الصفحات

الخميس، 21 أبريل 2022

الطعن 291 لسنة 21 ق جلسة 6 / 1 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 52 ص 429

جلسة 6 من يناير سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسي، ومحمد أمين زكي، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

-----------------------

(52)
القضية رقم 291 سنة 21 القضائية
(أ) اختصاص. دفع.

الدفع بعدم الاختصاص النوعي في ظل قانون المرافعات القديم وجوب إبدائه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية. طلب ضم شكوى قبل إبداء الدفع بعدم الاختصاص. سقوط الحق في الدفع. المادة 134 مرافعات قديم.
(ب) دعوى.

دعوى رفعت على أنها دعوى ملكية للمطالبة بأصل الحق. اعتبار المحكمة لها أنها دعوى وضع يد. خطأ في القانون.

------------------
1 - لما كانت المادة 134 من قانون المرافعات القديم التي كانت تحكم الدعوى تنص على أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى، وكان المدعى عليه قبل أن يدفع بعدم الاختصاص طلب ضم شكوى وهو طلب تأجيلي متصل بأصل الدعوى، فان الحكم إذ قضى بسقوط حقه في الدفع لا يكون قد خالف القانون.
2 - ليس للمحكمة المطروحة عليها دعوى الملكية والتي فصل فيها من محكمة أول درجة على هذا الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا في أركانهما وشروطهما ولما في ذلك من إهدار لحقوق طرفي الخصومة. وإذن فمتى كان المدعى قد أسس دعواه على ثبوت حق الاتفاق الذي خصصه المالك الأصلي البائع لطرفي الخصومة لمصلحة أطيانه، وكان مفهوم هذا التحديد الذي تمسك به أمام المحكمة الاستئنافية وأصر عليه في دفاعه أنه يطالب بملكية هذا الحق، وكان الحكم قد غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه وعرض لها على أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الأساس الذي ابتدعه فإنه يكون قد خالف القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطرحة عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 932 سنة 1946 كلى مصر ضد الطاعنين ومصلحة الأملاك الأميرية وقال في صحيفتها المعلنة في 5 و23 من ديسمبر سنة 1945 إنه اشترى من مصلحة الأملاك الأميرية 24 فدانا و9 قراريط و23 سهما بجهة كفر الشيخ وكان لهذه الأطيان مصرف خصوصي يصب بواسطة "سحارة" تمر تحت مسقى مجاورة له في مصرف آخر خصوصي بأرض الطاعنين وينتهى هذا المصرف الأخير إلى مصرف "أبو خشبة العمومي" غير أن رجال مورث الطاعنين قد هدموا تلك السحارة مما اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 2549 سنة 1945 مستعجل مصر طلب فيها ندب خبير لإثبات حالتها وما طرأ عليها من تغيير وبيان سببه وإثبات حالة أرضه وزراعته وتقدير قيمة التعويض وتكاليف إعادة الحالة إلى أصلها وقد ندبت المحكمة خبيرا وقدم تقريرا أثبت فيه سبق وجود "السحارة" كما قدر الضرر الناتج عن هدمها ومقدار تكاليف إعادتها لحالتها الأولى وانتهى المطعون عليه من ذلك إلى طلب الحكم بإعادة السحارة إلى حالتها الأولى مع تعويض قدره 16 جنيها حسبما قدره الخبير، فدفع الطاعنون الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأنها من دعاوى اليد التي يختص بنظرها القاضي الجزئي وطلبوا في الموضوع رفض الدعوى على أساس أن السحارة موضوع دعوى لم يكن لها وجود من قبل مما يجعل وضع اليد غير قائم وشرط العنف في إزالته غير متوافر كما أن المدة القانونية المقررة لرفع دعوى منع التعرض قد انقضت على فرض التسليم جدلا بوجود هذه السحارة من قبل، وقد رد المطعون عليه على ذلك بأن طلب إعادة السحارة طلب مجهول القيمة والتعويض تبعي وبذا تكون الدعوى من اختصاص المحكمة الكلية هذا إلى أن الحق في الدفع قد سقط لسبق التكلم في الموضوع وذلك بطلب ضم شكوى - وقد ضمت المحكمة الدفع للموضوع وقضت بتاريخ 27/ 1/ 1947 بندب خبير لمعاينة أطيان طرفي الخصوم وبيان الترع والمصارف التي بها مع تقدير عمر هذه المصارف وما كان موجودا منها قبل شراء كل طرف لأطيانه مع بيان طريقة صرف أطيان المطعون عليه قبل أن يشتريها ومدى استمراره وكيف بطل هذا الصرف إن صح ذلك إلى آخر ما جاء بالحكم التمهيدي المشار إليه. وبتاريخ 28/ 3/ 1949 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص وفى الموضوع برفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات - وذكرت في أسباب حكمها بشأن الدفع أنه بنى على تأويل الطاعنين لدعوى المدعى "المطعون عليه" مع أن الدعوى ملك لرافعها يؤسسها ويكيفها على الوجه الذي يراه وما دامت دعوى المطعون عليه لا تخرج عن كونها دعوى بإلزام الخصم بفعل شيء لا دعوى منع تعرض كما يريدها الخصوم فهي من اختصاص المحكمة الكلية، وأما بالنسبة للموضوع فإن المطعون عليه لم يفصح عن الأساس القانوني لإلزام الطاعنين بالإبقاء على السحارة التي يدعيها على فرض وجودها وما دام ليس ثمة أساس لهذا الإلزام من عقد بينه وبين الطاعنين وما دام قد تبين أن المطعون عليه ومصلحة الأملاك لم يقوما بإنشاء هذه السحارة بل الذي أقامها أحد صغار المستأجرين الذي لا يستطيع أن يخلق للأرض ارتفاقا بفعله أو يحملها به ما دامت يده عارضة وأن المدة التي يقول المطعون عليه إنه استعمل فيها السحارة لا تكفى لأن تكسبه ملكية حق الارتفاق عليها... إلى آخر ما جاء بأسباب الحكم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم مصرا على طلباته السابق إيرادها بعريضة دعواه الابتدائية وأضاف إليها "أنه ثبت من خريطة فك الزمام في سنة 1939 ومن سجلات وخرائط ومكاتبات مصلحة الأملاك والري وتقريري الخبيرين في الدعوى أن المصارف في أرض المطعون عليه يرجع وجودها إلى ما قبل سنة 1939 ووجود السحارة ثابت من هذه السجلات مما يثبت حق الاتفاق عليها بصرف النظر عن شخص منشئها... وبتاريخ 19/ 5/ 1951 قضت محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 894 سنة 66 ق بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة السحارة إلى الحالة التي كانت عليها وفقا لما جاء بطلبات المطعون عليه وأسست قضاءها في الموضوع على أن الدعوى إعادة وضع يد أساسها وجود حق ارتفاق، وثابت من تقارير الخبراء ومن مكاتبات مصلحة الأملاك والري وخرائط المساحة سنة 1939 أن المطعون عليه كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق عن نفسه وعن مصلحة الأملاك التي تلقى عنها، ثم أخذت المحكمة في الاستدلال على توافر شروط وضع اليد وتكامل مدته ومن ثم تكون الدعوى بهذا الوصف الذي أسبغته المحكمة عليها مستوفية شروطها وعلى أساس صحيح من القانون. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ فعوا بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى على اعتبار أنها من دعاوى اليد مما يختص بنظره القاضي الجزئي وقد تمسكوا بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف في مذكرتهم الختامية إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الدفع على اعتبار أن الدعوى حسب تكييف رافعها "المطعون عليها" هي دعوى ملكية ولأنه قرر في رده على هذا الدفع بأن طلب إعادة السحارة إنما هو طلب مجهول القيمة تختص بنظره المحكمة الابتدائية ولأن حق الطاعنين قد سقط في التمسك بهذا الدفع لسبق التكلم في الموضوع بطلب ضم شكوى وقد أقر الحكم المطعون فيه هذا النظر مع أن استئناف الحكم في الموضوع ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة أول الدرجة الثانية ويترتب عليه طرح النزاع عليها مع أسانيده وأدلته وفى كل ما قضت به الأحكام القطعية والأحكام المتعلقة بإجراءات الثبوت ونحوها - فإذا ما رأت محكمة الاستئناف تعديل أساس الدعوى واعتبرتها دعوى إعادة وضع يد بدلا من دعوى ملكية كان عليها أن تعرض للدفع بعدم الاختصاص وتقضى فيه من تلقاء نفسها لأن الاختصاص النوعي في قانون المرافعات الجديد الفاصل في الدعوى أصبح من النظام العام.
ومن حيث إن ما أورده الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه "بأن حق المستأنف عليهم في التمسك بالدفع قد سقط لعدم إبدائه قبل ما عداه لأنهم طلبوا ضم شكوى في أول جلسة وان المستأنف عليهم المذكورين ردوا على هذا في مذكرتهم المقدمة لجلسة 27/ 1/ 1947 في الصحيفة العاشرة منها بقولهم... ولا يشفع للمدعى أننا طلبنا ضم شكوى معينة أثناء تحضير الدعوى لأن هذا التحضير معناه تهيئة الدعوى وجعلها صالحة للمرافعة في جميع نواحيها وطلب ضم شكوى لا يمكن أن يكون طلبا موضوعيا لأن قانون التحضير لم يكن قد خلق بعد عند وضع قانون المرافعات... وهذا الذي يقوله الطاعنون غير صحيح لأن المادة 134 من قانون المرافعات القديم الذي في ظله سارت الدعوى وحكم فيها كانت توجب إبداء الدفع بعدم الاختصاص قبل ما عداه من الدفوع الأخرى وقبل الإدلاء بأى قول أو طلب يتعلق بموضوع الدعوى ولا شك أن طلب ضم شكوى هو طلب يتعلق بالموضوع ومع ذلك فإن المستأنف عليهم المذكورين لم يستأنفوا استئنافا فرعيا للتمسك بدفعهم فلا محل لإعادة النظر فيه...".
ومن حيث إن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه من تقرير سقوط حق الطاعنين في الدفع بعدم الاختصاص للتراخي في إبدائه وذلك بعد طلب ضم شكوى صحيح في القانون ولا خطأ فيه وفقا لنص المادة 134 من قانون المرافعات القديم التي كانت تحكم الدعوى والتي كان يجري نصها بأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل إبداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى والدفع بطلب ضم شكوى هو دفع تأجيلي متصل بأصل الدعوى وعلى ذلك يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع النزاع أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد مع أن المطعون عليه لم يستند في طلباته فيها إلى وضع اليد بل على ملكيته لحق الارتفاق الذي أنشأه رب الأسرة وبذا يكون الحكم المطعون فيه قد استبدل من تلقاء نفسه دعوى وضع يد - بدعوى ملكية ويكون قضاؤه فيها على مقتضى هذا الوصف والتكييف غير جائز قانونا باعتباره طلبا جديدا لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فضلا عما من إخلال بحق دفاع الطاعنين الذي تحدد في النطاق الذي رسمه المطعون عليه لدعواه.
ومن حيث إنه يبين من وقائع الدعوى أن المطعون عليه أقام دعواه ابتداء بطلب إعادة السحارة التي تصل المصرف الخصوصي الواقع في أرضه بالمصرف الخصوصي الواقع في أرض جيرانه وهم الطاعنون وقد أراد بدعواه إثبات حق ارتفاق الصرف ولذلك عندما دفع الخصوم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأنها دعوى وضع يد أنكر عليهم ذلك وقرر أن دعواه محلها طلب مجهول القيمة وبعد أن رفضت المحكمة الدفع استعرضت دفاع الخصوم ورأت أن الدعوى وفقا لطلبات المدعى تقوم على المطالبة بملكية حق ارتفاق وقضت فيها بالرفض لأن حق الارتفاق يجب أن يستند إلى التزام قانوني من عقد أو تملك بوضع اليد وهو غير متوافر في الدعوى فلما استأنف المطعون عليه هذا الحكم صرح في صحيفة استئنافه بأن أساس دعواه هو المطالبة بملكية حق الارتفاق مستندا في ثبوت هذا الحق إلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة وإلى ما تضمنه عقد تمليكه من احترام كافة حقوق الري والصرف لأطيانه وقد استعرض الحكم المطعون عليه هذا التأسيس الواضح وأورده ضمن أسبابه بقوله "ومن حيث إن المستأنف استأنف هذا الحكم وطلب إلغاءه وإعادة السحارة إلى حالتها... وبنى استئنافه على أسباب منها... أن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة بعد اطلاعه على سجلات مصلحة الأملاك ومصلحة الري أثبت وجود السحارة بخرائطها ومكاتباتها وهذا يثبت حق الارتفاق للمستأنف ولا أهمية لشخص منشئ للسحارة" ثم استطرد الحكم كذلك "ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الدعوى باعتبارها إعادة وضع يد المستأنف على السحارة لأن له حق ارتفاق عليها وهو صرف المياه فيها... فقد دفع المستأنف عليهم كما سبق ذكره في مذكرتهم المقدمة لجلسة 28 من مارس سنة 1949 لمحكمة أول درجة بأنها واجبة الرفض، أولا: لأن المستأنف لم يكن له وضع يد سابق على حق الارتفاق بالمصرف الذي يزعمه، وثانيا: لأنه لم يرفع دعواه في ميعاد سنة من وقت التعرض المزعوم..." ثم أخذ الحكم المطعون فيه في مناقشة دفاع الطاعنين حتى خلص إلى القول بأنه "من هذا يتضح بجلاء أن المستأنف كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق عن نفسه وعن مصلحة الأملاك التي تلقى الملك عنها" ثم انتهى الحكم في ختام أسبابه إلى قوله "ومن حيث إنه من كل هذا تكون الدعوى إعادة وضع يد استوفت شرائطها القانونية ويتعين إلغاء الحكم المستأنف وإعادة السحارة إلى ما كانت عليه... الخ" ويتضح من هذا الذي سبق بيانه أن المطعون عليه أسس دعواه على ثبوت حق الارتفاق الذي خصصه المالك الأصلي "مصلحة الأملاك البائعة لأرض طرفي الخصومة" لمصلحة أطيانه وكان مفهوم هذا التحديد الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف وأصر عليه في دفاعه أمامها أنه يطالب بملكية حق ارتفاق الصرف بواسطة السحارة موضع النزاع ولكن الحكم المطعون فيه غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه وعرض للدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الوضع الذي ابتدعه وعلى ذلك يكون الحكم قد خالف القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطروحة عليها إذ ليس للمحكمة المطروحة أمامها دعوى الملكية والتي فصل فيها من محكمة أول درجة على هذا الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد وذلك لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا في أركانهما وشروطهما ولما في ذلك من أهدار لحقوق طرفي الخصومة وكان يجب عليها في صورة الدعوى أن تتقيد بما عرضه المدعى "المطعون عليه" من طلبات، ومتى تقرر ذلك تعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع الدعوى دون حاجة إلى التعرض لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق