الصفحات

الخميس، 14 أبريل 2022

الطعن 3907 لسنة 56 ق جلسة 18 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 206 ص 1085

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وصلاح البرجي وحسن عشيش.

-----------------

(206)
الطعن رقم 3907 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القضاء بالإدانة استناداً إلى أقوال شهود الإثبات. مؤداه؟
حق محكمة الموضوع بيان حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها. المجادلة في ذلك. غير مقبولة.
 (2)تفتيش "إذن التفتيش. بياناته" "إصداره". نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المحلي". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش. غير لازم. كفاية ذكر صفته ملحقة باسمه.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لاستخلاص سائغ لصدور إذن التفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة في جريمة إحراز وحيازة مخدر بقصد الإتجار.
 (4)تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مأمور الضبط القضائي. مواد مخدرة.
لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن النيابة تخير الظرف والوقت المناسبين خلال الفترة المحددة بالإذن لإجرائه بطريقة مثمرة.
 (5)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". "بياناته". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط القانون عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش.
استعمال عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" في إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره إنما تنصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية.
(6) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "تنفيذه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
مثال:
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم من شأن محكمة الموضوع. حقها في الاطمئنان إليها قبل متهم دون آخر.
وزن أقول الشهود. موضوعي. للمحكمة أن تأخذ منها بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق آخر.
(10) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟

-------------
1 - لما كان من المقرر أن مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وتردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شهود نفيه فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها.
2 - بحسب وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش أن يذكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن وهو ما لم ينازع فيه الطاعن. وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة المخدرات فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن المقدم.... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش لضبط ما قد يحوزه أو يحرزه الطاعن من مخدر بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز ويحرز كميات منها لهذا الغرض ويستخدم السيارة... ملاكي إسكندرية في ترويجها فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة.
4 - لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن.
5 - من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل في حين أن لفظ "قد" وإن كان يفيد في اللغة معنى الاحتمال إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في أنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعهاقبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلان لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر.
7 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها إلى أن المسكن الثاني الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو مسكن الطاعن وفي حيازته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد فإن منعى الطاعن يضحى ولا محل له.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 -  من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها.
10 - التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز وأحرز بقصد الإتجار جواهر مخدرة "أفيون - حشيش - هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 66، 61 لسنة 1977 والبنود أرقام 9، 57، 103 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه عما نسب إليه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والسيارة المستعملة رقم... ملاكي إسكندرية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الإتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وران عليه التناقض ذلك بأنه اعتنق تصويراً للواقعة كما رواها شهود الإثبات بأن الطاعن ضبط أثناء نزوله من السيارة حاملاً لفافة تحوي طرب الحشيش والتفت عن دفاعه بأنه ضبط في مسكنه وكانت السيارة مودعة بالحظيرة وأيده في ذلك أفراد أسرته كما دفع المدافع عن الطاعن ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره ولصدوره عن جريمة مستقبلة بدليل أن الضابط قد تراخى في تنفيذ الإذن وقام بضبط جريمة لم تكن وقعت وقت صدوره كما أن عبارة الإذن تفيد احتمال وقوع الجريمة لا ثبوت وقوعها بالفعل، كما دفع ببطلان الإذن أيضاً لعدم جدية التحريات التي بني عليها لخلو محضرها من بيان سن الطاعن وعمله ومحله التجاري ولعدم صلة الطاعن بالمسكن الثاني الموضح بالتحريات الذي ضبط فيه مخدر الهيروين والأفيون لأنه مخلف عن والده وينازعه شقيقه في حيازته وقدم إيصالات سداد أجرة هذا المسكن صادرة باسم آخر إلا أن الحكم رد على هذه الدفوع جمعيها بما لا يتفق وصحيح القانون ودون أن يفند المستندات المقدمة من الطاعن كما التفت عن الشكوى الإداري التي قدم الطاعن صورتها تدليلاً على تلفيق التهمة، هذا إلى أن الحكم اعتمد في قضائه بإدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات وأطرحها بالنسبة للمتهمين الآخرين اللذين قضى ببرائتهما كما أن ما أورده في أسبابه التي أقام عليها قضاءه ببراءة المتهم الثاني ينفي عن الطاعن حمل المخدر والخروج به من السيارة وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وتردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شهود نفيه فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره ورد عليه بقوله "أن البادي من مطالعة إذن النيابة أنه صدر من الأستاذ.... وكيل النيابة في.... الساعة 1.45 ص وتوقع منه على الإذن بعد أن ضمنه كل عناصر التسبيب ولم ينازع الدفاع في هذه الصفة ولم يأت بما يخالف هذا الواقع الصحيح من أن مصدره هو أحد وكلاء النائب العام واختصاصه نيابة المخدرات في زمان ومكان إصداره" وما أورده الحكم فيما تقدم يستقيم به الرد على ذلك الدفع ذلك أنه بحسب وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش أن ينكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن وهو ما لم ينازع فيه الطاعن. وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة مصدر الإذن إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة المخدرات فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن المقدم... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش لضبط ما قد يحوزه أو يحرزه الطاعن من مخدر بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز ويحرز كميات منها لهذا الغرض ويستخدم السيارة... ملاكي إسكندرية في ترويجها فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة. ولا يغير من ذلك أن يكون الضابط قد تراخى في تنفيذ الإذن إذ أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن. كما أنه من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل في حين أن لفظ "قد" وإن كان يفيد في اللغة معنى الاحتمال إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في أنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها. قبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعن دفعا ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات لخلو محضر الاستدلالات من بيان المحل التجاري للطاعن ولانتفاء صلة الطاعن بالمسكن الثاني الموضح بالتحريات ولم يثر أيهما شيئاً عن خلو محضر التحريات من بيان سن الطاعن وعمله وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله: أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن بالتفتيش أمر موضوعي تقدره سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومن ثم فلا ترى المحكمة في عدم اشتمال محضر التحريات على ذكر محل المتهم الكائن أسفل العقار الذي يقيم به.... ما يعد دليلاً على عدم جدية التحريات سيما وإن محضر التحريات قد أشتمل على اسم المتهم رباعياً وكذا اسم شهرته فضلاً عن اسمي ولديه وعنوانه في مسكنه بما يؤكد أنه هو المقصود بالتحريات ومن ثم تنتهي المحكمة إلى رفض الدفع المبدئ "ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بعدم صلته بالمسكن الثاني الذي ضبط فيه المخدر ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن القول بعدم اختصاص المتهم بالمسكن الكائن بشارع... وانعدام صلته به مردود عليه بتوافر حيازة المسكن للمتهم امتداد لحيازة والده دلالة ذلك أن أحد لم ينازع المتهم في حيازة العين بشكل جدي ويستقر في وجدان المحكمة توافر الصلة بين المتهم وتلك الشقة ولا يغير من هذا وجود أثاث بسيط بها أو تعدد مساكن المتهم أو وجود مسكن آخر للمتهم بشارع.... "ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلان لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر. وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها إلى أن المسكن الثاني الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو مسكن الطاعن وفي حيازته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد فإن منعى الطاعن يضحى ولا محل له. إذ هو لا يعدو أن يكون عوداً إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم التفاته عن الشكوى الإداري التي تفيد تلفيق التهمة إذ لا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار فإن قضاء الحكم ببراءة ولديه المتهمين الآخرين استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى أقوال الشهود في شأن مساهمتهما مع والدهما الطاعن في الجريمة للأسباب التي أوردها الحكم لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في إحدى دعاماته التي بني عليها قضائه ببراءة المتهم الثاني الذي كان يرافق والده الطاعن في السيارة أنه لو صح اشتراكه معه في تجارة المخدرات لترك له والده مهمة الخروج من السيارة ومعه طرب الحشيش لتسليمها لعميله - وما أورده الحكم من ذلك - لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه هو الذي ترجل من السيارة حاملاً اللفافة التي تحوي طرب الحشيش المضبوطة أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق