الصفحات

الأربعاء، 4 مايو 2022

القضية 14 لسنة 18 ق جلسة 9 / 5 / 1998 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 2 تنازع ق 20 ص 1551

جلسة 9 مايو 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وعدلي محمود منصور،

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (20)
القضية رقم 14 لسنة 18 قضائية "تنازع"

(1) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "مناط قبولها".
مناط قبول طلب الفصل في هذا التنازع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين متناقضين هو أن يكون أحدهما صادراً من جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي وثانيهما من جهة أخرى منها - وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بما يتعذر تنفيذهما معاً.
(2) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "وحدة الموضوع".
عدم قيام التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا في فضه إذا كان موضوع الحكمين المدعى تناقضهما متغايراً.
(3) دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "تغاير الموضوع: عدم قبول".
تغاير الحكم الصادر من محكمة الاستئناف برفض دعوى المدعي بطلب تعويضه عما ادعاه من ضرر لحق به من جراء مسلك المدعى عليهما أدى إلى إدانته جنائياً، عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتعويضه بالمبلغ المحكوم به عن الأضرار التي لحقته من جراء قرار فصله غير المشروع - وذلك بتغاير موضوعيهما - مؤدى ذلك: عدم قبول الدعوى.

------------------
1 ، 2 - مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، بما مؤداه أن إعمال هذه المحكمة لولايتها في مجال فضها التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاًَ، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعيهما؛ ثم من تناقض قضاءيهما بتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب هذا الموضوع. فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض - بداهة - إذا كان موضوعهما مختلفاً.
3 - البين من مقارنة الحكمين النهائيين المدعى تناقضهما في النزاع الماثل، أنهما تناولا موضوعين مغايرين، ولا يتصور بالتالي أن يكونا قد تعامدا على محل واحد، أو فصلا فيه بقضاءين يتعذر تنفيذهما معاً. ذلك أن دعوى التعويض التي أقامها المدعى عليه في النزاع الماثل أمام جهة القضاء المدني - والتي صدر برفضها، وبتأييد الحكم المطعون فيه، قضاء المحكمة الاستئنافية لبني سويف مأمورية المنيا في الطعن المقيد بجدولها برقم 681 لسنة 26 قضائية - كان موضوعها أن المستأنف عليهما الأول والثاني - وهما تابعان لبنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - كانا قد كلفا من النيابة العامة بفحص أعمال المدعى عليه، وأن ما انتهيا إليه كان سبباً لاتهامه بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، ثم إدانته جنائياً، وحرمانه من مورد الرزق الذي يعتمد عليه فضلاً عن تشريد عائلته. وقد خلص قضاء المحكمة الاستئنافية إلى أن دعواه هذه لا سند لها تأسيساً على أمرين: أولهما: أن الحكم الجنائي الذي أدان المدعى عليه خلا من كل شبهة تدل على أن المستأنف ضدهما الأول والثاني استغلا وظيفتيهما فيما أدياه من أعمال الفحص، أو أنهما اعتمدا عليها لتسهيل ارتكابهما لعمل غير مشروع توخي الإضرار بالمدعى عليه. ثانيهما: انتفاء كل دليل بالأوراق على أن أغراضاً شخصية وجهتهما فيما باشراه من أعمال الفحص، التي كلفتهما النيابة العامة بها، أو أن سوء القصد قد خالطها، أو أنهما استهدفا بها مصلحة متبوعهما. ولا كذلك موضوع الطعن الذي فصلت فيه المحكمة الإدارية العليا في حدود ولايتها، والمقيد بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق. ع، وذلك أن حكمها فيه بني على أن قرار فصل المدعى عليه من الخدمة كان غير مشروع لصدوره مفتقداً إلى سبب صحيح يمكن أن يحمل عليه قانوناً؛ وأن البنك المطعون ضده، مسئول عن الأضرار التي ألحقها قرار الفصل بالمدعى عليه لتوافر أركان المسئولية التقصيرية في شأنه جميعها، والتي تتمثل في إصداره قراراً غير مشروع بالفصل، وفيما نجم عن هذا القرار من أضرار يبلورها حرمان المدعي من راتبه وغيره من المزايا الوظيفية طوال الفترة التي ظل مفصولاً فيها، فضلاً عن الإساءة إليه نفسياً واجتماعياً، وعجزه عن الإنفاق على أسرته، والحط من قدره أمام زملائه وعشيرته.


الإجراءات

بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً أولاً: بصفة مستعجلة الأمر بوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 20/ 8/ 1996 من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 582 لسنة 38 ق. ع وذلك حتى يفصل في النزاع، ثانياً: وفي الموضوع الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 24/ 3/ 1992 من محكمة استئناف بني سويف - مأمورية المنيا - في الاستئناف رقم 681 لسنة 26 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى عليه - السيد/ سمير أمين جرجس - وآخرين بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، وقيدت الواقعة جناية أمن دولة عليا المنيا برقم 1070 لسنة 1979 حيث حكم بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وبغرامة مقدارها 300 جنيه.
وقد طعن المدعى عليه في هذا الحكم أمام محكمة النقض التي نقضته وأحالت الأوراق إلى دائرة أخرى، حيث حكم ببراءته من التهمة المنسوبة إليه.
ثم أقام المدعى عليه ضد بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - المدعي في الدعوى الراهنة - دعواه رقم 783 لسنة 1989 مدني كلي المنيا التي طلب فيها إلزامه بأن يؤدي إليه تعويضاً مقداره 100.000 جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب التهمة المخلة بشرفه التي وجهت إليه، مما أدى إلى احتقاره بين أهله وذويه، وعجزه عن الإنفاق على أولاده وتعليمهم وتزويج إخوته، بعد أن صار مريضاً مكتئباً نفسياً، محروماً من مورد رزقه الوحيد واضطراره إلى بيع أثاث منزله ليؤدي منه أتعاباً لمحاميه.
وإذ قُضي برفض دعواه هذه، فقد طعن على حكمها أمام المحكمة الاستئنافية، ببني سويف (مأمورية المنيا) وقيد استئنافه أمامها برقم 681 لسنة 26 قضائية، حيث قُضي برفضه وبتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن جهة أخرى، كان المدعى عليه في النزاع الراهن، قد أقام الطعن التأديبي رقم 2 لسنة 10 قضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة. طالباً الحكم بإلغاء قرار فصله من الخدمة الصادر في 15/ 9/ 1975. وأداء راتبه إليه بدءاً من هذا التاريخ.
إلا أن هذه المحكمة أحالت هذا الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط لاختصاصها بنظره. وبعد أن أحيل إليها، قيد بجدولها تحت رقم 89 لسنة 3 قضائية، حيث قُضي بعدم قبوله شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه. وقد طعن المدعى عليه في حكمها هذا أمام المحكمة الإدارية العليا حيث قيد بجدولها تحت رقم 3261 لسنة 27 قضائية، ثم صدر حكمها فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط التي قضت بجلستها المعقودة في 17/ 12/ 1991 بإلغاء قرار الفصل بعد أن صدر فاقداً لركن السبب المشروع، وبرفض طلبه صرف راتبه إليه اعتباراً من تاريخ فصله، تأسيساً على أن مناط استحقاق الأجر هو أداء العمل.
وإذ لم يرتض المدعى عليه في النزاع الماثل هذا الحكم في الشق الخاص بمرتبه، فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد الطعن بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق بعد أن عَدَّل طلبه إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضده - المدعي في النزاع الماثل - بأن يؤدي إليه مبلغ 100000 جنيه تعويضاً عن حرمانه من مرتبه عن المدة من 1975 حتى 1992، ولجبر الأضرار التي أصابته هو وأسرته خلال المدة المذكورة، سواء أكانت هذه الأضرار أدبية أم مادية.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن بجلستها المعقودة في 20/ 8/ 1996 بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم منح الطاعن - المدعى عليه في النزاع الراهن - تعويضاً عن قرار فصله، والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن على سبيل التعويض أربعين ألفاً من الجنيهات.
وحيث إن رئيس المحكمة الدستورية العليا قرر بتاريخ 29/ 12/ 1996 - وأثناء نظره الشق المستعجل من النزاع إعمالاً لسلطته المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة 32 من قانون هذه المحكمة - رفض طلب المدعي وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 582 لسنة 38 ق. ع.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، بما مؤداه أن إعمال هذه المحكمة لولايتها في مجال فضها التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاًَ، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما؛ ثم من تناقض قضاءيهما بتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب هذا الموضوع. فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض - بداهة - إذا كان موضوعهما مختلفاً.
وحيث إن البين من مقارنة الحكمين النهائيين المدعي تناقضهما في النزاع الماثل، أنهما تناولا موضوعين مغايرين، ولا يتصور بالتالي أن يكونا قد تعامدا على محل واحد، أو فصلا فيه بقضاءين يتعذر تنفيذهما معاً.
ذلك أن دعوى التعويض التي أقامها المدعى عليه في النزاع الماثل أمام جهة القضاء المدني - والتي صدر برفضها، وبتأييد الحكم المطعون فيه، قضاء المحكمة الاستئنافية لبني سويف مأمورية المنيا في الطعن المقيد بجدولها برقم 681 لسنة 26 قضائية - كان موضوعها أن المستأنف عليهما الأول والثاني - وهما تابعان لبنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنيا - كانا قد كلفا من النيابة العامة بفحص أعمال المدعى عليه، وأن ما انتهيا إليه كان سبباً لاتهامه بالاختلاس والتزوير واستعمال محررات مزورة، ثم إدانته جنائياً، وحرمانه من مورد الرزق الذي يعتمد عليه فضلاً عن تشريد عائلته. وقد خلص قضاء المحكمة الاستئنافية إلى أن دعواه هذه لا سند لها تأسيساً على أمرين: أولهما: أن الحكم الجنائي الذي أدان المدعى عليه خلا من كل شبهة تدل على أن المستأنف ضدهما الأول والثني استغلا وظيفتيهما فيما أدياه من أعمال الفحص، أو أنهما اعتمدا عليها لتسهيل ارتكابهما لعمل غير مشروع توخي الإضرار بالمدعى عليه. ثانيهما: انتفاء كل دليل بالأوراق على أن أغراضاً شخصية وجهتهما فيما باشراه من أعمال الفحص، التي كلفتهما النيابة العامة بها، أو أن سوء القصد قد خالطها، أو أنهما استهدفا بها مصلحة متبوعهما.
ولا كذلك موضوع الطعن الذي فصلت فيه المحكمة الإدارية العليا في حدود ولايتها، والمقيد بجدولها برقم 582 لسنة 38 ق ع، ذلك أن حكمها فيه بني على أن قرار فصل المدعى عليه من الخدمة كان غير مشروع لصدوره مفتقداً إلى سبب صحيح يمكن أن يحمل عليه قانوناً؛ وأن البنك المطعون ضده، مسئول عن الأضرار التي ألحقها قرار الفصل بالمدعى عليه لتوافر أركان المسئولية التقصيرية في شأنه جميعها، والتي تتمثل في إصداره قراراً غير مشروع بالفصل، وفيما نجم عن هذا القرار من أضرار يبلورها حرمان المدعي من راتبه وغيره من المزايا الوظيفية طوال الفترة التي ظل مفصولاً فيها، فضلاً عن الإساءة إليه نفسياً واجتماعياً، وعجزه عن الإنفاق على أسرته، والحط من قدره أمام زملائه وعشيرته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان التناقض بين حكمين نهائيين بالمعنى المقصود في قانون المحكمة الدستورية العليا، يفترض وحدة الموضوع الذي فصلا فيه؛ وكان هذا الموضوع مختلفاً في النزاع الراهن على ما تقدم، فإن الطلب الماثل يكون غير مقبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق