الصفحات

الخميس، 17 مارس 2022

الطعن 1932 لسنة 35 ق جلسة 25 / 1 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 74 ص 755

جلسة 25 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، وعبد السميع عبد الحميد بريك - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(74)
الطعن رقم 1932 لسنة 35 قضائية

عاملون بالقطاع العام - الأعمال المحظورة - الإضراب.
لا يجوز للعامل بالقطاع العام أن يدعو للإضراب أو يحرض عليه لما في ذلك من زعزعة للأمن العام وإخلال بالسكينة العامة وشيوع الفوضى داخل العمل على نحو ينعكس على سيره - يعد الإضراب إخلالاً جسيماً من العامل بواجبات وظيفته - لا وجه للقول بأن الاتفاقية الدولية للحقوق الاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 ووقعت عليها مصر في 1967 وتم التصديق عليها في 8/ 12/ 1981 تبيح الحق في الإضراب - تطبيق.


إجراءات الطعن

إنه في يوم الأربعاء الموافق 26/ 4/ 1989 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 1158 لسنة 1987 توثيق أسيوط سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن قيد تحت رقم 1932 لسنة 35 قضائية عليا - ضد المطعون ضده في حكم المحكمة التأديبية بأسيوط الصادر في الدعوى رقم 285 لسنة 15 قضائية - بجلسة 26/ 2/ 1989 والقاضي "بمجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره". وطلب في ختام طعنه للأسباب التي أوردها فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءته مما نسب إليه. وبتاريخ 29/ 4/ 1989 أعلنت صحيفة الطعن المطعون ضده.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه، للأسباب التي بني عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الوارد بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 3/ 3/ 1993 تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 4/ 5/ 1993 وبجلسة 30/ 11/ 1993 حجر الطعن للحكم 4/ 1/ 1994 ومد النطق به لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية بأسيوط - تقرير اتهام نسبت فيه إلى الطاعن أنه في يومي 12، 13/ 7/ 1987 بمصنع غزل المنيا - وبوصفه عامل صيانة بمصنع غزل قنا من الدرجة الخامسة - خرج على مقتضى الواجب وخالف القانون بأن قام بطبع منشورات تضمنت عبارات تؤدي إلى إثارة العاملين بالشركة وتحريضهم على الإضراب مما من شأنه الإضرار بالسلم على النحو المفصل بالأوراق.
وقد خلصت النيابة الإدارية إلى أنه بذلك ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها بالمواد 79/ 15، 80/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام، وبناء عليه طلبت محاكمته إعمالاً للمادتين سالفتي الذكر والمادتين 82، 84 من ذات القانون والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 172 لسنة 1981 بتطبيق أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة والمواد 15/ أ أولاً، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وبجلسة 26/ 2/ 1989 أصدرت المحكمة حكمها محل الطعن الفاصل على النحو آنفي البيان. وذلك تأسيساً على أنه بمطالعة المنشور الذي اعترف الطاعن بتوزيعه يوم 12/ 7/ 1987 خارج البوابة على الورديتين الأولى والثانية في أثناء خروج ودخول العاملين وكذلك في صباح يوم 13/ 7/ 1987، يبين أنه فضلاً عن ما جاء به في تحريض العاملين على الإضراب لتحقيق مطالب ذكرها باعتبارها رأس الأسلحة التي تساعدهم على تحقيق هذه المطالب فإنه يحاول بث التفرقة بين فئات الشعب في ظروف تقتضي تماسك فئات الشعب بجميع طبقاتها لتحقيق أقصى أهداف التنمية الاقتصادية وإذ كان ما نسب إلى المتهم ثابت في حقه باعترافه وبشهادة من سمعت أقوالهم في التحقيقات ومن مطالعة المنشورات التي قام بتوزيعها مما يشكل في حقه ذنباً إدارياً قوامه الإخلال بواجبات وظيفته والخروج على مقتضياتها والتي تتطلب من العامل ألا يتخذ من معاناة الطبقة الكادحة ذريعة لحثهم على الإضراب عن العمل وأن لا يحدث الفرق بين صفوف العاملين بالشركة لذلك فإنه أياً كان الرأي بالنسبة لحق الإضراب ومدى مشروعيته حتى بعد انضمام مصر للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والثقافية التي وقعت عليها جمهورية مصر العربية والتي تعهدت فيها الدول الأعضاء للأطراف في الاتفاقية على أن تكفل الحق في الإضراب طبقاً لقوانين القطر المختص فإنه هناك بوناً شاسعاً بين الإضراب وهو عمل تلقائي جماعي وبين التحريض على الإضراب والحث عليه وكل عامل يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً فالذنب التأديبي يختلف عن الجريمة الجنائية لا يخضع لقاعدة لا جريمة بغير نص. وإنما يجوز لمن يملك قانوناً سلطة التأديب أن يرى في عمل إيجابي أو سلبي يقع من العامل عند ممارسته أعمال وظيفته ذنباً تأديبياً إذا كان ذلك لا يتفق مع واجبات الوظيفة ومن حيث إن ما نسب إلى المتهم ثبت في حقه على النحو سالف الذكر وقد بات يشكل ذنباً إدارياً على النحو المشار إليه، الأمر الذي يستأهل عنه العقاب التأديبي والذي تقدره المحكمة بخصم شهر من أجره.
ومن حيث إن الطاعن أقام طعنه الماثل بالطلبات آنفة الذكر ناعياً على الحكم المطعون فيه بالبطلان لما يشوبه من قصور في التسبيب ومخالفة القانون وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم في الوقت الذي يسلم فيه بمشروعية حق الإضراب وفقاً لما أوضحه المتهم بدفاعه فإن الحكم يعود فيدين الطاعن على أساس قيامه بتحريض العاملين على الإضراب باعتباره رأس الأسلحة التي تساعدهم على تحقيق مطالبهم المشروعة، ولا يمكن تفهم كيف يمكن أن تكون الدعوى لحق من الحقوق المشروعة أمراً مؤثماً مستوجباً للعقوبة.
ثانياً: أنه كان يمكن أن يكون مقبولاً أن يقوم الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن تأديبياً رغم تسليمه الجدلي بمشروعية الإضراب، لو أن الطاعن كان قد قام بتوزيع بيانه الانتخابي داخل أسوار المصنع وذلك على أساس مخالفة توزيع البيانات بدون الحصول على إذن من الإدارة، ولكن الثابت من التحقيقات بما لا يدع أي مجال للجدل أو المناقشة أن الطاعن قد قام بتوزيع بيانه على العاملين خارج أسوار المصنع.
ثالثاً: أن ما ورد بالحكم المطعون فيه بشأن ما يسمى ببث التفرقة بين فئات الشعب في ظروف تقتضي تماسك فئات الشعب بجميع طبقاتها لتحقيق أقصى أهداف التنمية الاقتصادية فإن مثل هذه العبارات محلها صفحات الجرائد المسماة بالقومية وليس في أسباب الأحكام القضائية وبالبيان على ما تقدم يخلص التقرير إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
من حيث إن دساتير الدولة تختلف من حيث سماحها بسريان الاتفاقات الدولية في النطاق الداخلي فمنها ما يجعل الاتفاقات الدولية سارية تلقائياً باعتبارها جزءاً من التشريع الداخلي متى تمت الموافقة عليها واعتمادها دونما حاجة إلى صدور قانون بالتصديق عليها وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في الدستور، ومنها ما يستلزم لسريانها بالدخل واعتبارها من التشريع الداخلي وجوب صدور قانون تصديق السلطة التشريعية على الاتفاقية الدولية بالإجراءات المقررة قانوناً في الدستور وبالصورة التي يتطلبها صدور تشريع داخلي. وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 151 من الدستور الدائم لجهورية مصر العربية على أنه "رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يتناسب من البيان. ويكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، وتنص الفقرة الثانية منها على أن مخالفات الصلح والتخالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة، أو التي تحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الموازنة يجب موافقة مجلس الشعب عليها.
ومن حيث إنه ولئن كان رئيس الجمهورية قد أصدر بتاريخ 1/ 10/ 1981 قراره رقم 537 بالموافقة على الاتفاقية الدولية للحقوق الاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية 4/ 8/ 1967 كما تم التصديق عليها بتاريخ 8/ 12/ 1981 ومن ثم أصدر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية قراره بنشر هذه الاتفاقية بالجريدة الرسمية على أن تعمل بها اعتباراً من 14/ 4/ 1982 وكان مقتضى ما تقدم أن هذه الاتفاقية التي نصت الفقرة (د) من المادة الثامنة منها على الحق في الإضراب على أن تمارس طبقاً لقوانين القطر المختص سارية في جمهورية مصر العربية اعتباراً ممن التاريخ المذكور إلا أن هذه الاتفاقية فضلاً عن أنها لا تعطي للعامل في شركات القطاع العام الحق في أن يدعو للإضراب ويحرض عليه بما في ذلك من زعزعة للأمن العام وإخلال بالسكينة العامة ويؤدي إلى شيوع الفوضى داخل العمل مما ينعكس بالضرورة على سير العمل وانتظامه بالوحدات الاقتصادية ويعد إخلالاً جسيماً من العامل بواجبات وظيفته تلك التي تحتم عليه ألا يقوم بما من شأنه الإخلال بحسن سير العمل بانتظام واطراد أو ما يؤدي إلى قلقلة الأمن الاقتصادي للوحدة التي يعمل بها.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، وكان الثابت أن الطاعن باعترافه قد قام بتوزيع منشورات على عمال المصنع الذي يعمل به تتضمن بعض المطالب داعياً إلى استخدام سلاح الإضراب لتحقيقها فإن المحكمة إذ أدانت سلوكه إنما تكون قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً، ويكون الطعن والحالة هذه على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه. ولا وجه لقول الطاعن بأنه قام بتوزيع المنشورات خارج الوحدة الاقتصادية التي يعمل بها بعد إذ كان الثابت أنه يقوم بتوزيع هذه المنشورات على العاملين بالمصنع الذي يعمل به مما ينعكس بالضرورة على حسن سير العمل وانتظامه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق