نظام الحكر. نشأته. اختلافه في الشريعة الإسلامية عنه في القانون المدني الحالي.

(7) عقد الحكر. مقتضاه. إقامة المحتكر ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه وحق ملكيته. انتقال هذا الحق إلى خلفه العام والخاص. حيازة المحتكر للأرض المحكرة. ماهيتها. حيازة عرضية لا تكسبه الملكية.

(8) مضي مدة الاحتكار. لازمه. عودة الأرض إلى مالكها. أثره. سقوط ما كان للمحتكر أو ورثته من حق البقاء والقرار ولا يكون لهم إلا ثمن البناء أو الغراس. علة ذلك. م1010 مدني.

(9) انتهاء عقد الحكر موضوع الدعوى والقضاء بإزالة ما على الأرض المحكرة من مبان استنادا إلى حكم بات. مؤداه. سقوط حق المستحكرة (مورثة المطعون ضدها الثالثة) وورثتها من بعدها في البقاء والقرار بتلك المباني أو الانتفاع بها أو تحصيل أجرتها من المستأجرين رغم هلاكها قانونا وبقائها ماديا. علة ذلك. ثبوت بيع ورثة وارث الوقف قطعة الأرض محل الدعوى للطاعن بموجب عقد مشهر. مؤداه. ثبوت صفة الأخير في مقاضاة مستأجري وحدات العقار. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيسا على خلو الأوراق من سند ملكية الطاعن للمباني التي تقع بها عين النزاع. فساد ومخالفة للقانون وخطأ. قضاء الحكم المستأنف بفسخ عقد إيجار عين النزاع والإخلاء لثبوت امتناع المطعون ضدها الأولى عن الوفاء بالأجرة. صحيح متعين تأييده.

------------------

1 - إذ كان البين من الحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 65ق أنه صدر في يوم الأربعاء الموافق 11 من صفر سنة 1423 هجرية الموافق 24 من أبريل سنة 2002 ميلادية، وإذ كان يوم 24/4/2001 يصادف يوم الثلاثاء الموافق 30 من محرم سنة 1422 هجرية، ومن ثم فإن ما ورد بديباجة الحكم الناقض من أنه صدر بتاريخ 24/4/2001 لا يعدو أن يكون خطأ ماديا، وكان المطعون ضدهم قد عجلوا نظر الاستئنافين في 8/6/2002 و21/7/2002 قبل انقضاء ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم الناقض، ومن ثم يضحى النعي السالف ذكره على الحكم المطعون فيه على غير أساس جديرا برفضه.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن النص في المادة 176 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلا معينا، بل أن تتضمن مدونات الحكم ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع وحصلت من كل ذلك ما يؤدي إليه، ثم أنزلت حكم القانون، وذلك حتى يكون الحكم موضع احترام وطمأنينة الخصوم ويحمل بذاته آيات صحته وينطق بعدالته.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة فإنه يكون معيبا بالقصور.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا بالمستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفا لما هو ثابت بأوراق الدعوى.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه إذا بني القاضي حكمه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلا.

6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الشريعة الإسلامية هي منشأ نظام الحكر، والتقنين المدني القديم أخذ به عنها، وكانت الشريعة الإسلامية تجيز تحكير الوقف وغير الوقف على خلاف ما يقضي به القانون المدني الحالي الذي قصره على الأراضي الموقوفة.

7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان مقتضى عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار وملكية ما يحدثه من بناء ملكا تاما، وينقل منه هذا الحق إلى خلفه العام أو الخاص، إلا أن حيازته للأرض المحتكرة حيازة وقتية لا تكسبه الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها فلا يجوز للمحتكر تغيير صفة وضع يده الحاصل ابتداء بسبب التحكير حتى ينتهي الحكر.

8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه إذا مضت مدة الاحتكار فإن الأرض تعود إلى مالكها، ولا يكون للمحتكر ولا لورثته حق البقاء أو إعادة البناء بل يسقط ما كان للمحتكر أو ورثته من حق البقاء والقرار، ولا يكون له إلا ثمن البناء أو الغراس، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون المدني قد جرى نصها على أنه "عند فسخ العقد أو انتهائه يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء والغراس أو استبقائهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره".

9 - إذ كان البين من الواقع المطروح من الأوراق والمستندات أن ورثة وارث الوقف أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1982 ضد المستحكرة/ ... مورثة المطعون ضدها الثالثة بطلب الحكم بانتهاء عقد الحكر وإزالة المباني استنادا إلى أحكام المرسوم بقانون 180 لسنة 1952، وصدر الحكم بطلباتهم في الاستئناف رقم ... لسنة 101ق القاهرة وتأيد الحكم في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 55ق بتاريخ 5 مارس 1986، بما مؤداه سقوط حق المستحكرة وورثتها من بعدها في البقاء والقرار بالمباني المقامة على أرض الحكر بموجب الحكم البات السالف ذكره الصادر ضد المستحكرة وله حجيته على ورثتها ومن بينهم المطعون ضدها الثالثة، فليس لها الانتفاع بالمباني أو تحصيل أجرتها من المستأجرين لزوال صفتها في الملكية أو الحيازة على السواء، ومن آثاره هلاك المباني هلاكا قانونيا بالنسبة للمستحكرة وورثتها، ولا يغير من ذلك بقاء المباني ماديا لتعذر إزالتها لوقف تنفيذ الحكم بإزالتها بموجب الحكم في الاستشكالين المرفوعين من مستأجري شقق العقار دون مساس بحق ورثة المستحكرة في اللجوء إلى القضاء بطلب الحكم بالتعويض عن قيمة المباني مستحقة الإزالة، وكان البين– أيضا– من المستندات أن ورثة وارث الواقفة (مالكة الأرض محل عقد الحكر المنتهي) قد باعوا قطعة الأرض محل الدعوى للطاعن بموجب عقد البيع المشهر برقم ... في 21/2/1989 توثيق روض الفرج وحولوا له- بموجب البند الحادي عشر من ذات العقد المشهر- كافة حقوقهم في الملكية والحيازة للمباني المقامة على الأرض محل العقد والحكم الصادر في الاستئناف ... لسنة 101ق القاهرة وأحقيته في اللجوء للقضاء بطلب تنفيذ الإزالة أو باستبقاء المباني مقابل دفع أقل قيمة لها مستحقة الإزالة، كما أنذر الطاعن مستأجري شقق العقار على يد محضر بتاريخ 28/10/1989 بصفته كمالك جديد بعد استلامه العقار بموجب محضر تسليم مؤرخ 6/3/1989 ونقلت مصلحة الضرائب العقار المكلفة باسم الطاعن، بما مؤداه ثبوت صفة الطاعن في مقاضاة مستأجري وحدات العقار ومن بينهم المطعون ضدهما الأولى والثانية، وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على ما أورده بأسبابه (أن الأوراق خلت من سند يوضح ملكية المستأنف ضده (الطاعن) للمباني التي تقع بها عين النزاع وعجز هو عن إثبات ذلك، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت من غير ذي صفة) دون أن يتعرض لدفاع الطاعن الجوهري المؤيد بمستنداته الرسمية ونأى بجانبه عنها ولم يفطن لدلالتها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وقد جره ذلك لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وحجبه عن مراقبة سداد حكم أول درجة في طلب فسخ عقد الإيجار والإخلاء، بما يوجب نقضه. ولما تقدم، وكان الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم المستأنف قد أقام قضاءه بفسخ عقد إيجار عين النزاع والإخلاء لثبوت امتناع المطعون ضدها الأولى عن الوفاء بالأجرة محل التكليف بالوفاء للطاعن، كما لم يسددها المستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني)، ولم يقدما دليلا على براءة ذمة أيهما من تلك الأجرة، وهو من الحكم مطابق لصحيح القانون، وكان المطعون ضدهما لم يسددا الأجرة المستحقة حتى إقفال باب المرافعة في الاستئنافين بما يوجب القضاء في موضوع الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 110 ق القاهرة برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف.

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 1992 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها الأولى بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/3/1963 والإخلاء والتسليم، وقال بيانا لذلك إن المطعون ضده الثاني استأجر شقة النزاع بموجب العقد المذكور لاستعمالها للسكنى نظير أجرة مقدارها 8.35 جنيهات شهريا من مالكة حق الحكر على المباني المقامة على أرض وقف أهلي المرحومة/ ...، وقد صدر المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على الخيرات، وآلت ملكية أرض العقار إلى ورثة الواقفة، ثم آلت إلى الطاعن ملكية أرض العقار بالشراء من ورثتها بموجب عقد البيع المشهر برقم ... في 21/2/1989 مكتب توثيق روض الفرج، ولما كان البائعون قد استصدروا حكما نهائيا في الدعوى رقم ... لسنة 1982 مدني جنوب القاهرة واستئنافها رقم ... لسنة 2001ق مدني القاهرة بانتهاء حق الحكر على الأرض وبإزالة ما عليها من مباني وأصبح الحكم باتا برفض الطعن بالنقض رقم ... لسنة 55ق المشهر لصالح الورثة برقم ... في 10/10/1989 شمال القاهرة وتعذر تنفيذ إزالة المباني لصدور حكم بوقف التنفيذ لصالح مستأجري شقق العقار في الاستشكالين رقمي ...، ... لسنة 1987 مدني الوايلي المؤيدين في الاستئنافين رقمي ... و... لسنة 1987 مدني مستأنف شمال القاهرة، وحول البائعون (الورثة) للطاعن الحق في ملكية المباني بصفته خلفا خاصا لهم في الملكية والحيازة بما في ذلك طلب تنفيذ الإزالة واستبقاء المباني والمطالبة بريعها من 1960 وحتى 1989 وما يستجد منه، وإذ ترك المطعون ضده الثاني الشقة المؤجرة له بموجب عقد الإيجار المذكور لشقيقته المطعون ضدها الأولى وامتنعت عن الوفاء بالأجرة للطاعن عن المدة من 1/12/1989 حتى 31/5/1992 وجملتها 250.50 جنيه رغم إعلانها بحوالة الحق وتكليفها بالوفاء على يد محضر بتاريخ 4/6/1992، ومن ثم فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار والتسليم. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 111ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم ... لسنة 11ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط، وتدخلت المطعون ضدها الثالثة في الاستئنافين منضمة للمطعون ضدهما الأولى والثاني، وبتاريخ 8/ 5/ 1999 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن المطعون ضدهم في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 65ق، وبتاريخ 24/4/2001 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. عجل المطعون ضدهم الاستئنافين، وبتاريخ 18/3/2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها لرفعها من غير ذي صفة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثاني بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم مذكرة خلال فترة حجز الدعوى للحكم دفع فيها بسقوط الاستئنافين لتعجيلهما بعد أكثر من ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم الناقض في 24/4/2001 لأن التعجيل قد تم بصحيفتين أعلنتا بتاريخ 8/6/2002 و21/7/2002، وقد أغفلت المحكمة التعرض للدفع إيرادا وردا مما يعيب الحكم بمخالفة نص المادتين 134، 138 من قانون المرافعات، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن البين من الحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 65ق أنه صدر في يوم الأربعاء الموافق 11 من صفر سنة 1423 هجرية الموافق 24 من أبريل سنة 2002 ميلادية، وإذ كان يوم 24/4/2001 يصادف يوم الثلاثاء الموافق 30 من محرم سنة 1422 هجرية، ومن ثم فإن ما ورد بديباجة الحكم الناقض من أنه صدر بتاريخ 24/4/2001 لا يعدو أن يكون خطأ ماديا، وكان المطعون ضدهم قد عجلوا نظر الاستئنافين في 8/6/2002 و21/7/2002 قبل انقضاء ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم الناقض، ومن ثم يضحى النعي السالف ذكره على الحكم المطعون فيه على غير أساس جديرا برفضه.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تملك أرض العقار بموجب عقد بيع مشهر برقم 560 لسنة 1989 شهر عقاري مكتب توثيق روض الفرج من ورثة المالكة الأصلية، وأنهم حولوا الحق في ملكية وحيازة المباني المقامة على الأرض المباعة لصدور حكم لصالحهم ضد مورثة المطعون ضدها الثالثة في الاستئناف رقم ... لسنة 101ق القاهرة المؤيد في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 55ق والمشهر برقم 3034 لسنة 1989 مكتب توثيق شمال القاهرة، وقد قضى بانتهاء الحكر على الأرض وبإزالة ما عليها من مباني في خلال ستة أشهر من تاريخ هذا الحكم، كما حولوا له كافة الحقوق التي كانت لهم ومنها تنفيذ الحكم المذكور أو اللجوء إلى القضاء بطلب الحكم باستبقاء هذه المباني والمطالبة بالريع المتجمد من سنة 1960 وما يستجد في ذمة المستحكرة، وأنه أعلن المستأجرين بالحوالة واستلم العقار بموجب محضر تسليم مؤرخ 6/3/1989 وتم نقل تكليف أرض ومباني العقار باسمه في مصلحة الضرائب العقارية، وقدم لمحكمة الموضوع العقدين المسجلين ومحضر التسليم وكشف رسمي مستخرج من الضرائب العقارية بنقل التكليف وإعلان المستأجرين بالحوالة في 28/10/1989، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بمقولة خلو الأوراق من سند ملكيته للمباني مهدرا كافة المستندات الرسمية المودعة ملف الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 176 من قانون المرافعات على أنه "يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها" يدل على أن المشرع لم يقصد بإيراد الأسباب أن يستكمل الحكم شكلا معينا، بل أن تتضمن مدونات الحكم ما يطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد ألمت بالواقع المطروح عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع وحصلت من كل ذلك ما يؤدي إليه، ثم أنزلت حكم القانون، وذلك حتى يكون الحكم موضع احترام وطمأنينة الخصوم ويحمل بذاته آيات صحته وينطق بعدالته، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة فإنه يكون معيبا بالقصور، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا بالمستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفا لما هو ثابت بأوراق الدعوى، وإذا بني القاضي حكمه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلا، ومن المقرر – أيضا – أن الشريعة الإسلامية هي منشأ نظام الحكر، والتقنين المدني القديم أخذ به عنها، وكانت الشريعة الإسلامية تجيز تحكير الوقف وغير الوقف على خلاف ما يقضي به القانون المدني الحالي الذي قصره على الأراضي الموقوفة، ولئن كان مقتضي عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار وملكية ما يحدثه من بناء ملكا تاما، وينقل منه هذا الحق إلى خلفه العام أو الخاص، إلا أن حيازته للأرض المحتكرة حيازة وقتية لا تكسبه الملك، وتظل هذه الحيازة على حالها فلا يجوز للمحتكر تغيير صفة وضع يده الحاصل ابتداء بسبب التحكير حتى ينتهي الحكر، ومن المقرر- أيضا- أنه إذا مضت مدة الاحتكار فإن الأرض تعود إلى مالكها، ولا يكون للمحتكر ولا لورثته حق البقاء أو إعادة البناء بل يسقط ما كان للمحتكر أو ورثته من حق البقاء والقرار، ولا يكون له إلا ثمن البناء أو الغراس، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 1010 من القانون المدني قد جرى نصها على أنه "عند فسخ العقد أو انتهائه يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء والغراس أو استبقائهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره". لما كان ذلك، وكان البين من الواقع المطروح من الأوراق والمستندات أن ورثة وارث الوقف أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1982 ضد المستحكرة/ ... مورثة المطعون ضدها الثالثة بطلب الحكم بانتهاء عقد الحكر وإزالة المباني استنادا إلى أحكام المرسوم بقانون 180 لسنة 1952، وصدر الحكم بطلباتهم في الاستئناف رقم ... لسنة 101ق القاهرة وتأيد الحكم في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 55ق بتاريخ 5 مارس 1986، بما مؤداه سقوط حق المستحكرة وورثتها من بعدها في البقاء والقرار بالمباني المقامة على أرض الحكر بموجب الحكم البات السالف ذكره الصادر ضد المستحكرة وله حجيته على ورثتها ومن بينهم المطعون ضدها الثالثة، فليس لها الانتفاع بالمباني أو تحصيل أجرتها من المستأجرين لزوال صفتها في الملكية أو الحيازة على السواء، ومن آثاره هلاك المباني هلاكا قانونيا بالنسبة للمستحكرة وورثتها، ولا يغير من ذلك بقاء المباني ماديا لتعذر إزالتها لوقف تنفيذ الحكم بإزالتها بموجب الحكم في الاستشكالين المرفوعين من مستأجري شقق العقار دون مساس بحق ورثة المستحكرة في اللجوء إلى القضاء بطلب الحكم بالتعويض عن قيمة المباني مستحقة الإزالة، وكان البين- أيضا- من المستندات أن ورثة وارث الواقفة (مالكة الأرض محل عقد الحكر المنتهي) قد باعوا قطعة الأرض محل الدعوى للطاعن بموجب عقد البيع المشهر برقم ... في 21/2/1989 توثيق روض الفرج وحولوا له - بموجب البند الحادي عشر من ذات العقد المشهر- كافة حقوقهم في الملكية والحيازة للمباني المقامة على الأرض محل العقد والحكم الصادر في الاستئناف ... لسنة 101ق القاهرة وأحقيته في اللجوء للقضاء بطلب تنفيذ الإزالة أو باستبقاء المباني مقابل دفع أقل قيمة لها مستحقة الإزالة، كما أنذر الطاعن مستأجري شقق العقار على يد محضر بتاريخ 28/10/1989 بصفته كمالك جديد بعد استلامه العقار بموجب محضر تسليم مؤرخ 6/3/1989 ونقلت مصلحة الضرائب العقار المكلفة باسم الطاعن، بما مؤداه ثبوت صفة الطاعن في مقاضاة مستأجري وحدات العقار ومن بينهم المطعون ضدهما الأولى والثانية، وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على ما أورده بأسبابه (أن الأوراق خلت من سند يوضح ملكية المستأنف ضده (الطاعن) للمباني التي تقع بها عين النزاع وعجز هو عن إثبات ذلك، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت من غير ذي صفة) دون أن يتعرض لدفاع الطاعن الجوهري المؤيد بمستنداته الرسمية ونأى بجانبه عنها ولم يفطن لدلالتها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وقد جره ذلك لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وحجبه عن مراقبة سداد حكم أول درجة في طلب فسخ عقد الإيجار والإخلاء، بما يوجب نقضه.
ولما تقدم، وكان الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم المستأنف قد أقام قضاءه بفسخ عقد إيجار عين النزاع والإخلاء لثبوت امتناع المطعون ضدها الأولى عن الوفاء بالأجرة محل التكليف بالوفاء للطاعن، كما لم يسددها المستأجر الأصلي (المطعون ضده الثاني)، ولم يقدما دليلا على براءة ذمة أيهما من تلك الأجرة، وهو من الحكم مطابق لصحيح القانون، وكان المطعون ضدهما لم يسددا الأجرة المستحقة حتى إقفال باب المرافعة في الاستئنافين بما يوجب القضاء في موضوع الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 110ق القاهرة برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق