الصفحات

الأربعاء، 23 مارس 2022

الطعن 12326 لسنة 46 ق جلسة 11 / 12 / 2004 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 توحيد المبادئ ق 2 ص 14

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عادل محمود زكي فرغلي, وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي, ومنصور حسن على غربي, والسيد محمد السيد الطحان, ود/ حمدي محمد أمين الوكيل, وأحمد أمين حسان, وإدوارد غالب سيفين, وسامي أحمد محمد الصباغ, ومحمود إبراهيم محمود على عطا الله, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

----------------

(2)
الطعن رقم 12326 لسنة 46 قضائية. عليا:

نيابة إدارية - شئون أعضاء - التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية - السلطة التقديرية للجان المقابلة.
صدور قرار بتشكيل لجنة لمقابلة المتقدمين لشغل وظيفة معاون نيابة إدارية دون أن يقيد مهمة عمل اللجنة سوى التحقق من توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة, وأنها في سبيلها إلى ذلك لم يقيدها القرار بإجراء أي اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر تلك الأهلية, وأنه ترتيبًا على ذلك فإن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى المصلحة العامة, وأن القول بغير ذلك إنما يؤدي إلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة, وحلول المحكمة محلها بناءً على ضوابط يضعها القاضي ليحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة وأن تلك النتيجة يأباها التنظيم القضائي ومبدأ الفصل بين السلطات. وأنه بناءً على ذلك فإنه إذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص أهليته في تولي الوظيفة القضائية, فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب, وهو أمر غير وارد لأن الإدارة اتخذت موقفاً جدياً ببحث طلب التعيين, واستخلصت توافر الشروط العامة, وبالتالي عرضت أمره على اللجنة لاستخلاص مدى توافر أهلية شغل الوظيفة, وأنه لا وجه في هذا الصدد للنظر في قصور الأسباب؛ لأن القواعد القانونية التي تحكم مسلك لجنة المقابلة لم تلزمها بتسبيب قرارها, لا سيما وأن السبب هنا وهو الحالة الواقعية للمتقدم لشغل الوظيفة يندمج في الأهلية اللازمة لشغلها, وبالتالي يذوب في الفكرة الموضوعية المستهدفة من القرار المطعون فيه وهي تحقيق المصلحة العامة - تطبيق.


الإجراءات

بتاريخ 26/ 9/ 2000 أودع الأستاذ/ جلال سعد الشابوري (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ محمد لبيب عقل (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 12326 لسنة 46 ق. عليا طالباً الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا في الطعن انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 2/ 3/ 2002 نظرت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا الطعن وتداولت نظره على الوجه المبين بالأوراق, وبجلسة 19/ 11/ 2002 قررت إحالته إلى الدائرة السابعة للاختصاص, وبجلسة 1/ 12/ 2002 نظرت الدائرة السابعة الطعن وتداولت نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة26/ 1/ 2003 قررت إحالته إلى الدائرة المشكلة طبقًا للمادة (54) مكرر من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وبجلسة 8/ 5/ 2003 نظرت دائرة توحيد المبادئ الطعن وتداولت نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 12/ 2/ 2004 قررت إعادته إلى الدائرة السابعة لبيان الظرف الذي استدعى الإحالة طبقًا لأحكام المادة (54) مكرر من قانون مجلس الدولة والأسباب التي تستند إليها الإحالة, وبجلسة 9/ 5/ 2004 أوضحت الدائرة السابعة أن الإحالة ترجع إلى أن المحكمة الإدارية العليا استقرت في شأن القرارات الصادرة بالتعيين على أن الإدارة تترخص في إصدارها بسلطة تقديرية كاملة تتسع كلما ارتفعت قيمة الوظيفة وأهميتها, كما تتمتع بسلطة تقديرية كاملة في اختيار الوقت الملائم لشغل واختيار العناصر لشغلها إلا أن الدائرة تبينت صدور حكم من الدائرة الثانية يقضى بأن الجهة الإدارية لا تترخص في شأن التعيين بأية سلطة تقديره, وأن قرارها في هذا الشأن هم محض تطبيق للضمانات والقيود المنصوص عليها في القانون والتي يتعين على الإدارة الالتزام بها, وبجلسة 2/ 9/ 2004 عادت دائرة توحيد المبادئ إلى نظر الطعن, وتداولت نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 9/ 1/ 2004 قررت إصدار الحكم بجلسة 11/ 12/ 2004, وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن يطلب إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000 فيما تضمنه من استبعاده من التعيين بوظيفة معاون نيابة بهيئة النيابة الإدارية, وذلك على سند من القول بأنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة المنصورة دور مايو سنة 1992 بتقدير جيد ومجموع 148 درجة من 200 درجة وحاصل على دبلوم القانون العام سنة 1996 ودبلوم العلوم الاقتصادية والمالية سنة 1997 وتقدم للتعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية بهيئة النيابة الإدارية إلا أن القرار المطعون فيه تخطاه في التعيين بتلك الوظيفة رغم أنه شمل من هم أقل منه في الترتيب العام والدرجة العلمية, وأكد الطاعن أنه طيب السمعة والسيرة ولم يرتكب ما يخل بالشرف أو الاعتبار وأنه يتمتع بالأهلية الكاملة, واستند الطاعن إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7437 لسنة 46 ق الصادر بجلسة 30/ 3/ 2003 الذي قضى بإلغاء ذات القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي من أمامه لعدم توافر ضوابط محددة في الاختيار, وأضاف أن اللجنة المختصة بالاختيار لم تمنح المتقدمين درجات محددة وإنما كانت تكتفي بعبارتي (لائق) و (غير لائق).
ومن حيث إنه رداً على ذلك طلبت الحكومة رفض الطعن استنادًا إلى المستقر في قضاء المحكمة الإدارية العليا من ترخص الإدارة في التعيين بسلطة تقديرية لا معقب عليها وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على صدور القرار المطعون فيه مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة, وقدمت الحكومة لتأييد دفاعها مذكرة قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه وشهادة بحصول الطاعن في المقابلة أمام اللجنة المختصة بالاختيار على ثلاث درجات من عشر, وصورة من محضر المقابلة المثبت لذلك.
ومن حيث إن هذه الدائرة سبق لها أن قضت بجلسة 6/ 5/ 2004 في الطعن رقم 12414 لسنة 46 ق الذي تضمن طلب إلغاء ذات القرار لذات الأسباب, بأن التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية يتم بمقتضى سلطة تقديرية مقيدة بالمصلحة العامة, وذلك على أساس أن المسألة التي تثيرها الإحالة تنحصر في الترجيح بين الاتجاه السائد الذي يذهب إلى تمتع الإدارة في التعيين بالوظائف القضائية بسلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة وهو ما يعني قصر رقابة القضاء على ركن الغاية في القرارات الصادرة بالتعيين في تلك الوظائف فتصبح تلك الرقابة رهينة بإثبات سوء استعمال السلطة الذي يقع حتماً على عاتق الطاعن إعمالاً لقرينة الصحة التي تحمل عليها كافة القرارات الإدارية, وبين اتجاه حديث للمحكمة الإدارية العليا بسطت فيه رقابتها على ركن السبب في القرارات الإدارية المشار إليها فنظرت في مدى استيفاء الطاعن شروط وضوابط التعيين, ومن ثم مدت رقابتها إلى سبب القرار ولم تقف عند غايته, وأن النيابة الإدارية أصدرت في 30/ 6/ 1998 القرار رقم 108 لسنة 1998 بتشكيل لجنتين لمقابلة المتقدمين للتعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية, وذلك (للوقوف على مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل هذه الوظيفة القضائية في كل منهم)، وأن هذا التشكيل ضم رئيس الهيئة وكبار أعضائها وأمين عام المجلس الأعلى للنيابة الإدارية, وأن ذلك يقتضي اعتبار اجتياز تلك المقابلة شرطاً لازماً يضاف إلى شروط التعيين المنصوص عليها في القانون والتي تنحصر في التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية والحصول على إجازة الحقوق وعدم صدور أحكام من المحاكم أو مجالس التأديب في أمر مخل بالشرف ولو تم رد الاعتبار, وحسن السمعة وطيب السيرة, وذلك وفقاً لنص المادة (38) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 الذي أحالت إليه المادة (38) من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989, وأن قرار تشكيل لجنتي المقابلة المشار إليه لم يقيد مهمة اللجنتين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة, وأن تلك المهمة لم تتقيد بأي اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر تلك الأهلية, كما لم تتقيد بأي ضوابط أخرى, وأنه ترتيبًا على ذلك فإن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى المصلحة العامة, وأن القول بغير ذلك إنما يؤدي إلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة, وحلول المحكمة محلها بناءً على ضوابط يضعها القاضي ليحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة, وأن تلك النتيجة يأباها التنظيم القضائي ومبدأ الفصل بين السلطات, وإذا كان البادي أن مهمة اللجنة لم تقترن على نحو صريح بمعيار واضح يحدد لها كيفية أداء مهمتها, فإن ذلك لا يعني أنها مارست عملهما دون ضوابط أو معايير إذ لا بد وأنها استعانت بالعرف العام الذي يحيط تولي الوظائف القضائية بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية, بيد أنه يبقى من غير المسموح به أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة في إعمال تلك المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات, وأن السلطة التقديرية المقررة لتلك اللجنة لا تعد امتيازاً يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة؛ ذلك لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجباً يبتغي المصلحة العامة باختيار أكفأ العناصر وأنسبها, وأن ذلك أمر سيبقى محاطاً بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها, وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى, وأن تلك السلطة التقديرية هي التي تقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في القانون في شغل الوظائف القضائية وبين فاعلية مرفق القضاء وحسن تسييره, فلا يتقلد وظائفه إلا من توافرت له الشروط العامة, وحاز - بالإضافة إليها - الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل, وأنه بناءً على ذلك فإنه إذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص أهليته في تولي الوظيفة القضائية والمشكلة من قمم الجهة التي تقدم لشغل وظائفها, فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب, وهو أمر غير وارد, لأن الإدارة اتخذت موقفاً جديًا ببحث طلب التعيين, واستخلصت توافر الشروط العامة, وبالتالي عرضت أمره على اللجنة لاستخلاص مدى توافر أهلية شغل الوظيفة, وأنه لا وجه في هذا الصدد للنظر في قصور الأسباب؛ لأن القواعد القانونية التي تحكم مسلك لجنة المقابلة لم تلزمها بتسبيب قرارها ولأن الأهلية أو عدمها في تولي الوظائف القضائية إنما هي حالة عامة تستشف إما ببصيرة نافذة لدى مجموعة من المتمرسين عبر لقاء مركز وخلال فترة زمنية محدودة وإما برقابة تستمر لفترة ليست بالقصيرة يجريها المؤهلون لذلك من المتخصصين, وعليه إن لم تتوافر الوسيلة الثانية لا يصح إهدار الأولى بحجة قصور الأسباب؛ لأن السبب هنا وهو الحالة الواقعية للمتقدم للوظيفة يندمج في الأهلية اللازمة لشغلها, وبالتالي يذوب في الفكرة الموضوعية المستهدفة من القرار المطعون فيه وهي تحقيق المصلحة العامة.
ومن حيث إنه إذا كان الأمر كذلك وكانت أوراق هذا الطعن الم تقدم جديدًا, فإن هذه الدائرة تقضي بذات المبدأ الذي سبق أن أقرته في حكمها الصادر في الطعن رقم 12414 لسنة 46 ق. عليا بجلسة 6/ 5/ 2004.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بإعمال ذات المبدأ الذي قررته في الطعن رقم 12414 لسنة 46 ق, والذي يقضي بأن التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية يتم بمقتضى سلطة تقديرية مقيدة بالمصلحة العامة, وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق