الصفحات

الخميس، 24 مارس 2022

الطعن 22778 لسنة 85 ق جلسة 25 / 3 / 2017 مكتب فني 68 ق 34 ص 268

جلسة 25 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / عثمان متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، محمد عبد الحليم ، حاتم عزمي و د/ كاظم عطية نواب رئيس المحكمة .
-----------

 (34)

الطعن رقم 22778 لسنة 85 القضائية

(1) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المسئولية والقصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة المواد المخدرة . مناط تحققهما ؟

تحدث الحكم استقلالاً عن ركني جريمة إحراز أو حيازة المخدر . غير لازم . حد ذلك ؟

تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر . موضوعي . ما دام سائغاً . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .

مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بانتفاء علمه بالمخدر المضبوط .

(2) نقض " المصلحة في الطعن " . مواد مخدرة .

لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن المخدر المضبوط بسيارته . متى أثبت الحكم مسئوليته عن المخدر المضبوط بملابسه .

(3) قانون " الاعتذار بالجهل بالقانون " .

 الاعتذار بالجهل بأحكام القانونين رقمي 25 لسنة 1966 و114 لسنة 1953 . غير مقبول . علة ذلك ؟

 (4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

مفاد أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد ؟

عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

لرجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاصهم . أساس ذلك ؟

حق رجال الضبط القضائي العسكري تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود مدنيين أو عسكريين دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية . العثور أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة . أثره : صحة الاستدلال به أمام المحاكم . علة وأساس ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

(6) إثبات " معاينة " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة لم تُطلب منها ولم تر حاجة لإجرائها . غير مقبول .

نعي الطاعن بالإخلال بحق الدفاع لعدم إجراء معاينة . غير مقبول . ما دام أن الدليل المستمد من منازعته لا يؤدي للبراءة أو يذهب بصلاحية الدليل الذي استقته المحكمة من أقوال الشاهد .

(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سببًا للطعن على الحكم .

مثال .

(8) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يُقبل منها " .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

نعي الطاعن على المحكمة التفاتها عن دفوعه ومستنداته دون الكشف عن أوجهها . غير مقبول .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1 – لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة المواد المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أي من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً في الدلالة على قيامهما . لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء صلته بالمضبوطات وعدم علمه بوجود المخدر في السيارة قيادته ، ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع بانتفاء علم المتهم بتواجد المواد المخدرة بالسيارة قيادته وانتفاء صلته بالمضبوطات وحيازته وإحرازه لها فمردود بأن الثابت من الأوراق أن اللفافة الأولى المضبوطة التي تحوى نبات البانجو المخدر قد تم ضبطها بمعاينة السيارة قيادة المتهم أعلى الاستبن الخاص بالسيارة كما تم ضبط اللفافة الثانية أسفل المقعد الخاص بقائد السيارة وهى أماكن من السهل للمتهم أن يتبين ما بهما وهو يعمل رقيب شرطة وطبيعة عمله تتطلب منه تحرى الدقة قبل أن يستقل السيارة محل الضبط التي قيل بأنه كان في طريقه لإصلاحها بالقاهرة الأمر الذي يقطع وبيقين بأن هذا المتهم ما قصد إلَّا تهريب تلك المواد المخدرة عبر الحدود أنه كان يعلم تمام العلم بكافة ما يحمله من مواد مخدرة متخفياً في ذلك بوظيفته كرقيب شرطة هذا فضلاً عن أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى ما سُطر بمحضر الضبط وإلى أقوال ضابط الواقعة بالتحقيقات من ضبط جوهر الأفيون والترامادول مع شخص المتهم حال تفتيشه الأمر الذي يدل على وجه الجزم واليقين بتوافر ركني الحيازة والإحراز للمواد المخدرة المضبوطة في حقه بما يكون معه نعي الدفاع في هذا الشأن غير سديد ..."، ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالسيارة قيادته أعلى الاستبن في مكان ظاهر وأسفل مقعد السائق في مكان لا يُخفى على قائد السيارة ، وكذا علمه بالمخدر المضبوط بداخل حافظة نقوده واستظهرت علمه بكنهها، وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا مجادلتها في تقديرها أمام محكمة النقض .

  2- انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط بالسيارة قيادته مادام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه بداخل حافظة نقوده .

  3- من المقرر أنه لا يُقبل من المتهم الاعتذار بالجهل بأحكام القانونين رقمي 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية و114 لسنة 1953 بشأن منح رجال مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك وحرس الحدود من ضباط وضباط صف صفة مأموري الضبط القضائي ، لأن الجهل بالقانون العقابي والقوانين المكملة له ليس بعذر ولا يسقط المسئولية .

  4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان المشرع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، وينحل النعي في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ويكون ما يثيره الطاعن لا محل له .

  5- لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه حال مرور الطاعن بسيارته نقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق استوقفه شاهد الإثبات - قائد كمين نفق الشهيد أحمد حمدى الملازم أول/ .... الضابط بالقوات المسلحة - وقام بتفتيش السيارة قيادة الطاعن فعثر بداخلها - أسفل مقعد السائق وأعلى الاستبن - على نبات الحشيش المخدر المضبوط ثم قام بتفتيش الطاعن فعثر بحافظة نقوده على جوهر الأفيون المخدر وقرصين لعقار الترامادول المخدر، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد أضفى على رجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أو مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعن كان يعبر نقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق بالسيارة قيادته حيث تم استيقافه وتفتيش سيارته وتفتيشه وتم ضبط المخدرات آنذاك بمعرفة ضابط الواقعة قائد كمين النفق، فإن هذا القبض والتفتيش يكون صحيحاً، ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب .

  6- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن إجراء معاينة للسيارة التي كان يقودها ، ثم استطرد بقوله إن السيارة قيادة المتهم ماركة .... وليست .... ، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فأنه ليس للطاعن – من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تُطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهد . فضلاً عن أن الدليل المستمد من تلك المنازعة – عدم إجراء معاينة للسيارة قيادة الطاعن - ليس من شأنه أن يؤدى إلى البراءة أو أن يذهب بصلاحية الدليل الذي استقته المحكمة من أقوال شاهد الإثبات، فإنه لا محل لتعييب الحكم بالإخلال بحق الدفاع .

  7- لما كان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن إرفاق تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .

  8- من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن دفوعه المبداة بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

  9- لما كان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن باقي أوجه دفاعه وحوافظ مستنداته التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتهما في الدعوى ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

  اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

أولاً: حاز بقصد الإتجار نبات الحشيش المخدر " قمم وأزهار نبات القنب المجفف" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

ثانياً: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً " أفيون " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

ثالثاً: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً " الترامادول هيدروكلوريد " في غير الأحوال المصرح بها قانونا ً.

  وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

  والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/1، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبندين رقمي 9 ، 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وأمرت بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة . وذلك باعتبار أن التهمة الأولى نقل جوهر الحشيش المخدر " قمم وأزهار نبات القنب" بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .

  فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

  حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم نقل جوهر الحشيش المخدر " قمم وأزهار نبات القنب " بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، وإحراز جوهر الأفيون وأقراص الترامادول المخدرة بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي في حقه إذ لم يكن يعلم بكنه المخدر المضبوط وافترض الحكم ذلك في حقه مع خلو الأوراق من دليل يعوَّل عليه ورد على دفاعه بانتفاء صلته بالمضبوطات رداً قاصراً ، وعوَّل الحكم على أقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – على الرغم من مخالفتها للحقيقة ومجافاتها للمنطق فضلاً عن انفراده بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة عنها ، ورد بما لا يسوغ على دفاعه ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولاستناده في الإدانة إلى قانون الأحكام العسكرية حال أن الطاعن ليس من المخاطبين بأحكام هذا القانون ، فضلاً عن أن هذا القانون غير معلوم للكافة ، وأعرضت المحكمة عن طلب الطاعن إجراء معاينة للسيارة محل الضبط لمنازعته في مواصفاتها ، كما اطرحت دفاعه بطلب تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والتي سبق للنيابة العامة طلبها دون أن ترفق ، وأخيراً فإن الحكم – التفت إيراداً ورداً - عن دفوعه الجوهرية المبداة بمذكرة دفاعه وحوافظ مستنداته والمقدمة بجلسة المحاكمة ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة مما قرره شاهد الإثبات وما ثبت بتقرير المعامل الكيمياوية . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة المواد المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أي من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً في الدلالة على قيامهما . لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء صلته بالمضبوطات وعدم علمه بوجود المخدر في السيارة قيادته ، ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع بانتفاء علم المتهم بتواجد المواد المخدرة بالسيارة قيادته وانتفاء صلته بالمضبوطات وحيازته وإحرازه لها فمردود بأن الثابت من الأوراق أن اللفافة الأولى المضبوطة التي تحوى نبات البانجو المخدر قد تم ضبطها بمعاينة السيارة قيادة المتهم أعلى الاستبن الخاص بالسيارة كما تم ضبط اللفافة الثانية أسفل المقعد الخاص بقائد السيارة وهى أماكن من السهل للمتهم أن يتبين ما بهما وهو يعمل رقيب شرطة وطبيعة عمله تتطلب منه تحري الدقة قبل أن يستقل السيارة محل الضبط التي قيل بأنه كان في طريقه لإصلاحها بالقاهرة الأمر الذي يقطع وبيقين بأن هذا المتهم ما قصد إلَّا تهريب تلك المواد المخدرة عبر الحدود أنه كان يعلم تمام العلم بكافة ما يحمله من مواد مخدرة متخفياً في ذلك بوظيفته كرقيب شرطة هذا فضلاً عن أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى ما سُطر بمحضر الضبط وإلى أقوال ضابط الواقعة بالتحقيقات من ضبط جوهر الأفيون والترامادول مع شخص المتهم حال تفتيشه الأمر الذي يدل على وجه الجزم واليقين بتوافر ركني الحيازة والإحراز للمواد المخدرة المضبوطة في حقه بما يكون معه نعي الدفاع في هذا الشأن غير سديد ... " ، ولما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط بالسيارة قيادته أعلى الاستبن في مكان ظاهر وأسفل مقعد السائق في مكان لا يُخفى على قائد السيارة ، وكذا علمه بالمخدر المضبوط بداخل حافظة نقوده واستظهرت علمه بكنهها ، وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا مجادلتها في تقديرها أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط بالسيارة قيادته ما دام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه بداخل حافظة نقوده . لما كان ذلك ، وكان لا يُقبل من المتهم الاعتذار بالجهل بأحكام القانونين رقمي 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية و114 لسنة 1953 بشأن منح رجال مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك وحرس الحدود من ضباط وضباط صف صفة مأموري الضبط القضائي ، لأن الجهل بالقانون العقابي والقوانين المكملة له ليس بعذر ولا يسقط المسئولية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان المشرع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة وانفراده بالشهادة لا يـنال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وينحل النعي في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ويكون ما يثيره الطاعن لا محل له . لما كان ذلك ، كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه حال مرور الطاعن بسيارته نقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق استوقفه شاهد الإثبات - قائد كمين نفق الشهيد أحمد حمدي الملازم أول/ .... الضابط بالقوات المسلحة - وقام بتفتيش السيارة قيادة الطاعن فعثر بداخلها - أسفل مقعد السائق وأعلى الاستبن - على نبات الحشيش المخدر المضبوط ثم قام بتفتيش الطاعن فعثر بحافظة نقوده على جوهر الأفيون المخدر وقرصين لعقار الترامادول المخدر، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد أضفى على رجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أو مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعن كان يعبر نقطة حرس حدود نفق الشهيد أحمد حمدي متجهاً إلى النفق بالسيارة قيادته حيث تم استيقافه وتفتيش سيارته وتفتيشه وتم ضبط المخدرات آنذاك بمعرفة ضابط الواقعة قائد كمين النفق ، فإن هذا القبض والتفتيش يكون صحيحاً، ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن إجراء معاينة للسيارة التي كان يقودها ، ثم استطرد بقوله إن السيارة قيادة المتهم ماركة .... وليست .... ، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، فأنه ليس للطاعن – من بعد - أن ينعي عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تُطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهد . فضلاً عن أن الدليل المستمد من تلك المنازعة ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو أن يذهب بصلاحية الدليل الذي استقته المحكمة من أقوال شاهد الإثبات ، فإنه لا محل لتعييب الحكم بالإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن إرفاق تحريات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن دفوعه المبداة بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن باقي أوجه دفاعه وحوافظ مستنداته التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتهما في الدعوى ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق