الصفحات

السبت، 28 مايو 2022

الطعن 2358 لسنة 30 جلسة 4/ 4/ 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 80 ص 433

جلسة 4 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

------------

(80)
الطعن رقم 2358 لسنة 30 القضائية

(أ) جريمة مستمرة. خدمة عسكرية.
جريمة المادة 55 من القانون رقم 505 لسنة 1955. طبيعتها. جريمة سلبية مستمرة استمرارا تجدديا. قيامها حتى بلوغ الفرد الثانية والأربعين من سنيه مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته.
(ب) قانون. تطبيقه بالنسبة للزمان. القانون الأصلح. نقض. مثال.
سريان التشريع الجديد على الجريمة المستمرة ولو كان أشد مما سبقه. لا وجه للاحتجاج بقاعدة قانون الأصلح. القانون رقم 54 لسنة 1960. تقريره حكماً وقتياً أصلح للمتهم. نقض الحكم وبراءة المتهم - عند استيفاء شرطي الإعفاء المنصوص عليهما فيه. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------------
1 - دلالة عبارات نصوص المواد 55 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية و 71 في فقرتيها الأولى والثالثة و 74 في فقرتها الثانية من القانون رقم 9 لسنة 1958 بتعديل بعض مواد القانون المذكور، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقا على تعديل المادة 74 في فقرتها الثانية - هو أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد لتقرير معاملته، هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمرارا تجددياً يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين، وذلك أخذا من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني، وإيجابيا من جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى عنها الذى طال الشارع مداه، وللحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية - ويظل الفرد مرتكبا للجريمة في كل وقت حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنيه، وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته. (1)
2 - من المقرر قانونا أن التشريع الجديد يسرى على الجريمة المستمرة حتى ولو كان أشد مما سبقه لاستمرار الجريمة في ظل الأحكام الجديدة، ولا وجه للاحتجاج بقاعدة القانون الأصلح لأن لازم تطبيقها بحسب نص المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يكون القانون الجديد أهون في أحكامه مما سبقه وباعتبار القانون الجديد أكثر تحقيقا للعدالة. ولما كان القانون رقم 9 لسنة 1958 قد أصدره الشارع وشدد العقوبة فيه واعتبر بنص المادة 55 وبخطابه في الفقرة الثانية من المادة 74 الجريمة مستمرة، وكان الثابت من الحكم أن المتهم ظل فارا من الخدمة العسكرية وممتنعا عن تقديم نفسه للجهة المختصة حتى أرسلته الجهة الإدارية إلى منطقة التجنيد التابع لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين أن لا تنزل الغرامة عن خمسين جنيها طبقا لما نصت عليه المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958. إلا أنه لما كان قد صدر - بعد صدور الحكم المطعون فيه - القانون رقم 54 لسنة 1960 مقرر حكما وقتيا على المادة 71، وكان هذا القانون لا ريب أصلح للمطعون ضده مادام قد ثبت أنه قد توافر في حقه الشرطان اللذان نص عليهما هذا القانون الأخير، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة المتهم المطعون ضده عملا بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى . (1)


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حتى يوم 11 فبراير سنة 1959 بصفته شابا بلغ سن التجنيد لم يقدم نفسه عند طلبه في الميعاد المقرر دون عذر مقبول. وطلبت عقابه بالمادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1958. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و 56 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرة جنيهات وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيا. استأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف عملا بالمواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تغريم المطعون ضده عشرة جنيهات بالتطبيق للمواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية لعدم تقديم نفسه خلال ثلاثة شهور من بلوغه سن الحادية والعشرين إلى الجهة الإدارية التابع لها لمعاملته عسكريا. وأنه لما كانت هذه الجريمة مستمرة وكان القانون رقم 9 لسنة 1958 قد صدر معدلا لبعض نصوص القانون 505 لسنة 1955 فنص في المادة 71 على معاقبة من يخالف أحكام المادة 55 بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى العقوبتين كمل عدل المادة 74 فجعل بدء سريان المدة المسقطة للدعوى الجنائية من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين بدلا من سن الثلاثين مما ترتب عليه أن حالة الاستمرار المكونة للجريمة المسندة للمطعون ضده تظل قائمة حتى يبلغ الثانية والأربعين من عمره وبالتالي فإن القانون رقم 9 لسنة 1958 يسرى على الجرائم التي بدأت قبل صدوره متى كانت حالة الاستمرار قائمة عند العمل به، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أتم الحادية والعشرين في سنة 1955 ولم يقدم نفسه للجهة الإدارية التابع لها خلال ثلاثة شهور من تاريخ بلوغه تلك السن لمعاملته عسكريا وظل ممتنعا عن تقديم نفسه إلى أن أرسل من مركز فاقوس إلى منطقة التجنيد في 8/ 2/ 1959، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تعامله طبقا لنص المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 فلا تنزل بالغرامة عن حدها الأدنى وهو خمسون جنيها.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المتهم (المطعون ضده) بوصف أنه حتى يوم 11 فبراير سنة 1959 لم يقدم نفسه في خلال ثلاثة شهور من تاريخ بلوغه سن الحادية والعشرين إلى الجهة الإدارية التابع لها لترحيله لمركز التجنيد لمعاملته عسكريا وطلبت عقابه بالمادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 فقضت محكمة أول درجة بتغريمه عشرة جنيهات مع إيقاف التنفيذ. فاستأنفت النيابة وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف مطبقة على التهمة المسندة للمتهم المواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955. ولما كان الشارع قد أصدر القانون رقم 9 لسنة 1958 في شأن تعديل بعض مواد القانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص بالخدمة العسكرية والوطنية ونص في المادة 71 منه على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص ملزم بالخدمة الإلزامية خالف أحكام المادة 55 أو لم يخطر منطقة التجنيد بزوال سبب الإعفاء...." ونص في الفقرة الثانية من المادة 74 على أنه " لا تبدأ المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين" ونصت المادة 71 فقرة ثالثة على أنه "يجوز إذا كان الشخص لائقا للخدمة بعد أدائه العقوبة - تجنيده فور أدائها بناء على طلب إدارة التجنيد..." وجاء بالمذكرة الإيضاحية الملحقة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 في التعليق على المادة 74/ 2 منه ما يأتي "الشخص يكون في شرف الخدمة العسكرية والوطنية لمدة اثنى عشرة سنة منها ثلاث سنوات في الخدمة العسكرية والباقية في الاحتياط باحتساب هذه المدة بالنسبة إلى الشخص الذى يطلب للخدمة العسكرية أو الوطنية قبيل أن يتم الثلاثين من عمره مباشرة أي قبل أن يتم السنة التي لا يجوز أن يطلب بعدها للخدمة العسكرية أو الوطنية فإن مثل هذا الشخص يبقى في الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط حتى يبلغ سن الثانية والأربعين - ولهذا رؤى أن لا تبدأ المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد هذه السن وهى أقصى سن تنتهى فيها الخدمة العسكرية الفعلية... وذلك حتى يبادر كل من يطلب للخدمة العسكرية أو الوطنية إلى تقديم نفسه وحتى لا يكون الشخص الفار من الخدمة العسكرية في مركز أحسن من هذا الذى يسعى إلى تقديم نفسه قبل انتهاء السن التي لا يجوز أن يطلب فيها للخدمة العسكرية أو الوطنية"، ودلالة عبارات النصوص المتقدمة وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقا على تعديل الفقرة الثانية من المادة 74 هي أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمرارا متجددا يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين، وذلك أخذا من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهى حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني تداخلا متتابعا، وإيجابا من جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى عنها الذى أطال الشارع مداه، وللمحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية على ما سلف بيانه، ويظل الفرد مرتكبا للجريمة في كل وقت لم يتقدم فيه للتجنيد حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنيه، ثم تبدأ في السقوط. وتقع الجريمة تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن التشريع الجديد يسرى على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ولا وجه للاحتجاج بقاعدة القانون الأصلح لأن لازم تطبيقها بحسب نص المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يكون القانون الجديد أهون في أحكامه مما سبقه وباعتبار القانون الجديد أكثر تحقيقا للعدالة، والقانون رقم 9 لسنة 1958 قد أصدره الشارع وشدد العقوبة فيه واعتبر بنص المادة 55، وبخطابه في المادة 74/ 2 منه الجريمة مستمرة، لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده ظل ممتنعا عن تقديم نفسه للجهة المختصة حتى أرسله مركز فاقوس في 8/ 2/ 1959 إلى منطقة التجنيد التابع لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين أن لا تنزل الغرامة عن خمسين جنيها طبقا لما نصت عليه المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 والمعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958. إلا أنه لما كان قد صدر في 8 من مارس سنة 1960 - بعد صدور الحكم المطعون فيه - القانون رقم 54 لسنة 1960 - مقررا حكمها وقتيا على المادة 71 من القانون السالف الإشارة إليه - فنص في مادته الأولى على أنه "يعفى من تطبيق أحكام المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المتخلفون من مواليد سنة 1931 إلى سنة 1938 الذين يتقدمون إلى مناطق التجنيد خلال ثلاثة شهور من تاريخ العمل به" وأنه لما كان هذا القانون لا ريب أصلح للمطعون ضده إذا ثبت أنه قد توافر في حقه الشرطان اللذان نص عليهما هذا القانون الأخير، فإن هذه المحكمة قد أمرت بالاستعلام عن ذلك، وقد ورد كتاب منطقة تجنيد التل الكبير المؤرخ 3/ 4/ 1961 يفيد أن المطعون ضده ولد في 20 من مايو سنة 1933 وأنه تقدم لمكتب التجنيد في 10 من أبريل سنة 1960 وفرز "لائق" تحت الطلب - لما كان ما تقدم وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى، وكان قد ثبت فيما تقدم أن المطعون ضده قد استوفى شرطي الإعفاء المنصوص عليهما بالقانون رقم 54 لسنة 1960 وأنه تقدم لمكتب التجنيد في الفترة التي حددها القانون والتي يشملها الإعفاء فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة المتهم المطعون ضده.


 (1) المبدأ ذاته في الطعن رقم 1489 لسنة 30ق (جلسة 16/ 5/ 1961).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق