الصفحات

الخميس، 17 مارس 2022

الطعن 3298 لسنة 34 ق جلسة 29 / 11 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 14 ص 171

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد جودت احمد الملط رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي وجودة عبد المقصود فرحات وإدوارد غالي سيفين وسعيد أحمد محمد حسين برغش نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(14)

الطعن 3298 لسنة 34 ق

(1) قرار إداري - مدى وجوب صدور القرار في شكل معين.

لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة، بل ينطبق هذا الوصف ويجري حكمه كلما أفصحت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين- تطبيق.

(2) حقوق وحريات عامة - حرية الاجتماع - القيود الواردة عليها - سلطة الإدارة في حل الاجتماع العام.

المشرع أجاز للبوليس حل الاجتماع العام إذا ألقيت فيه خطب أو حدث صياح أو أنشدت أناشيد تدعو إلى الفتنة أو وقعت جرائم أثناء الاجتماع ألو وقع اضطراب شديد، يحق لوزارة الداخلية ممثلة في أكبر مسئوليها المكلفين بحفز الأمن في الاجتماع إصدار قرار بحل الاجتماع العام إذا تحققت حالة من الحالات التي تجيز حله- تطبيق.

-----------

الوقائع

في يوم الأربعاء الموافق 31/ 8/ 1988 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 3298 لسنة 34 ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 30/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 2607 لسنة 38 ق، المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم وآخرين بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر مساء 18/ 5/ 1984 بحل اجتماع حزب الوفد الجديد، وإلزام المطعون ضده الأول بتعويضه بمبلغ عشرة آلاف جنيه. والقاضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص، وإبقاء الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم/ أصليا بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول طلب الإلغاء لانتفاء القرار الإداري وبقبول طلب التعويض شكلا، وإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للطاعن التعويض الذي تقدره المحكمة، مع إلزام الطاعن والمطعون ضده الأول بالمصروفات مناصفة.

واحتياطيا: بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى، وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها من دائرة أخرى، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 1/ 1998، وتأجل نظره لجلسة 13/ 4/ 1998، وبجلسة 15/ 6/ 1998 قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، الدائرة الأولى - موضوع لنظره بجلسة 10/ 8/ 1998.
وتم نظر الطعن بالجلسة المحددة وتدول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر.

وبجلسة 4/ 10/ 1998 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن. وبمراعاة ميعاد المسافة المقرر للطاعن المقيم بالإسكندرية. قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية، فمن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع، فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2607 لسنة 38 ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 16/ 7/ 1984، بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر مساء الجمعة الموافق 18/ 5/ 1984، بحل اجتماع عام حزب الوفد الجديد المقام بشارع المعسكر الروماني برشدي بالإسكندرية، وبإلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدي له مبلغ عشرة آلاف جنيه، تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وذكر الطاعن - شرحا لدعواه - أنه عضو بحزب الوفد بالإسكندرية وقد قام مع زملائه من أعضاء الحزب بالإعداد لاجتماع مؤتمر، عقد بالإسكندرية بشارع المعسكر الروماني برشدي مساء يوم الجمعة الموافق 18/ 5/ 1988، بموافقة الأجهزة الأمنية، وأثناء إلقاء بعض زعماء حزب الوفد لكلمته، فوجئ الحاضرون بأجهزة الأمن تقتحم حرمة الاجتماع، وبإعلان من مسئول الأمن العام بفض الاجتماع ودعوة قوات الأمن المركزي - الموجودة على مقربة من الاجتماع - لاقتحام المؤتمر، مستندا في ذلك. حسب بيان وزير الداخلية - إلى أنه أثناء إلقاء أحد المتحدثين لكلمته، عارضه بعض الحاضرين فتصدى لهم نفر من المؤتمرين، وحدث هرج داخل سرادق المؤتمر، أدى إلى تشابك بالأيدي والمقاعد، وساد اضطراب أوجب تدخل أجهزة الأمن لفضه.

وأضاف الطاعن أن قرار الجهة الإدارية بفض الاجتماع قد استند إلى غير سبب صحيح، مشوب بعيب مخالفة القانون، يستوجب الإلغاء، فضلا عن أنه يمثل خطأ ترتب عليه أضرار أدبية ومادية للطاعن، تتمثل في حرمانه من ممارسة حقه في الاجتماع، وفيما أصابه من إصابات تضمنها التقرير الطبي.

وبجلسة 30/ 6/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن صدور القرار من الجهة الإدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بالمعنى الفني له، ذلك أن الجهة الإدارية وهي في سبيل أداء مهام وظيفتها قد تباشر أعمالا إدارية وأخرى مادية، وأن الأعمال الإدارية هي الأعمال القانونية التي تقوم بها الجهة الإدارية في حدود اختصاصها بقصد إحداث أثر قانوني أما الأعمال المادية فهي تلك التي تقوم بها جهة الإدارة دون أن تستهدف من ورائها إحداث أثر قانوني، ومثالها الأعمال التي تقوم بها الجهة الإدارية أو أحد عامليها أثناء تأدية وظائفهم.

ولما كانت المنازعة المطروحة تدور في أصلها وجوهرها حول دخول قوات الأمن المركزي إلى السرادق المقام به الاجتماع العام لحزب الوفد الجديد، واعتدائهم على المتواجدين فيه، مما نتج عنه تلفيات بالسرادق وإصابة بعد المتواجدين فيه، فإن هذه الواقعة لا تعدو أن تكون من الأعمال المادية التي تنأى بطبيعتها عن الصفة الإدارية، بما ينحسر عنها اختصاص القضاء الإداري.

ونعى تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه على أساس أن تصريحات القيادات الأمنية وبيان وزارة الداخلية بالصحف قد كشف عن صدور قرار بفض الاجتماع بما يؤكد وجود القرار المطعون فيه كما أن التعويض المطلوب هو تعويض عن أعمال وتصرفات إدارية خاطئة، مما لا خلاف على اختصاص القضاء الإداري بها.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أعضاء حزب الوفد الجديد قد تحصلوا على تصريح من الجهات الأمنية لإقامة اجتماع عام مساء الجمعة 18/ 5/ 1984، بشارع المعسكر الروماني برشدي بمدينة الإسكندرية وأثناء إلقاء أحد قيادات حزب الوفد لكلمته، اعترض بعض الحاضرين، وحدث هرج وتشابك بالأيدي والكراسي، مما حدا برجال الشرطة المسئولين عن تأمين الاجتماع إلى التدخل، بإنذار المسئولين عن المؤتمر بإنهائه وانصراف المتواجدين، وإزاء عدم استجابة المتواجدين بالاجتماع، قامت قوات الشرطة بفض الاجتماع بالقوة.

ومن حيث إنه متى كان من المسلم به فقها وقضاء أنه لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين، بل ينطبق هذا الوصف ويجرى حكمه كلما أفصحت الإدارة قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين.

ومن حيث إنه متى كانت المادة السابعة من قانون الاجتماعات العامة رقم 14 لسنة 1923 قد أجازت للبوليس حل الاجتماع العام إذا ألقيت فيه خطب أو حدث صياح أو أنشدت أناشيد تدعو إلى الفتنة أو وقعت جرائم أثناء الاجتماع أو وقع اضطراب شديد، بما يعني حق وزارة الداخلية ممثلة في أكبر مسئوليها المكلفين بحفظ الأمن في الاجتماع - في إصدار قرار بحل الاجتماع العام إذا تحققت حالة من الحالات التي تجيز حله، وكان الثابت أن مديرية أمن الإسكندرية قد قامت بفض الاجتماع العام المصرح به لحزب الوفد الجديد مساء 18/ 5/ 1984، فإنه لا يصح في الإفهام بشيء إذا قيل أن ما تم من مديرية أمن الإسكندرية لا يمثل قرارا إداريا بفض هذا الاجتماع، وبما لا يصح معه - تبعا لذلك - ما انتهى إليه الحكم الطعين من عدم اختصاصه بنظر طلبي الطاعن بالإلغاء والتعويض على أساس انتفاء وجود قرار إداري بفض الاجتماع. يؤيد ذلك قضاء هذه المحكمة في الطعن رقم 1475 لسنة 26 ق - جلسة 6/ 2/ 1982، مجموعة السنة 27 ص 369.

ومن حيث إنه لما تقدم، فإن الحكم الطعين: يكون قد جانب صحيح حكم القانون فيما قضى به من عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ولائيا بنظر الدعوى، بما يتعين معه القضاء بإلغائه، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة للفصل فيها مجددا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجددا، وأبقت الفصل في المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق