الصفحات

الأحد، 17 أبريل 2022

الطعن 180 لسنة 18 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 112 ص 674

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

-------------------

(112)
القضية رقم 180 س 18 ق
(1) إعلان. 
الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها. عدم إثبات المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للثبت من صفته. بطلان الإعلان. مثال "المواد 6/ 7/ 22 من قانون المرافعات - القديم - ".
(2) نقض. طعن. سبب جديد. 
صفة الخصوم. المنازعة فيها لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل. مثال. وقف. إشهاد بوقف أطيان على الواقف مدة حياته. اشتراط الواقف أن تكون حصة من الأطيان الموقوفة بعد وفاته وقفاً خيرياً على كنسية وجعل النظر عليه لناظر أوقاف هذه الكنيسة. وقفه باقي الأطيان وقفاً أهلياً وجعل النظر عليها لأحد المستحقين. اختصام الطاعن بصفته ناظراً على الكنيسة أمام محكمة الموضوع. صدور الحكم المطعون فيه في مواجهته بهذه الصفة. طعنه في هذا الحكم. الدفع بعدم قبول طعنه شكلاً استناداً إلى أنه لم يقدم ما يثبت صفته. وجه جديد. لا يقبل. الدفع بعدم قبول طعنه شكلاً لانفراده برفعه دون أن يشترك معه الناظر على الوقف الأهلي. على غير أساس.
(3 - أ) نقض. 
أثره. لا يفيد منه إلا من صدر الحكم المنقوض لمصلحته. لا يغير من ذلك تشابه موضوع الدعويين متى كان المطعون عليه الأول لم يطعن في الحكم بطريق النقض.
(ب) نقض. 
حكم انتهائي فصل في نزاع خلافاً لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضي. اتحاد الموضوع والسبب والخصوم. نقضه. مثال.
(المادة 11 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض).
(4) دعوى إبطال التصرفات. 
حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به. يثبته له متى أصبح دينه محقق الوجود. دعوى بطلب إبطال وقف. حكم بإبطاله. إقامته على أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المدعي إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه والتي وقفتها زوجة هذا الأخير فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله. لا خطأ.
(المادة 143 من القانون المدني - القديم - ).
(5) وضع يد. 
حسن نية واضع اليد. بيع مورث أطياناً لزوجته. القضاء ببطلان البيع على أساس أن الزوجة اشتركت مع البائع في الاحتيال على قواعد الإرث. تقرير الحكم أنه لا يقبل من الزوجة ولا من ورثتها الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها. سائغ.
(6) دعوى إبطال التصرفات. 
هي في حقيقتها دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه. حكم. تسبيبه. قضاؤه في منطوقه بإبطال الوقف. إيراده في أسبابه ما يفيد أن هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للدائن من دينه. الطعن عليه بمخالفة القانون استناداً إلى أنه قضى بإبطال الوقف على أساس أن قيمة الأطيان الموقوفة تكاد توازي قيمة الباقي من دين المطعون عليه الثاني. غير منتج.
(المادة 143 من القانون المدني - القديم - ).

--------------------
1 - يبطل الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها إذا لم يثبت المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للتثبت من صفته وإذن فمتى كان الواضح من صيغة محضر إعلان الحكم المطعون فيه أنه ليس فيها ما يفيد أن المحضر قد خاطب عند انتقاله إلى مسكن الطاعن شخصاً له صفة في تسلم الإعلان عنه بعد تأكده من عدم وجوده بمسكنه وكانت عبارة "امتناع تابعه عن الاستلام" التي برر بها المحضر تسليم صورة الإعلان إلى الضابط المنوب بالمحافظة جاءت خلواً من بيان اسم هذا التابع ووجه تبعيته للطاعن وصفته في تسلم الإعلان عنه فإن هذا الإعلان يكون باطلاً.
2 - متى كان يبين من إشهاد الوقف أن الواقفة وإن كانت قد وقفت الأطيان موضوع النزاع على نفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن تكون حصة من هذه الأطيان بعد وفاتها وقفاً خيرياً على كنسية وجعلت النظر عليه لناظر أوقاف هذه الكنيسة أما باقي الأطيان فقد وقفتها وقفاً أهلياً وجعلت النظر عليه لأحد المستحقين وكان المطعون عليه الثاني قد اختصم الطاعن أمام محكمة الموضوع بصفته ناظراً على الوقف الخيري وصدر الحكم المطعون فيه بهذه الصفة فإن دفع المطعون عليه الثاني بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن - الناظر على الوقف الخيري - قد انفرد بالطعن في حين أن المطعون عليه الثالث - الناظر على الوقف الأهلي - لم يطعن فيه كما أن الطاعن لم يقدم ما يثبت صفته هذا الدفع بشقيه يكون على غير أساس إذ للطاعن حق تمثيل الوقف الخيري منفرداً كذلك لا يقبل من المطعون عليه الثاني أن ينازعه صفته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - متى كان الواقع في الدعوى هو أن مورث المطعون عليها أول والثاني - وهما - إخوان - باع أطيانه إلى زوجته - وهي مورثة المطعون عليهما سالفى الذكر أيضاً - فأقام كل منهما دعوى ببطلان البيع لأنه في حقيقته وصية وفي أثناء نظر الدعويين وقف الزوجة الأطيان المبيعة ولما قضى ببطلان البيع وبعد وفاة الواقفة أقام كل من المطعون عليهما الأول والثاني دعوى على الطاعن والمطعون عليه الثالث بصفتيهما ناظرين على الوقف كما اختصم كل منهما أخاه بصفته ممثلاً لتركة الواقفة وطلباً ريع نصيبهما في الأطيان وأجرة حصتهما في منزل للمورث وإبطال الوقف وقضى لكل منهما على حدة بإلزام تركة الواقفة بريع نصيبه في الأطيان وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك فطعن المطعون عليه الثاني بطريق النقض في الحكم الصادر في دعواه فإنه لا يفيد من طعن المطعون عليه الثاني - إذ كل من الدعويين تختلف عن الأخرى في موضوعها مما ينفي وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة ومما ينبني عليه أن يكون أثر حكم النقض المشار إليه مقصوراً على حقوق المطعون عليه الثاني قبل الوقف والتركة دون أن يمتد هذا الأثر إلى حقوق المطعون عليه الأول قبلهما ولا يجعله يفيد من حكم النقض المذكور أنه كان خصماً فيه إذ الفائدة التي تعود منه إنما تكون فقط لمن صدر لمصلحته وهو المطعون عليه الثاني وحده وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى في دعوى المطعون عليه الأول ببطلان الوقف استناداً إلى حكم النقض الصادر في دعوى المطعون عليه الثاني فإنه يكون قد جاء مخالفاً لما قضى به الحكم النهائي السابق صدوره في دعوى المطعون عليه الأول برفض طلب إبطال الوقف.
4 - حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليه الثاني بإبطال كتاب الوقف قد أقام قضاءه على أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه سالف الذكر إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه والتي وقفتها زوجة هذا الأخير إضراراً بدائنيها فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله فإن هذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه.
5 - متى كان الواقع في الدعوى هو أن مورث المطعون عليه الثاني باع إلى زوجته أطياناً ثم قضى ببطلان البيع على أساس أن الزوجة اشتركت مع البائع في الاحتيال على قواعد الإرث فإنه يكون سائغاً ما قرره الحكم من أنه لا يقبل من الزوجة ولا من ورثتها بعد ذلك الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها وبالتالي تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليه الثاني.
6 - الدعوى البوليسية ليست في حقيقتها إلا دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه وإن قضى في منطوقه بإبطال الوقف إلا أن ما أورده في أسبابه يفيد أن هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للمطعون عليه الثاني من دينه فإن الطعن على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أنه قضى بإبطال الوقف على أساس أن قيمة الأطيان الموقوفة تكاد توازي قيمة الباقي من دين المطعون عليه الثاني غير منتج إذ سواء كانت قيمة الأطيان الباقية تزيد أو تنقص عن الباقي من دين المطعون عليه المذكور وسواء أكان تقدير المحكمة لقيمتها مطابقاً للحقيقة أم غير مطابق لها فإن العبرة هي بما يؤول إليه أمر التنفيذ.


الوقائع

في يوم 23 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 31 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 32 سنة 2 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 و26 و29 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 11 من أكتوبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 30 منه أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد - واحتياطياً بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وعلى سبيل الاحتياط الكلي عدم قبول السببين الثاني والثالث أو رفضهما وإلزام الطاعن في كل حالة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 10 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 20 منه أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بملاحظاته على الرد. ولم يقدم المطعون عليهما الأول والثالث دفاعاً. وفي 31 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفعين وقبول الطعن شكلاً وقبول السبب الأول ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى استئناف باسيلي قزمان سواء فيما قضى به من قبوله شكلاً أو فيما قضى في الموضوع ورفض السببين الأخيرين وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات المناسبة والطاعن بباقي المصروفات. وفي 29 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) دفع بعدم قبول الطعن شكلاً لتقريره من الطاعن بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانه بالحكم المطعون فيه، إذ قرره في يوم 23 من سبتمبر سنة 1948 في حين أنه أعلن بالحكم في يوم 11 من يوليه سنة 1948.
ومن حيث إنه يبين من محضر إعلان هذا الحكم المقدم من المطعون عليه الثاني أنه جاء فيه أنه في يوم الأحد 11 يوليه سنة 1948 الساعة 11 صباحاً بمصر الجديدة وفي 14 منه بالمحافظة الساعة 3 مساء (هذان التاريخان موضوعان بحبر أزرق غامق) أنا إسماعيل محمد محضر بمحكمة مصر الجديدة (هذه العبارة محشورة بين سطرين بحبر أرزق فاتح) قد انتقلت في تاريخه أعلاه إلى محل إقامة الدكتور كامل منصور نيروز الأستاذ بجامعة فؤاد الأول وساكن بشارع طوتموزيس رقم 1 بمصر الجديدة بصفته ناظراً على وقف المرحومة حنينة جرجس سعد مخاطباً مع الضابط النوبتجي لامتناع تابعه عن الاستلام (العبارة الأخيرة من أول كلمة الضابط مكتوبة بحبر أزرق فاتح).
ومن حيث إن الطاعن أجاب بأنه لم يعلم بهذا الإعلان وأنه إعلان باطل قانوناً.
ومن حيث إنه لما كانت المادة السادسة من قانون المرافعات (القديم) قد نصت على أن يكون تسليم الأوراق المقتضى إعلانها إلى نفس الخصم أو محله كما أوجبت المادة السابعة على المحضر، عندما يتوجه إلى محل الخصم المراد إعلانه فيمتنع هو أو خادمه أو أحد أقاربه الساكنين معه عن تسلم صورة الإعلان، أن يسلمها إلى حاكم البلدة أو شيخها وأن يثبت ذلك كله في أصل ورقة الإعلان وصورتها، وإلا كان الإعلان باطلاً كنص المادة الثانية والعشرين - وقد جرى قضاء هذه المحكمة ببطلان الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها إذا لم يثبت المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما، من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للتثبت من صفته - وكان الواضح من صيغة محضر إعلان الحكم المطعون فيه الآنف بيانها أنه ليس فيها ما يفيد أن المحضر قد خاطب عند انتقاله إلى مسكن الطاعن شخصاً له صفة في تسلم الإعلان عنه بعد تأكده من عدم وجوده بمسكنه هذا فضلاً عن أن عبارة "امتناع تابعه عن الاستلام" التي برر بها المحضر تسليم صورة الإعلان إلى الضابط المنوب بالمحافظة جاءت خلواً من بيان اسم هذا التابع. ووجه تبعيته للطاعن وصفته في تسلم الإعلان عنه - لما كان ذلك يكون الإعلان المشار إليه إعلاناً باطلاً ويكون الدفع بعدم قبول الطعن المؤسس عليه في غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق المقدمة في هذا الطعن والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تخلص في أن المرحوم يوسف واصف باع إلى زوجته المرحومة حنينة جرجس سعد في 25 من ديسمبر سنة 1909 أطيانه البالغ مقدارها 16 فداناً و14 قيراطاً و12 سهماً كما باعت هي إليه أطيانها البالغ مقدارها 5 أفدنة و3 قراريط و15 سهماً. وفي 22 من يناير سنة 1918 توفى الزوج عن زوجته وابني عمه المطعون عليهما الأولين فرفع المذكوران الدعوى رقم 266 كلي طنطا سنة 1927. بتثبيت ملكيتهما إلى 12 فداناً و10 قراريط و12 سهماً ما يخصهما بالميراث عن ابن عمهما طاعنين في عقد البيع الصادر منه إلى زوجته بأنه عقد باطل وقضت محكمة طنطا الابتدائية في 13 من مارس سنة 1928 برفض تلك الدعوى. وبمقتضى إشهاد محرر بمحكمة محرر بمحكمة شبرا خيت الشرعية في 7 من أغسطس سنة 1928 وقفت الزوجة الأطيان التي اشترتها من زوجها والأطيان التي كانت مملوكة لها ومجموعها 21 فداناً و18 قيراطاً و3 أسهم. وفي 21 من ديسمبر سنة 1928 استأنف المطعون عليهما الأولان الحكم الابتدائي المشار إليه وأثناء نظر هذا الاستئناف توفيت الزوجة في 22 من إبريل سنة 1930 عن ابني عمها المطعون عليهما الأولين اللذين هما ابنا عم زوجها أيضاً فأدخلا ناظري الوقف خصمين في استئنافهما. وفي 21 من يناير سنة 1931 قضت محكمة استئناف مصر باعتبار عقد البيع الصادر من الزوج إلى زوجته وصية وبوقف الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة في صحة ونفاذ هذه الوصية. وطعن المطعون عليهما الأولان في هذا الحكم فقضت محكمة النقض في 14 من يونيه سنة 1934 بنقضه وبطلان عقد البيع المذكور بناء على أن المتعاقدين قصدا به الاحتيال على قواعد الميراث. وفي 27 من نوفمبر سنة 1934 قضت محكمة الاستئناف بتثبيت ملكية المطعون عليهما الأولين إلى أل 12 فداناً و10 قراريط و12 سهماً نصيبهما في أطيان مورثهما. وفي 6 من إبريل سنة 1936 رفع واصف قزمان (المطعون عليه الثاني) دعواه رقم 290 كلي طنطا سنة 1936 على القمص بولس تادرس بصفته ناظراً على وقف حنينة جرجس وعلى المطعون عليه الثالث بصفته ناظراً على هذا الوقف أيضاً كما أدخل في 16 من نوفمبر سنة 1936 أخاه باسيلي قزمان خصماً فيها بصفته ممثلاً لتركة حنينة جرجس وطلب الحكم عليهم بهذه الصفات بأن يدفعوا إليه مبلغ 1484 جنيهاً و322 مليماً منه 1196 جنيهاً و322 مليماً ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه عن المدة من أول ديسمبر سنة 1918 حتى آخر سنة 1934 و288 جنيهاً أجرة حصته في المنزل المتروك عنه أيضاً والذي وضعت زوجته يدها عليه بعد وفاته عن المدة من يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1935 مع ما يستجد من الأجرة بواقع جنيهين شهرياً والفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً وبإبطال كتاب الوقف الصادر من حنينة جرجس ومحو تسجيله واعتبار الأطيان الموقوفة بموجبه بعد استبعاد نصيبه ونصيب أخيه باسيلي الموروثين لهما عن يوسف واصف تركة عنها. ثم رفع باسيلي قزمان (المطعون عليه الأول) في يناير وفبراير سنة 1937 دعواه رقم 137 كلي طنطا سنة 1937 على القمص بولس تادرس والمطعون عليه الثالث بصفة كل منهما ناظراً على الوقف وعلى أخيه واصف قزمان بصفته ممثلاً لتركة حنينة جرجس وطلب الحكم عليهم بهذه الصفات بأن يدفعوا إليه مبلغ 1628 جنيهاً و322 مليماً منه 1196 جنيهاً و322 مليماً ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه سالف الذكر عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 و432 جنيهاً أجرة حصته في المنزل عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى يناير سنة 1936 مع ما يستجد من الأجرة بواقع جنيهين شهرياً والفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً وبإبطال كتاب الوقف ومحو تسجيله واعتبار الأطيان الموقوفة بموجبه بعد استبعاد نصيبه ونصيب أخيه واصف الموروثين لهما عن يوسف واصف تركة عن حنينة جرجس. وفي 15 من مايو سنة 1937 قررت محكمة طنطا ضم دعوى باسيلي رقم 137 إلى دعوى واصف رقم 290 ثم قضت في 29 من يناير سنة 1938 برفضهما بناء على ما ذهبت إليه من أن حنينة جرجس ما كانت تعلم بالعيب الذي كان يشوب عقد شرائها من زوجها فتعتبر حسنة النية في استغلال الأطيان التي اشترتها بموجبه ومن ثم لا تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليهما الأولين فيها. فاستأنف واصف قزمان هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 842 سنة 55 قضائية محكمة استئناف مصر وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته السابق بيانها. ثم استأنفه باسيلي قزمان وقيد استئنافه برقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر وطلب فيه القضاء له بطلباته السابق بيانها. وفي 17 من يناير سنة 1940 فصلت المحكمة في كل من هذين الاستئنافين على حدة بحكم قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المستأنف ريع نصيبه في الأطيان وبإلزام تركة حنينة جرجس بأن تدفع إليه مبلغ خمسمائة جنيه مقابل الريع الذي قدرته لهذا النصيب عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 مع الفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض بقية الطلبات. وقد أقيم كلا الحكمين على أسباب حاصلها أنه بعد أن أثبتت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر أن حنينة جرجس اشتركت مع زوجها في الاحتيال على قواعد الميراث وهو غرض غير مشروع لا يكون مقبولاً منها ولا من ورثتها القول بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها بموجب العقد الذي قضى ببطلانه ومن ثم تكون مسئولة عن ريع نصيب المستأنف في هذه الأطيان في المدة التي استغلتها فيها لنفسها كما أنها وتركتها من بعدها تلتزم بالريع الذي ضاع على المستأنف بفعلها عن الفترة التي استغلتها فيها الوقف الذي أنشأته أما عن تقدير الريع فقد اعتمدت المحكمة على ما جاء بكتاب الوقف من أن الأطيان الموقوفة قدرت بسعر مائة وعشرين جنيهاً للفدان ولذا قدرت الريع بواقع خمسة جنيهات للفدان في السنة. وأما فيما يتعلق بطلب أجرة حصة المستأنف في المنزل فقد رفضته المحكمة بناء على ما تبين لها من أنه كان متسامحاً مع زوجة مورثه وضع يدها عليه بغير منازعة منه حتى وفاتها، وأما عن طلب إبطال كتاب الوقف فقد قالت المحكمة أنه وإن كان للدائن حق إبطال الوقف الصادر من مدينه باعتباره من التبرعات متى كان قد ترتب عليه إعساره إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الدين موجوداً ومترتباً في ذمة المدين قبل إنشاء الوقف ولما كانت الواقفة مدينة المستأنف أنشأت وقفها في 7 من أغسطس سنة 1928 وكان مجموع المستحق له من ريع نصيبه في الأطيان حتى هذا التاريخ هو ثلاثمائة جنيه فقط وكانت الواقفة قد تركت أموالاً أخرى استولى عليها المستأنف وأخوه منها مالاً تقل قيمته عن ستمائة وخمسة وعشرين جنيهاً، أي ما يزيد على مجموع المستحق لهما من الريع حتى تاريخ إنشاء الوقف فيكون الوقف لم يضربهما. وفي 31 من مايو سنة 1942 طعن واصف قزمان (المطعون عليه الثاني) في الحكم الصادر في استئنافه رقم 842 سنة 55 قضائية ووجه هذا الطعن الذي قيد برقم 34 سنة 12 قضائية إلى القمص بولس تادرس والمطعون عليه الثالث بصفة كل منهما ناظراً على الوقف وإلى أخيه باسيلي قزمان. وفي 18 من فبراير سنة 1943 قضت المحكمة بنقض الحكم المذكور وإحالة الدعوى على محكمة استئناف مصر وذلك بناء على ما ثبت لها من حصول إخلال بدفاع الطاعن واصف قزمان إذ فصلت محكمة الاستئناف في طلب الريع دون أن تمكنه من المرافعة فيه ودون أن تستبين مقداره من عناصر الدعوى ذاتها. وفي 30 من مايو سنة 1945 قضت محكمة استئناف مصر بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى ريع نصيب المستأنف في الأطيان واعتباره مستحقاً لهذا الريع من تركة حنينة جرجس من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير زراعي لتقديره. وفي 10 من أكتوبر سنة 1945 أحيل هذا الاستئناف على محكمة استئناف الإسكندرية لاختصاصها بنظره وقيد بجدولها برقم 32 سنة 2 قضائية. وبإعلان تاريخه أول يناير سنة 1946 عجل باسيلي قزمان (المطعون عليه الأول) استئنافه السابق طالباً القضاء له بنفس طلباته السالف بيانها وقيد هذا الاستئناف بجدول محكمة استئناف الإسكندرية برقم 267 سنة 2 قضائية. وفي 8 من مايو سنة 1946 قررت المحكمة ضم الاستئنافين المذكورين أحدهما إلى الآخر. وبإعلان تاريخه 26 من يناير سنة 1948 أدخل الطاعن الدكتور كامل منصور بصفته ناظراً على وقف حنينة جرجس حالاً محل القمص بولس تادرس الناظر السابق خصماً فيها. وفي 31 من مارس سنة 1948 فصلت المحكمة في الاستئنافين بحكم واحد هو الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون عليه الثاني دفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة. ذلك أن وقف حنينة جرجس كان ممثلاً في جميع مراحل الدعوى بناظرين هما المطعون عليه الثالث والقمص بولس تادرس الذي حل الطاعن محله أثناء نظر الاستئناف وصدر فيها الحكم المطعون فيه قاضياً بإبطال الوقف في مواجهة هذين الناظرين، ولما كان لا يجوز قانوناً لأحد الناظرين أن ينفرد بتمثيل الوقف في الخصومة فيكون الطعن المرفوع من الطاعن وحده غير مقبول ولا سيما أن المطعون عليه الثالث لم يطعن في الحكم رغم إعلانه به.
ومن حيث إن الطاعن رد على هذا الدفع بأنه لم يبين من حجة وقف حنينة جرجس أنها تضمنت وقفاً على كنيسة الشهيد مار جرجس بناحية كفر الخير بحيرة اشترط أن يكون النظر عليه لمتولي أوقاف هذه الكنيسة وهو غير الوقف الأهلي الذي جعلت الواقفة النظر عليه للسيدة فيكتوريا متى ثم من بعدها للأرشد فالأرشد من أولادها، وبأن الأنبا توماس مطران كرسي البحيرة والغربية وبصفته متولي أوقاف الكنيسة المذكورة قد عين الطاعن ناظراً على ما هو موقوف عليها من وقف حنينة جرجس وذلك بكتاب صادر منه في 9 من أغسطس سنة 1947، وبأن المطعون عليه الثاني قد أقر هذه الصفة إذ أدخله خصماً في الاستئناف بصفته ناظراً على هذا الوقف، ومن ثم يكون ناظراً منفرداً عليه بحق له أن يستقل وحده بالطعن في الحكم الصادر بإبطاله.
ومن حيث إن المطعون عليه الثاني أجاب على ذلك بأن حجة الوقف لا تفيد تعيين الطاعن ناظراً على ما هو موقوف على الكنيسة كما أن كتاب الأنبا توماس المشار إليه لا يصح أن يخوله هذه الصفة ما دام لم يقدم في الأوراق حكم صادر من المحكمة الشرعية المختصة بإقامة الأنبا توماس أو الطاعن ناظراً على الوقف.
ومن حيث إنه لما كان يبين من إشهاد الوقف الصادر في 7 من أغسطس سنة 1928 والمقدمة صورته الرسمية من الطاعن أن الواقفة حنينة جرجس وإن كانت وقفت 21 فداناً و8 قراريط و3 أسهم على نفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن تكون من هذه الأطيان بعد وفاتها أربعة أفدنة وقفاً على مصالح كنيسة الشهيد مار جرجس بناحية كفر الخير أما باقي الأطيان فتكون وقفاً على فكتوريا متى وآخرين، كما أنها وإن كانت جعلت النظر على الوقف لنفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن يكون النظر بعد وفاتها على ما هو موقوف على الكنيسة لناظر أوقاف هذه الكنيسة أما بقية الأطيان الموقوفة فيكون النظر عليها لفكتوريا متى مدة حياتها ثم من بعدها للأرشد فالأرشد من أولادها، ومن ذلك يتضح أنه بعد وفاة الواقفة أصبح ما هو موقوف على الكنيسة المشار إليها وقفاً قائماً بذاته مستقلاً عن باقي الوقف ومختلفاً عنه سواء في الموقوف أو الموقوف عليه أو النظر، ومن ثم يكون لناظر الوقف حق تمثيله منفرداً... ولما كان الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الثاني اختصم في دعواه منذ بدايتها القمص بولس تادرس بصفته ناظراً على الوقف ثم أثناء نظر الاستئناف وبإعلان تاريخه 26 من يناير سنة 1948 أدخل الطاعن خصماً فيها بصفته ناظراً على هذا الوقف حالاً محل القمص بولس الناظر السابق وصدر الحكم المطعون فيه في مواجهته بهذه الصفة، فإنه لا يكون مقبولاً من المطعون عليه الثاني أن ينازعه فيها لأول مرة أمام محكمة النقض - ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان كما خالف القانون - ذلك أن المحكمة قضت بقبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية استئناف الإسكندرية المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) في أول يناير سنة 1946 بحجة أنه يفيد من حكم محكمة النقض الصادر لمصلحة أخيه واصف قزمان في 18 من فبراير سنة 1943 والقاضي بنقض الحكم الصادر في 17 من يناير سنة 1940 في استئنافه رقم 842 سنة 55 قضائية وذلك بناء على ما ذهب إليه من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين هذا الاستئناف والاستئناف رقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر الذي كان مرفوعاً من المطعون عليه الأول عن الحكم الصادر في دعواه ومن أنه لذلك يكون له الحق في تعجيل هذا الاستئناف وإعادة نظره من جديد - مع أنه سبق أن فصل فيه بحكم حاز قوة الأمر المقضي التي تمنع قانوناً من إعادة النظر فيه لأي سبب كان ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد بني على إجراء باطل لصدوره في استئناف غير قائم قانوناً - ومع أن حكم محكمة النقض المشار إليه قد صدر في طعن رفع من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) وحده عن الحكم الاستئنافي الصادر في دعواه فلا يفيد منه سواه ولا يمتد أثره قانوناً إلى المطعون عليه الأول الذي لم يطعن في الحكم الاستئنافي الصادر في دعواه وان ما ذهبت إليه المحكمة من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين استئناف المطعون عليه الثاني واستئناف المطعون عليه الأول قد بني على خطأ واضح تنفيه الوقائع الثابتة بالأوراق - ومع أن الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية الصادر فيه الحكم المطعون فيه هو نفسه الاستئناف رقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر لاتحادهما في الموضوع والسبب والخصوم، مما يعتبر معه الحكم المطعون فيه وقد قضى بإبطال كتاب الوقف قد جاء مخالفاً للحكم الصادر في الاستئناف السابق فيما قضى به من رفض هذا الطلب، وذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أهدر قوة الأمر المقضي المقررة للحكم السابق وخالف المادة 232 من القانون المدني (القديم).
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بقبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) استناداً إلى قوله "ومن حيث إنه باستعراض وقائع الاستئنافين السابق رفعهما من واصف قزمان وأخيه باسيلي قزمان يتضح أن الخصومة في الاستئنافين منعقدة بين المستأنفين من جهة وبين ممثلي تركة المرحومة الست حنينة جرجس سعد في شخص المستأنفين ونظار الوقف المطلوب إبطاله من جهة أخرى وفي الاستئنافين بطلب كل من الأخوين الحكم له بريع حصته البالغ قدرها 12 فداناً و10 قراريط و21 سهماً قيمة نصيبهما الشرعي فيما خلفه مورثهما المرحوم يوسف واصف ابتداء من سنة 1919 إلى نهاية سنة 1934 وذلك من تركة الست حنينه جرجس سعد في شخص كل منهما باعتبارهما الوارثين الوحيدين لها، كما يطلب كل منهما إبطال كتاب الوقف الصادر من الست حنينه جرجس سعد باعتبارها مدينة لهما بريع الأطيان المشار إليها في المدة سالفة الذكر على أساس أن هذا الإيقاف قد تسبب عنه إعسار التركة الضامنة لدينهما وقد أضر بحقوقهما - ومن حيث إنه يتضح مما تقدم بيانه أن موضوع الاستئنافين المنقوض منهما وغير المنقوض هو موضوع واحد ويرمي إلى غرض واحد وحقوق المستأنفين فيهما مستمدة من مصدر واحد وأن دفاعهما واحد كما يتضح أيضاً أن مصلحة كل مستأنف مرتبطة بمصلحة الآخر ارتباطاً كلياً بحيث أن الحكم الذي يصدر في أحدهما تتأثر به مصلحة الآخر ومتى تقرر ذلك كان بين مركز رافع الطعن وهو واصف قزمان وبين أخيه باسيلي قزمان ارتباطun lien de de’pendance يتعين معه أن يستفيد باسيلي قزمان من حكم النقض الصادر عن استئناف أخيه واصف قزمان وذلك لاتحاد مصلحتهما ولاعتبار أن كلاً منهما إنما يعمل لمصلحته ومصلحة الآخر سوياً خصوصاً وأن هذا النقض عندما رفعه واصف قزمان إنما رفعه باعتباره مدعياً في الاستئناف المرفوع منه ومدعى عليه في الاستئناف المرفوع من أخيه باسيلي قزمان كما أن حكم النقض قد صدر في مواجهة باسيلي قزمان باعتباره مدعى عليه في الاستئناف المرفوع من واصف قزمان ومتى كان باسيلي قزمان ماثلاً في النقض باعتباره من الخصوم فله أن يستفيد من هذا الحكم ولا يضيره أنه لم يرفع هو شخصياً نقضاً عن استئنافه خاصة وذلك لاتحاد المصلحة كما سلف القول ولاعتبار أن النزاع غير قابل للتجزئة وأنه طرح برمته أمام محكمة النقض بحيث يتعذر معه القول بنقض الحكم المطعون فيه في حق واصف قزمان فحسب ومن حيث إنه مما تقدم يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه وقبول نظر الاستئناف المرفوع من باسيلي قزمان".
ومن حيث إنه لما كان يتضح من الوقائع السابق بيانها أن كلاً من دعويي المطعون عليهما الأولين تختلف عن الأخرى في موضوعها مما ينفي ما ذهبت إليه المحكمة من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين الاستئناف رقم 842 سنة 55 المرفوع من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) في دعواه رقم 290 كلي طنطا سنة 1936 والاستئناف رقم 27 سنة 57 المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) في دعواه رقم 137 كلي طنطا سنة 1937 - وكان الثابت بحكم محكمة النقض الصادر في 18 من فبراير سنة 1943 في الطعن رقم 34 سنة 12 أن هذا الطعن لم يرفع إلا من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) وحده عن الحكم الصادر في استئنافه وأن المطعون عليه الأول إنما اختصم فيه بوصفه ممثلاً لتركة حنينه جرجس مما يخالف ما قالته المحكمة من أن الطعن المذكور رفع من المطعون عليه الثاني لا بصفته مدعياً في استئنافه فحسب وإنما كذلك بصفته مدعى عليه في استئناف أخيه باسيلي قزمان، ومما ينبني عليه أن يكون أثر حكم النقض المشار إليه مقصوراً على حقوق المطعون عليه الثاني وحده قبل وقف حنينه جرجس وتركتها دون أن يمتد هذا الأثر إلى حقوق المطعون عليه الأول قبل الوقف والتركة المذكورين متى كان لم يطعن في الحكم الصادر في استئنافه رقم 27 سنة 57 خاصة، ولا يجعله يفيد من حكم النقض المذكور أنه كان خصماً فيه إذ الفائدة التي تعود منه إنما تكون فقط لمن صدر لمصلحته وهو المطعون عليه الثاني وحده - وكان كذلك يبين من الأوراق أن الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية محكمة استئناف الإسكندرية الصادر فيه الحكم المطعون فيه هو نفس الاستئناف رقم 27 سنة 57 ق استئناف مصر لاتحادهما في الموضوع والسبب والخصوم وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قد قضى بإبطال الوقف لمصلحة المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) قد جاء مخالفاً لما قضى به ذلك الحكم السابق الحائز لقوة الأمر المقضي والصادر في 17 من يناير سنة 1940 برفض طلب إبطال الوقف - لما كان ذلك كذلك يكون السبب الأول من أسباب الطعن مقبولاً ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية محكمة استئناف الإسكندرية والقضاء بعدم جواز نظره لسبق الفصل فيه وذلك عملاً بالمادة 11 من قانون إنشاء محكمة النقض.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن القمص بولس تادرس الذي حل محله الطاعن في الدعوى بصفته ناظراً على وقف حنينه جرجس دفع بعدم قبول طلب إبطال هذا الوقف لرفع الدعوى به قبل الأوان بناء على أن الدين الذي كان يدعي واصف قزمان بترتيبه في ذمة الواقفة وهو ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه يوسف واصف والذي جعله أساساً لطلب إبطال الوقف هذا الدين كان متنازعاً فيه إذ قام النزاع في الدعوى منذ بدايتها على ما إذا كانت المدينة الواقفة حسنة النية أم سيئة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها من زوجها بالعقد الذي حكم ببطلانه حتى أن محكمة الدرجة الأولى قضت برفض الدعوى بناء على ما قررته من أن الواقفة كانت حسنة النية، وهذا النزاع ينبني عليه انعدام أول شرط من شروط الدعوى البوليسية وهو خلو الدين من النزاع ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الذي أسس عليه الدفع بعدم قبول طلب إبطال الوقف بل قضى برفضه استناداً إلى أن حق المطعون عليه الثاني في الريع أصبح محققاً بعد أن قضى ببطلان عقد شراء حنينه جرجس للأطيان المذكورة وتثبيت ملكيته إلى نصيبه فيها - مع أن هذا القضاء لا يجعل دينه محقق الوجود متى كان هناك نزاع جدي على صفة وضع يد المدينة على هذه الأطيان.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما ورد في حكم محكمة استئناف مصر الصادر في 30 من مايو سنة 1945 من أن حنينه جرجس قد اشتركت مع زوجها في الاحتيال على قواعد الميراث فلا يقبل منها ولا من ورثتها بعد ذلك الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها من زوجها بموجب العقد الذي قضي ببطلانه - وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها وبالتالي تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليه الثاني فيها عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 ومردود ثانياً بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه يكفي للرد على الدفع بعدم قبول طلب إبطال الوقف ما هو مقرر قانوناً من أن حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود وأنه لما كان الحكم الصادر في 14 من يونيه سنة 1934 (وهو حكم النقض الآنف ذكره) قد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه الثاني إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة حنينة جرجس من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله، وهذا الذي قرره الحكمان المشار إليهما لا خطأ فيه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق أحكام الدعوى البوليسية - ذلك أن هذه الدعوى ليست دعوى بإبطال تصرف المدين وإنما هي دعوى بعدم نفاذ هذا التصرف بالقدر الذي يكفي للوفاء بدين الدائن ولذا يكون للمدين أو المتصرف إليه أن يوفي الدائن بدينه فيقف أثر الحكم الصادر فيها أما التصرف فيبقى نافذاً إلا بالقدر الذي يجوز للدائن التنفيذ عليه، ولذلك لا يصح للمحكمة أن تفرض مقدماً حصول هذا التنفيذ ثم تقضي بإبطال التصرف كله أو بعضه، ولكن الحكم لم يقف عند حد تقدير الدين وإنما جاوزه إلى تقدير قيمة المال موضوع التصرف ثم أنه قدر هذا المال تقديراً خاطئاً يخالف المعقول والثابت بالأوراق إذ قدر الـ 9 أفدنة و6 أسهم و7 قراريط التي بقيت من الأطيان الموقوفة بعد استبعاد نصيب المطعون عليهما الأولين الموروث لهما عن يوسف واصف بأنها لا تساوي أكثر من 507 جنيهات و648 مليماً أي بسعر الفدان 55 جنيهاً فقط وهذا تقدير لا يطابق الحقيقة ولا أدل على ذلك من أن المطعون عليه الثاني قدرها في محضر أعمال الخبير بسعر 450 جنيهاً للفدان وفي النهاية اعتبر الحكم أن هذه الأطيان الباقية تكاد تكفي للوفاء بدين الدائن وبذلك يكون قد خرج عن نطاق الدعوى التي كانت معروضة عليه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن قدرت متجمد الريع الذي استحق لكل من المطعون عليهما الأولين في ذمه حنينه جرجس من سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 بمبلغ 835 جنيهاً و995 مليماً أخذاً بتقدير الخبير المنتدب قدرت قيمة ما كان لكل منهما من هذا الريع وقد أنشاء الوقف في 7 من أغسطس سنة 1928 بمبلغ 626 جنيهاً و324 مليماً ثم تعرضت لبيان ما تركته المدينة عدا الأطيان الموقوفة من الأموال الأخرى والتي استولى عليها المطعون عليهما الأولان بعد وفاتها وقدرتها بمبلغ 745 جنيهاً، ثم قررت أنه لما كان هذا المبلغ يقل عن مجموع المستحق لهما وقدره 1252 جنيهاً و648 مليماً حتى تاريخ إنشاء الوقف بمبلغ 507 جنيهات و648 مليماً وهو لا يزال باقياً لهما في ذمة مدينتهما فيكون قد ترتب على الوقف إعسارها والإضرار بهما ولذا قضت بإبطاله بالقدر الذي يكفي للوفاء بهذا المبلغ ثم قالت بعد ذلك أنه لما كان لم يبق من الأطيان الموقوفة بعد استنزال ما قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهما الأولين إليه سوى 9 أفدنة و6 أسهم و7 قراريط وكانت قيمتها تكاد توازي المبلغ الباقي لما من دينهما فإنه يتعين إجابتهما إلى ما طلباه من إبطال كتاب الوقف واعتبار الأطيان المذكورة من تركتها.
ومن حيث إنه لما كان يؤخذ من هذا الحكم أن المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) كان يستحق في ذمة حنينه جرجس وقت إنشاء وقفها في 7 من أغسطس سنة 1928 مبلغ 626 جنيهاً و324 مليماً وكان يستفاد من الحكم الصادر في 17 من يناير سنة 1940 في الاستئناف رقم 27 سنة 75 قضائية محكمة استئناف مصر أن المطعون عليه الأول باسيلي قزمان كان يستحق في ذمتها في ذلك الوقت مبلغ 300 جنيه - وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن قيمة ما تركته المدينة من الأموال الأخرى (غير الأطيان الموقوفة) والتي استولى عليها المطعون عليهما الأولان بعد وفاتها هي 745 جنيهاً وهي تقل عن مجموع المبلغين المذكورين وقدره 926 جنيهاً و324 مليماً بمبلغ 181 جنيهاً و324 مليماً، وبذلك يكون صحيحاً ما قرره الحكم من أن الوقف قد أوجد حالة إعسار عند المدينة الواقفة - وأنه وإن كان الحكم قد قضى في منطوقه بإبطال الوقف إلا أن ما أورده في أسبابه يفيد من هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للمطعون عليه الثاني من دينه بعد استبعاد ما يكون قد حصله من أموال المدينة الأخرى وهو حكم صحيح في القانون، إذ الدعوى البوليسية ليست في حقيقتها إلا دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه، مما يكون معه غير منتج ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه خالف القانون إذ قضى بإبطال الوقف - ولا يغير من هذا النظر ما ورد في الحكم من قوله بأن الـ 9 أفدنة و7 قراريط و6 أسهم الباقية من الأطيان الموقوفة تكاد توازي تقريباً قيمة الباقي من ديني المطعون عليهما في ذمة الواقفة، إذ سواء أكانت قيمة هذه الأطيان الباقية من الأطيان الموقوفة تزيد أم تنقص عن الباقي من دين المطعون عليه الثاني وسواء أكان تقدير المحكمة لقيمتها مطابقاً للحقيقة أم غير مطابق لها فإن العبرة هي بما يؤول إليه أمر التنفيذ عليها - لما كان ذلك كذلك يكون هذا السبب مرفوضاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق