الصفحات

الاثنين، 28 مارس 2022

الطعن رقم 40 لسنة 38 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 5 / 3 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثاني من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
---------------
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 38 قضائية دستورية بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية - موضوع) - بحكمها الصادر بجلسة 2/9/2015، ملف الطعن رقم 28330 لسنة 54 قضائية عليا.

المقام من
ورثة المستشار/ نجيب محمد محمد إسماعيل الغريب، وهم:
1- مروة نجيب محمد محمد إسماعيل الغريب
2- فاطمة كامل محمد رجب، عن نفسها، وبصفتها وصية على أولادها القصر: عبدالرحمن، صهيب، عمار، محمد، قُصّر المرحوم نجيب محمد محمد إسماعيل الغريب
3- آمال حمدى فيض المنعم الطرانيسى، عن نفسها، وبصفتها وصية على ابنها القاصر: مصطفى نجيب محمد محمد إسماعيل الغريب
ضد
1- وزير المالية، بصفته رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
2- رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
3- هيئة قضايا الدولة
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث من أبريل سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 28330 لسنة 54 قضائية عليا، تنفيذًا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 2/9/2015، الذي قضى بوقف الطعن وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (91) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرتين، طلبت في ثانيتهما الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن الطاعنين كانوا قد أقاموا الطعن رقم 28330 لسنة 54 قضائية عليا، أمام المحكمة الإدارية العليا، طالبين الحكم، أولاً: بإعادة تسوية المعاش المستحق لمورثهم عن الأجر الأساسي على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه شاملاً العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، وذلك اعتبارًا من تاريخ وفاته الحاصل في 15/8/2006، وما يترتب على ذلك من آثار. ثانيًا: تسوية معاش مورثهم عن الأجر المتغير إما على أساس المتوسط الشهري لأجوره التي أُديت عنها، وعلى أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك، أو على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه أيهما أفضل، وذلك اعتبارًا من تاريخ وفاته، مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثالثًا: إعمال أثر ما تقدم على مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الدفعة الواحدة المستحق لمورثهم، شاملاً العلاوات الإضافية، وصرف الفروق المالية لهم عن المدة السابقة على عام التسوية. وذلك على سند من أن مورثهم كان عضوًا بهيئة قضايا الدولة بدرجة نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، وبتاريخ 15/8/2006، انتقل إلى رحمة الله تعالى، وتم إخطارهم بالمعاش المستحق لهم، فتبين تسويته على نحو يخالف القانون، فقدموا طلبًا إلى لجنة فض المنازعات بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لإعادة تسوية معاش مورثهم على أساس آخر أجر أساسى كان يتقاضاه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، إلا أنها لم تستجب لطلبهم، مما حدا بهم إلى إقامة الطعن بالطلبات المبينة سلفًا. وبجلسة 2/9/2015، قضت محكمة الموضوع بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (91) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، وأقامت حكمها استنادًا إلى أن النص المحال حظر زيادة معاش من انتهت خدمته من القضاة للوفاة أو لعدم اللياقة الصحية، على الحد الأقصى المقرر بقوانين المعاشات، مقيمة بذلك تفرقة غير مبررة بين من تنتهى خدمته من القضاة بسبب الوفاة أو عدم اللياقة الصحية، ومن تنتهى خدمته منهم لغير ذلك من الأسباب، فأوجب تسوية معاش الطائفة الأخيرة على أساس آخر مربوط الوظيفة التي يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، دون التقيد بحد أقصى، فيما حظر على الطائفة الأولى زيادة معاشهم على الحد الأقصى المقرر بقوانين المعاشات، رغم تماثل المركز القانوني للطائفتين من حيث كونهما قضاة مشتركين في نظام تأميني واحد، ويستحقون الرعاية الكاملة، الأمر الذي يستوجب وحدة القاعدة القانونية التي تطبق في حقهم، مما يرجح سقوط النص المحال في حمأة مخالفته مبدأ المساواة الذي كفله الدستور.
وحيث إن المادة (4) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 بشأن هيئة قضايا الدولة، المستبدلة بالقانون رقم 10 لسنة 1986 تنص على أنه يشكل مجلس أعلى للهيئة برئاسة رئيسها وعضوية أقدم ستة من نواب الرئيس، وعند غياب أحدهم أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نواب رئيس الهيئة.
ويختص هذا المجلس بنظر كل ما يتعلق بتعيين أعضاء الهيئة وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم خارج الهيئة وكذلك سائر شئونهم على الوجه المبين في هذا القانون.
ويكون نظر المسائل المتعلقة بالتعيين والترقية بطلب من وزير العدل بناء على اقتراح رئيس الهيئة.
ويجب أخذ رأى المجلس في مشروعات القوانين المتصلة بالهيئة.
وتنص المادة (1) من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة على أنه تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقًا للجدول الملحق بهذا القانون.
وتسرى فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها، جميع الأحكام المقررة، والتى تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية.
وحيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ينص في المادة (70) منه - بعد تعديلها بالقانون رقم 17 لسنة 1976 - على أن تعتبر استقالة القاضي مقبولة من تاريخ تقديمها لوزير العدل إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط.
وفى جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضي أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له ووفقًا للقواعد المقررة بالنسبة للموظفين الذين تنتهى خدمتهم بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر.
ونصت المادة (91) من القانون ذاته على أنه إذا لم يستطع القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله بعد انقضاء الإجازات المقررة في المادة السابقة أو ظهر في أى وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق فإنه يحال إلى المعاش بقرار جمهوري يصدر بناءً على طلب وزير العدل وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.
ويجوز للمجلس المذكور في هذه الحالة أن يزيد على خدمة العضو المحسوبة في المعاش أو المكافأة مدة إضافية بصفة استثنائية على ألا تجاوز هذه المدة الإضافية مدة الخدمة ولا المدة الباقية لبلوغ السن المقررة للإحالة للمعاش بمقتضى هذا القانون.
كما لا يجوز أن تزيد تلك المدة على ثماني سنوات ولا أن يكون من شأنها أن تعطيه حقًا في معاش يزيد على أربعة أخماس مرتبه.
ومع ذلك لا يجوز أن يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه القاضي أو يستحقه عند انتهاء خدمته إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة.
وتسرى أحكام الفقرتين السابقتين في حالة الوفاة.
وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد المعاش على الحد الأقصى المقرر بمقتضى قوانين المعاشات.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك، أو تحل محلها فيه. وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغنى عن الثانية، فإذا لم يكن الفصل في دستورية النص التشريعي المحال، الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، لازمًا للفصل في النزاع المطروح عليها - دون النظر لأثر انعكاس هذا النص على المصلحة الشخصية للمدعى - فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنتظم مسألة معينة، بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية والمقاصد الكلية التي تجمعها، ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لأحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون غيره، لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.
وحيث إن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، ذلك أن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد الأمر في شأن اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها.
وحيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي- الذي ألغى اعتبارًا من 1/1/2020، بموجب المادة السادسة من القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات - كانت تنص على أن يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة ...... ومؤدى هذا النص أن المزايا المنصوص عليها في قوانين المعاملين بكادرات خاصة في شأن تسوية معاشاتهم، تظل سارية ويعاملون على مقتضاها بعد صدور قانون التأمين الاجتماعي. وهو ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا، كما رددت المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الأحكام ذاتها، فنصت على أن ولا يترتب على تطبيق أحكام القانون المرافق الإخلال بما تتضمنه أحكام القوانين المنظمة للشئون الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة، ويستمر العمل بالمزايا المقررة في هذه القوانين والأنظمة الوظيفية.....
وحيث إن المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 كانت تنص على أن يسوى معاش الأجر الأساسي في غير حالات العجز والوفاة على أساس المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه في التأمين أو خلال مدة اشتراكه في التأمين إن قلت عن ذلك ......
وكانت المادة (20) من القانون ذاته تنص على أن يسوى المعاش بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة السابقة، عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين. ويربط المعاش بحد أقصى مقداره 80% من الأجر المشار إليه في الفقرة السابقة، ويستثنى من هذا الحد الحالات الآتية : (1) ...... (2) المعاشات التي تنص القوانين أو القرارات الصادرة تنفيذًا لها بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا القانون، فيكون حدها الأقصى 100% من أجر اشتراك المؤمن عليه الأخير، وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحدود القصوى السابقة. (3) ...... وفى جميع الأحوال يتعين ألا يزيد الحد الأقصى للمعاش الشهري على مائتي جنيه .
وحيث إن مؤدى ما تقدم، أن الأجر الذي يسوى طبقًا له المعاش الأساسي للمؤمن عليهم المعاملين بقانون التأمين الاجتماعي، هو المتوسط الشهري لأجور المؤمن عليه التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه في التأمين، أو خلال مدة اشتراكه في التأمين إن قلت عن ذلك، وبواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه مضروبًا في مدة الاشتراك في التأمين، ويتم ربط المعاش بحد أقصى قدره (80%) من الأجر المشار إليه، وبحيث لا يزيد على مائتي جنيه شهريًّا. ويستثنى من هذا الحد الأقصى حالات ثلاث، الحالة الثانية منها: المعاشات التي تقضى القوانين أو القرارات الصادرة تنفيذًا لها، بتسويتها على غير الأجر المنصوص عليه في هذا القانون، ويتم ربطها بحد أقصى قدره (100%) من أجر الاشتراك الأخير، وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين هذا الحد والحد الأقصى السابق الإشارة إليه.
ومن حيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، يُعد أحد قوانين المعاملين بكادرات خاصة في تطبيق ما قضت به المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي، ومن بعدها المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 المشار إليه. ومن ثم فإن الأحكام المنصوص عليها في المادة (70) منه بعد استبدالها بالقانون رقم 17 لسنة 1976 - وهو تعديل لاحق على صدور قانون التأمين الاجتماعي بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - تكون هي الواجبة التطبيق بالنسبة لمعاش القضاة وأعضاء هيئة قضايا الدولة، إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة، الذي يُعامل بموجبها عضو هيئة قضايا الدولة في المعاش معاملة أقرانه في قانون السلطة القضائية، وهو ما أكده الدستور الحالي في المادة (196) منه، بنصه على أن هيئة قضايا الدولة هيئة مستقلة .... ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية..... ويكون ما جرى به عجز نص المادة (70) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، من أنه وفى جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضي أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له ....، هو الواجب التطبيق في هذا الشأن. فيسوى معاش عضو هيئة قضايا الدولة - بحسبانه من المعاملين بنظام وظيفي خاص - على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه أيهما أصلح له.
وحيث كان ذلك، وكانت القواعد الأصولية في تفسير النصوص التشريعية تقضى بأن يظل النص العام على عمومه، ويُحمل عليه، ما لم يقم دليل على تخصيصه، وأن عبارة النص التشريعي هي التي يتعين التعويل عليها ابتداءً في استنباط الأحكام، ولا يجوز العدول عنها إلى سواها، إلا إذا كان التقيد بحرفيتها يناقض أهدافًا واضحة سعى إليها المشرع. ومن ثم فإن عبارة وفى جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش العضو أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له، الواردة في صدر الفقرة الثالثة من المادة (70) من قانون السلطة القضائية، تظل على عمومها لتشمل جميع حالات انتهاء خدمة أعضاء هيئة قضايا الدولة، وهي عبارة تدل بحسب وضعها اللغوي على شمولها واستغراقها، سواء كان انتهاء الخدمة بسبب الوفاة، أو بلوغ سن التقاعد المقرر قانونًا أو عدم اللياقة الصحية، أو الاستقالة، ففي جميع هذه الحالات يسوى معاش عضو هيئة قضايا الدولة على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له.
وحيث إن مفاد نص المادة (91) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 أنه إذا حال المرض دون استمرار عضو هيئة قضايا الدولة في مباشرة وظيفته على الوجه اللائق، أُحيل إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية يصدر بناء على طلب وزير العدل وبعد موافقة المجلس الأعلى للهيئة. وجاءت الفقرة الثانية من هذه المادة لتقرر جواز منح ميزة، في هذه الحالة، وفقًا لما يقرره المجلس الأعلى للهيئة، بسلطته التقديرية، وذلك بزيادة مدة إضافية استثنائية على مدة خدمة عضو الهيئة المحسوبة في المعاش أو المكافأة. وقد وضع المشرع في هذا النص ضوابط محددة يلزم مراعاتها لدى مباشرة هذه السلطة التقديرية، فحظر أن تزيد المدة الإضافية على ثماني سنوات، وألا تجاوز في قدرها مدة خدمة عضو هيئة قضايا الدولة الأصلية، أو المدة المتبقية لبلوغه السن المقررة للإحالة للمعاش، أو أن يكون من شأنها تقرير معاش للعضو يزيد عن أربعة أخماس مرتبه.
وجاءت الفقرة الثالثة من هذه المادة لتقرر مزية أخرى، في هذه الحالة، إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة، فأوجبت ألا يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه أو يستحقه عضو هيئة قضايا الدولة عند انتهاء خدمته.
وقضت الفقرة الرابعة من المادة ذاتها بسريان أحكام فقرتيها الثانية والثالثة على حالة وفاة عضو هيئة قضايا الدولة قبل بلوغه سن الإحالة للمعاش، بما أجازته الفقرة الثانية للمجلس الأعلى للهيئة أن يستخدم سلطته التقديرية في منح مدة إضافية إلى المدة المحسوبة في المعاش للعضو، بذات الضوابط المحددة بها، وسريان حكم الفقرة الثالثة منها في هذه الحالة. وعلى ذلك، فقد ساوت الفقرة الرابعة في المعاملة - لدى تقرير المزايا الإضافية المقررة بموجب الفقرتين الثانية والثالثة من المادة ذاتها - عند حساب معاش عضو هيئة قضايا الدولة، بين حالة انتهاء الخدمة بسبب المرض الذي يحول دون أداء الوظيفة على الوجه اللائق، وبين حالة انتهاء الخدمة بسبب الوفاة.
وقد أكدت الفقرة الخامسة من هذه المادة، على أنه في الأحوال المبينة فيها - أي في حالة الإحالة للمعاش بسبب المرض، أو بسبب الوفاة، وسواء كانت المدة المحسوبة في المعاش تزيد على عشرين سنة، أو تقل عن ذلك - فإنه لا يجوز أن يزيد المعاش الذي يتقرر وفقًا لهذه الأحكام، باستخدام السلطة التقديرية المقررة فيها، على الحد الأقصى المقرر قانونًا.
وحيث إن المستفاد مما تقدم، أن نص المادة (91) من قانون السلطة القضائية، المبينة أحكامها سلفًا، قد جاء منتظمًا سلطة رئيس هيئة قضايا الدولة، والمجلس الأعلى للهيئة، في طلب إحالة عضو الهيئة إلى المعاش بسبب مرضه الذي يحول دون أدائه وظيفته على الوجه اللائق. وكذلك سلطة المجلس الأعلى للهيئة في زيادة مدة إضافية على مدة خدمة عضو الهيئة المحسوبة في معاشه، بضوابط محددة، ووضع حد أدنى للمعاش، في هذه الحالة، يساوى أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه أو يستحقه العضو إذا كانت مدة خدمته المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة، وذلك كله في حالتي الإحالة للمعاش بسبب المرض، أو بسبب الوفاة. وتبعًا لذلك، فإن استخدام المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة سلطته التقديرية في طلب إحالة عضو الهيئة إلى المعاش بسبب مرضه، أو زيادة مدة إضافية، بصفة استثنائية، على مدة خدمة عضو الهيئة المريض، أو الذي توفى أثناء الخدمة، إنما هو أمر جوازي لرئيس هيئة قضايا الدولة والمجلس الأعلى لها، وهو أمر لم يطرح في الدعوى الموضوعية المحالة، التي اقتصرت طلبات الطاعنين فيها - المحالة بشأنها المسألة الدستورية إلى هذه المحكمة - على إعادة تسوية المعاشات والمكافآت المستحقة عن مورثهم على أساس آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها قبل وفاته، أو آخر مرتب كان يتقاضاه. وهى طلبات تجد سندها في نص المادة (70) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، الذي قضى بأنه في جميع حالات انتهاء خدمة عضو هيئة قضايا الدولة - بما فيها حالة انتهاء خدمته بسبب الوفاة - يسوى معاشه أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، وهو ما يحقق مصلحة الطاعنين في الدعوى الموضوعية المحالة. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية نص المادة (91) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، لا يرتب انعكاسًا على طلبات الطاعنين في الدعوى الموضوعية، الأمر الذي ينتفي معه شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار، الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار محمود محمد غنيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق