الصفحات

الاثنين، 7 فبراير 2022

الطعن 36 لسنة 79 ق جلسة 21 / 1 / 2020 مكتب فني 71 ق 18 ص 145

جلسة ٢١ من يناير سنة ٢٠٢٠ م
برئاسة السيد المستشار/ معتز أحمد مبروك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/محمد بدر عزت نائب رئيس المحكمة هشام عز الدين، محمد فاروق و إيهاب طنطاوي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(18)
الطعن 36 لسنة 79 ق
(١ـ ٤) أشخاص اعتبارية " وحدات الحكم المحلي: تبعية إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي للوحدات المحلية "
(١) اكتساب إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية . مؤداه . تمتعها بكافة مميزات وأهلية الشخصية القانونية وفق حدود وقواعد سند إنشائها . مقتضاه . وجوب مخاطبتها في مواجهة نائبها القانوني طبقاً لذلك السند . أثره . عدم جواز الاحتجاج ضدها بأية إجراءات أو تصرفات توجه لغير ذلك النائب . المادتان ٥٢ ، ٥٣ مدني.
(٢) وحدات الحكم المحلي . استقلال كل منها بشخصية اعتبارية وذمة مالية خاصة بها وممثل قانوني لها . مقتضاه . رئيس الوحدة المحلية صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قِبل الغير والقضاء فيما يدخل في اختصاصه قانوناً . لا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية للمحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ . المادتان ١ ، ٤ ق الحكم المحلي رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩ المعدل.
(٣) الوحدات المحلية . اختصاصها بتطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة . م ٧ اللائحة التنفيذية لق الحكم المحلي.
(٤) ثبوت حدوث الواقعة محل المطالبة بالتعويض بدائرة الوحدة المحلية التي يمثلها الطاعن الثاني بصفته رئيسها . مؤداه . تمثيله لها أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعة له . أثره . انتفاء صفة الطاعن الأول بصفته كمحافظ . قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته . مخالفة للقانون وخطأ.
(٥) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها" .
محكمة الموضوع . استقلالها باستخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر دون رقابة محكمة النقض . شرطه . إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(٦-٧) مسئولية "المسئولية التقصيرية: السبب المنتج الفعال: مسئولية رئيس الوحدة المحلية عن إهمال تابعية موظفي إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي".
(٦) رابطة السببية في المسئولية التقصيرية . قيامها على الخطأ المنتج للضرر. ماهيته . ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر . تعدد الأخطاء المنتجة للضرر . اعتبارها أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده . استغراق الخطأ الأشد غيره من الأخطاء المستقلة . شرطه . كفايته لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى.
(٧) قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطاعن الثاني بصفته رئيس الوحدة المحلية عن إهمال تابعيه موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي في الرقابة والإشراف على المحل الصناعي مما نتج عنه انفجار أنبوب الغاز المتسبب في وفاة مورث المطعون ضدها ولتوافر ربطة السببية بين الخطأ والضرر . م ١٧٤ مدني . صحيح . النعي بأن خطأ المجني عليه هو السبب المنتج الفعال في إحداث الضرر . على غير أساس . علة ذلك.
(٨) تعويض "تعيين عناصر الضرر" "تقدير التعويض: سلطة محكمة الموضوع في تقديره".
التعويض عن الضرر . استقلال قاضي الموضوع بتقديره . تعيين العناصر الضرر والتي تدخل في حساب التعويض . من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض .. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض دون بيان عناصر الضرر التي أدخلها في حسابه عند تقديره . قصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يُعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها، ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يُحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره .
٢- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادتين الأولى والرابعة من قانون الحكم المحلي الصادر برقم ٤٣ لسنة۱۹۷۹المعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٨١م أن المشرع جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ، ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء، مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون، ولا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية لوحدة المحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ إذ إنه لا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها، ولا يعني السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء في مواجهة الغير.
٣- إن مفاد نص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ المعدل بالقرار رقم ٣١٤ لسنة ١٩٨٢ بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي أنه تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الأمور الآتية : .... تطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة .
٤- إذ كان الثابت بالأوراق أن الحادث محل المطالبة بالتعويض ( انفجار أنبوب غاز ) قد وقع بدائرة الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد فإن رئيسها هو وحده صاحب الصفة - دون غيره - في تمثيل وحدته المحلية في هذا النزاع أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعون له، ولما كان الطاعنان بصفتيهما قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته ( محافظ البحيرة ) ، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وألزمهما بالتعويض على قالة إن قسم التراخيص والأمن الصناعي تابعان للطاعنيْن بصفتيهما، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه .
٥- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
٦- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده، ذلك أنه مهما كانت جسامه الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى.
٧- إذ كانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية خلصت إلى مفاد المادتين ٢ ، ١٢ من القانون رقم ٤٥٣ لسنة ١٩٩٤ المعدل بشأن المحال الصناعية والتجارية أنه أناط بجهة الإدارة التي يمثلها الطاعن الثاني مسئولية الرقابة والإشراف على المحال الصناعية عن طريق موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي وضبط المخالف منها وغلقه أو وقفه إدارياً بموجب قرار واجب النفاذ ، وأن امتناع من لهم حق الضبطية القضائية من موظفي التراخيص والأمن الصناعي التابعين للطاعن الثاني بصفته يعتبر خطأ يترتب عليه المسئولية، ومن ثم فإن الطاعن الثاني مسئول عن أعمال تابعيه عملاً بالمادة ١٧٤ من القانون المدني، وكان هذا الخطأ المتمثل في الإهمال في الرقابة والإشراف نتج عنه الانفجار الذي تسبب في وفاه مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وتوافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وإذ لو لا خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي وإهمالهم في أداء واجباتهم ما كان الضرر الذي أصاب مورث المطعون ضدها، ورتبت على ذلك قضاءها بإلزام الطاعن الثاني بصفته بالتعويض الذي قدرته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون بعد أن بين الحكم المطعون فيه الخطأ الجسيم الذي وقع من جهة الإدارة ، ورابطة السببية بين هذا الخطأ التقصيري الذي وقع من تابعي الطاعن الثاني بصفته وما أصاب مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وكان هذا الخطأ منتج للضرر ولازم في إحداثه ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ مستأجر المحل، وإنما تعتبر أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً، ولا ينفرد بتحملها خطأ مستأجر المحل وحده مهما كانت جسامته، لأنه لا يستغرق خطأ تابعي الطاعن الثاني إذ إن تلك الأخطاء ساهمت مجتمعة في إحداث النتيجة في الصورة التي تمت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه (أن خطأ المجني عليه هو السبب المنتج الفعال في إحداث الضرر) يكون على غير أساس .
٨- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض . إذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأنه مع مراعاة الظروف الملابسة والمضرورين، وقضى بالتعويض المادي والأدبي والموروث الذي قدره دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها الحكم في حسابه عند تقدير التعويض، فإنه يكون مشوباً بالقصور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكـمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ محمـد فاروق، والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعن فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها أقامت على الطاعنيْن بصفتيهما الدعوى رقم ...... لسنة ٢٠٠٤ محكمة دمنهور الابتدائية " مأمورية رشيد " بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ مليون جنيهٍ تعويضاً مادياً وأدبياً وما يستحقونه من تعويض موروث عن وفاة مورثهما إثر انفجار أنبوب غاز بأحد المحلات الخاضعة لرقابة الطاعنيْن . حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بحكم استأنفته المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها برقم ١٧٠٦ لسنة ٦١ ق الإسكندرية " مأمورية دمنهور" . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنيْن بالتعويض الذي قدرته . طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرِضَ الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعي الطاعنان بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بإلزامهما بالتعويض رغم انتفاء صفة الطاعن الأول في النزاع لوقوع الحادث بمدينة رشيد التابعة للطاعن الثاني باعتباره الممثل القانوني لها، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادتين ٥٢ ، ٥٣ من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يُعبر عنها نائبها وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها، ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يُحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره، وكان النص في المادة الأولى من قانون الحكم المحلي الصادر برقم ٤٣ لسنة۱۹۷۹ المعدل بالقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٨١ على أن " وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ، ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية "، وأن النص في المادة الرابعة من ذات القانون على أن" يُمثل المحافظة محافظها كما يُمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير " فإن مفاد ذلك أن المشرع جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات، ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء، مما مقتضاه أن رئيس الوحدة المحلية يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون، ولا ينال من ذلك منح القانون الشخصية الاعتبارية لوحدة المحافظة والتمثيل القانوني عنها للمحافظ إذ إنه لا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها، ولا يعني السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء في مواجهة الغير. لما كان مفاد نص المادة السابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧٠٧ لسنة ١٩٧٩ المعدل بالقرار رقم ٣١٤ لسنة ١٩٨٢ بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلي أن تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الأمور الآتية .... تطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ... ، وكان الثابت بالأوراق أن الحادث محل المطالبة بالتعويض قد وقع بدائرة الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد فإن رئيسها هو وحده صاحب الصفة - دون غيره - في تمثيل وحدته المحلية في هذا النزاع أمام القضاء وفي مواجهة الغير باعتبار أن إدارة الرقابة والإشراف على المحال الصناعية وإصدار التراخيص والأمن الصناعي تابعون له، ولما كان الطاعنان بصفتيهما قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الأول بصفته، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وألزمهما بالتعويض على قالة إن قسم التراخيص والأمن الصناعي تابعان للطاعنيْن بصفتيهما، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول بصفته بالتعويض المقضي به.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالتعويض رغم انتفاء خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي، وانقطاع رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وأن السبب المنتج الفعال الذي أدى إلى وفاة مورث المطعون ضدها هو خطأ الغير - مستأجر محل الحديد - الذي وقع به انفجار أنبوب الغاز وفقاً لما ثبت بمحضر الحادث وتقرير الدفاع المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر والتفت عن ذلك الدفاع، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولما كانت رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده، ذلك أن - قضاء هذه المحكمة - جرى على أنه مهما كانت جسامه الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى . لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية خلصت إلى مفاد المادتين ٢ ، ١٢ من القانون رقم ٤٥٣ لسنة ١٩٩٤ المعدل بشأن المحال الصناعية والتجارية أنه أناط بجهة الإدارة التي يمثلها الطاعن الثاني مسئولية الرقابة والإشراف على المحال الصناعية عن طريق موظفي قسم التراخيص والأمن الصناعي وضبط المخالف منها وغلقه أو وقفه إدارياً بموجب قرار واجب النفاذ ، وأن امتناع من لهم حق الضبطية القضائية من موظفي التراخيص والأمن الصناعي التابعين للطاعن الثاني بصفته يعتبر خطأ يترتب عليه المسئولية، ومن ثم فإن الطاعن الثاني مسئول عن أعمال تابعيه عملاً بالمادة ١٧٤ من القانون المدني، وكان هذا الخطأ المتمثل في الإهمال في الرقابة والإشراف نتج عنه الانفجار الذي تسبب في وفاه مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وتوافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر، وإذ لو لا خطأ قسم التراخيص والأمن الصناعي وإهمالهم في أداء واجباتهم ما كان الضرر الذي أصاب مورث المطعون ضدها، ورتبت على ذلك قضاءها بإلزام الطاعن الثاني بصفته بالتعويض الذي قدرته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون بعد أن بين الحكم المطعون فيه الخطأ الجسيم الذي وقع من جهة الإدارة ، ورابطة السببية بين هذا الخطأ التقصيري الذي وقع من تابعي الطاعن الثاني بصفته وما أصاب مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، وكان هذا الخطأ منتج للضرر ولازم في إحداثه ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ مستأجر المحل، وإنما تعتبر أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً، ولا ينفرد بتحملها خطأ مستأجر المحل وحده مهما كانت جسامته، لأنه لا يستغرق خطأ تابعي الطاعن الثاني إذ إن تلك الأخطاء ساهمت مجتمعة في إحداث النتيجة في الصورة التي تمت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالتعويض دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها في حساب التعويض، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأنه مع مراعاة الظروف الملابسة والمضرورين، وقضى بالتعويض المادي والأدبي والموروث الذي قدره دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها الحكم في حسابه عند تقدير التعويض، فإنه يكون مشوباً بالقصور، بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق