الصفحات

الأربعاء، 23 فبراير 2022

الطعن 272 لسنة 27 ق جلسة 27 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 193 ص 1227

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

---------------

(193)
الطعن رقم 272 لسنة 27 القضائية

(أ) موظفون "سن التقاعد لموظفي المجالس البلدية". مسئولية. مجالس بلدية.
عدم سريان أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 على موظفي المجالس البلدية والمحلية لاستقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة. خضوعهم للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري المؤرخ 28/ 8/ 1915. نص المادة الثامنة من هذا القرار صريح الدلالة في جواز إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش في سن الستين لا موجب للمسئولية المدنية في هذه الحالة.
)ب) موظفون "علاقة الموظف بالسلطة العامة". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". "الحق المكتسب".
علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. للسلطة العامة إصدارها في أي وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظف القائم بالخدمة وقت صدورها. لا مساس في ذلك بحق مكتسب. ليس للموظف الحق في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين.

----------------
1 - تقضى المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 بعدم سريان أحكامه إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وعمال اليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم في ميزانية الحكومة ومن ثم فلا تجرى أحكام هذا القانون على الموظفين والمستخدمين والعمال التابعين للمجالس البلدية والمحلية لاستقلالها بميزانيتها عن ميزانية الدولة وإنما يخضع موظفو هذه المجالس للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28/ 8/ 1915 بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم، وقد قضت المادة الثامنة من هذا القرار صراحة على أن تكون إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش في سن الستين(1).
2 - علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية(2) تحكمها القوانين واللوائح التي السلطة إصدارها في أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها دون أن يعد ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين، إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام الدعوى 147/ 81 سنة 1954 مدنى كلى طنطا وقال في صحيفتها إنه التحق بمجلس ببلدي طنطا في أول يوليو سنة 1909 وظل يمارس عمله إلى أن فصل بتاريخ أول أبريل سنة 1948 وهو لا يتجاوز الستين من عمره وكان يتقاضى مرتبا شهريا مقداره 26 ج و250 م من ذلك ماهية أصلية 19ج و7 ج و250 م علاوة غلاء وأنه لم يكن من بين الموظفين المثبتين الذي تجرى على رواتبهم حكم الاستقطاع للمعاش المنصوص عليه في القانون رقم 37 لسنة 1929 وإنما هو من الموظفين المؤقتين الخارجين عن هيئة العمال الذين ينطبق على حالتهم القانون 5 سنة 1909 التي تنص المادة 14 منه على أن يكون رفت المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال وهم الذين لا حق لهم في المعاش من بلغوا الخامسة والستين ما لم يرخص لهم وزير المالية بالبقاء في الخدمة لمدة معينة بناء على طلبهم ومع ذلك فلا يجوز بأي حال إبقاؤهم في الخدمة بعد السبعين ورتب على ذلك أن المدعى عليهما (الطاعنين) قد جانبا الصواب عندما انهيا عمله قبل بلوغه الخامسة والستين وطالبهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1575 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. دفع المدعى عليهما (الطاعنان) الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى لاختصاص مجلس الدولة بالفصل فيها وقضت المحكمة في 10/ 2/ 1955 برفض هذا الدفع وباختصاص المحكمة بنظر النزاع وفى 13 مارس سنة 1956 قضت المحكمة حضوريا برفض الدعوى مع إلزام المدعى (المطعون عليه) بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهما (الطاعنين) استأنف المطعون عليه هذا القضاء بالاستئناف رقم 192 سنة 6 ق مدنى طنطا وفى 11 يونيه سنة 1957 أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واختصاصها وبرفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف عليهما (الطاعنين) متضامنين بأن يدفعا للمستأنف (المطعون عليه) مبلغ 800 جنيه والمصاريف الخاصة بهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 1000 قرش أتعابا للمحاماة مستندة في ذلك إلى أن محكمة أول درجة أخطأت إذ اعتبرت المستأنف موظفا دائما استنادا إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 10/ 5/ 1945 ذلك أن هذا القرار ليس به ما يفيد انسحاب أثره على الموظفين الذين اكتسبوا حقوقا قبل صدوره فهو لا يسرى إلا على من عينوا بعد صدوره والمستأنف وقد عين في سنة 1909 كان قد اكتسب حقا لبقائه حتى سن الخامسة والستين وبذا لا يؤثر عليه هذا القرار - وأن فيصل التفرقة بين الموظف الدائم والمؤقت طبقا لقانون المعاشات هو أن الأول يجرى على راتبه الاستقطاع للمعاش بخلاف المستخدم المؤقت سواء كان يشغل وظيفة مدرجة بالميزانية أو كان مشتركا في صندوق التوفير والادخار لأن لائحة صندوق التوفير تنص على أن الاستقطاع إلزامى لجميع موظفي المجالس فيما عدا صغارهم وحتى هؤلاء أجيز لهم الاشتراك بشروط خاصة فالمحاجة بأن من اشترك في صندوق الادخار أصبح في عداد الموظفين الدائمين قولا لا يقوم على أساس من القانون ويخالف ما ورد بقانون المعاشات. وبتاريخ 21 يوليو سنة 1957 طعن الطاعنان في هذا القضاء بطريق النقض طلبا فيه للأسباب التي تضمنها التقرير به إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون عليه - وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها القضاء بنقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 18 أبريل سنة 1961 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة. وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 20/ 12/ 1962 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن في أسبابه الثلاثة يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله - ذلك أنه قد خلط بين موظفي المجالس البلدية وموظفي الحكومة مع اختلاف الأحكام المتعلقة بالمعاش بالنسبة للطائفتين إذ أن القانون رقم 5 لسنة 1909 والقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاصين بالمعاشات لا يسريان إلا على موظفي الحكومة ولا يسريان على موظفي الهيئات الإقليمية أو الهيئات العامة الأخرى طبقا لنص المادة 67 من القانون الأول والمادة 66 من القانون الثاني وأن موظفي المجالس البلدية ليسوا من الموظفين الذين ورد النص باستثنائهم وأن ما يجب أن يطبق في حقهم هو اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14/ 7/ 1909 ولائحة صناديق التوفير لموظفي المجالس المحلية المختلطة الصادرة في 14/ 6/ 1913 واللائحة المماثلة الصادرة في 18/ 8/ 1915 بالنسبة إلى جميع موظفي المجالس المحلية والقانون رقم 145 لسنة 1944 بتنظيم المجالس البلدية والقروية وقرار مجلس الوزراء بلائحة استخدام موظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية الصادرة في 9/ 6/ 1945 - وأن المطعون ضده مشترك في صندوق التوفير ومن ثم فإنه يحال إلى المعاش في سن الستين كموظف الحكومة المثبت وإن الحكم إذ قرر أن موظف المجلس البلدي لا يعتبر موظفا دائما إلا إذا جرى عليه حكم الاستقطاع الوارد في قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 رغم اختلاف القواعد السارية على كل من الطائفتين وطبق القانون رقم 37 لسنة 1929 يكون قد أخطأ - كما أن الحكم المطعون فيه - إذ رفض تطبيق لائحة استخدام المجالس البلدية الصادرة في سنة 1945 في شأن تعريف الموظف الدائم وغير الدائم استنادا إلى أنها لم تنص على سريانها بأثر رجعى ومن ثم فلا تمس حقا مكتسبا للمطعون عليه في الايحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين ولا يجوز للسلطة العامة المساس به - قد خالف القانون، هذا إلى أن لائحة سنة 1945 حتى على الفرض جدلا بأنها استحدثت جديدا في هذا الصدد فإنها تسرى على موظفي المجالس البلدية الموجودين في الخدمة وقت صدورها بأثرها الفوري دون أن يكون ذلك تطبيقا لها بأثر رجعى ما دام أن القواعد التي وردت بها لا يقصد بها تعديل مراكز ذاتية تمت فعلا قبل صدورها - وأن الحكم خالف القانون إذ جعل أساس التفرقة بين الموظف الدائم والموظف المؤقت هو استقطاع المعاش وأن الموظف الدائم هو من يسرى عليه حكم الاستقطاع والمؤقت من لا يسرى على مرتبه الاستقطاع.
وحيث إنه لما كانت المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الذي أعمل الحكم المطعون فيه نصوصه في شأن المطعون عليه تنص على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم في ميزانية الحكومة العمومية باستثناء موظفي المصالح الست المشار إليها في تلك المادة" أما غيرهم من الموظفين والمستخدمين أو العمال التابعين إلى مصالح غير مدرجة في الميزانية العامة - ومنهم موظفي المجالس البلدية - فلا تجرى عليهم أحكام قانون المعاشات المذكور لاستقلالها بميزانياتها عن ميزانية الدولة منذ إنشائها - وإنما يخضع هؤلاء الموظفون للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 - بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافأتهم عند تقاعدهم فجعلت المادة الثانية منه الاشتراك في هذا الصندوق إلزاميا لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس مع استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السايرة في الحدود المبينة بالمادة المذكورة. وذلك كله قصد حلول هذا الصندوق محل المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة. ثم نصت المادة الثامنة من هذا القرار - على أن تكون إحالتهم إلى المعاش في سن الستين وهو نص صريح لا لبس فيه ولا غموض، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1945 بلائحة استخدام موظفي المجالس البلدية والقروية المستند إلى القانون 245 سنة 1944 قد عرف الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويجوز له الانتفاع بصندوق التوفير - والقرار المذكور مع القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 يطبقان بأثر فورى على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره لأن علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تملك تلك السلطة إصدارها في أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها ولا يعتبر في ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا في الإيحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستين - لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائي وملف خدمة المطعون عليه أنه التحق بالخدمة في سنة 1909 وفى سنة 1948 تقرر بانتهاء خدمته لبلوغه سن الستين وكان عند الاستغناء عنه رئيسا لشبكة المياه بمجلس بلدي طنطا وفى الدرجة السادسة الفنية ووظيفته مدرجة في ميزانية المجلس وأنه مشترك في صندوق الادخار وكان مقتضى ذلك أن تكون إحالته إلى المعاش عملا بالمادة الثامنة من القرار الوزاري آنف الذكر عند بلوغه سن الستين فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بمسائلة الطاعنين وإلزامهما بالتعويض عن السنوات الباقية حتى بلوغه الخامسة والستين باعتباره من الموظفين الحكوميين المؤقتين الذين لا يجرى عليهم حكم الاستقطاع ويسرى عليهم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 - قد خالف القانون ويتعين رفضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف.


 (1)نفس المبدأ نقض 22/ 11/ 1962 في الطعن رقم 180 لسنة 27 ق.
راجع نقض 13/ 4/1961 و30/ 11/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 رقم 49 و123 صـ 365 و743 على التوالي.
(2) راجع نقض 4/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 403 "علاقة الموظف بالمؤسسة العامة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. لا يعيب الحكم استناده إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي طالما أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق